عميرة هاس
أعترف وأقر، بأنّني أدعم الإرهاب. ألا تستخدم الدولة جزء من أموال الضرائب التي أدفعها من أجل تمويل عمليات إرهابية ترتكبها ومستوطنيها ضد الشعب الفلسطيني؟
فإن عَنت كلمة “إرهاب” الترهيب ودبّ الرعب والخوف في النفوس، فهذا بالضبط ما يقوم به قادة الجيش وجهاز الشاباك عند ارسالهم جنودًا ملثمين لاقتحام بيوت الفلسطينيين ليلة تلو الأخرى بكلابهم وبنادقهم. ألا يوقظ الجنود العائلات من نومها، يقلبون الخزائن رأسًا على عقب، يصادرون الممتلكات ويضربون الكبار على مرأى من الصغار؟ أليس هذا ما يقوم به مشرفو الإدارة المدنية عند تجوالهم بين الرعاة، لهدم الخيام أو أراجيح الأطفال؟ أليس هذا ما تقوم به كاميرات المراقبة المزروعة على الحواجز عند مخارج المدن الفلسطينية؟ ماذا عن جنود وجنديات حرس الحدود في القدس، الذين يوقفون كل عربي؟ وماذا عن الجنود والجنديات الذين يركلون ويصفعون كل من يجرؤ على محاججتهم؟ أو كل من يجرؤ على قطف محصوله من الزيتون؟ ماذا يفعل هؤلاء سوى الترهيب؟
ماذا عن المستوطنين الملثمين، صدورهم العارية، خصل شعرهم المتدلية وأسلحتهم النارية والبيضاء؟ أي اسم نطلق على اعتداءاتهم الجماعية؟ أليست هذه عمليات إرهابية؟ أكاد أجزم أنّ نسبة ضئيلة من الضرائب التي أدفعها تصل إليهم، لمجالسهم الاستيطانية بل وربما لقادتهم ولقادة وزارة الدفاع الذين بنوا مستوطنات الرعاة الناجحة. حيث تتبع وفي جميع أنحاء الضفة الغربية، البؤر الاستيطانية النهج ذاته. وأعني هنا استيلاء عائلة مستوطنين على قطعة أرض، تربية قطيع ضأن وأبقار تحت تهديد السلاح، الحجارة، الكلاب، الرعاة الشباب والطائرات المسيّرة وفوق خذا كله منع الفلسطينيين وقطعانهم من الوصول إلى مراعيهم.
تنفذ إسرائيل تحت غطاء دولة القانون وبدعم منها، جميع العمليات الإرهابية وغيرها كل يوم وساعة.
تخطى ومنذ زمن طويل اصطلاح “الإرهاب” حدود الترهيب، وبات يشمل القتل والدمار. نُمول ضرائبي وضرائب جميع مواطني إسرائيل هذا الإرهاب. بل ويموّل جزء من هذه الضرائب قصف مبان سكنية وقتل سكانها الفلسطينيين، يشمل ذلك الأطفال الصغار والنساء. ساهمت ضرائبي في تمويل الرصاص الذي قتل وأصاب الفلسطينيين في بيتا وفي غزة. تمول ضرائبنا المستوطنات وتكاليف هدم منازل الفلسطينيين على يد الإدارة المدنية وبلدية القدس. تنفذ إسرائيل تحت غطاء دولة القانون وبدعم منها، جميع هذه العمليات الإرهابية وغيرها كل يوم وساعة.
لطالما حاول الأسياد الذين يحتلون مراكز القوة احتكار اللغة، كوسيلة لتخليد فوقيتهم. فمثلا، اشتق النظام الأبوي الاصطلاح الطبي “هستيريا” من الجذر “رحم” في اليونانية، بغية ترسيخ دونية النساء. بل حرص الإنجليز على تخليد كلمة “إيرلندي” ككلمة مرادفة لأحمق، كَسول ومدمن كحول لتبرير سيطرتهم على إيرلندا. كما وحملت لدى بيض جنوب أفريقيا المفردات “أحمق”، “أسود” و “إرهابي” نفس المعنى، مبررين من خلالها الاستغلال، الفصل العنصري والقمع الإرهابي. تعرّف إسرائيل – دولة الاحتلال – ماهية الإرهاب بنفس الأسلوب، وعليه أدرجت تحت هذا التعريف ست منظمات فلسطينية أهلية.
تلاحق إسرائيل هذه المنظمات الأهلية لأنها حققت إنجازات ملفتة للنظر على صعيد مقاومتها للاحتلال الإسرائيلي. لقد سعت، ولا تزال تسعى، لمحاكمة إسرائيليين في لاهاي لارتكابهم جرائم حرب وجرائم فصل عنصري، بل ونجحت بدفع السلطة الفلسطينية للسير على هذا الطريق. تكشف هذه المنظمات عن نهج الاعتقالات الجماعية الذي تتّبعه إسرائيل، يشمل ذلك اعتقال القاصرين و”المحاكم العسكرية” المزعومة. تدعم هذه المنظمات المزارعين الفلسطينيين، بل وتقف بوجه بطش وتنكيل الإدارة المدنية والمستوطنين. تروّج لقيم يسارية ونسوية، وتنقد أيضًا السلطات الفلسطينية. تخوض هذه المنظمات (وغيرها) نضالًا مستمرا ضد إرهاب الاحتلال. وعليه يسعى الإحتلال ومن خلال ملاحقته لها، إلى ترهيب الفلسطينيين ونأيهم عن مقاومته.
هذا المقال مترجم عن Haaretz.com ولقراءة الموضوع الاصلي زوروا الرابط التالي.
إقرأوا أيضاً: