في الأسبوع الأول من كانون الأول/ ديسمبر 2024، توصلت حركتا “حماس” و”فتح” إلى مسودة اتفاق لتشكيل “لجنة الإسناد المجتمعي” لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع.
مثّل هذا الاتفاق خطوة مهمة نحو تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وإدارة فعالة لقطاع غزة، بعدما خرجت “فتح” من القطاع عام 2007 إثر مواجهات دامية مع “حماس” التي تولّت إدارة القطاع.
أتى هذا الاتفاق بعد سلسلة من اللقاءات عُقدت في القاهرة برعاية مصرية. آنذاك، أكد مسؤول في “فتح” لوكالة “فرانس برس”، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيصدر مرسوماً رئاسياً بتعيين هذه اللجنة بعد اعتماده المسودة.
كان الاتفاق أن تتألف اللجنة من 10 إلى 15 شخصية غير حزبية تتمتع بصلاحيات في الأمور المتعلقة بالاقتصاد والتعليم والصحة والمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار.
على رغم موافقة الرئيس محمود عباس في البداية على تشكيل اللجنة، الّا أنّه عاد وتراجع عن ذلك وطرح الأمر على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي أعربت عن رفضها اللجنة، ما أدى إلى تعثّر تشكيل اللجنة خلال الأسابيع الأخيرة، بحسب الكاتب والصحافي الفلسطيني فتحي الصباح، في مقابلة لمنصة “درج”.
يُذكر أنّ “فتح” خرجت من قطاع غزّة عام 2007 إثر مواجهات دامية مع “حماس” التي تولّت إدارة القطاع منذ ذلك الوقت. لذلك يعدّ هذا الاتفاق خطوة مهمة نحو تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وإدارة فعالة لقطاع غزة.
دور محمد دحلان المركزي
يتم تداول أسماء كثيرة لقيادة المرحلة المقبلة بعد انتهاء حرب الإبادة الإسرائيلية على غزّة. لا بدّ للشخصية أن تكون مقبولة من مختلف الأطراف، أوّلها الإسرائيلية والأميركية وأيضاً العربية والدولية، ولكن أيضاً من الشعب الفلسطيني وأهل غزة بخاصة.
من بين أبرز الأسماء هو محمد دحلان. في هذا السياق، يقول الصباح لـ “درج” أنّ “محمد دحلان لا يطمح الى تولي قيادة قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب. بل يرى نفسه مرشحاً لقيادة الشعب الفلسطيني بكامله، متطلعاً إلى منصب رئيس السلطة الفلسطينية. ومع ذلك، فإن طموحه لا ينصب على خلافة الرئيس محمود عباس مباشرة، بل يفضل أن يكون ذلك في مرحلة لاحقة بعد تولي رئيس آخر هذا المنصب. بمعنى آخر، يتصور دحلان أن يخلفه رئيس آخر أولاً، ثم يتولى هو القيادة في المستقبل”، مضيفاً: “دحلان يرى نفسه أكبر من مجرد قائد لإدارة قطاع غزة في المرحلة المقبلة، ويرى أن دوره المستقبلي يجب أن يكون على مستوى الوطن الفلسطيني ككل، وليس مقتصراً على إدارة شؤون القطاع فقط”.
إقرأوا أيضاً:
وهنا يتوقّع الصباح أن يكون روحي فتوح، الذي تولى منصب الرئيس المؤقت بعد وفاة ياسر عرفات، أحد المرشحين المحتملين لخلافة الرئيس محمود عباس، على أن يكون دحلان المرشح الأبرز بعد فتوح.
لا بدّ هنا من الإشارة إلى الدعم العربي الكبير الذي يحظى به دحلان، وتحديداً من مصر والسعودية والإمارات.
ذكر تحقيق سابق لموقع “درج”، بعنوان: “محمد دحلان إلى الواجهة مجدداً: ما سر الـ role play مع الإمارات؟”، أنّ محمد دحلان من أكثر الشخصيات الفلسطينية دهاءً. لعب على جميع التناقضات، فكان الفتحاوي المقرب من “أبو عمار”، والذي تقلّد مناصب أمنية وسياسية مرموقة وأمسك بزمام جهاز الأمن الوقائي. كان جزءاً من لجنة فتح المركزية قبل أن يحاول الانقلاب على محمود عباس ويُطرد من اللجنة ومن فتح عام 2011. يستطيع تحدّث لغة حماس، إذ ولد في خان يونس مع أبرز قيادات الحركة كيحيى السنوار. هو مستشار للإمارات ومقرّب من السعودية ومن نظام عبد الفتاح السيسي في مصر. رجل أعمال محنّك، خصوصاً في صربيا والجبل الأسود اللتين يحمل جنسيتهما، وغيرهما من الدول. تجمعه علاقة جيدة بالولايات المتحدة الأميركية ولديه أصدقاء من الجانب الإسرائيلي. تُقدّر ثروته بـ 120 مليون دولار أميركي، بحسب مصادر عدّة.
من هي أبرز الشخصيات المطروحة؟
طرح تيار دحلان ودول مثل الإمارات والسعودية، شخصيات بارزة لهذه اللجنة، ومن بين الأسماء المطروحة بحسب الصباح:
سلام فياض: رئيس الحكومة الفلسطينية السابق وأول رئيس للحكومة بعد الانقسام عام 2007. شغل سابقاً منصب وزير المالية.
ناصر القدوة: دبلوماسي فلسطيني بارز وعضو سابق في اللجنة المركزية لحركة فتح، كما شغل منصب مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة لأكثر من عشرين عاماً. لا بدّ من الإشارة هنا الى أن القدوة قام بجولات أوروبية، ونُقلت تسريبات غير رسمية أنّه حصل على تعهدات بتمويل قدره 80 مليار دولار لإعادة إعمار قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب.
إلا أن الرئيس محمود عباس رفض هذه الأسماء، لأنها محسوبة على تيار دحلان. ورشح زياد أبو عمرو، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وإحدى الشخصيات المقربة منه، والذي شغل مناصب وزارية عدة وكان نائباً لرئيس الوزراء.
انتقادات للجنة الإسناد وضغوط لتشكيلها!
لا شكّ في أنّ اللجنة تعرّضت لعددٍ من الانتقادات، خصوصاً في ما يتعلّق بحدود دورها ومهامها والغموض الذي يشوبها.
“العمل بها قد يحيل “الانقسام الفصائلي” إلى “انفصال جغرافي”، وسيعمق مسار الشرذمة الذي ضرب “النظام الفلسطيني” منذ عقدين تقريباً”، بحسب تحقيق لموقع “الجزيرة“. وقد يكون دورها مناقضاً لقيام دولة فلسطينية.
في المقابل، تحدّث التحقيق عن “”غموضٍ مشبوه”، يراد به اختزال القضية الفلسطينية إلى مجموعة من “الخدمات “والمرافق””.
في المقابل، يضغط “التجمع الوطني للقبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية” لتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي “محذراً من أن التعطيل يعني التخلي عن الشعب الفلسطيني وإفساح المجال للاحتلال لتنفيذ مخططاته في التهجير والإبادة”.
إقرأوا أيضاً: