fbpx

“أُصبتُ في بطنِ أمي”: في المغرب أزواج ينقلون “الإيدز” لنسائهم وأطفالهم

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“في إحدى المرات سألني ابني، ماما لماذا أشرب هذا الدواء المر جداً كل يوم؟ بكيت حينها ولم أستطع إخباره بأنه مصاب… لا أستطيع، الأمر صعب حقاً”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“لا معنى لحياتي… فأنا مصابة بمرض الإيدز وعاجزة عن إعالة طفلي، أشعر بالأسف والخوف من مستقبل مجهول”، تقول نزهة (اسم مستعار- 46 سنة).

نشأت نزهة التي نقل إليها “الإيدز” زوجها، في عائلة محافظة في مدينة تارودانت. بعد زواجها، انتقلت للعيش في منطقة هوارة في جهة سوس ماسة جنوب المغرب. تروي بنبرة حزينة لـ”درج”: “كنت على علم بأن زوجي يخونني ويقيم علاقات جنسية مع نساء أخريات، كنت أرغب في الطلاق منه لكن عائلتي رفضت ذلك، وأرغمتني على العودة إليه وأن آكل وأشرب وألا أسأله عن حياته”.  

“تمنيت لو أنني متّ”

أخفى زوج نزهة عنها إصابته بالفيروس، وبعدما تدهورت صحته، علمت من طبيبه بالأمر، وكان عليها وطفلها إجراء فحوصات. تقول نزهة: “صدمت حينها… صدمت من زوجي الذي أخفى عني مرضه… ومارس معي الجنس على رغم إصابته… فكرت في ما ينتظر طفلي المصاب، تمنيت لو أنني مت”. 

أم العيد

لم تخبر نزهة طفلها البالغ 6 سنوات عن إصابته بالمرض، وتوضح: “في إحدى المرات سألني ابني، ماما لماذا أشرب هذا الدواء المر جداً كل يوم؟ بكيت حينها ولم أستطع إخباره بأنه مصاب… لا أستطيع، الأمر صعب حقاً”. 

تعتبر نزهة أن المرض أصبح واقعاً عليها أن تتعايش معه، مشيرة إلى أنها بحاجة إلى يد العون وإيجاد فرصة عمل لكي تستطيع إعالة طفلها.

“ألم المرض أهون من نظراتهم القاتلة”

“في كل مرة أحصل على فرصة عمل في مصنع ما، يطلبون مني إجراء فحوصات، فأضطر إلى المغادرة قبل أن يكشف الطبيب أنني مصابة بالإيدز” تضيف نزهة.

ترفض الحديث بوجه مكشوف، أو إخبار عائلتها بأنها مصابة، مشيرة إلى أن وصم المجتمع أحياناً أصعب من ألم المرض. تقول: “مجتمعنا لا يرحم، وألم المرض أهون من نظراتهم القاتلة وكلامهم المسموم، لا يمكن أن أتحمل إساءة الناس لطفلي بسبب مرضه”.

ترفض المصابات الكشف عن هويتهن، لكن أم العيد ناشطة حقوقية مدافعة عن حقوق مرضى الايدز في المغرب، اختارت أن تروي حكايتها بوجه مكشوف، “قليلات يتعايشن مع المرض، للأسف هناك من يفكرن في الانتقام من الرجال عبر نقل المرض لهم أو الانتحار” تقول أم العيد.

وتشدد أم العيد على أهمية تأهيل المصابات ودعمهن للحصول على فرص عمل، تمكنهن من الاندماج، مضيفة لـ”درج”: “لا  أحد يقبل بتوظيفنا. الحل الوحيد أن نؤسس مشاريع صغيرة لتأمين لقمة العيش”. 

إلى جانب الوصم الاجتماعي الذي تعاني منه النساء المصابات، ترى أم العيد أن حرمان المصابة من الحصول على عمل سيجعلها تعيش على هامش المجتمع ولن تجد خياراً آخر سوى امتهان الجنس.

على رغم إصابتها بمرض الإيدز، أم العيد بالنسبة إلى نساء مدينة هوارة، امرأة ملهمة لأنها نجحت في إنشاء صالون للتجميل والحصول على شهادتين في الخياطة والتجميل بعد إصابتها.

سمية إبنة أم العيد

“مجبرة على تلبية رغباته الجنسية” 

تضيف أم العيد: “النساء المصابات في هذه المنطقة نشأن على الأرجح في عائلات محافظة ترفض تعليم الفتيات، وترى أن مكان الفتاة هو بيت زوجها، حتى إن خانها، تظل مجبرة على تلبية رغباته الجنسية، لأنها إذ امتنعت، أهلها سيلومونها”. 

كشفت دراسة حديثة أنجزتها وزارة الصحة المغربية عن إصابة نحو ألف شخص سنوياً بمرض الإيدز في المغرب. وأشارت الدراسة إلى أن 700 شخص يفارقون الحياة كل عام بسبب الإصابة بهذا الفيروس.

وأوضحت الدراسة أن 70 في المئة من النساء المصابات بالايدز، انتقل المرض إليهن من طريق أزواجهن.

تهمة الدعارة

قبل وفاة زوجها عام 2004، أخبرت أم العيد عائلتها وجيرانها أن فيروس داء المناعة المكتسبة انتقل إليها وإلى ابنتها عبر زوجها. وعن أسباب حرصها على أن يعلم الجميع بذلك، تجيب: “لأنني أدرك ماذا ينتظرني إذا أخفيت ذلك، أغلب من تكتمن، اتهمن بممارسة الدعارة بعد وفاة أزواجهن، المجتمع لن يرحمني لذلك اخترت الخروج بوجه مكشوف”. 

تستقبل أم العيد النساء المصابات في منزلها، وتعمل على رغم ضعف الإمكانات على تقديم المساعدة لهن. تطمح إلى إنشاء مشروع يشغل المصابات في منطقة هوارة: “حلمي إنشاء مشروع صغير للخياطة، وتشغيل المصابات بالايدز”.

تؤكد أم العيد أن مرض الإيدز جعل منها امرأة قوية، مردفة: “مرض الإيدز جعل عائلتي تدرك أن بقاء المرأة في البيت لا يعني حمايتها. بعد إصابتي خرجت إلى الشارع الذي كان يخيف أفراد عائلتي وزوجوني صغيرة لحمايتي منه، خرجت لأتعلم وأحصل على شهادة أهلتني لكي يكون لدي مشروع خاص بي”. 

الخوف من المجتمع يدفع بعض النساء إلى عدم الذهاب إلى المستشفى للحصول على الدواء، ما يعرض حياتهن للخطر، تتابع أم العيد: “للأسف ما زالت هناك نساء يخشين الذهاب إلى المستشفى للحصول على دواء، ويفضلن الموت على أن يعلم الناس أنهن مصابات”. 

أصبت وأنا في بطن أمي… هل أنا أيضاً عاهر؟

ولدت سمية ابنة أم العيد وهي تحمل فيروس فقدان المناعة المكتسبة، تعايشت مع المرض بسبب والدتها التي أخبرتها في سن مبكرة بأنها مصابة. تقول سمية لـ”درج”: “إنه قدري وأنا أتقبله، لقد أصبح الإيدز جزءاً من حياتي”.

تضيف: “للأسف ما زال هناك من يلوم النساء المصابات ويتهمهن بممارسة الجنس، لقد أصبت وأنا في بطن أمي، هل أنا أيضاً عاهرة؟”. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 “لسنا من العدل والإحسان” :مواجهة بين الحكومة المغربية وطلاب الطب

09.07.2019
زمن القراءة: 4 minutes

“في إحدى المرات سألني ابني، ماما لماذا أشرب هذا الدواء المر جداً كل يوم؟ بكيت حينها ولم أستطع إخباره بأنه مصاب… لا أستطيع، الأمر صعب حقاً”.

“لا معنى لحياتي… فأنا مصابة بمرض الإيدز وعاجزة عن إعالة طفلي، أشعر بالأسف والخوف من مستقبل مجهول”، تقول نزهة (اسم مستعار- 46 سنة).

نشأت نزهة التي نقل إليها “الإيدز” زوجها، في عائلة محافظة في مدينة تارودانت. بعد زواجها، انتقلت للعيش في منطقة هوارة في جهة سوس ماسة جنوب المغرب. تروي بنبرة حزينة لـ”درج”: “كنت على علم بأن زوجي يخونني ويقيم علاقات جنسية مع نساء أخريات، كنت أرغب في الطلاق منه لكن عائلتي رفضت ذلك، وأرغمتني على العودة إليه وأن آكل وأشرب وألا أسأله عن حياته”.  

“تمنيت لو أنني متّ”

أخفى زوج نزهة عنها إصابته بالفيروس، وبعدما تدهورت صحته، علمت من طبيبه بالأمر، وكان عليها وطفلها إجراء فحوصات. تقول نزهة: “صدمت حينها… صدمت من زوجي الذي أخفى عني مرضه… ومارس معي الجنس على رغم إصابته… فكرت في ما ينتظر طفلي المصاب، تمنيت لو أنني مت”. 

أم العيد

لم تخبر نزهة طفلها البالغ 6 سنوات عن إصابته بالمرض، وتوضح: “في إحدى المرات سألني ابني، ماما لماذا أشرب هذا الدواء المر جداً كل يوم؟ بكيت حينها ولم أستطع إخباره بأنه مصاب… لا أستطيع، الأمر صعب حقاً”. 

تعتبر نزهة أن المرض أصبح واقعاً عليها أن تتعايش معه، مشيرة إلى أنها بحاجة إلى يد العون وإيجاد فرصة عمل لكي تستطيع إعالة طفلها.

“ألم المرض أهون من نظراتهم القاتلة”

“في كل مرة أحصل على فرصة عمل في مصنع ما، يطلبون مني إجراء فحوصات، فأضطر إلى المغادرة قبل أن يكشف الطبيب أنني مصابة بالإيدز” تضيف نزهة.

ترفض الحديث بوجه مكشوف، أو إخبار عائلتها بأنها مصابة، مشيرة إلى أن وصم المجتمع أحياناً أصعب من ألم المرض. تقول: “مجتمعنا لا يرحم، وألم المرض أهون من نظراتهم القاتلة وكلامهم المسموم، لا يمكن أن أتحمل إساءة الناس لطفلي بسبب مرضه”.

ترفض المصابات الكشف عن هويتهن، لكن أم العيد ناشطة حقوقية مدافعة عن حقوق مرضى الايدز في المغرب، اختارت أن تروي حكايتها بوجه مكشوف، “قليلات يتعايشن مع المرض، للأسف هناك من يفكرن في الانتقام من الرجال عبر نقل المرض لهم أو الانتحار” تقول أم العيد.

وتشدد أم العيد على أهمية تأهيل المصابات ودعمهن للحصول على فرص عمل، تمكنهن من الاندماج، مضيفة لـ”درج”: “لا  أحد يقبل بتوظيفنا. الحل الوحيد أن نؤسس مشاريع صغيرة لتأمين لقمة العيش”. 

إلى جانب الوصم الاجتماعي الذي تعاني منه النساء المصابات، ترى أم العيد أن حرمان المصابة من الحصول على عمل سيجعلها تعيش على هامش المجتمع ولن تجد خياراً آخر سوى امتهان الجنس.

على رغم إصابتها بمرض الإيدز، أم العيد بالنسبة إلى نساء مدينة هوارة، امرأة ملهمة لأنها نجحت في إنشاء صالون للتجميل والحصول على شهادتين في الخياطة والتجميل بعد إصابتها.

سمية إبنة أم العيد

“مجبرة على تلبية رغباته الجنسية” 

تضيف أم العيد: “النساء المصابات في هذه المنطقة نشأن على الأرجح في عائلات محافظة ترفض تعليم الفتيات، وترى أن مكان الفتاة هو بيت زوجها، حتى إن خانها، تظل مجبرة على تلبية رغباته الجنسية، لأنها إذ امتنعت، أهلها سيلومونها”. 

كشفت دراسة حديثة أنجزتها وزارة الصحة المغربية عن إصابة نحو ألف شخص سنوياً بمرض الإيدز في المغرب. وأشارت الدراسة إلى أن 700 شخص يفارقون الحياة كل عام بسبب الإصابة بهذا الفيروس.

وأوضحت الدراسة أن 70 في المئة من النساء المصابات بالايدز، انتقل المرض إليهن من طريق أزواجهن.

تهمة الدعارة

قبل وفاة زوجها عام 2004، أخبرت أم العيد عائلتها وجيرانها أن فيروس داء المناعة المكتسبة انتقل إليها وإلى ابنتها عبر زوجها. وعن أسباب حرصها على أن يعلم الجميع بذلك، تجيب: “لأنني أدرك ماذا ينتظرني إذا أخفيت ذلك، أغلب من تكتمن، اتهمن بممارسة الدعارة بعد وفاة أزواجهن، المجتمع لن يرحمني لذلك اخترت الخروج بوجه مكشوف”. 

تستقبل أم العيد النساء المصابات في منزلها، وتعمل على رغم ضعف الإمكانات على تقديم المساعدة لهن. تطمح إلى إنشاء مشروع يشغل المصابات في منطقة هوارة: “حلمي إنشاء مشروع صغير للخياطة، وتشغيل المصابات بالايدز”.

تؤكد أم العيد أن مرض الإيدز جعل منها امرأة قوية، مردفة: “مرض الإيدز جعل عائلتي تدرك أن بقاء المرأة في البيت لا يعني حمايتها. بعد إصابتي خرجت إلى الشارع الذي كان يخيف أفراد عائلتي وزوجوني صغيرة لحمايتي منه، خرجت لأتعلم وأحصل على شهادة أهلتني لكي يكون لدي مشروع خاص بي”. 

الخوف من المجتمع يدفع بعض النساء إلى عدم الذهاب إلى المستشفى للحصول على الدواء، ما يعرض حياتهن للخطر، تتابع أم العيد: “للأسف ما زالت هناك نساء يخشين الذهاب إلى المستشفى للحصول على دواء، ويفضلن الموت على أن يعلم الناس أنهن مصابات”. 

أصبت وأنا في بطن أمي… هل أنا أيضاً عاهر؟

ولدت سمية ابنة أم العيد وهي تحمل فيروس فقدان المناعة المكتسبة، تعايشت مع المرض بسبب والدتها التي أخبرتها في سن مبكرة بأنها مصابة. تقول سمية لـ”درج”: “إنه قدري وأنا أتقبله، لقد أصبح الإيدز جزءاً من حياتي”.

تضيف: “للأسف ما زال هناك من يلوم النساء المصابات ويتهمهن بممارسة الجنس، لقد أصبت وأنا في بطن أمي، هل أنا أيضاً عاهرة؟”. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 “لسنا من العدل والإحسان” :مواجهة بين الحكومة المغربية وطلاب الطب

09.07.2019
زمن القراءة: 4 minutes
|
آخر القصص
 هل تستطيع الدول العربية الغنيّة تجاهل أزمات جيرانها؟
أفراح ناصر - باحثة في المركز العربي في واشنطن | 12.10.2024
هل هُزم محور “المقاومة”فعلاً؟!
شكري الريان - كاتب فلسطيني سوري | 12.10.2024
لماذا أخفق حزب الله؟
ندى عبدالصمد - كاتبة وصحافية لبنانية | 12.10.2024
خطبة الوداع
بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 11.10.2024

اشترك بنشرتنا البريدية