fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

“أين الجيش”؟ سؤال الممانعة لسلطتها 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كانت السلطة وحزب الله من ورائها، يعرفان قبل الهدنة، وفي راهنها، وبعدها، أن دفع الجيش إلى مواجهة الاعتداء الإسرائيلي سيتبدى كما لو أنه قرار انتحاري لأفراده، وقد عاين الطرفان قدرة إسرائيل على ذلك، في الحرب الأخيرة

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 ما جرى في وادي الحجير، يجري بتواتر سابق ولاحق عن خرق إسرائيل لبنود الهدنة الحالية مع لبنان، وهو مسار عدواني يومي يطال تدميراً وترويعاً أغلب القرى المصنفة إسرائيلياً ” كمنطقة توتر أمني”، وتشمل أغلب القرى الحدودية والقرى المحاذية لها.

 قرية شقرا ودوبيه إحدى هذه القرى، التي شهدت منذ أسبوع تسلل الجيش الإسرائيلي إلى مدخلها الشرقي (من وادي السلوقي) كما إلى إحدى مناطقها الحرشية (باب النباعة) فيما تخضع قلعة “دوبيه” باستمرار لتقدم الآليات والجرافات العسكرية نزولاً من بلدة ميس الجبل.

 الخروقات الإسرائيلية طرحت سؤالاً تكثف راهناً على ألسنة جمهور “حزب الله” تحديداً، وتحديداً بعد التوغل الإسرائيلي منذ أمس في منطقة وادي الحجير.

لا تسقط شرعية  سؤال أين الجيش؟ حتى لو أتى السؤال ممانعاً، واستثمارياً في الوقت ذاته. 

لكن اعتلال السؤال يصير واقعاً بافتراض أنه موجه إلى الجيش نفسه، كما لو أن لبنان نموذج عن  الدول التي يهواها الممانعون. 

 قرار الجيش ليس عند قائده، إنه عند السلطة السياسية، وبافتراض أن الأخيرة اتخذت قرار المواجهة واستنكف الأخير عن تنفيذ الأمر، فيصير السؤال عن دور الجيش مكتسباً لشرعية واقعية، وهو الأمر الذي لم يحصل، ولن يحصل على الأرجح حتى لو محّضته شرعية ذلك بنود الهدنة الراهنة.

 والسلطة السياسية الحالية ممانعة على ما نعرف، ويعرف السائلون، وبالتالي يُفضي الحال كما لو أن الممانعة تطرح السؤال على نفسها، قبل أن يُطرح بغاية حشر خصومها، وربما الجيش أيضاً .  

Lebanese army soldiers inspect the damage in the southern Lebanese village of Khiam, near the border with Israel, on December 12, 2024. – A ceasefire came into effect on November 27. Both sides have accused the other of repeated violations. Under the terms of the agreement, the Lebanese army is to deploy in the south alongside UN peacekeepers as the Israeli army withdraws over a period of 60 days. (Photo by AFP)

ما يجري بالتأكيد هو خرق معتبر للهدنة التي أوقفت الأعمال القتالية الأخيرة بين إسرائيل و”حزب الله”، والتي تبدت مشروطة، وملتبسة البنود، وهي أيضاً لم تكن لتكون لولا موافقة الحزب وإيران عليها قبل السلطة السياسية اللبنانية، ومع علم الجميع بما تسرب على ضفافها من شروط (سرية_علنية) لم يكن أحد قادراً بسببها على إسقاط هدنة أرادها الجميع بكل اعتلالاتها، ومنذ لحظة التوقيع عليها لبنانياً.

 أكثر من ذلك، كانت السلطة والحزب من ورائها، يعرفان قبل الهدنة، وفي راهنها، وبعدها، أن دفع الجيش إلى مواجهة الاعتداء الإسرائيلي سيتبدى كما لو أنه قرار انتحاري لأفراده، وقد عاين الطرفان قدرة إسرائيل على ذلك، في الحرب الأخيرة ضد “حزب الله” المفترض أنه ليس جيشاً نظامياً، ومحكوماً بتقية عسكرية وجغرافية، فكيف والحال مع جيش لبناني مكتسب لسمة النظامي، ومكشوف عديداً وعتاداً وجغرافيا.

  هو سؤال استثماري إذاً، ويندرج كمقاربة مفتعلة بين نموذجين دفاعيين، نموذج “حزب الله”، ونموذج الجيش اللبناني، وقد تكثف السؤال أمام المشاهد العدائية الراهنة في منطقة وادي الحجير تحديداً، التي اكتسبت رمزيتها خلال عدوان تموز ٢٠٠٦ بمشهدية الآليات الإسرائيلية المحترقة حينها.

راهناً، يملك “حزب الله” أفضلية دفاعية راجحة عن الجيش في الحرب مع إسرائيل، للأسباب المعللة أنفاً، و”الميدان” في الحرب الأخيرة مفضٍ لا شك إلى هذه الأرجحية، فيما التمدد الإسرائيلي الحالي يتأتّى كنتيجة  حتمية للهدنة من جهة، معطوفاً على شعور إسرائيلي بنزوع الدولة، كما الحزب، عن سد الذرائع التي تمنح إسرائيل نزعة معلنة لمعاودة الحرب. من جهة أخرى ينطوي التمدد المذكور على ثأر  جغرافي مزمن في العقل الإسرائيلي من الحجير وواديها، تماماً كما حصل في قرية مارون الراس، ودخول الجيش الإسرائيلي إليها في الحرب الأخيرة. 

 لكن قدرة “حزب الله” الدفاعية وأفضليتها، بدت سردية عالية الكلفة كما وشت وقائع الحرب، ليس عليه فقط، إنما على لبنان. 

 بدت فكرة “حزب الله” في تلك الحرب كنموذج دفاعي، محكومة بجغرافيا  ميدانية ضيقة، لكن الحرب، ومع عدو يملك آلة عسكرية متطورة، وعقلاً دموياً، أكبر من أن تخضع لمعادلة كالتي أراد الحزب تسييلها في عقول اللبنانيين، وقد خضع جزء كبير من لبنان لكلفتها قتلاً ونزوحاً ودماراً.

 أين الجيش؟ كسؤال استثماري ممانع، يفترض أن يقف هنا. وحده الجيش، على وهنه المفترض، وعلى استعصاء زجه سياسياً وعسكرياً في مواجهة مع العدو في الراهن، يرتق على الأقل  كلفة حروب مفتعلة، ومن خارج إجماع لبناني يتبدى تحاشيها حاضراً و مستقبلاً أكبر مطالبه، بقدر تحاشٍ آخر يخضع لتقية في بيئة الحزب، لا يسترها هذا النوع من الأسئلة الاستثمارية المسالة كتعويض معنوي عما تنكّبه الحزب في حرب “الإسناد” ومشتقاتها.

  والحال، فإن  استثمار “حزب الله”  في وقائع راهنة، ومذلة لنا جميعاً، وهي بالمناسبة إحدى مآلات واعتلالات تلك الحرب التي باشرها من خارج الدولة وجيشها، لا يُعفي الأخير تحديداً من مباشرة نسق يقطع مع شواهد وسوابق تتعلق تحديداً بأهلية المتطوعين للدخول في عديده. أهلية تفترض أن المؤسسة العسكرية التي ستتولى الدفاع عن لبنان، ليست أحياناً راتقاً للاسترزاق الوظيفي للسلطة وجمهورها، بل مباشرة لانحياز إلى الوطن والدفاع عنه، وهذه بالمناسبة إحدى نقاط أرجحية قوة “حزب الله” في دفاع مقاتليه عن “عقيدتهم”، وحدودها الضيقة والعابرة للحدود.

رنين عواد | 10.05.2025

حكومة سلام تُلغي شرعنة المقالع والكسّارات… فهل تبدأ المساءلة البيئية؟

في ظلّ الظروف الأمنية السائدة في المنطقة، ولبنان خصوصاً، واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية واحتلال النقاط الخمسة الحدودية، يُسهم التمدّد العشوائي للمقالع والكسّارات في تدمير الطبيعة اللبنانية، ويستنزف مواردها بوتيرة موازية للحرب، وتُشير التقديرات إلى أن هذه المواقع تغطّي نحو 25% من مساحة لبنان، أي ما يعادل 70% من مساحة بيروت.
27.12.2024
زمن القراءة: 4 minutes

كانت السلطة وحزب الله من ورائها، يعرفان قبل الهدنة، وفي راهنها، وبعدها، أن دفع الجيش إلى مواجهة الاعتداء الإسرائيلي سيتبدى كما لو أنه قرار انتحاري لأفراده، وقد عاين الطرفان قدرة إسرائيل على ذلك، في الحرب الأخيرة


 ما جرى في وادي الحجير، يجري بتواتر سابق ولاحق عن خرق إسرائيل لبنود الهدنة الحالية مع لبنان، وهو مسار عدواني يومي يطال تدميراً وترويعاً أغلب القرى المصنفة إسرائيلياً ” كمنطقة توتر أمني”، وتشمل أغلب القرى الحدودية والقرى المحاذية لها.

 قرية شقرا ودوبيه إحدى هذه القرى، التي شهدت منذ أسبوع تسلل الجيش الإسرائيلي إلى مدخلها الشرقي (من وادي السلوقي) كما إلى إحدى مناطقها الحرشية (باب النباعة) فيما تخضع قلعة “دوبيه” باستمرار لتقدم الآليات والجرافات العسكرية نزولاً من بلدة ميس الجبل.

 الخروقات الإسرائيلية طرحت سؤالاً تكثف راهناً على ألسنة جمهور “حزب الله” تحديداً، وتحديداً بعد التوغل الإسرائيلي منذ أمس في منطقة وادي الحجير.

لا تسقط شرعية  سؤال أين الجيش؟ حتى لو أتى السؤال ممانعاً، واستثمارياً في الوقت ذاته. 

لكن اعتلال السؤال يصير واقعاً بافتراض أنه موجه إلى الجيش نفسه، كما لو أن لبنان نموذج عن  الدول التي يهواها الممانعون. 

 قرار الجيش ليس عند قائده، إنه عند السلطة السياسية، وبافتراض أن الأخيرة اتخذت قرار المواجهة واستنكف الأخير عن تنفيذ الأمر، فيصير السؤال عن دور الجيش مكتسباً لشرعية واقعية، وهو الأمر الذي لم يحصل، ولن يحصل على الأرجح حتى لو محّضته شرعية ذلك بنود الهدنة الراهنة.

 والسلطة السياسية الحالية ممانعة على ما نعرف، ويعرف السائلون، وبالتالي يُفضي الحال كما لو أن الممانعة تطرح السؤال على نفسها، قبل أن يُطرح بغاية حشر خصومها، وربما الجيش أيضاً .  

Lebanese army soldiers inspect the damage in the southern Lebanese village of Khiam, near the border with Israel, on December 12, 2024. – A ceasefire came into effect on November 27. Both sides have accused the other of repeated violations. Under the terms of the agreement, the Lebanese army is to deploy in the south alongside UN peacekeepers as the Israeli army withdraws over a period of 60 days. (Photo by AFP)

ما يجري بالتأكيد هو خرق معتبر للهدنة التي أوقفت الأعمال القتالية الأخيرة بين إسرائيل و”حزب الله”، والتي تبدت مشروطة، وملتبسة البنود، وهي أيضاً لم تكن لتكون لولا موافقة الحزب وإيران عليها قبل السلطة السياسية اللبنانية، ومع علم الجميع بما تسرب على ضفافها من شروط (سرية_علنية) لم يكن أحد قادراً بسببها على إسقاط هدنة أرادها الجميع بكل اعتلالاتها، ومنذ لحظة التوقيع عليها لبنانياً.

