fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“أوامر الصمت” في إسرائيل: “النجاح” وراءه أيضاً فشل استخباراتي!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

السيطرة على السرد، واستراتيجية الدعاية (هاسبارا) لا ترويان فقط قصة مختلفة تُظهر إسرائيل أنها منتصرة أو ضحية، بل تبدوان أيضاً أنهما تحجبان الوصول إلى الحقائق والآراء التي لا تتماشى معهما.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

على الرغم من سمعتها في تأسيس واحدة من أفضل وحدات الاستخبارات في العالم، هي الوحدة 8200 المتخصصة في استخبارات الإشارات والأمن السيبراني، لا تزال إسرائيل تواجه ثغرات كبيرة أمام الهجمات السيبرانية. ولا يصل معظم هذه الاختراقات إلى الإعلام، نتيجة للاستخدام المكثّف لـ”أوامر الصمت-Gag orders”، لإسكات وسائل الإعلام؛ وإن بطريقة أبعد بكثير من ضرورتها في معظم الأحيان، وعلى رغم ذلك يعلم المستهدفون أحياناً بالهجمات، من خلال تسريب المعلومات عبر وسائل الإعلام الدولية، بدلاً من الإعلام المحلي في إسرائيل.

في 26 كانون الثاني/ يناير 2025، استغلّت مجموعة  قراصنة “حنظلة” المرتبطة بإيران، نقطة ضعف في شركة “ماجر- تيك/ Maager-Tec“، وهي شركة إلكترونيات إسرائيلية، وتمكّنت من إرسال عشرات الآلاف من الرسائل النصّية إلى الإسرائيليين، بالإضافة إلى اختراق أنظمة زر الطوارئ في نحو 20 روضة أطفال، ومؤسسات أخرى داخل إسرائيل، وقد سمح لهم هذا الهجوم السيبراني ببث صافرات الصواريخ، ورسائل باللغة العربية، وأغانٍ عبر أنظمة الطوارئ.

التنافس السيبراني بين إيران وإسرائيل هو واحد من أقدم النزاعات وأطولها. بدأ ذلك في عام 2006 عندما طورت الولايات المتحدة وإسرائيل ونشرتا “ستوكسنت”، وهو سلاح سيبراني يستهدف المنشأة النووية الإيرانية (نطنز). وقد شكّل هذا الهجوم بداية برنامج إيران السيبراني المتطور، الذي يُعتبر الآن من أخطر التهديدات على مستوى العالم. وقد نجحت أوامر الصمت الصادرة عن إسرائيل لمنع الإعلام من الإبلاغ عن تلك الهجمات أو تفصيلها في إخفاء معظم الاختراقات الناجحة لإيران. ومع ذلك، تشير المخاوف المتعلقة بشدة استخدامها إلى أن تلك الأوامر لم تعد تخدم حماية الهدف. تُعد أوامر الصمت في إسرائيل أدوات مسيطرة تُستخدم لمزيد من التحكم في نشر الأخبار من خلال الحفاظ على الصورة السوقية لإسرائيل ككيان لا يُقهَر.

برنامج التجسّس الإيراني

على مدار أكثر من 20 عاماً، اخترقت البرمجيات الخبيثة وبرامج التجسس والحملات الإلكترونية الإيرانية إسرائيل، بدءاً من “ماهدي تورغان” في عام 2012. إنه برنامج خبيث يُستخدم في التجسس الإلكتروني وقد استهدف نحو 800 جهاز كمبيوتر، ثلثاها كانت في إسرائيل. وفقاً لمقال “تايمز أوف إسرائيل” بعنوان “ضحايا فيروس مهدي في الغالب إسرائيليون؛” من الواضح لأي شخص يصادفه أن حصان طروادة ماهدي بُني مع وضع الإسرائيليين في الاعتبار. اكتُشفت متغيرات عدة من الحصان في مرفقات البريد الإلكتروني، مثل عروض باوربوينت. تعرض الشرائح صوراً هادئة للجبال والجداول والبحيرات، وتحتوي على تعليمات للنقر على الصور — بالإنكليزية والعبرية. على سبيل المثال، تقول إحدى الشرائح بالإنكليزية “هل تود رؤية موسى”، مع ترجمة عبرية (مكتوبة بشكل صحيح) أدناه. وتوجه شريحة ثانية المستخدمين إلى “النظر إلى النقاط المركزية الأربع في الصورة التالية لمدة 30 ثانية… يرجى النقر على هذا الملف”، مع ترجمة عبرية أخرى (هذه المرة، أقل نجاحاً).

لقطة شاشة لماهدي أثناء العمل (نسبة الصورة: كاسبرسكي لابس)

 ومنذ اندلاع الحرب في غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، شهدت إسرائيل زيادة ملحوظة في الهجمات السيبرانية، وأشارت تقارير إلى أن مجموعة “حنظلة” حصلت على وثائق سرية من وزارة الاقتصاد والصناعة، وبنك إسرائيل، وبورصة تل أبيب، والكثير من البلديات، والمستشفيات الحكومية، ومؤسسات عدة أخرى مرتبطة مباشرة بوزارات الحكومة.

 وفي نيسان/ أبريل 2024، استهدفت هجمات سيبرانية جماعية وزارة العدل، وفي أيلول/ سبتمبر وزارة الدفاع، وأسفر ذلك عن تسريب معلومات حساسة عن آلاف الإسرائيليين، وشملت الاختراقات قواعد البيانات الحكومية، ما أثار قلقاً واسع النطاق بشأن الأمن الوطني والخصوصية الشخصية، وهذا يؤكّد الضعف المستمر في دفاعات إسرائيل السيبرانية الوطنية

في 9 شباط/ فبراير، ادّعت المجموعة نفسها أيضاً، أنها سرقت أكثر من 2.1 تيرا من البيانات الحساسة من قوّة الشرطة الإسرائيلية، ما أدّى إلى تسريب 350,000 وثيقة بشكل علني، وعلى الرغم من نشر المجموعة ما يُزعم أنه تسريبات عبر قنواتها، نفت الشرطة الإسرائيلية وقوع الهجوم.

قبل الهجمات ببضعة أيام، قامت مجموعة “حنظلة” بإغاظة أهدافها على منصّتي “X” و”تلغرام”، بالإشارة إلى الاختراقات السابقة، كما نشرت جزءاً من البيانات المسروقة كدليل على مزاعمها، وقد أغلق “تلغرام” أكثر من 14 قناة تعود لـ”حنظلة”، ثم عادت المجموعة وافتتحت قناتها الخامسة عشرة في وقت سابق من هذا العام.

“أوامر الصمت”

طبّقت الحكومة الإسرائيلية أوامر الصمت لمنع وسائل الإعلام من الإبلاغ عن تفاصيل هذه الهجمات السيبرانية، زاعمةً بذلك حماية الأمن الوطني، وإدارة نشر المعلومات الحساسة، ومع ذلك، تعرّضت هذه الممارسة لانتقادات من المتخصصين القانونيين، وخبراء الأمن السيبراني، وقد أعربوا عن قلقهم بشأن تبعات أوامر الصمت، مؤكّدين أنها تُعيق العمليات الديمقراطية والقدرة على الاستجابة بفعالية للتهديدات السيبرانية، أما منع وسائل الإعلام من مناقشة تلك الاختراقات، فيحجب مدى فشل الأمن السيبراني، ويحدّ من وعي الجمهور ومساءلته.

 راقب الكثير من وسائل الإعلام الإسرائيلية المستقلّة تضاعف أوامر الصمت، فقد تناولت مقالة في مجلة “+972” بعنوان “أوامر الصمت في إسرائيل تضاعفت ثلاث مرات خلال السنوات الخمس عشرة الماضية”، في عام 2016، كيف أصبح نشر المعلومات خاضعاً للسيطرة العسكرية عبر أوامر الصمت.

 ووفقاً للمقالة، فإن تقريراً كان من المفترض نشره في ذلك الوقت، حول الاستخبارات السرية في العصر الرقمي، أعدّته الدكتورة تهيلة شوارتز- ألشتشلر من معهد “الديمقراطية في إسرائيل”، بالتعاون مع الدكتور جاي لوري، وقالت فيه شوارتز-ألشتشلر: “لقد أصبحت أوامر الصمت خياراً أكثر جاذبية مع تآكل صلاحيات الرقابة العسكرية بفعل المحكمة العليا للعدالة”، وأضافت: “على السطح، من الأفضل أن تحسم المحاكم هذه المسائل وليس المراقب، لكن النظام يجد طرقاً لتجاوز ذلك. على سبيل المثال، يتمّ في بعض الأحيان فتح تحقيق من دون سبب سوى لإعلام المحكمة بوجود تحقيق مفتوح يمكن حمايته فقط بأمر صمت”.

وفي محاولة لتنظيم تلك الأوامر، اقتُرح إنشاء محكمة معلومات منفصلة لعقد الجلسات، بالإضافة إلى تحديد مدة أمر الصمت بـ 24 ساعة، مع إمكانية تمديده فقط في حضور ممثل من مجلس الصحافة.

لا تُستخدم أوامر الصمت فقط للتحكّم بالإعلام داخل إسرائيل، بل يمكن أن تؤثّر أيضاً على استيعاب المعلومات لدى الإسرائيليين على منصّات التواصل الاجتماعي، من خلال طلبات إزالة المحتوى أو حظره. تناولت مقالة في مجلة “+962” نُشرت في عام 2016، بعنوان “كيف تحاول إسرائيل فرض أوامر الصمت خارج حدودها”، حظر تطبيق “تويتر” الإسرائيليين، لمنعهم من مشاهدة بعض التغريدات المنشورة في الخارج، بناءً على طلب إسرائيل. 

الكاتب مايكل شيفر عمر-مان يفسّر آلية “القمع” هذه، بقوله: “لأنني أكتب هذا من إسرائيل، فأنا ممنوع قانونياً من إخباركم بما قالته التغريدة الأصلية لسيلفريشتاين، ولا يمكنني حتى إخباركم بالسبب القانوني المحدد، الذي يمنعني من إخباركم بما لا أستطيع إخباركم به، وما يمكنني قوله هو أنه مع تراجع استخدام الرقابة العسكرية في إسرائيل، وتضاؤل شموليتها على مر السنين، باتت السلطات تعتمد بشكل متزايد على أوامر الصمت الصادرة عن المحاكم، للتحكّم في تدفق المعلومات في البلاد، وغالباً ما تغطّي تلك الأوامر حتى وجود أمر الصمت ذاته”.

يبدو أن المجال الإعلامي قد أصبح أكثر ضيقاً مع تعاظم التكتّم عن الهجمات السيبرانية، ففي 30 كانون الثاني/ يناير من هذا العام، بعد 4 أيام فقط من اختراق أنظمة الإنذار في 20 روضة، تناول تقرير صادر عن “شومريم”، بعنوان “اختراق المكاتب الحكومية، تسريب البيانات الخاصة؛ لكن المواطنين الإسرائيليين يُتركون في الظلام”، هذه الظاهرة في سياق الأحداث الأخيرة، متأملاً كيف يتمّ استخدام أداة قانونية مصممة لحماية المواطنين لصالح حماية سمعة وزارات إسرائيل.

السيطرة على السرد، واستراتيجية الدعاية (هاسبارا) لا ترويان فقط قصة مختلفة تُظهر إسرائيل أنها منتصرة أو ضحية، بل تبدوان أيضاً أنهما تحجبان الوصول إلى الحقائق والآراء التي لا تتماشى معهما.

السيطرة على السرد، واستراتيجية الدعاية (هاسبارا) لا ترويان فقط قصة مختلفة تُظهر إسرائيل أنها منتصرة أو ضحية، بل تبدوان أيضاً أنهما تحجبان الوصول إلى الحقائق والآراء التي لا تتماشى معهما.

على الرغم من سمعتها في تأسيس واحدة من أفضل وحدات الاستخبارات في العالم، هي الوحدة 8200 المتخصصة في استخبارات الإشارات والأمن السيبراني، لا تزال إسرائيل تواجه ثغرات كبيرة أمام الهجمات السيبرانية. ولا يصل معظم هذه الاختراقات إلى الإعلام، نتيجة للاستخدام المكثّف لـ”أوامر الصمت-Gag orders”، لإسكات وسائل الإعلام؛ وإن بطريقة أبعد بكثير من ضرورتها في معظم الأحيان، وعلى رغم ذلك يعلم المستهدفون أحياناً بالهجمات، من خلال تسريب المعلومات عبر وسائل الإعلام الدولية، بدلاً من الإعلام المحلي في إسرائيل.

في 26 كانون الثاني/ يناير 2025، استغلّت مجموعة  قراصنة “حنظلة” المرتبطة بإيران، نقطة ضعف في شركة “ماجر- تيك/ Maager-Tec“، وهي شركة إلكترونيات إسرائيلية، وتمكّنت من إرسال عشرات الآلاف من الرسائل النصّية إلى الإسرائيليين، بالإضافة إلى اختراق أنظمة زر الطوارئ في نحو 20 روضة أطفال، ومؤسسات أخرى داخل إسرائيل، وقد سمح لهم هذا الهجوم السيبراني ببث صافرات الصواريخ، ورسائل باللغة العربية، وأغانٍ عبر أنظمة الطوارئ.

التنافس السيبراني بين إيران وإسرائيل هو واحد من أقدم النزاعات وأطولها. بدأ ذلك في عام 2006 عندما طورت الولايات المتحدة وإسرائيل ونشرتا “ستوكسنت”، وهو سلاح سيبراني يستهدف المنشأة النووية الإيرانية (نطنز). وقد شكّل هذا الهجوم بداية برنامج إيران السيبراني المتطور، الذي يُعتبر الآن من أخطر التهديدات على مستوى العالم. وقد نجحت أوامر الصمت الصادرة عن إسرائيل لمنع الإعلام من الإبلاغ عن تلك الهجمات أو تفصيلها في إخفاء معظم الاختراقات الناجحة لإيران. ومع ذلك، تشير المخاوف المتعلقة بشدة استخدامها إلى أن تلك الأوامر لم تعد تخدم حماية الهدف. تُعد أوامر الصمت في إسرائيل أدوات مسيطرة تُستخدم لمزيد من التحكم في نشر الأخبار من خلال الحفاظ على الصورة السوقية لإسرائيل ككيان لا يُقهَر.

برنامج التجسّس الإيراني

على مدار أكثر من 20 عاماً، اخترقت البرمجيات الخبيثة وبرامج التجسس والحملات الإلكترونية الإيرانية إسرائيل، بدءاً من “ماهدي تورغان” في عام 2012. إنه برنامج خبيث يُستخدم في التجسس الإلكتروني وقد استهدف نحو 800 جهاز كمبيوتر، ثلثاها كانت في إسرائيل. وفقاً لمقال “تايمز أوف إسرائيل” بعنوان “ضحايا فيروس مهدي في الغالب إسرائيليون؛” من الواضح لأي شخص يصادفه أن حصان طروادة ماهدي بُني مع وضع الإسرائيليين في الاعتبار. اكتُشفت متغيرات عدة من الحصان في مرفقات البريد الإلكتروني، مثل عروض باوربوينت. تعرض الشرائح صوراً هادئة للجبال والجداول والبحيرات، وتحتوي على تعليمات للنقر على الصور — بالإنكليزية والعبرية. على سبيل المثال، تقول إحدى الشرائح بالإنكليزية “هل تود رؤية موسى”، مع ترجمة عبرية (مكتوبة بشكل صحيح) أدناه. وتوجه شريحة ثانية المستخدمين إلى “النظر إلى النقاط المركزية الأربع في الصورة التالية لمدة 30 ثانية… يرجى النقر على هذا الملف”، مع ترجمة عبرية أخرى (هذه المرة، أقل نجاحاً).

لقطة شاشة لماهدي أثناء العمل (نسبة الصورة: كاسبرسكي لابس)

 ومنذ اندلاع الحرب في غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، شهدت إسرائيل زيادة ملحوظة في الهجمات السيبرانية، وأشارت تقارير إلى أن مجموعة “حنظلة” حصلت على وثائق سرية من وزارة الاقتصاد والصناعة، وبنك إسرائيل، وبورصة تل أبيب، والكثير من البلديات، والمستشفيات الحكومية، ومؤسسات عدة أخرى مرتبطة مباشرة بوزارات الحكومة.

 وفي نيسان/ أبريل 2024، استهدفت هجمات سيبرانية جماعية وزارة العدل، وفي أيلول/ سبتمبر وزارة الدفاع، وأسفر ذلك عن تسريب معلومات حساسة عن آلاف الإسرائيليين، وشملت الاختراقات قواعد البيانات الحكومية، ما أثار قلقاً واسع النطاق بشأن الأمن الوطني والخصوصية الشخصية، وهذا يؤكّد الضعف المستمر في دفاعات إسرائيل السيبرانية الوطنية

في 9 شباط/ فبراير، ادّعت المجموعة نفسها أيضاً، أنها سرقت أكثر من 2.1 تيرا من البيانات الحساسة من قوّة الشرطة الإسرائيلية، ما أدّى إلى تسريب 350,000 وثيقة بشكل علني، وعلى الرغم من نشر المجموعة ما يُزعم أنه تسريبات عبر قنواتها، نفت الشرطة الإسرائيلية وقوع الهجوم.

قبل الهجمات ببضعة أيام، قامت مجموعة “حنظلة” بإغاظة أهدافها على منصّتي “X” و”تلغرام”، بالإشارة إلى الاختراقات السابقة، كما نشرت جزءاً من البيانات المسروقة كدليل على مزاعمها، وقد أغلق “تلغرام” أكثر من 14 قناة تعود لـ”حنظلة”، ثم عادت المجموعة وافتتحت قناتها الخامسة عشرة في وقت سابق من هذا العام.

“أوامر الصمت”

طبّقت الحكومة الإسرائيلية أوامر الصمت لمنع وسائل الإعلام من الإبلاغ عن تفاصيل هذه الهجمات السيبرانية، زاعمةً بذلك حماية الأمن الوطني، وإدارة نشر المعلومات الحساسة، ومع ذلك، تعرّضت هذه الممارسة لانتقادات من المتخصصين القانونيين، وخبراء الأمن السيبراني، وقد أعربوا عن قلقهم بشأن تبعات أوامر الصمت، مؤكّدين أنها تُعيق العمليات الديمقراطية والقدرة على الاستجابة بفعالية للتهديدات السيبرانية، أما منع وسائل الإعلام من مناقشة تلك الاختراقات، فيحجب مدى فشل الأمن السيبراني، ويحدّ من وعي الجمهور ومساءلته.

 راقب الكثير من وسائل الإعلام الإسرائيلية المستقلّة تضاعف أوامر الصمت، فقد تناولت مقالة في مجلة “+972” بعنوان “أوامر الصمت في إسرائيل تضاعفت ثلاث مرات خلال السنوات الخمس عشرة الماضية”، في عام 2016، كيف أصبح نشر المعلومات خاضعاً للسيطرة العسكرية عبر أوامر الصمت.

 ووفقاً للمقالة، فإن تقريراً كان من المفترض نشره في ذلك الوقت، حول الاستخبارات السرية في العصر الرقمي، أعدّته الدكتورة تهيلة شوارتز- ألشتشلر من معهد “الديمقراطية في إسرائيل”، بالتعاون مع الدكتور جاي لوري، وقالت فيه شوارتز-ألشتشلر: “لقد أصبحت أوامر الصمت خياراً أكثر جاذبية مع تآكل صلاحيات الرقابة العسكرية بفعل المحكمة العليا للعدالة”، وأضافت: “على السطح، من الأفضل أن تحسم المحاكم هذه المسائل وليس المراقب، لكن النظام يجد طرقاً لتجاوز ذلك. على سبيل المثال، يتمّ في بعض الأحيان فتح تحقيق من دون سبب سوى لإعلام المحكمة بوجود تحقيق مفتوح يمكن حمايته فقط بأمر صمت”.

وفي محاولة لتنظيم تلك الأوامر، اقتُرح إنشاء محكمة معلومات منفصلة لعقد الجلسات، بالإضافة إلى تحديد مدة أمر الصمت بـ 24 ساعة، مع إمكانية تمديده فقط في حضور ممثل من مجلس الصحافة.

لا تُستخدم أوامر الصمت فقط للتحكّم بالإعلام داخل إسرائيل، بل يمكن أن تؤثّر أيضاً على استيعاب المعلومات لدى الإسرائيليين على منصّات التواصل الاجتماعي، من خلال طلبات إزالة المحتوى أو حظره. تناولت مقالة في مجلة “+962” نُشرت في عام 2016، بعنوان “كيف تحاول إسرائيل فرض أوامر الصمت خارج حدودها”، حظر تطبيق “تويتر” الإسرائيليين، لمنعهم من مشاهدة بعض التغريدات المنشورة في الخارج، بناءً على طلب إسرائيل. 

الكاتب مايكل شيفر عمر-مان يفسّر آلية “القمع” هذه، بقوله: “لأنني أكتب هذا من إسرائيل، فأنا ممنوع قانونياً من إخباركم بما قالته التغريدة الأصلية لسيلفريشتاين، ولا يمكنني حتى إخباركم بالسبب القانوني المحدد، الذي يمنعني من إخباركم بما لا أستطيع إخباركم به، وما يمكنني قوله هو أنه مع تراجع استخدام الرقابة العسكرية في إسرائيل، وتضاؤل شموليتها على مر السنين، باتت السلطات تعتمد بشكل متزايد على أوامر الصمت الصادرة عن المحاكم، للتحكّم في تدفق المعلومات في البلاد، وغالباً ما تغطّي تلك الأوامر حتى وجود أمر الصمت ذاته”.

يبدو أن المجال الإعلامي قد أصبح أكثر ضيقاً مع تعاظم التكتّم عن الهجمات السيبرانية، ففي 30 كانون الثاني/ يناير من هذا العام، بعد 4 أيام فقط من اختراق أنظمة الإنذار في 20 روضة، تناول تقرير صادر عن “شومريم”، بعنوان “اختراق المكاتب الحكومية، تسريب البيانات الخاصة؛ لكن المواطنين الإسرائيليين يُتركون في الظلام”، هذه الظاهرة في سياق الأحداث الأخيرة، متأملاً كيف يتمّ استخدام أداة قانونية مصممة لحماية المواطنين لصالح حماية سمعة وزارات إسرائيل.

السيطرة على السرد، واستراتيجية الدعاية (هاسبارا) لا ترويان فقط قصة مختلفة تُظهر إسرائيل أنها منتصرة أو ضحية، بل تبدوان أيضاً أنهما تحجبان الوصول إلى الحقائق والآراء التي لا تتماشى معهما.

|

اشترك بنشرتنا البريدية