fbpx

إيران: السوشيال ميديا تعكس سخطاً من النظام و”الخافي أعظم”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

(نوک کوه یخ) هو تعبير فارسي ومعناه الحرفيّ (رأس جبل الجليد)، ويأتي في معناه المجازي أنّ ما يبدو للعيان هو جزء يُخفي تحته الجزء الأعظم من قاعدة الجبل الجليدي، وهو ما تمكن مقابلته في العربية بمقولة (الخافي أعظم)، يُستخدم هذا التعبير عقب الاحتجاجات الأخيرة في إيران دلالة على النار ما تحت الرماد… ومن المحتمل ألا يكون كثر منّا قد شاهدوا صوراً أو فيديوات ترشح بالغضب لكثير من المواطنين في إيران لأسباب متعلّقة بالحكومة

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

(نوک کوه یخ) هو تعبير فارسي ومعناه الحرفيّ (رأس جبل الجليد)، ويأتي في معناه المجازي أنّ ما يبدو للعيان هو جزء يُخفي تحته الجزء الأعظم من قاعدة الجبل الجليدي، وهو ما تمكن مقابلته في العربية بمقولة (الخافي أعظم)، يُستخدم هذا التعبير عقب الاحتجاجات الأخيرة في إيران دلالة على النار ما تحت الرماد.

من غير المحتمل ألا يكون كثر منّا قد شاهدوا صوراً أو فيديوات ترشح بالغضب لكثير من المواطنين في إيران لأسباب متعلّقة بالحكومة. فعلى سبيل المثال، امرأة تم التعامل معها بطريقة غير لائقة ومحترمة في الشارع بحجّة أنّ حجابها غير ملتزم أو غير محتشم، وليس بإمكانها أن تقدّم شكوى، أو أن تفقد مالك الذي جمعته طوال حياتك من طريق مؤسّسة منحتها ثقتك، إذ كنت مطمئناً لها.

منذ مدة يُتابع المراقبون الفضاء العام لشبكات التواصل الاجتماعي من زوايا مختلفة، فالمخاوف حول تصاعد لهجة الحوار على شبكات التواصل الاجتماعي مفهومة، لكن القلق والمخاوف المعتبرة في فضاء شبكات التواصل الاجتماعي لا يمكنها أن تتجاهل “الاستياء والغضب الواقعي” المنتشرين بين طبقات المجتمع الإيراني المختلفة.

الاستياء والغضب الموجودان في فضاء وسائل التواصل الاجتماعي يمثّلان تكاملاً مع الواقع، هذا الإحساس ليس ظاهرة جديدة ويُحتمل أن يكون قد برز بشكل غير متوقّع مع ازدياد الضغوط والمشاكل الاقتصادية، وخصوصاً بروز اليأس وانعدام الأمل بالمستقبل.

لقد ظهرت احتجاجات عارمة غير متوقّعة في الشوارع في عدد من المدن الإيرانية في كانون الأول/ ديسمبر الفائت، فهي ظاهرة على رغم من انعكاساتها الإعلامية الكبيرة، لم يكن من الممكن التنبؤ بها في هذه الأعداد الكبيرة من مختلف المدن الإيرانية، حتى بالنسبة إلى المحلّلين والمراقبين في الداخل والخارج سواء أكانوا أفراداً أو مجموعات.

لا يمكن استبعاد – أنّه وفي ظلّ الظروف الحالية – أن نواجه ظاهرة الاحتجاجات كالتي حدثت في كانون الأول؛ أي أنّ هناك احتمالاً كبيراً بحدوث فورة من الغضب الاجتماعي عند غالبية الشارع الإيراني وحتى الفضاء الافتراضي لشبكات التواصل الاجتماعي.

إضافة إلى الضغوط المعيشية المباشرة، فإنّ هناك خيبة الأمل التي حدثت لدى قطاعات واسعة من المجتمع، تلك التي تشجّعت وتأمّلت بداية بتحسين أوضاعها بعد الاتفاق النووي، ثم بعد ذلك أصيبوا بخيبة أمل شديدة، فتوسّع نطاق الاحتجاجات العامة الغاضبة.

لا ينتمي هؤلاء المحتجّون إلى طبقة اجتماعية واحدة، فهم من الشباب الذين يواجهون مضايقات بسبب مظهرهم من الجهات الرسمية وغير الرسمية، ومن العمّال الذين لا يحصلون على حقوقهم، وحتى أبناء الأقلّيات الذين يجدون أنفسهم مواطنين من الدرجة الثانية، وحتى المواطنين الذين يعانون من ندرة المياه، الجميع يشعر بالإهانة والضغط ويحمّل الحكومة مسؤولية ذلك كله.

هؤلاء المحتجّون والغاضبون ليسوا ذوي توجّه وميول سياسية واحدة، فبين هؤلاء مؤيدون للإطاحة بالنظام، أو أولئك الذين لا مشكلة لديهم حيال ذلك لكن لا يعرّفون أنفسهم على هذا الأساس، وأولئك الذين يعتبرون أنّ النظام غير قابل للإصلاح، لكنّهم في الوقت ذاته قلقون حيال فكرة الإطاحة بالنظام، وأفراد غير سياسيين وبينهم مؤيدون للحكومة، لكن من الذين ينتقدونها بشدة.

الكثير من هؤلاء المحتجّين هم من أولئك الذين صوّتوا في الماضي للإصلاحيين أو الأصوليين حتى، لكن لا يمكن الآن اعتبارهم مؤيدين لهؤلاء أو أولئك في أي حال.

وفقاً لاستطلاع أجري بعد الانتخابات الرئاسية 2017 فإنّ حوالى 40 في المئة من الناخبين لابراهيم رئيسي و36 في المئة من الناخبين لحسن روحاني لم يتمكنوا من تحديد تصنيفهم بين ثلاث فئات (إصلاحي) (أصولي) (ما بينهما/ معتدل).

إضافة إلى أنّ 52 في المئة من الناخبين هم فقط من قالوا عن روحاني إنّه (إصلاحي) أو (معتدل/ وسطي) بينما 33 في المئة من الناخبين فقط، عرّفوا إبراهيم رئيسي بأنّه (أصولي).

يمكن تصوّر أنّ كثراً من الذين صوّتوا للمرشحين الإصلاحيين في الانتخابات الماضية كانوا متأملين بإحداث تغييرات، لكنّهم شعروا بخيبة الأمل من تحقيقها، أو على أمل كبح جماح الاتجاه الحالي الأقرب إلى المرشد الأعلى، وبغضّ النظر عن نتائج كلّ الانتخابات فهي تقوّي السلطة وتزيد من نفوذها.

ليس من المستغرب ولا المستبعد أن يتحوّل جزء كبير من هؤلاء الناخبين إلى معارضين للحكومة بأكملها، حتى العديد من الذين صوّتوا للأصوليين من الممكن أن يغيّروا توجّههم لأسباب مختلفة أو متشابهة، فعلى وجه التحديد هم مجموعة من مؤيدي محمود أحمدي نجاد وليس من المستبعد أن يصيروا معارضين للمرشد الأعلى والحكومة.

إنّ نتائج الوضع الحاضر هي خلق مجموعة معقّدة من المواطنين الساخطين وغير الراضين، الذين وعلى الرغم من تفاوتهم بعضهم عن بعض إلا أنّهم ولأسباب مختلفة مستاؤون من الحكومة، ويبدو أنّ قابليتهم للتحمّل قد بلغت مبلغا نهائيا، وكلّ جهد للتبرير لهذا الوضع لم يعد مجديا.

على عكس السابق فهؤلاء المواطنون اليوم يتمتّعون بإمكانيّة الوصول إلى وسائل الإعلام “الافتراضي” التي يستطيعون عن طريقها إحداث الأثر الذي يريدونه، وبالصورة التي يرونها، وأن يستهدفوا الشريحة التي يختارونها، وفي فضاء افتراضي لا تتحمّل فيه وزر قرارك.

في مثل هذه الحالة يبدو أنّه وإلى جانب مساهمة أنشطة الشبكات التواصل الاجتماعي، إلا أنّ قسم مهماً من هذا الفضاء والمتوفّر على هذه المساحة لا يمكن تحليله إلا على أنّه (اندلاع الغضب والاحتجاجات على الوضع القائم).

في الواقع والحقيقة، إنّ الفضاء العام لشبكات التواصل الاجتماعي قمة الجبل الجليدي الظاهرة على سطح البحر، إذ إنّ الطبقات الأعمق من المجتمع الإيراني هي في الأجزاء الأخرى من جبل الجليد غير الظاهر وقاعدته، والخافي أعظم.

كتابة حسين باستاني/ صحافي ومحلّل سياسي إيراني
ترجمة عباس علي موسى

هذا المقال مترجم عن موقع BBC ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي

إقرأ أيضاً:
الفنّ الشمولي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية
لماذا تمنع إيران ربطات العنق؟
من الإعدام على الملأ إلى القتل في غرف مغلقة: سلب الحياة في إيران