fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

إلى حامد سنّو: أرجوك ازعجني!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أنا يا حامد، ومثلي كثر، لا نرفضكم. ان تزعجني موسيقاكم، لا يعني انني أفضّل ان لا تكونوا موجودين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مرحباً حامد،

أنت لا تعرفني على الغالب ولم تسمع بي من قبل. أنا أعرفك إلى حدّ ما، لأن ما تقدمونه من موسيقى في “مشروع ليلى” يزعجني كمستمع، أو اسمح لي ان أقول كـ”سمّيع”. أنا مغرم بالموسيقى الشرقية ولا استسيغ ما تقدمونه. سمعت أكثر من تجربة من تجاربكم ولم أجد ما يجذبني إليها. لا أفكّر ابداً، في الساعات اليومية التي أخصصها لسماع الموسيقى أن استمع إلى أعمالكم. معظم ما سمعته من هذه الأعمال كان نزولاً عند اقتراحات ملحّة من أصدقاء بضرورة أن “أعطيكم فرصة” وأن استمع إلى الكلام الذي تكتبه انت، والذي لا بدّ ان اعترف له بجرأته في تناول مواضيع حساسة في مجتمعنا المريض. لكن أداءك لا يلائم مزاجي. ولا استسيغ ما فعلتموه في “بتونّس بيك”، لازمة تحفة صلاح الشرنوبي التي غنتها وردة.

أعرفك أيضاً، عزيزي حامد، بسبب الضجة التي أثيرت حول مشروعكم، في لبنان ومصر على السواء، وبسبب حفلة الجنون الجماعية التي ظلّت تحاول شيطنتكم وقمعكم، لا لشيء، سوى لأنكم تعبّرون عن أنفسكم كما يحلو لكم، وتضمّنون مشروعكم الموسيقي أفكاراً لا يستسيغها من يكرهون التفكير وينتهجون التكفير، ومن يرفضون المختلف ويعملون على الغائه.

أنا يا حامد، ومثلي كثر، لا نرفضكم. ان تزعجني موسيقاكم، لا يعني انني أفضّل ان لا تكونوا موجودين. منذ فترة أتى إليّ ابني الذي يبلغ من العمر 8 سنوات وبدأ يشرح لي عن لعبة يلعبها على بلاي ستايشن تدعى “ماين كرافت”، وأنا لا أفهم شيئاً مما يقوله. وظلّ يشرح لما يزيد على عشر دقائق وأنا منزعج بشكل كبير لانه قاطعني وأنا استمع إلى أغنية لأم كلثوم. هل ألغيه؟ هل أرفضه؟ استمعت له حتى انتهى من الشرح وابتسمت له، ولم أظهر له انزعاجي، مع أنه، لكي أصدقك القول، مزعج يا اخي. مزعجة هذه اللعبة التي لا أفهمها، ومزعج ابني وهو يشرح تفاصيل مملة عن لعبة لا أفهمها أثناء غرقي في غناء الستّ لـ”جددت حبك ليه” من ألحان رياض السنباطي. وكان هذا اللحن بالذات يزعجني حينما يضعه أبي على كاسيت في سيارته، عندما كنت في سن ابني، الذي بدوره ينزعج على الأرجح مني ومن عالمي الموسيقي الذي يبدو قديماً وبالياً وغير مفهوم بالنسبة إليه. على الغالب كل ما لا نفهمه يصير مزعجاً ونتخذ منه موقفاً سلبياً. لكن هل نلغيه؟ هل ألغي ابني وعالمه الخاص ورغباته وأحلامه وذائقته فقط لأنه يزعجني؟

عزيزي، مع ان تجربتك الموسيقية لا تهمني ولا تشغلني بطبيعة الحال، إلا إنني أكتب متوجّهاً إليك الآن، هذه الرسالة، أو هذا المقال، لا فرق، لكي أحاول إقناعك بالعدول عن قرار توقف فرقة “مشروع ليلى” عن صناعة الموسيقى، بعد ان سمعت مقاطع من مقابلتك الأخيرة مع “سردة”.

إلغاءكم ومنعكم هو تعدّ على حقي، وحق غيري، في أن ننزعج ونسخر. هو إلغاء لذائقتنا الموسيقية ولحريتنا الفردية في أن نحبّ أو لا نحبّ موسيقاكم.

وأعلم أن خلفيات قرارك ليست بسيطة، وليست موسيقية في العمق، بل ترتبط بما تعرضت له الفرقة من منع وملاحقات وتعتيم وتخوين وشيطنة، وشعورك بالذنب مما تعرض له أقرانك من تعذيب وسجن بسبب رفعهم راية قوس القزح في وجه الألوان الواحدة والقاتمة. ما ناله مشروعكم من قمع وتضييق ليس بسيطاً ولا يمكن التعامل معه بسهولة في بلاد تقتل الأحلام وتدفن المشاريع، وتسجن الأفكار وتكره الاختلاف وتبغض الحرية. ولا اعلم اذا كان هدف مشروعكم هو المواجهة مع كل هذه القيم المتخلفة، أو أنه يُحمّل أكثر مما يحتمل. لكن انهاء مشروع موسيقي، بسبب منعه من إقامة حفلات في عالم عربي موبوء، يشكّل مادة للغضب ويحرّض على الاصطدام أكثر بالسيستم القائم الذي يزداد استشراساً ضد الحرية الفردية لصالح المعايير المعلبة والأحكام المسبقة والتقاليد البالية والتنميط الذي يقصي الاختلاف وينفي المختلفين إلى شواطئ مهجورة وقارسة.

لهذا أكتب إليك عزيزي حامد، لكي تحاول أن تعود انت ورفاقك عن قرار حل الفرقة، وتعودوا لصناعة الموسيقى والغناء، وتزعجوني. أريدكم أن تفعلوا ذلك، كما يفعل ابني وكما كان يفعل أبي. أن تكونوا مزعجين، يعني في الأساس أن تكونوا، ووجودكم المزعج يكفل لي ولغيري الحق في الانزعاج منكم والسخرية من انتاجكم والصدام الحضاري معكم. لكن إلغاءكم ومنعكم هو تعدّ على حقي، وحق غيري، في أن ننزعج ونسخر. هو إلغاء لذائقتنا الموسيقية ولحريتنا الفردية في أن نحبّ أو لا نحبّ موسيقاكم.

عزيزي حامد،

رجاء، لا تتوقفوا، أنت ومشروع ليلى، عن إزعاجي. 

إقرأوا أيضاً:

13.09.2022
زمن القراءة: 3 minutes

أنا يا حامد، ومثلي كثر، لا نرفضكم. ان تزعجني موسيقاكم، لا يعني انني أفضّل ان لا تكونوا موجودين.

مرحباً حامد،

أنت لا تعرفني على الغالب ولم تسمع بي من قبل. أنا أعرفك إلى حدّ ما، لأن ما تقدمونه من موسيقى في “مشروع ليلى” يزعجني كمستمع، أو اسمح لي ان أقول كـ”سمّيع”. أنا مغرم بالموسيقى الشرقية ولا استسيغ ما تقدمونه. سمعت أكثر من تجربة من تجاربكم ولم أجد ما يجذبني إليها. لا أفكّر ابداً، في الساعات اليومية التي أخصصها لسماع الموسيقى أن استمع إلى أعمالكم. معظم ما سمعته من هذه الأعمال كان نزولاً عند اقتراحات ملحّة من أصدقاء بضرورة أن “أعطيكم فرصة” وأن استمع إلى الكلام الذي تكتبه انت، والذي لا بدّ ان اعترف له بجرأته في تناول مواضيع حساسة في مجتمعنا المريض. لكن أداءك لا يلائم مزاجي. ولا استسيغ ما فعلتموه في “بتونّس بيك”، لازمة تحفة صلاح الشرنوبي التي غنتها وردة.

أعرفك أيضاً، عزيزي حامد، بسبب الضجة التي أثيرت حول مشروعكم، في لبنان ومصر على السواء، وبسبب حفلة الجنون الجماعية التي ظلّت تحاول شيطنتكم وقمعكم، لا لشيء، سوى لأنكم تعبّرون عن أنفسكم كما يحلو لكم، وتضمّنون مشروعكم الموسيقي أفكاراً لا يستسيغها من يكرهون التفكير وينتهجون التكفير، ومن يرفضون المختلف ويعملون على الغائه.

أنا يا حامد، ومثلي كثر، لا نرفضكم. ان تزعجني موسيقاكم، لا يعني انني أفضّل ان لا تكونوا موجودين. منذ فترة أتى إليّ ابني الذي يبلغ من العمر 8 سنوات وبدأ يشرح لي عن لعبة يلعبها على بلاي ستايشن تدعى “ماين كرافت”، وأنا لا أفهم شيئاً مما يقوله. وظلّ يشرح لما يزيد على عشر دقائق وأنا منزعج بشكل كبير لانه قاطعني وأنا استمع إلى أغنية لأم كلثوم. هل ألغيه؟ هل أرفضه؟ استمعت له حتى انتهى من الشرح وابتسمت له، ولم أظهر له انزعاجي، مع أنه، لكي أصدقك القول، مزعج يا اخي. مزعجة هذه اللعبة التي لا أفهمها، ومزعج ابني وهو يشرح تفاصيل مملة عن لعبة لا أفهمها أثناء غرقي في غناء الستّ لـ”جددت حبك ليه” من ألحان رياض السنباطي. وكان هذا اللحن بالذات يزعجني حينما يضعه أبي على كاسيت في سيارته، عندما كنت في سن ابني، الذي بدوره ينزعج على الأرجح مني ومن عالمي الموسيقي الذي يبدو قديماً وبالياً وغير مفهوم بالنسبة إليه. على الغالب كل ما لا نفهمه يصير مزعجاً ونتخذ منه موقفاً سلبياً. لكن هل نلغيه؟ هل ألغي ابني وعالمه الخاص ورغباته وأحلامه وذائقته فقط لأنه يزعجني؟

عزيزي، مع ان تجربتك الموسيقية لا تهمني ولا تشغلني بطبيعة الحال، إلا إنني أكتب متوجّهاً إليك الآن، هذه الرسالة، أو هذا المقال، لا فرق، لكي أحاول إقناعك بالعدول عن قرار توقف فرقة “مشروع ليلى” عن صناعة الموسيقى، بعد ان سمعت مقاطع من مقابلتك الأخيرة مع “سردة”.

إلغاءكم ومنعكم هو تعدّ على حقي، وحق غيري، في أن ننزعج ونسخر. هو إلغاء لذائقتنا الموسيقية ولحريتنا الفردية في أن نحبّ أو لا نحبّ موسيقاكم.

وأعلم أن خلفيات قرارك ليست بسيطة، وليست موسيقية في العمق، بل ترتبط بما تعرضت له الفرقة من منع وملاحقات وتعتيم وتخوين وشيطنة، وشعورك بالذنب مما تعرض له أقرانك من تعذيب وسجن بسبب رفعهم راية قوس القزح في وجه الألوان الواحدة والقاتمة. ما ناله مشروعكم من قمع وتضييق ليس بسيطاً ولا يمكن التعامل معه بسهولة في بلاد تقتل الأحلام وتدفن المشاريع، وتسجن الأفكار وتكره الاختلاف وتبغض الحرية. ولا اعلم اذا كان هدف مشروعكم هو المواجهة مع كل هذه القيم المتخلفة، أو أنه يُحمّل أكثر مما يحتمل. لكن انهاء مشروع موسيقي، بسبب منعه من إقامة حفلات في عالم عربي موبوء، يشكّل مادة للغضب ويحرّض على الاصطدام أكثر بالسيستم القائم الذي يزداد استشراساً ضد الحرية الفردية لصالح المعايير المعلبة والأحكام المسبقة والتقاليد البالية والتنميط الذي يقصي الاختلاف وينفي المختلفين إلى شواطئ مهجورة وقارسة.

لهذا أكتب إليك عزيزي حامد، لكي تحاول أن تعود انت ورفاقك عن قرار حل الفرقة، وتعودوا لصناعة الموسيقى والغناء، وتزعجوني. أريدكم أن تفعلوا ذلك، كما يفعل ابني وكما كان يفعل أبي. أن تكونوا مزعجين، يعني في الأساس أن تكونوا، ووجودكم المزعج يكفل لي ولغيري الحق في الانزعاج منكم والسخرية من انتاجكم والصدام الحضاري معكم. لكن إلغاءكم ومنعكم هو تعدّ على حقي، وحق غيري، في أن ننزعج ونسخر. هو إلغاء لذائقتنا الموسيقية ولحريتنا الفردية في أن نحبّ أو لا نحبّ موسيقاكم.

عزيزي حامد،

رجاء، لا تتوقفوا، أنت ومشروع ليلى، عن إزعاجي. 

إقرأوا أيضاً: