كل عام نبتسم ابتسامة جماعية حين نقرأ من شاشاتنا الصغيرة أن جائزة نوبل للآداب لم تُمنح للشاعر السوري أدونيس، هذه المرة أيضاً. إنها ابتسامة لا إرادية نرسمها بسخرية في وجه من كتب رسالة مفتوحة إلى “سيده” الرئيس بشار الأسد.
هذا العام نضيف ابتسامةً سنوية أخرى إلى سلسلة الابتسامات السالفة، فالجائزة ذهبت إلى الشاعرة الأميركية، لويز غلوك وفق ما أعلنت الأكاديمية الأميركية مانحة الجائزة.
كل عام نتذكّر مواقف علي أحمد سعيد إسبر الملقّب بأدونيس، الداعمة للنظام السوري والرافضة للثورة السورية التي اعتبرها الشاعر غير منظّمة وإسلامية، في رسالة لا تغتفر وجهها أدونيس إلى مرجعيته وسيده ورئيسه، فيما كان هذا الرئيس ذاته يقصف سوريا وأهلها بلا رحمة، ويحاول وأد ثورة شعب خرج يطالب بحريّته.
لكن أدونيس غفل عن ذلك في رسالته العتيدة، وناشد الرئيس عام 2011 أي في بدايات الثورة قائلاً: “أنت مدعوٌّ، إذاً، إنسانيّاً وحضاريّاً، أن تكون إلى جانب سوريا”، بدل أن يدعوه للاستقالة وترك سوريا لرغبة شعبها. وزنّر رسالته بجملة “لسوريا وشعبها ولك، أيها السيد الرئيس، تمنّياتي الصادقة”.
تلت تلك الرسالة مواقف كثيرة أتت في السياق ذاته، إذ عبّر أدونيس أنه ضد استبداد الأنظمة وغير راضٍ عن أداء “حزب البعث”، لكنه أيضاً ضدّ الثورة السورية! فأدونيس لم يخبرنا شيئاً عن مظالم النظام إلا من باب العموميات أحياناً، لم يسمِّ مدينةً قُصفت أو هجّرت ولم يكتب عن واحد من المعتقلات التي وصفها أحد الناجين منها اللبناني علي أبو الدهن بـ”جهنّم”، في كتابه “عائدٌ من جهنم”.
منذ عام 1988، عندما فاز الأديب المصري نجيب محفوظ، بجائزة نوبل في الآداب، لم تمنح الجائزة لأي عربي، على رغم الترشيحات الكثيرة لنيلها من كاتبات وكتّاب عرب.
منذ عام 1988 يتم ترشيح أدونيس بانتظام للجائزة، كمرشح دائم لنوبل في الآداب. وكان اسمه مطروحاً بشكل جديّ لا سيما بعد فوزه بجائزة “غوته” الألمانية عام 2011، وكان أول أديب عربي يحصل عليها، وظهر في المقدمة ليحصل على جائزة نوبل، لكنها منحت في النهاية للشاعر السويدي توماس ترانسترومر.
منذ 22 عاماً وأدونيس المولود عام 1930 الموالي للنظام السوري، يخسر في كل دورة.
أما هذا العام، فالجائزة عادت إلى الشعر مع فوز غلوك التي انضمت إلى أكثر من 115 أديباً نال الجائزة الأدبية الأرفع في العالم. وأوضحت الأكاديمية في حيثيات قرارها أن غلوك كوفئت “على صوتها الشاعري المميز الذي يضفي بجماله المجرد طابعاً عالمياً على الوجود الفردي”.
كل عام نتذكّر مواقف علي أحمد سعيد إسبر الملقّب بأدونيس، الداعمة للنظام السوري والرافضة للثورة السورية التي اعتبرها الشاعر غير منظّمة وإسلامية.
وكان معهد نوبل أعلن إلغاء الحفل التقليدي لتسليم الجوائز المقرر في 10 كانون الأول/ ديسمبر في ستوكهولم للمرة الأولى منذ انطلاقها عام 1901 بسبب وباء “كورونا”.
وبدلاً من ذلك، سيقام احتفال متلفز في غياب الفائزين الذين سيحصلون على جوائزهم من بعد. وتعلن أسماء الفائزين بالجوائز المختلفة (الطب والفيزياء والكيمياء والأدب والسلام والاقتصاد) في المواعيد المحددة بين 5 و12 تشرين الأول/ أكتوبر من ستوكهولم وأوسلو.
أما الأسماء التي كانت المطروحة فمعظمها يتكرر كل عام، نغوغي واتيونغو، جويس كارول أوتس، مارلين روبنسون، ديفيد غروسمان، مارغريت أتوود، ميشيل ويلبيك، إضافة إلى أدونيس.
وكان الكاتب البريطاني سلمان رشدي من المرشحين المتداولين، لكن يبدو أنه استبعد بسبب روايته “آيات شيطانية” التي لقيت انتقاداً شديداً في بلاد عربية وإسلامية.
بالعودة إلى أدونيس الخاسر منذ 22 عاماً، ربما يكون شعور الخسارة الذي يرافقه مفيداً ليفقه الشاعر معنى الخسارة التي تكبدها الشعب السوري بسبب نظام “سيادة الرئيس” وما سبّبه من مجازر وتهجير وفساد ومظالم.