fbpx

إلى جبران باسيل: وماذا عنا نحن اللبنانيين أبناء الأمهات السوريات؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

يخيفني جبران باسيل ويخيف أمي. للدقة لا يخيفنا، بقدر ما يشعرنا بالخزي والعار. وفوق هذا يحسسنا بأننا منبوذون من “أمة لبنانية” تتفوق على بقية الأعراق، كونها متميزة جينياً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يخيفني جبران باسيل ويخيف أمي. للدقة لا يخيفنا، بقدر ما يشعرنا بالخزي والعار. وفوق هذا يحسسنا بأننا منبوذون من “أمة لبنانية” تتفوق على بقية الأعراق، كونها متميزة جينياً. ولذا فإنني أنا نصف اللبناني، وأمي السورية، معنيان كثيراً بما قاله ويقوله على الدوام، ممثل لبنان في الخارج ورئيس أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب وصهر رئيس الجمهورية وربما مرشح قبل أوانه إلى رئاسة بلاد الأرز، معنيان بخطابه الذي ينطوي على معان لم يعد من الخوف النطق بها في بلاد تفوح منها رائحة النفايات على أنواعها. وأول معانيها سيطرة التوحش الخطابي، وزيادة العنف بحق السوريين، سكاناً ولاجئين في لبنان، وما ينطلي عليه هذا العنف من تهديد للسلم الأهلي، كون هذا الخطاب يؤجج وسيؤجج الكراهية ضد كل اللاجئين في لبنان وعلى رأسهم الفلسطينيون والعراقيون لاحقاً.

ولأن هذا الخطاب يتكرس كل يوم في لغة الإعلام وبين نوادي السياسة المحلية، صار يجد صدى بين مغتربين نافذين من أصول لبنانية. وعلاوة على هذا يجد ترحيباً لدى اليمين المتطرف في اوروبا. ومن الخطورة بمكان، تمرير هذا الخطاب والتعامل معه بسخرية واستسهال، والضحك منه من باب التكابر كونه ترهات (وهو كذلك). هذا لأن الخطاب عينه، يصيب أصل ما تقوم عليه أي دولة، وهو: التنوع. وهو ما يتفرع منه بيان كتبه الكاتب اللبناني حازم صاغية، بتأن، معلناً الخوف من تفشي هذه اللغة اليوم في لبنان ورغبة النخب اللبنانية الواعية بعدم تبنيه، إذ يجد هؤلاء أنفسهم خارج هذا الهذيان الشوفيني في مزرعة تمسك بها سلطة صورية تتمثل بالعونية، وأخرى قادرة ونافذة تتمثل بسلاح “حزب الله”، المشارك في قتل السوريين ورعاية حرقهم في بلادهم.

أنا نصف اللبناني، وأمي السورية، معنيان كثيراً بما قاله ويقوله على الدوام

وإذ يستعد باسيل لتبني خطاب اليمين الأوروبي، هو الآتي من باب الفساد إلى الوزارة، كونه ابن تسويات عائلية وحزبية، كرسته ناطقاً بالمرحلة اللبنانية اليوم وبما يطوف على سطحها من قاذورات ولغويات تقدس الشوفينية والعنصرية والتعصب الطائفي، فإنه بوعي مسبق يؤسس أيضاً للقومية اللبنانية بما تنذر به من مخاطر على مجتمع هو في الأصل، هش اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً. ولا يستطيع بالتالي تحمل أعباء إضافية تزيد من الشحن فيه. وتنطوي عبارات باسيل وتغريداته على عصبية عمياء همها تقريظ الجينات اللبنانية، إذا صح بالأساس وجود هذا المصطلح علمياً. كون هذا البلد الذي مرت عليه كل شعوب الأرض، لا يبدو انه ابن جينات خالصة خاصة به، بل هو ابن تنوع حضاري وإثني ولغوي تراكم على مدى عصور، ولا يمكن لوزير لا يفقه شيئاً من السياسة والانثربولوجيا او علوم الحياة، أن يفهم كنهه، هو الذي أغلق نفسه في هوية قاتلة، تماماً كلبنانيين أراهم وألتقيهم في فرنسا يتفاخرون بأنهم فينيقيون، وليسوا عرباً (يا لهذه المهزلة).

