لا يخفى على محبي السينما أن قصص النساء تُعامل منذ زمن طويل كأفلام من الدرجة الثانية في هوليوود. فإما أنها تعتبر قصصاً موجهة إلى فئة معينة من الناس، أو أنها ببساطة لا تُروى على الإطلاق.
لا شك في أن بعض الأفلام التي رويت من منظور أنثوي على مدار التاريخ كانت أفلاماً ناجحة أو حتى عالمية. إلا أن الأرقام لا تكذب: تاريخ الأفلام كان بمجمله تاريخاً لقصص الرجال.
لحسن الحظ، هناك تغيير يحصل على قدم وساق. فعلى رغم أن الطريق لا يزال طويلاً، حملة “تايمز أب” TimesUp، وشركات الإنتاج الجديدة التي تقودها نساء، إضافة إلى مبادرات أخرى تركز على النساء، تشجع المساواة في جميع نواحي صناعة السينما.
بدأت الطريقة التي ينظر بها عالم السينما إلى تاريخه بالتغيّر أيضاً. ففي مدينة نيويورك وحدها، يتضمن المسرح المزدهر للسينما الكلاسيكية أربعة برامج على الأقل مخصصة للأفلام التي صنعتها نساء أو تحكي قصصهن، من ضمنها برنامج مختص يركز على عمل المصورات السينمائيات، ومعظمهن لم يتقدَّمن بشكل كاف في هذا المجال .
يزخر أحد البرامج في السينما رباعية الأبعاد، في “إيست فيليج في مانهاتن”، بالتركيز على موضوع واحد: “نساء نيويورك”.
توضح المسؤولة عن تنظيم البرامج السينمائية سي ميسون ويلز: “حاولنا في هذه السلسلة، أن نختار حصراً الأفلام التي رويت من منظور امرأة، فهذه أفلام لا تشغل فيها النساء أدواراً جانبية ولا يوظفن باعتبارهن خليلات للبطل لا أكثر، بل يحكين قصصهن الخاصة”. وتتابع ويلز: “أحد الأفلام التي تتبادر إلى الذهن كقصة مثالية في نساء نيويورك هي أني هال – حتى تتذكر أن الفيلم بأكمله يُروى بعيون أليك سينغر. حاولنا حقاً التركيز على الأفلام التي تعد فيها النساء أكثر من أداة لحبكة مركزها الرجل”.
كانت نيويورك مسرحاً لأحد أبرز قصص النساء وأشهرها على الشاشة الكبيرة والصغيرة، من الجنس والمدينة إلى الفتيات العاملات. لكن ما يربط هذه القصص ليست الفئة (النوع الأدبي) التي تنتمي إليها بقدر تنوع الفئات التي يمكن أن تُروى قصص نساء نيويورك من خلالها. تقول ويلز: “الحياة في نيويورك قد تكون ميلودراما عذاب أو رومانسية أو فيلم رعب أو كوميديا أو أحياناً هذه الفئات كلها معاً في الوقت ذاته، لذلك من الطبيعي أن تجد التجربة الأنثوية هنا تصلح لمختلف أنواع هذه الفئات”.
وتضيف: “ما يوحدهم جميعاً “المرونة” على الشاشة، تبقى امرأة نيويورك مقاتلة يمكنها أن تثبت نفسها هنا أو في أي مكان”.
يتعذر على الجميع الوصول إلى نيويورك ليشاهد سلسة السينما الرباعية، والتي تحوي عشرات الأفلام وتنتهي في التاسع عشر من تموز (يوليو). إلا أن عدداً من الأفلام متاحة لإذاعتها في منازل الراغبين في المشاركة في تاريخ السينما النسائية من عدسات نيويورك.
هنا قائمة بتسعة أفلام تستحق المشاهدة:
(Walking and Talking (1996
نجمتا السينما العالميتان كاثرين كينر وأن هيتشي بدوري إيميليا ولورا، وهما صديقتا طفولة تشغلان الآن مهنتين مرموقتين في نيويورك. تبدأ علاقتهما تتغير ما إن تُخطب لورا وتشعر إميليا تبعاً لذلك بالغيرة. ويعتبر فيلم Walking and Talking ذروة التسعينات، مع مقطوعات صوتية تشمل بلي براغ، يو لا تنغو، وليز فير.
I Like It Like That 1994
لوران فيليز تلعب دور ليسيتي، وهي أم شابة تعيش زواجاً مضطرباً، تتسلم وظيفة مساعد شخصي لمنتج علامة تجارية رئيسية بعدما يسجن زوجها. يعرض الفيلم صعوبات الزواج إلى جانب علاقات العمل المشحونة. كان فيلمI like it like that ، والذي صور في ساوث برونكس من إخراج دارنيل مارتين، أول فيلم استوديو كبير تخرجه امرأة أميركية من أصل أفريقي.
Just Another Girl on the I.R.T. 1992
شانتيل ميتشيل (أرين إيه. جونسن) فتاة سوداء مضطربة تعيش في بروكلين مع عائلتها الفقيرة. تهتم شانتيل بأخويها الصغيرين وتعمل في دوام جزئي. وهي أيضاً متقدة الذكاء وتُحصل درجات مرتفعة وتطمح للالتحاق بالجامعة، ثم تَحمل. كتبت ليزي هاريس الفيلم وأخرجته، بميزانية ضئيلة خلال سبعة عشر يوماً فقط، وأصبحت أول أميركية من أصل أفريقي تتعاقد مع شركة صور متحركة كبيرة لإنتاج الفيلم.
Last Days of Disco 1998
الفيلم الثالث في ثلاثية doomed-bourgeois-in-love، مع (فيلمي Metropolitan وBarcelona) للمخرج وايت ستلمان، كات بيكينسل وتشلوي سيفيني البطلتان في آخر أيام الديسكو هما خريجتان جامعيتان حديثتان تعملان في شركة نشر في نيويورك نهاراً، وتعيشان حياة رومانسية غنية في مشهد الديسكو الخاص بأوائل الثمانينات. يجمع الفيلم بشكل ما بين جانب ساحر خلاب وجانب رثائي في آن واحد. يظهر بتمرس رونق الشباب ممزوجاً بشعور مرور فترة زمنية لا تستطيع استعادتها أبداً يعد ذهابها.
Model 1980
نظراً إلى عدد الفتيات والشبان (والرجال) الذين يأتون إلى نيويورك أملاً بأن يصبحوا عارضين، يصبح فيلم فريدرك وايزمان فيلماً من المهم مشاهدته. يرصد وايزمان بهدوء ذهاب العاملين لدى شركة “زولي مانجمينت” وإيابهم، وهذه وكالة عرض أزياء حصرية في مانهاتن. يتفاعل العارضون والذين سيصبحون عارضين مع الجانب التجاري في الوكالة، وتتبعهم الكاميرا في جلسات التصوير للمجلات ولعروض الموضة، وتصوير الإعلانات، إضافة إلى الكثير من الأنشطة الأخرى.
Gloria 1980
خلق جون كاسافاتس جواً من الألفة بين كاميرته وبين الممثلة جينا رولاند، التي اشتركت معه في أفلام كثيرة، لإنتاج غلوريا، والذي تلعب فيه رولاند دور خليلة رجل عصابات تجد نفسها مضطرة إلى الهروب مع ابن جارها الصغير لتحميه من عصابة من القتلة المأجورين. حقق الدور إشادة من النقاد لرولاند وأوصلها إلى ترشيحات الأوسكار و”الغولدن غلوب”.
Baby Face 1933
تتلألأ باربرا ستانويك بشخصية ميلي باورز في فيلمBaby face ، الذي أنتج قبل تطبيق قانون هوليوود لإنتاج الصور المتحركة على نطاق واسع، والذي حظر تمثيل الكثير من الرذائل في السينما الأميركية من ثلاثينات القرن الماضي وحتى أواخر الستينات. تعمل باورز مع والدها في حانة وتضاجع بأمر منه كثيرين من زبائنه. كانت نسخة الفيلم الأصلية لعام 1933 نسخة مبتورة (حذفت منها أجزاء في الرقابة) إلا أن هناك نسخة جديدة عرضت لأول مرة في 2004، وعام 2005 اختير (الفيلم) ليحفظ في مكتبة الكونغرس لسجل الأفلام القومية، باعتباره “ذات أهمية ثقافية، تاريخية وجمالية”.
Up the Down Staircase 1967
تقوم ساندي دينيس بدور سيلفا باريت، طالبة تخرجت حديثاً وعُينت لتدريس الإنكليزية في ثانوية كالفين كوليدج الخيالية في نيويورك، التي تحوي كثراً من الطلبة المشاغبين والمضطربين. (استلهمت التصميمات الخارجية للثانوية من مدرسة ثانوية في إيست هارلم). تعد القصة حبكة مبكرة من نوعية “المدرس الجذاب”، السينمائية المشهورة التي ما زالت على الأرجح تبدو صادقة لكثر من الخريجين الجدد الذين يأتون إلى نيويورك للتدريس في مدارسها اليوم.
Breakfast at Tiffany’s 1961
ربما تبقى هولي غولايتلي، أكثر نساء نيويورك شهرة على الإطلاق، تلك الفتاة الساذجة غريبة الأطوار، التي تعمل أحياناً مومساً عبر الهاتف، وقد أدت دورها الممثلة أودري هيبورن. بني الفيلم ببراعة على رواية ترومان كابوتو، ويجسد المشهد الخالد في الذاكرة والذي يصور هولي وهي تأكل كعكتها الصباحية وتشرب قهوتها وهي تحدق من نافذة تيفاني، النوافذ ذاتها التي يمكنك رؤيتها اليوم. يصعب تصور وجود فيلم يصور كآبة نيويورك الشديدة أفضل منه.
هذا المقال مترجم عن موقع vox.com ولقراءة المقال الاصلي زوروا الرابط التالي.