fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

أصوات في إسرائيل تتحدّث عن “فرادة 7 أكتوبر” و”إبادة العدو”!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ادعاء “فرادة 7 أكتوبر” في إسرائيل سيق كنوع من الرد على مصطلح الـ”إبادة”، وفيما تنطوي الأولى على قدر من التضخيم الأيديولوجي والتفوّقي، فإن للثانية ما يبرر اعتمادها، وهو قرار “تسطيح قطاع غزة”، الذي هدفه، باعتراف الكثير من قادة الحرب الإسرائيليين، منع العودة إلى القطاع.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

في إسرائيل، ثمة من يتحدث عن “فرادة 7 أكتوبر”، وهي بحسبه لا تنفي “فرادة الهولوكوست”، إنما هي امتداد لها! و”فرادة 7 أكتوبر” تُستحضر في مواجهة الإبادة التي يتعرض لها سكان قطاع غزة، الذين بلغ عدد القتلى من بينهم أكثر من 16 ألف قتيل، فيما انخفض عدد قتلى 7 أكتوبر الإسرائيليين من 1400 إلى 1200 بحسب الإحصاء الأخير.

ومن دون أن يسقط المرء في فخّ الاستخفاف برقم القتلى الإسرائيليين، خصوصاً المدنيين من بينهم، إلا أن استحضار فرادة أقلية من القتلى في مقابل الاستخفاف بأكثرية ساحقة منهم، ينطوي على عنصرية تفوّق بها أصحابها على مختلف أنواع العنصريات في التاريخ الحديث، ناهيك بأنه يسيء الى الفرادة الأولى، أي فرادة الهولوكوست (وهي فرادة فعلية)، بأن يضمّها إلى وجهة شعبوية لا تمتّ إلى الواقع بصلة، ويوظفها في مهمة لا تقل عنصرية عن تلك التي ارتُكبت الهولوكوست في سياقها.

ادعاء “فرادة 7 أكتوبر” سيق كنوع من الرد على مصطلح الـ”إبادة”، وفيما تنطوي الأولى على قدر من التضخيم الأيديولوجي والتفوّقي، فإن للثانية ما يبرر اعتمادها، وليس القتل المنهجي الذي ترتكبه آلة الحرب الإسرائيلية في غزة وحده ما يجعلها حقيقة، إنما أيضاً القرار الواضح باستئصال كل أسباب عودة السكان بعد نهاية الحرب. نحن هنا حيال قرار بـ”تسطيح قطاع غزة”، هدفه، باعتراف الكثير من قادة الحرب الإسرائيليين، منع العودة.

ربط 7 أكتوبر بالهولوكوست ليس فقط تجنياً وافتراء ثقافيين وتاريخيين، إنما ضرب أصحابه صفحاً عن ثقافة أنتجتها، وما كان الفلسطينيون ولا العرب عموماً في صلبها، وهنا على المرء أن يلاحظ مزاجاً أوروبياً سرعان ما تلقّف هذا الافتراء وراح يفعله، وهذا ما يثير شكوكاً وحاجة إلى التدقيق في مدى شفاء أوروبا من معاداة الساميّة التي اجتاحتها منذ ما قبل القرن الفائت ووصولاً إلى منتصفه!.

لكن إسرائيل اليوم، تحفل بأفكار مروّعة فعلاً، ليست “فرادة 7 أكتوبر” إلا نموذجاً منها، فاللواء يعقوب عميدور، وهو أحد منظري الجيش، أشار إلى أن “الدرس الأهم للأمن القومي الإسرائيلي من 7 أكتوبر هو ضرورة تفعيل نظرية إبادة التهديد في مهده قبل تفعيل العدو له، ومن دون انتظار تجسّده”، ولهذه الدعوة في إسرائيل اليوم الكثير من المناصرين، وهي تعيدنا إلى النظرية الستالينية الشهيرة عن “العدو الموضوعي”، أي أن الشروط الثقافية والاجتماعية لشخص ما ستجعله عدواً في المستقبل، وهو ما يستدعي قتله قبل أن تنضج هذه الظروف وقبل أن تتجسد به العداوة!.

هذه النظرية تأخذنا إلى أن أي فلسطيني هو عدو موضوعي، ذاك أن شروط العيش في ظل احتلال قاس وفي كنف المستوطنات المسلّحة، وفي ظل الحصار والاضطهاد، تجعل منه “عدواً موضوعياً” من الأفضل القضاء عليه قبل أن يبلغه العداء. هي ذهاب بـ”الحرب الاستباقية” إلى ما بعدها، وتضعنا أمام حقائق بدأ الفلسطينيون باختبارها في الضفة الغربية، عبر عمليات الطرد المتواصلة للسكان الفلسطينيين بوصفهم “أعداءً موضوعيين”.

خطط الآباء المؤسسين لإسرائيل، بجناحيهم اليساري واليميني، كانت السيطرة على ما تبقى من سكان فلسطينيين، اليسار عبر استيعابهم كأقلية في دولة يهودية قوية، واليمين عبر مواصلة إلحاق الهزائم بهم وإخضاعهم عسكرياً. أما الأبناء، وبعد موت اليسار، فقد بقي منهم الكاهانيون أصحاب مشروع إسرائيل الكبرى، التي لا تتسع لجار فلسطيني، سواء كان دولة أو مواطناً. 

لا تشبه إسرائيل هذه، قيم ما بعد الحرب العالمية الثانية، فالعالم يشهد على خطوات عملية لـ”تسطيح غزة”، ولتمدّد الاستيطان غير الشرعي في الضفة، وللحرب بصفتها أفق العلاقة الوحيد مع الفلسطينيين. فهل سيهضم العالم مأساة الفلسطينيين الجديدة؟ وماذا ينتظر أن يولد من ظلامة على هذا القدر من الوضوح؟.  

09.12.2023
زمن القراءة: 3 minutes

ادعاء “فرادة 7 أكتوبر” في إسرائيل سيق كنوع من الرد على مصطلح الـ”إبادة”، وفيما تنطوي الأولى على قدر من التضخيم الأيديولوجي والتفوّقي، فإن للثانية ما يبرر اعتمادها، وهو قرار “تسطيح قطاع غزة”، الذي هدفه، باعتراف الكثير من قادة الحرب الإسرائيليين، منع العودة إلى القطاع.

في إسرائيل، ثمة من يتحدث عن “فرادة 7 أكتوبر”، وهي بحسبه لا تنفي “فرادة الهولوكوست”، إنما هي امتداد لها! و”فرادة 7 أكتوبر” تُستحضر في مواجهة الإبادة التي يتعرض لها سكان قطاع غزة، الذين بلغ عدد القتلى من بينهم أكثر من 16 ألف قتيل، فيما انخفض عدد قتلى 7 أكتوبر الإسرائيليين من 1400 إلى 1200 بحسب الإحصاء الأخير.

ومن دون أن يسقط المرء في فخّ الاستخفاف برقم القتلى الإسرائيليين، خصوصاً المدنيين من بينهم، إلا أن استحضار فرادة أقلية من القتلى في مقابل الاستخفاف بأكثرية ساحقة منهم، ينطوي على عنصرية تفوّق بها أصحابها على مختلف أنواع العنصريات في التاريخ الحديث، ناهيك بأنه يسيء الى الفرادة الأولى، أي فرادة الهولوكوست (وهي فرادة فعلية)، بأن يضمّها إلى وجهة شعبوية لا تمتّ إلى الواقع بصلة، ويوظفها في مهمة لا تقل عنصرية عن تلك التي ارتُكبت الهولوكوست في سياقها.

ادعاء “فرادة 7 أكتوبر” سيق كنوع من الرد على مصطلح الـ”إبادة”، وفيما تنطوي الأولى على قدر من التضخيم الأيديولوجي والتفوّقي، فإن للثانية ما يبرر اعتمادها، وليس القتل المنهجي الذي ترتكبه آلة الحرب الإسرائيلية في غزة وحده ما يجعلها حقيقة، إنما أيضاً القرار الواضح باستئصال كل أسباب عودة السكان بعد نهاية الحرب. نحن هنا حيال قرار بـ”تسطيح قطاع غزة”، هدفه، باعتراف الكثير من قادة الحرب الإسرائيليين، منع العودة.

ربط 7 أكتوبر بالهولوكوست ليس فقط تجنياً وافتراء ثقافيين وتاريخيين، إنما ضرب أصحابه صفحاً عن ثقافة أنتجتها، وما كان الفلسطينيون ولا العرب عموماً في صلبها، وهنا على المرء أن يلاحظ مزاجاً أوروبياً سرعان ما تلقّف هذا الافتراء وراح يفعله، وهذا ما يثير شكوكاً وحاجة إلى التدقيق في مدى شفاء أوروبا من معاداة الساميّة التي اجتاحتها منذ ما قبل القرن الفائت ووصولاً إلى منتصفه!.

لكن إسرائيل اليوم، تحفل بأفكار مروّعة فعلاً، ليست “فرادة 7 أكتوبر” إلا نموذجاً منها، فاللواء يعقوب عميدور، وهو أحد منظري الجيش، أشار إلى أن “الدرس الأهم للأمن القومي الإسرائيلي من 7 أكتوبر هو ضرورة تفعيل نظرية إبادة التهديد في مهده قبل تفعيل العدو له، ومن دون انتظار تجسّده”، ولهذه الدعوة في إسرائيل اليوم الكثير من المناصرين، وهي تعيدنا إلى النظرية الستالينية الشهيرة عن “العدو الموضوعي”، أي أن الشروط الثقافية والاجتماعية لشخص ما ستجعله عدواً في المستقبل، وهو ما يستدعي قتله قبل أن تنضج هذه الظروف وقبل أن تتجسد به العداوة!.

هذه النظرية تأخذنا إلى أن أي فلسطيني هو عدو موضوعي، ذاك أن شروط العيش في ظل احتلال قاس وفي كنف المستوطنات المسلّحة، وفي ظل الحصار والاضطهاد، تجعل منه “عدواً موضوعياً” من الأفضل القضاء عليه قبل أن يبلغه العداء. هي ذهاب بـ”الحرب الاستباقية” إلى ما بعدها، وتضعنا أمام حقائق بدأ الفلسطينيون باختبارها في الضفة الغربية، عبر عمليات الطرد المتواصلة للسكان الفلسطينيين بوصفهم “أعداءً موضوعيين”.

خطط الآباء المؤسسين لإسرائيل، بجناحيهم اليساري واليميني، كانت السيطرة على ما تبقى من سكان فلسطينيين، اليسار عبر استيعابهم كأقلية في دولة يهودية قوية، واليمين عبر مواصلة إلحاق الهزائم بهم وإخضاعهم عسكرياً. أما الأبناء، وبعد موت اليسار، فقد بقي منهم الكاهانيون أصحاب مشروع إسرائيل الكبرى، التي لا تتسع لجار فلسطيني، سواء كان دولة أو مواطناً. 

لا تشبه إسرائيل هذه، قيم ما بعد الحرب العالمية الثانية، فالعالم يشهد على خطوات عملية لـ”تسطيح غزة”، ولتمدّد الاستيطان غير الشرعي في الضفة، وللحرب بصفتها أفق العلاقة الوحيد مع الفلسطينيين. فهل سيهضم العالم مأساة الفلسطينيين الجديدة؟ وماذا ينتظر أن يولد من ظلامة على هذا القدر من الوضوح؟.  

09.12.2023
زمن القراءة: 3 minutes
آخر القصص
مشاريع الاستثمار المتلكّئة في العراق: تفاقم أزمة السكن بدلاً من حلّها!
شبكة "نيريج" للصحافة الاستقصائية في العراق | 26.04.2025
محاولة لإعادة تعريف البكاء 
دلير يوسف- كاتب ومخرج من سوريا | 26.04.2025
من يتعمّد إقصاء النساء من المشهد العام في سوريا؟
مناهل السهوي - كاتبة وصحفية سورية | 25.04.2025
بابا الفقراء وأبناء الله
وائل السواح- كاتب سوري | 25.04.2025

اشترك بنشرتنا البريدية