fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“أنا بتمايل على الـbeat” مع إليسا

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

من الآن وحتى ينتهي هذا الجنون كله، وحتى نسترجع أموالنا ووطننا، ها نحن “نتمايل على الـbeat”، ولا نفكّر مرتين قبل أن نشتري تذكرة للسهر…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أستعير عنوان أغنية إليسا الجديدة التي راقت لي في هذا الصباح الجديد من صباحات بيروت العجيبة، بينما يقترح عليّ “فيسبوك” فيديوات من مهرجانات وسهرات يشهدها لبنان في هذا الصيف الحافل رغم كل شيء، وفي مختلف المناطق اللبنانية.

فيديوات تنبض فرحاً وموسيقى، حتى إن من يشاهدنا نجنّ سعادةً لن يصدّق أننا ذاتنا الشعب الذي أُخذ منه كل شيء والشعب الذي تم تفجير عاصمته، والشعب الذي يناطح الفقر والجوع والفساد… لكن ها نحن نتمايل مع إليسا على الـbeat رغم كل شيء.

تعلق فيديوات مهرجانات القرى والمدن اللبنانية، التي أعرفها والتي لا أعرفها، في رأسي، ومثلها أغنية إليسا وهي تشرح كيف أنها ترقص في إحدى السهرات ويظنها الناس سعيدة ولا مبالية، إلا أنها في الحقيقة تفكر بحبيبها البعيد، وتحاول أن تنسى همّها، عبر الرقص والاحتفال.

في أحد الفيديوات التي اقترحها “فيسبوك” مشكوراً، امرأة ترقص في مهرجان الكرز في حمانا قبل أسابيع، ترقص من كل قلبها، لكن وجهها يخبرنا الحقيقة التي تحاول إخفاءها بهذا الفرح المكثّف في لحظة احتفال نادرة، وكأنها تقول مع إليسا “وسط الناس سهرانة لكن خيفانة وزهقانة”. وحولها رجال ونساء يضحكون، يضحكون كأن لا همّ لهم إلا قطف الكرز وتجميعه في أقفاص وتعليقه في حبال حتى يبدو أجمل… وكأن الخسارات التي يجني بها علينا هذا البلد، مجرّد فراشات في حقل زهور.

“وبيشوفوني بيحسدوني إني برقص عالأغاني وأنا في مكان تاني معاك”، سيدة أخرى في مهرجان البترون، تبدو بمنتهى الحزن، والحزن لا يختفي لحظة الرقص، تمكن مشاهدته في حركة اليدين، أو حتى في النفس المتقطّع أو الهالات السود التي تعني أن ليالي كثيرة مرّت من هنا ولم يكن فيها نوم. السيّدة الحزينة كانت تغني بأعلى صوتها وكأن العالم ملكها. يأتي من خلفها رجل ويسند خصرها، فيزدادان حماسة، وتصبح الموسيقى أجمل.

في راشيا، يرسل لي ميشال فيديو عن نساء احتفلن بعيد الأضحى، حضّرن حلويات في منازلهنّ وعرضنها في ساحة القرية، ثمّ تركن الحلويات على الطاولات، ورقصن مع أطفال ورجال القرية حتى الصباح. تحوّل احتفال صغير بعيد الأضحى إلى مناسبة للتنفيس والانفجار في وجه القسوة والتعب… فرصة سانحة ليرفع الجميع صوتهم في وجه التعاسة قائلين: “بلى نحن سعداء!”.

غالباً ما يأتي الناس إلى بيروت من أجل “الفرفشة” والحرية والسهر والإفراط في الشرب، يعتقد الأصدقاء العرب والسياح أننا مجرد شعب سعيد حتى النخاع، شعب لا يتوقف عن الاحتفال، وقد يعتقد آخرون أننا مجانين أو حمقى… لكنها في الواقع طريقتنا الوحيدة في قول “لا” وفي النكران وفي الصمود، وطريقتنا في التعبير عن حبنا للبلد وحبنا للحياة وحبنا للموسيقى.

من الآن وحتى ينتهي هذا الجنون كله، وحتى نسترجع أموالنا ووطننا، ها نحن “نتمايل على الـbeat”، ولا نفكّر مرتين قبل أن نشتري تذكرة بـ100 دولار أو أكثر لحضور حفلة للمغني المصري عمرو دياب وحتى نكون أول الصارخين معه “تملي معاك”، و400 دولار لننشد مع كاظم الساهر “هل عندك شكّ أنك أحلى وأغلى امرأة في الدنيا؟”.

06.07.2023
زمن القراءة: 2 minutes

من الآن وحتى ينتهي هذا الجنون كله، وحتى نسترجع أموالنا ووطننا، ها نحن “نتمايل على الـbeat”، ولا نفكّر مرتين قبل أن نشتري تذكرة للسهر…

أستعير عنوان أغنية إليسا الجديدة التي راقت لي في هذا الصباح الجديد من صباحات بيروت العجيبة، بينما يقترح عليّ “فيسبوك” فيديوات من مهرجانات وسهرات يشهدها لبنان في هذا الصيف الحافل رغم كل شيء، وفي مختلف المناطق اللبنانية.

فيديوات تنبض فرحاً وموسيقى، حتى إن من يشاهدنا نجنّ سعادةً لن يصدّق أننا ذاتنا الشعب الذي أُخذ منه كل شيء والشعب الذي تم تفجير عاصمته، والشعب الذي يناطح الفقر والجوع والفساد… لكن ها نحن نتمايل مع إليسا على الـbeat رغم كل شيء.

تعلق فيديوات مهرجانات القرى والمدن اللبنانية، التي أعرفها والتي لا أعرفها، في رأسي، ومثلها أغنية إليسا وهي تشرح كيف أنها ترقص في إحدى السهرات ويظنها الناس سعيدة ولا مبالية، إلا أنها في الحقيقة تفكر بحبيبها البعيد، وتحاول أن تنسى همّها، عبر الرقص والاحتفال.

في أحد الفيديوات التي اقترحها “فيسبوك” مشكوراً، امرأة ترقص في مهرجان الكرز في حمانا قبل أسابيع، ترقص من كل قلبها، لكن وجهها يخبرنا الحقيقة التي تحاول إخفاءها بهذا الفرح المكثّف في لحظة احتفال نادرة، وكأنها تقول مع إليسا “وسط الناس سهرانة لكن خيفانة وزهقانة”. وحولها رجال ونساء يضحكون، يضحكون كأن لا همّ لهم إلا قطف الكرز وتجميعه في أقفاص وتعليقه في حبال حتى يبدو أجمل… وكأن الخسارات التي يجني بها علينا هذا البلد، مجرّد فراشات في حقل زهور.

“وبيشوفوني بيحسدوني إني برقص عالأغاني وأنا في مكان تاني معاك”، سيدة أخرى في مهرجان البترون، تبدو بمنتهى الحزن، والحزن لا يختفي لحظة الرقص، تمكن مشاهدته في حركة اليدين، أو حتى في النفس المتقطّع أو الهالات السود التي تعني أن ليالي كثيرة مرّت من هنا ولم يكن فيها نوم. السيّدة الحزينة كانت تغني بأعلى صوتها وكأن العالم ملكها. يأتي من خلفها رجل ويسند خصرها، فيزدادان حماسة، وتصبح الموسيقى أجمل.

في راشيا، يرسل لي ميشال فيديو عن نساء احتفلن بعيد الأضحى، حضّرن حلويات في منازلهنّ وعرضنها في ساحة القرية، ثمّ تركن الحلويات على الطاولات، ورقصن مع أطفال ورجال القرية حتى الصباح. تحوّل احتفال صغير بعيد الأضحى إلى مناسبة للتنفيس والانفجار في وجه القسوة والتعب… فرصة سانحة ليرفع الجميع صوتهم في وجه التعاسة قائلين: “بلى نحن سعداء!”.

غالباً ما يأتي الناس إلى بيروت من أجل “الفرفشة” والحرية والسهر والإفراط في الشرب، يعتقد الأصدقاء العرب والسياح أننا مجرد شعب سعيد حتى النخاع، شعب لا يتوقف عن الاحتفال، وقد يعتقد آخرون أننا مجانين أو حمقى… لكنها في الواقع طريقتنا الوحيدة في قول “لا” وفي النكران وفي الصمود، وطريقتنا في التعبير عن حبنا للبلد وحبنا للحياة وحبنا للموسيقى.

من الآن وحتى ينتهي هذا الجنون كله، وحتى نسترجع أموالنا ووطننا، ها نحن “نتمايل على الـbeat”، ولا نفكّر مرتين قبل أن نشتري تذكرة بـ100 دولار أو أكثر لحضور حفلة للمغني المصري عمرو دياب وحتى نكون أول الصارخين معه “تملي معاك”، و400 دولار لننشد مع كاظم الساهر “هل عندك شكّ أنك أحلى وأغلى امرأة في الدنيا؟”.