 أكثر من ذلك، كانت السلطة والحزب من ورائها، يعرفان قبل الهدنة، وفي راهنها، وبعدها، أن دفع الجيش إلى مواجهة الاعتداء الإسرائيلي سيتبدى كما لو أنه قرار انتحاري لأفراده، وقد عاين الطرفان قدرة إسرائيل على ذلك، في الحرب الأخيرة ضد “حزب الله” المفترض أنه ليس جيشاً نظامياً، ومحكوماً بتقية عسكرية وجغرافية، فكيف والحال مع جيش لبناني مكتسب لسمة النظامي، ومكشوف عديداً وعتاداً وجغرافيا.

  هو سؤال استثماري إذاً، ويندرج كمقاربة مفتعلة بين نموذجين دفاعيين، نموذج “حزب الله”، ونموذج الجيش اللبناني، وقد تكثف السؤال أمام المشاهد العدائية الراهنة في منطقة وادي الحجير تحديداً، التي اكتسبت رمزيتها خلال عدوان تموز ٢٠٠٦ بمشهدية الآليات الإسرائيلية المحترقة حينها.

راهناً، يملك “حزب الله” أفضلية دفاعية راجحة عن الجيش في الحرب مع إسرائيل، للأسباب المعللة أنفاً، و”الميدان” في الحرب الأخيرة مفضٍ لا شك إلى هذه الأرجحية، فيما التمدد الإسرائيلي الحالي يتأتّى كنتيجة  حتمية للهدنة من جهة، معطوفاً على شعور إسرائيلي بنزوع الدولة، كما الحزب، عن سد الذرائع التي تمنح إسرائيل نزعة معلنة لمعاودة الحرب. من جهة أخرى ينطوي التمدد المذكور على ثأر  جغرافي مزمن في العقل الإسرائيلي من الحجير وواديها، تماماً كما حصل في قرية مارون الراس، ودخول الجيش الإسرائيلي إليها في الحرب الأخيرة. 

 لكن قدرة “حزب الله” الدفاعية وأفضليتها، بدت سردية عالية الكلفة كما وشت وقائع الحرب، ليس عليه فقط، إنما على لبنان. 

 بدت فكرة “حزب الله” في تلك الحرب كنموذج دفاعي، محكومة بجغرافيا  ميدانية ضيقة، لكن الحرب، ومع عدو يملك آلة عسكرية متطورة، وعقلاً دموياً، أكبر من أن تخضع لمعادلة كالتي أراد الحزب تسييلها في عقول اللبنانيين، وقد خضع جزء كبير من لبنان لكلفتها قتلاً ونزوحاً ودماراً.

 أين الجيش؟ كسؤال استثماري ممانع، يفترض أن يقف هنا. وحده الجيش، على وهنه المفترض، وعلى استعصاء زجه سياسياً وعسكرياً في مواجهة مع العدو في الراهن، يرتق على الأقل  كلفة حروب مفتعلة، ومن خارج إجماع لبناني يتبدى تحاشيها حاضراً و مستقبلاً أكبر مطالبه، بقدر تحاشٍ آخر يخضع لتقية في بيئة الحزب، لا يسترها هذا النوع من الأسئلة الاستثمارية المسالة كتعويض معنوي عما تنكّبه الحزب في حرب “الإسناد” ومشتقاتها.

  والحال، فإن  استثمار “حزب الله”  في وقائع راهنة، ومذلة لنا جميعاً، وهي بالمناسبة إحدى مآلات واعتلالات تلك الحرب التي باشرها من خارج الدولة وجيشها، لا يُعفي الأخير تحديداً من مباشرة نسق يقطع مع شواهد وسوابق تتعلق تحديداً بأهلية المتطوعين للدخول في عديده. أهلية تفترض أن المؤسسة العسكرية التي ستتولى الدفاع عن لبنان، ليست أحياناً راتقاً للاسترزاق الوظيفي للسلطة وجمهورها، بل مباشرة لانحياز إلى الوطن والدفاع عنه، وهذه بالمناسبة إحدى نقاط أرجحية قوة “حزب الله” في دفاع مقاتليه عن “عقيدتهم”، وحدودها الضيقة والعابرة للحدود.

27.12.2024
زمن القراءة: 4 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية