fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“أسرار أبو ظبي”
ليس دفاعاً عن الإخوان المسلمين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

في زمن ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة والجيوش الإلكترونية، بتنا أكثر التزاماً وقناعة بضرورة وجود صحافة ترتكز على الوقائع وتدافع عن حق المواطن بالوصول الى معلومات موثوقة وتسعى الى محاسبة من يخرقون الحقوق والخصوصية سواء كان ذلك عبر أجهزة الأمن المحلية أو عبر شركات تجسس وعلاقات عامة عالمية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 المهمة الصحافية اقتضت هذه المرة الكشف عن مستهدفي جماعة الإخوان المسلمين، وراعيتهم دولة قطر، وهي مهمة ليست مألوفة لمن خَبر مشاريع هذه الجماعة ودورها في مصادرة الربيع العربي والانقضاض على الثورات ومحاولة مصادرتها، وأيضاً لمن سبق له أن تناول بالنقد دور قطر ووسائل إعلامها في دعم جماعات إسلامية استولت على المساحات التي أخلتها الأنظمة الاستبدادية، فأحلت مكان سلطة العسكر سلطة الشريعة. نعم تولّينا في “درج” تناول دور الإخوان في كل من تونس واليمن ومصر، وما خلفه هذا الدور من تفتيت لمنجزات الثورات.  

إلا أننا كنا أمام تسريب لا يترك مجالاً للشك في أن الجماعة كانت ضحية لاستهداف استُعملت خلاله أساليب تجاوزت الأخلاق والخصوصية وحتى القوانين في بعض الأحيان، وهو استهداف يمكن أن يصيبنا، لا بل أصابنا كصحافيين وكمواطنين. 

في زمن ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة والجيوش الإلكترونية، بتنا أكثر التزاماً وقناعة بضرورة وجود صحافة ترتكز على الوقائع وتدافع عن حق المواطن بالوصول الى معلومات موثوقة وتسعى الى محاسبة من يخرقون الحقوق والخصوصية سواء كان ذلك عبر أجهزة الأمن المحلية أو عبر شركات تجسس وعلاقات عامة عالمية.  

فهل من كلمة أوضح من عبارة الـBLACK PR لتدلنا على السم الذي شحنت به الحملة التي نظمتها شركة ALP السويسرية بتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة على هذه الجماعة؟ والأهم، هل يساورنا شك ولو ضئيل في أن الإمارات وقفت وراء الحملة لمخاوف من الجماعة لا تشبه مخاوفنا؟ فأبو ظبي لم تبد يوماً تحفظاً على المضامين الرجعية لدعاوى الإخوان المسلمين، لا بل ذهبت في اليمن لتدعم من هم أبعد من الإخوان المسلمين في رجعيتهم، اختارت السلفيين جيشاً لها في الحرب الأهلية هناك.

 المهمة الصحافية اقتضت هذه المرة الكشف عن مستهدفي جماعة الإخوان المسلمين، وراعيتهم دولة قطر

إذاً، كنا في مشروعنا الجديد “أسرار أبو ظبي” أمام من يسعى الى القضاء على عدو ينافسه على السلطة وعلى النفوذ، ويستعين في مسعاه بأساليب غير قانونية، ويوظف لهذه الغاية شركة انتهكت خصوصيات مئات من الأبرياء، واشترت في سياق عملها صحافيين وباحثين ووسائل إعلام، واحتالت على آخرين عبر توظيف جهودهم وأبحاثهم في أهدافها غير النزيهة.

منذ اللحظة الأولى التي أشرَكنا فيها الزملاء في الاتحاد الأوروبي للصحافة الاستقصائية وفي موقع Mediapart في “أسرار أبو  ظبي”، شعرنا في “درج” بأن المهمة تقتضي التمييز بين التحفظ على الدفاع عن مشروع الإخوان المسلمين وبين الدفاع عن ضحية استُهدفت بغير وجه حق. ثم إن الاستهداف لم يقتصر على هذه الجماعة وعلى راعيتهم، ونعني هنا دولة قطر، بل امتدت يد أبو ظبي لتشمل أبرياء آخرين، منهم نجمة برنامج “ذا فويس” الفرنسية من أصل سوري منال ابتسام، فقط لأنها كانت محجبة، ونجح الاستهداف في إقصائها عن المنافسة في المسابقة التي ينظمها البرنامج. واستهدفت أيضاً الكاتب اليساري الفرنسي من أصل مصري آلان غريش، وآخرين كثراً ممن لا يمتّون الى الإسلام السياسي بصلة، فقط لأن شركة ALP شعرت أن بإمكانها إدراجهم في لائحة الاستهداف القذرة التي أعدتها، ولأن الإمارات تشعر بأنها “Je Suis Partout” (أنا في كل مكان) على ما قال غريش لزملائنا في ميديا بارت، مستعيداً تجربة الجريدة الفرنسية التي ارتبطت بالأنظمة الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية.

اذاً، كان من الواجب المهني والأخلاقي أن نكون جزءاً من المشروع ومن القصص المذهلة التي يكشفها التسريب، وأن نقيم تمييزاً بين ضحايا الاستهداف وبين موقفنا ورأينا بتجارب الإخوان في مصر وتونس وسوريا، لا سيما أيضاً وأننا في مرحلة أفول الحقبة الإخوانية، وانبعاث النظام العربي القديم ممثلاً بأنظمة راحت تكظم مساحات الحرية القليلة التي خلفها الربيع العربي.

لكن مشروع “أسرار أبو ظبي” يلقي أيضاً ضوءاً آخر على قضية تطاول المجتمعات الغربية هذه المرة، ذاك أن مال الأنظمة العربية تولى هذه المرة تسميم قيم العدالة الغربية، فجرت عمليات تجسس على ما يزيد عن ألف مواطن أوروبي في خرق واضح لقوانين الدول، وحصلت عمليات شراء كبرى لذمم صحافيين وباحثين، أو في أحسن الأحوال تم توظيف أعمالهم في أنشطة دعائية لمصلحة دول غير ديمقراطية من دون أن يعلموا.

لمناصري الإخوان المسلمين الحق بأن ندافع عنهم في لحظة تحوّلهم إلى ضحايا، تماماً كما ملكنا الحق في الارتياب من مشاريعهم والاعتراض عليها عندما كانوا في السلطة، والأهم من هذا أن لمنال ابتسام الحق في أن نفضح المحرّضين عليها.   

"درج"
لبنان
07.07.2023
زمن القراءة: 3 minutes

في زمن ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة والجيوش الإلكترونية، بتنا أكثر التزاماً وقناعة بضرورة وجود صحافة ترتكز على الوقائع وتدافع عن حق المواطن بالوصول الى معلومات موثوقة وتسعى الى محاسبة من يخرقون الحقوق والخصوصية سواء كان ذلك عبر أجهزة الأمن المحلية أو عبر شركات تجسس وعلاقات عامة عالمية.

 المهمة الصحافية اقتضت هذه المرة الكشف عن مستهدفي جماعة الإخوان المسلمين، وراعيتهم دولة قطر، وهي مهمة ليست مألوفة لمن خَبر مشاريع هذه الجماعة ودورها في مصادرة الربيع العربي والانقضاض على الثورات ومحاولة مصادرتها، وأيضاً لمن سبق له أن تناول بالنقد دور قطر ووسائل إعلامها في دعم جماعات إسلامية استولت على المساحات التي أخلتها الأنظمة الاستبدادية، فأحلت مكان سلطة العسكر سلطة الشريعة. نعم تولّينا في “درج” تناول دور الإخوان في كل من تونس واليمن ومصر، وما خلفه هذا الدور من تفتيت لمنجزات الثورات.  

إلا أننا كنا أمام تسريب لا يترك مجالاً للشك في أن الجماعة كانت ضحية لاستهداف استُعملت خلاله أساليب تجاوزت الأخلاق والخصوصية وحتى القوانين في بعض الأحيان، وهو استهداف يمكن أن يصيبنا، لا بل أصابنا كصحافيين وكمواطنين. 

في زمن ما بعد الحقيقة والأخبار الكاذبة والجيوش الإلكترونية، بتنا أكثر التزاماً وقناعة بضرورة وجود صحافة ترتكز على الوقائع وتدافع عن حق المواطن بالوصول الى معلومات موثوقة وتسعى الى محاسبة من يخرقون الحقوق والخصوصية سواء كان ذلك عبر أجهزة الأمن المحلية أو عبر شركات تجسس وعلاقات عامة عالمية.  

فهل من كلمة أوضح من عبارة الـBLACK PR لتدلنا على السم الذي شحنت به الحملة التي نظمتها شركة ALP السويسرية بتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة على هذه الجماعة؟ والأهم، هل يساورنا شك ولو ضئيل في أن الإمارات وقفت وراء الحملة لمخاوف من الجماعة لا تشبه مخاوفنا؟ فأبو ظبي لم تبد يوماً تحفظاً على المضامين الرجعية لدعاوى الإخوان المسلمين، لا بل ذهبت في اليمن لتدعم من هم أبعد من الإخوان المسلمين في رجعيتهم، اختارت السلفيين جيشاً لها في الحرب الأهلية هناك.

 المهمة الصحافية اقتضت هذه المرة الكشف عن مستهدفي جماعة الإخوان المسلمين، وراعيتهم دولة قطر

إذاً، كنا في مشروعنا الجديد “أسرار أبو ظبي” أمام من يسعى الى القضاء على عدو ينافسه على السلطة وعلى النفوذ، ويستعين في مسعاه بأساليب غير قانونية، ويوظف لهذه الغاية شركة انتهكت خصوصيات مئات من الأبرياء، واشترت في سياق عملها صحافيين وباحثين ووسائل إعلام، واحتالت على آخرين عبر توظيف جهودهم وأبحاثهم في أهدافها غير النزيهة.

منذ اللحظة الأولى التي أشرَكنا فيها الزملاء في الاتحاد الأوروبي للصحافة الاستقصائية وفي موقع Mediapart في “أسرار أبو  ظبي”، شعرنا في “درج” بأن المهمة تقتضي التمييز بين التحفظ على الدفاع عن مشروع الإخوان المسلمين وبين الدفاع عن ضحية استُهدفت بغير وجه حق. ثم إن الاستهداف لم يقتصر على هذه الجماعة وعلى راعيتهم، ونعني هنا دولة قطر، بل امتدت يد أبو ظبي لتشمل أبرياء آخرين، منهم نجمة برنامج “ذا فويس” الفرنسية من أصل سوري منال ابتسام، فقط لأنها كانت محجبة، ونجح الاستهداف في إقصائها عن المنافسة في المسابقة التي ينظمها البرنامج. واستهدفت أيضاً الكاتب اليساري الفرنسي من أصل مصري آلان غريش، وآخرين كثراً ممن لا يمتّون الى الإسلام السياسي بصلة، فقط لأن شركة ALP شعرت أن بإمكانها إدراجهم في لائحة الاستهداف القذرة التي أعدتها، ولأن الإمارات تشعر بأنها “Je Suis Partout” (أنا في كل مكان) على ما قال غريش لزملائنا في ميديا بارت، مستعيداً تجربة الجريدة الفرنسية التي ارتبطت بالأنظمة الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية.

اذاً، كان من الواجب المهني والأخلاقي أن نكون جزءاً من المشروع ومن القصص المذهلة التي يكشفها التسريب، وأن نقيم تمييزاً بين ضحايا الاستهداف وبين موقفنا ورأينا بتجارب الإخوان في مصر وتونس وسوريا، لا سيما أيضاً وأننا في مرحلة أفول الحقبة الإخوانية، وانبعاث النظام العربي القديم ممثلاً بأنظمة راحت تكظم مساحات الحرية القليلة التي خلفها الربيع العربي.

لكن مشروع “أسرار أبو ظبي” يلقي أيضاً ضوءاً آخر على قضية تطاول المجتمعات الغربية هذه المرة، ذاك أن مال الأنظمة العربية تولى هذه المرة تسميم قيم العدالة الغربية، فجرت عمليات تجسس على ما يزيد عن ألف مواطن أوروبي في خرق واضح لقوانين الدول، وحصلت عمليات شراء كبرى لذمم صحافيين وباحثين، أو في أحسن الأحوال تم توظيف أعمالهم في أنشطة دعائية لمصلحة دول غير ديمقراطية من دون أن يعلموا.

لمناصري الإخوان المسلمين الحق بأن ندافع عنهم في لحظة تحوّلهم إلى ضحايا، تماماً كما ملكنا الحق في الارتياب من مشاريعهم والاعتراض عليها عندما كانوا في السلطة، والأهم من هذا أن لمنال ابتسام الحق في أن نفضح المحرّضين عليها.