إقرأ أيضاً: بيان عن العنصرية في بلدنا

ولأن أمي التي تهتم بالسياسة اللبنانية كونها عاشت طفولتها ومراهقتها وسنين عمرها “الحلوة والمرة” في هذا البلد وانجبت فيه أبناء يفتخرون بانتماءين متساويين: لبناني وسوري، فهي تشعر كما تنقل لي في اتصالاتنا اليومية، بأنها منبوذة. لا بل تحس بأن هذا البلد يضيق عليها ويتكالب على أهلها ومأساتهم اليوم. أهلها هم كل هؤلاء اللاجئين اليوم اضطراراياً في بلد لا يؤمن لهم شيئاً. يعاملهم بمهانة وذل. ويسجن شبابهم في أقبية الأمن العام. يسلمون لجلادهم في سوريا ويحرق بعض اللبنانيين (المتفوقون بجينات التوحش) خيامهم وتشن عليهم حملات مغرضة، حتى في الوزارات من باب الشعارات التي تطلقها وزارة العمل عن أفضلية العمل للبناني. على أساس أن هذا السوق يعج بفرص العمل. وهو ما يجعلنا نعرف أنه لولا هجرة اللبنانيين ولجوئهم في بلاد أخرى لما استطاع هذا الاقتصاد أن يصمد لحظة، هو الذي يقوم على ما يرسله هؤلاء لأهلهم.

كلام باسيل الشوفيني، يؤسس لموجة تزداد يوماً بعد يوم ضد اللاجئين وضد كل سوري يعيش بيننا.

وكلام باسيل الشوفيني، يؤسس لموجة تزداد يوماً بعد يوم ضد اللاجئين وضد كل سوري يعيش بيننا. لذلك من المهم في مكان أن ننطق نحن الذين نعيش في المنتصف، ضد كلام باسيل ونواجهه ونذكره بأن ما يتحدث به يمثله وحده ويمثل تياره. وبالتالي نطالب باستقالته على الفور من وزارة هي صورتنا في الخارج. علينا نحن أبناء الأمهات والآباء السوريين، من نعيش في نصف مسافة وانتماء وهوية، ونهان كل يوم بلغة وزير يمثلنا كوننا مواطنون لبنانيون، بالدرجة الأولى، ونحمل هويات لبنانية، وكوننا نشعر بأننا لاجئون بالدرجة الثانية، علينا أن نقول لـ”وزير الغفلة” أننا نتفوق جينياً عليه كوننا نحمل جينات مختلطة عريقة، تترفع فوق السجان والجلاد والقتلة وتؤمن بالإنسان حراً وعزيزاً، جينات تعرف أننا كلنا لاجئون على هذه الأرض.

جمهورية جبران باسيل

27.06.2019
زمن القراءة: 4 minutes

يخيفني جبران باسيل ويخيف أمي. للدقة لا يخيفنا، بقدر ما يشعرنا بالخزي والعار. وفوق هذا يحسسنا بأننا منبوذون من “أمة لبنانية” تتفوق على بقية الأعراق، كونها متميزة جينياً.

يخيفني جبران باسيل ويخيف أمي. للدقة لا يخيفنا، بقدر ما يشعرنا بالخزي والعار. وفوق هذا يحسسنا بأننا منبوذون من “أمة لبنانية” تتفوق على بقية الأعراق، كونها متميزة جينياً. ولذا فإنني أنا نصف اللبناني، وأمي السورية، معنيان كثيراً بما قاله ويقوله على الدوام، ممثل لبنان في الخارج ورئيس أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب وصهر رئيس الجمهورية وربما مرشح قبل أوانه إلى رئاسة بلاد الأرز، معنيان بخطابه الذي ينطوي على معان لم يعد من الخوف النطق بها في بلاد تفوح منها رائحة النفايات على أنواعها. وأول معانيها سيطرة التوحش الخطابي، وزيادة العنف بحق السوريين، سكاناً ولاجئين في لبنان، وما ينطلي عليه هذا العنف من تهديد للسلم الأهلي، كون هذا الخطاب يؤجج وسيؤجج الكراهية ضد كل اللاجئين في لبنان وعلى رأسهم الفلسطينيون والعراقيون لاحقاً.

ولأن هذا الخطاب يتكرس كل يوم في لغة الإعلام وبين نوادي السياسة المحلية، صار يجد صدى بين مغتربين نافذين من أصول لبنانية. وعلاوة على هذا يجد ترحيباً لدى اليمين المتطرف في اوروبا. ومن الخطورة بمكان، تمرير هذا الخطاب والتعامل معه بسخرية واستسهال، والضحك منه من باب التكابر كونه ترهات (وهو كذلك). هذا لأن الخطاب عينه، يصيب أصل ما تقوم عليه أي دولة، وهو: التنوع. وهو ما يتفرع منه بيان كتبه الكاتب اللبناني حازم صاغية، بتأن، معلناً الخوف من تفشي هذه اللغة اليوم في لبنان ورغبة النخب اللبنانية الواعية بعدم تبنيه، إذ يجد هؤلاء أنفسهم خارج هذا الهذيان الشوفيني في مزرعة تمسك بها سلطة صورية تتمثل بالعونية، وأخرى قادرة ونافذة تتمثل بسلاح “حزب الله”، المشارك في قتل السوريين ورعاية حرقهم في بلادهم.

أنا نصف اللبناني، وأمي السورية، معنيان كثيراً بما قاله ويقوله على الدوام

وإذ يستعد باسيل لتبني خطاب اليمين الأوروبي، هو الآتي من باب الفساد إلى الوزارة، كونه ابن تسويات عائلية وحزبية، كرسته ناطقاً بالمرحلة اللبنانية اليوم وبما يطوف على سطحها من قاذورات ولغويات تقدس الشوفينية والعنصرية والتعصب الطائفي، فإنه بوعي مسبق يؤسس أيضاً للقومية اللبنانية بما تنذر به من مخاطر على مجتمع هو في الأصل، هش اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً. ولا يستطيع بالتالي تحمل أعباء إضافية تزيد من الشحن فيه. وتنطوي عبارات باسيل وتغريداته على عصبية عمياء همها تقريظ الجينات اللبنانية، إذا صح بالأساس وجود هذا المصطلح علمياً. كون هذا البلد الذي مرت عليه كل شعوب الأرض، لا يبدو انه ابن جينات خالصة خاصة به، بل هو ابن تنوع حضاري وإثني ولغوي تراكم على مدى عصور، ولا يمكن لوزير لا يفقه شيئاً من السياسة والانثربولوجيا او علوم الحياة، أن يفهم كنهه، هو الذي أغلق نفسه في هوية قاتلة، تماماً كلبنانيين أراهم وألتقيهم في فرنسا يتفاخرون بأنهم فينيقيون، وليسوا عرباً (يا لهذه المهزلة).

إقرأ أيضاً: بيان عن العنصرية في بلدنا

ولأن أمي التي تهتم بالسياسة اللبنانية كونها عاشت طفولتها ومراهقتها وسنين عمرها “الحلوة والمرة” في هذا البلد وانجبت فيه أبناء يفتخرون بانتماءين متساويين: لبناني وسوري، فهي تشعر كما تنقل لي في اتصالاتنا اليومية، بأنها منبوذة. لا بل تحس بأن هذا البلد يضيق عليها ويتكالب على أهلها ومأساتهم اليوم. أهلها هم كل هؤلاء اللاجئين اليوم اضطراراياً في بلد لا يؤمن لهم شيئاً. يعاملهم بمهانة وذل. ويسجن شبابهم في أقبية الأمن العام. يسلمون لجلادهم في سوريا ويحرق بعض اللبنانيين (المتفوقون بجينات التوحش) خيامهم وتشن عليهم حملات مغرضة، حتى في الوزارات من باب الشعارات التي تطلقها وزارة العمل عن أفضلية العمل للبناني. على أساس أن هذا السوق يعج بفرص العمل. وهو ما يجعلنا نعرف أنه لولا هجرة اللبنانيين ولجوئهم في بلاد أخرى لما استطاع هذا الاقتصاد أن يصمد لحظة، هو الذي يقوم على ما يرسله هؤلاء لأهلهم.

كلام باسيل الشوفيني، يؤسس لموجة تزداد يوماً بعد يوم ضد اللاجئين وضد كل سوري يعيش بيننا.

وكلام باسيل الشوفيني، يؤسس لموجة تزداد يوماً بعد يوم ضد اللاجئين وضد كل سوري يعيش بيننا. لذلك من المهم في مكان أن ننطق نحن الذين نعيش في المنتصف، ضد كلام باسيل ونواجهه ونذكره بأن ما يتحدث به يمثله وحده ويمثل تياره. وبالتالي نطالب باستقالته على الفور من وزارة هي صورتنا في الخارج. علينا نحن أبناء الأمهات والآباء السوريين، من نعيش في نصف مسافة وانتماء وهوية، ونهان كل يوم بلغة وزير يمثلنا كوننا مواطنون لبنانيون، بالدرجة الأولى، ونحمل هويات لبنانية، وكوننا نشعر بأننا لاجئون بالدرجة الثانية، علينا أن نقول لـ”وزير الغفلة” أننا نتفوق جينياً عليه كوننا نحمل جينات مختلطة عريقة، تترفع فوق السجان والجلاد والقتلة وتؤمن بالإنسان حراً وعزيزاً، جينات تعرف أننا كلنا لاجئون على هذه الأرض.

جمهورية جبران باسيل