fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

إيزيديّو عفرين… مخاوف من تكرار مأساة شنكال

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!
"درج"

بعد أنْ سيطر الجيش السوريّ الحرّ على مدينة إعزاز شمال غربيّ مدينة حلب في نهاية شهر أكتوبر / تشرين الأوّل من عام 2012، تعرضت قرية قسطل جندو بريف مدينة عفرين، والتي يقطنها كُرد من الديانة الإيزيديّة لهجوم عسكريّ واسع، بهدف السيطرة عليها. وفي شهر ديسمبر/ كانون الأوّل 2013، سيطر تنظيم الدولة الإسلاميّة “داعش” على مدينة إعزاز، وهوجمت قُرى إيزيديّة في ريف مدينة عفرين. فهُجِّر سكان قرية على قينو الكُرديّة الإيزيديّة، وخُطف عدد من أبنائها، لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى اللحظة. مثلما فرض عليهم تغيير المُعتقد الدينيّ بالإكراه…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

بعد أنْ سيطر الجيش السوريّ الحرّ على مدينة إعزاز شمال غربيّ مدينة حلب في نهاية شهر أكتوبر / تشرين الأوّل من عام 2012، تعرضت قرية قسطل جندو بريف مدينة عفرين، والتي يقطنها كُرد من الديانة الإيزيديّة لهجوم عسكريّ واسع، بهدف السيطرة عليها. وفي شهر ديسمبر/ كانون الأوّل 2013، سيطر تنظيم الدولة الإسلاميّة “داعش” على مدينة إعزاز، وهوجمت قُرى إيزيديّة في ريف مدينة عفرين. فهُجِّر سكان قرية على قينو الكُرديّة الإيزيديّة، وخُطف عدد من أبنائها، لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى اللحظة. مثلما فرض عليهم تغيير المُعتقد الدينيّ بالإكراه.
20 قرية، هو مجموع القرى الإيزيديّة في منطقة عفرين. تتوزع في مختلف مناطقها، ومنها قسطل جندو وبافيلون القريبة من جبل برصايا، والتي أعلنت الفصائل الإسلاميّة المدعومة من الجيش التركيّ السيطرة عليها قبل أسبوعين، ضمن الحملة العسكريّة التركية للسيطرة على منطقة عفرين. وبعد أيام من السيطرة، تداول ناشطون مشهداً مصوّراً، قام بتصويره أحد مقاتلي الفصائل الإسلاميّة في قرية قسطل جندو أثناء قيام رفاقه بالدخول إلى محل لبيع المشروبات الروحيّة وكسر محتوياته، مرددين شعارات تصف أبناء الأقليّة الدينيّة بـ “الخنازير”.
“ما زِلنا نُقيم الصلاة كلَّ يوم. نضيء الشموع في الليل ويصلّي الرجال والنساء لترحلَ غيمة الحرب عن عفرين وقُراها” تقول إحسان إلياس، وهي فتاة كُرديّة إيزيديّة من قريّة “فقيرا” في ريف عفرين.
وتقع في منطقة عفرين أماكن مقدسة عدة يقصدها الإيزيديون للصلاة، وتسمى شعبيّاً بـ “المزارات”، ومنها “زيارة الشيخ بركات- زيارة جيل خانه- زيارة ملك آدي- زيارة شيخ ركاب- زيارة بارسه خاتون- زيارة شيخ حميد- زيارة منان- شيخ قصب “قصاب”. يؤدون فيها الطقوس الدينيّة ويشعلون القناديل في ليلتيّ الجمعة والأربعاء أمامها.
ويتوزع الإيزيديون في المنطقة الكُردية في سوريا. تقدر أعدادهم بـ 15 ألف نسمة، بعد أنْ هاجر قسم كبير منهم إلى أوروبا. يسكن أغلبهم في الريف والمناطق الجبليّة، وتتشابه طقوسها الدينيّة وأعيادها مع المسيحيّة والإسلام، مثل عيد القربان الذي يقع في أوّل يوم من أيام عيد الأضحى عند المسلمين، وعيد خضر إلياس، وهو عيد لأبناء الديانة المسيحيّة أيضاً.
ما زالت إحسان تُقيم في القرية، ولم تفكر بعد في المغادرة. تصرّ على البقاء على رغم أنّ أغلب المدنيين هجروا المكان، وتكمل حديثها بالقول، “منذ بداية الحرب لم تتوقف مدفعيّة الاحتلال التركيّ والطائرات من استهداف قرى الإيزيديين، وسبّبَ القصف خوفاً كبيراً للسكان، ما سبب نزوح نسبة كبيرة من أهالي القرية والقرى المجاورة باتجاه مركز مدينة عفرين”.
يلجأ الإيزيدييون إلى مركز مدينة عفرين، هاربين من قراهم خوفاً من الجماعات الإسلاميّة التي تهاجمها. يسكن قسم منهم في أقبية المباني. قُدِّمت لهم مساعدات إغاثية من السكان المحليين، ليكون بمقدورهم الجلوس فيها على الأقل، وسط أوضاع إنسانيّة سيئة، وغياب لأبسط متطلبات الحياة.
يتذكّر سيِدو رشيد فترة الجامعة في مدينة حلب، وكيف كان شُبان وفتيات الإيزيديين ينطوون على أنفسهم، ويحاولون بشتى الوسائل إخفاء عقيدتهم الدينيّة. يعلّل ذلك بأنّ “الفكرة السائدة في المجتمع كانت مبنيّة على إقصاء الإيزيديين، وأنّهم يعبدون الشيطان، ما دفع على الدوام الطالب الإيزيدي ليفكر إخفاء دينه أمام الطلبة المسلمين، وبخاصة أنّ القسم الأعظم من المجتمع كان محافظاً دينيّاً، وله نظرة ثابتة عنّا، وعلى رغم أنّ تلك النظرة خاطئة، لكنْ بقيت هذه الحال مستمرةً حتى اللحظة، فجزءٌ من هذه الفئة الآن يُهاجمون عفرين ويصفّون أبناء الأقليّة الدينيّة بمسميّات غير أخلاقيّة”.
“يزدا” وهي منظمة إيزيديّة دوليّة غير ربحيّة، تُعنى بالدفاع عن حقوق المنتمين للإيزيديين أصدرت بياناً حول عفرين قالت فيه إنها “تتخوف من إمكان وصول جماعات جهاديّة متطرفة إلى مناطق الإيزيديين”. وتوقعت أنْ تتعامل تلك الجماعات بأسلوب مشابه لأسلوب “داعش”. وذكرت المنظمة في بيانها، أنّ “عدد الإيزيديين تراجع من 90 ألفاً إلى أقل من 15 ألفاً فقط، بعد أنْ تعرّضوا لعمليات استهداف وتهجير قسريّ. وإنّ هذه العمليّة العسكريّة تضع حياة هؤلاء المتبقين في خطر أيضاً، ستكون لها نتائج مأسويّة للمجتمع الإيزيدي في سوريا”.
هل تتكرر مأساة شنكال مجدداً؟
تعرض الإيزيديون الذين يتركزون في جبال شنكال إلى عمليات قتل وتهجير بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلاميّة “داعش” عليها في الثامن من أغسطس/ آب 2014. ودعا تقرير للأمم المتحدة إلى تحرير ما لا يقل عن 2300 امرأة وطفل من الإيزيديين خطفهم التنظيم، واستخدمهم كـ “سبايا”. حررت قوات سوريا الديموقراطيّة، قسماً منهم في الرقة والهول والشدادي ومنبج. يتخوّف الإيزيدييون في عفرين من مصير مشابه لإيزيديي شنكال، لا سيما أنّ القيادة العسكريّة التركيّة قد أعلنت أكثر من مرة أنّ الحرب في عفرين “فتح إسلاميّ”، كما أنّ بعض التسجيلات المصوّرة تبيّن الخطاب السلفي الجهاديّ للقوات المهاجمة على المدينة.
فكانت صحيفة “إندبندنت” البريطانيّة قد نشرت شهادة لمقاتل سابق لدى تنظيم الدولة الإسلاميّة “داعش”، يقول خلالها أنَّ تركيّا تُجنّد مقاتلين في التنظيم وتدرّبهم، لزجّهم في عمليّة “غصن الزيتون”، التي أطلقها الجيش التُركي بالتعاون مع مقاتلين من الفصائل الإسلاميَّة التابعة لحكومة الائتلاف السوريّ الموقتة، في العشرين من يناير / كانون الثانيّ.
يُضيف المقاتل السابق ويدعى فرج أنّ “معظم مُقاتلي عملية غصن الزيتون في عفرين ينتمون إلى التنظيم. درّبتهم تركيا”. ويُشير إلى أن تركيا حاولت في بداية عملياتها العسكرية في سوريا أنْ تخدع الناس من خلال قولها إنها تقاتل داعش، ولكن في الحقيقة هي من تدرّب عناصرها وترسلهم إلى عفرين.
انتشر في الأيام الماضيّة مقطع مصوّر لمقاتلين إسلاميين في ريف مدينة عفرين وهم يتوعدون كُرد المنطقة بطردهم وجلب عائلات عربيّة مكانهم. المُفارقة، أنّ هؤلاء الشباب كانوا من بلدة “الشيوخ” التي تقع في ريف مدينة كوباني، تلك البلدة التي نزع إرهابيو داعش مُلكيّة مواطنيها الكُرد من قبل، وكانت مُنطلقاً لهجوم ما سُمي بـ “ليلة الغدر”، التي سقط فيها المئات من مدنيي المنطقة على يد مُقالتي تنظيم “داعش” الإرهابي، وفق ما جاء في تقرير لصحيفة “روك أونلاين” الإلكترونيّة.
تبدأ خديجة، وهي كُرديّة إيزيديّة من ريف مدينة عفرين حديثها بالدعاء والصلاة للمدنيين والإيزيديين للنجاة من المذابح، وتقول إنهم يحمون قُراهم الآن. فهم لا يريدون أنْ تتكرر مأساة شنكال في عفرين أيضاً. وتضيف: “ما زالت صُوَر القتلِ والتعذيب والتنكيل بجثث الإيزديين في ذاكرتنا. لم تمرّ فترة طويلة بعد على حادثةِ شنكال، ولا يمكن أنْ نقبل باحتلال قوى تودّ أنْ تسلبنا ديننا وتغير قناعاتنا. نحن كُرد وإيزديات، وهذه الأرض لنا”.
بصوت قلِق تُكمِل خديجة، مضيفةً أن “الأعداء باتوا على مقربة منّا، وباتوا يقصفون القرية ويهاجمونها. دخلوا قرى مجاوِرة لنا. لكن نحن صامدون هُنا. إمّا أنْ نموت على هذه الأرض، أو ننتصر. لا يمكننا أنْ نتخيّل مجزرة جديدة بحقنا”.
كان سيدو رشيد، الشاعر الكُرديّ الإيزيديّ، صديق العائلة كما كُنا نسميه في صغرنا. بطريقه إلى مدينة أوروبيّة للتظاهر من أجل مدينة عفرين، تحدثت معه. وآخر مرةٍ أتذكر عندما التقيته خلال عزاء أحد أعمامي في مدينة عامودا، وهذه المرة حين حدثته كانت الخيمة أكبر وعدد الموتى في عفرين أكثر من عم واحد لعائلةٍ واحدة. تذكّر سيدو كيف كان الأطفال يرسمون دائرة حول الإيزيديين أثناء لعبهم، فإذا خرج الطفلُ من الدائرة أصبح مُسلماً وإن بقيّ سينتظر إيزيديّاً يخلّصه ويمسح الدائرة. إيزيديو عفرين يُشبهون هذه الحال تماماً، فهم محاطون بالخوف من الإبادة 74 في تاريخهم، إن دخلت الفصائل الإسلاميّة إلى مدينة عفرين واستطاعت السيطرة عليها وفرض قوانينها وضوابطها الدينية.[video_player link=””][/video_player]

"درج"
لبنان
19.03.2018
زمن القراءة: 5 minutes

بعد أنْ سيطر الجيش السوريّ الحرّ على مدينة إعزاز شمال غربيّ مدينة حلب في نهاية شهر أكتوبر / تشرين الأوّل من عام 2012، تعرضت قرية قسطل جندو بريف مدينة عفرين، والتي يقطنها كُرد من الديانة الإيزيديّة لهجوم عسكريّ واسع، بهدف السيطرة عليها. وفي شهر ديسمبر/ كانون الأوّل 2013، سيطر تنظيم الدولة الإسلاميّة “داعش” على مدينة إعزاز، وهوجمت قُرى إيزيديّة في ريف مدينة عفرين. فهُجِّر سكان قرية على قينو الكُرديّة الإيزيديّة، وخُطف عدد من أبنائها، لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى اللحظة. مثلما فرض عليهم تغيير المُعتقد الدينيّ بالإكراه…

بعد أنْ سيطر الجيش السوريّ الحرّ على مدينة إعزاز شمال غربيّ مدينة حلب في نهاية شهر أكتوبر / تشرين الأوّل من عام 2012، تعرضت قرية قسطل جندو بريف مدينة عفرين، والتي يقطنها كُرد من الديانة الإيزيديّة لهجوم عسكريّ واسع، بهدف السيطرة عليها. وفي شهر ديسمبر/ كانون الأوّل 2013، سيطر تنظيم الدولة الإسلاميّة “داعش” على مدينة إعزاز، وهوجمت قُرى إيزيديّة في ريف مدينة عفرين. فهُجِّر سكان قرية على قينو الكُرديّة الإيزيديّة، وخُطف عدد من أبنائها، لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى اللحظة. مثلما فرض عليهم تغيير المُعتقد الدينيّ بالإكراه.
20 قرية، هو مجموع القرى الإيزيديّة في منطقة عفرين. تتوزع في مختلف مناطقها، ومنها قسطل جندو وبافيلون القريبة من جبل برصايا، والتي أعلنت الفصائل الإسلاميّة المدعومة من الجيش التركيّ السيطرة عليها قبل أسبوعين، ضمن الحملة العسكريّة التركية للسيطرة على منطقة عفرين. وبعد أيام من السيطرة، تداول ناشطون مشهداً مصوّراً، قام بتصويره أحد مقاتلي الفصائل الإسلاميّة في قرية قسطل جندو أثناء قيام رفاقه بالدخول إلى محل لبيع المشروبات الروحيّة وكسر محتوياته، مرددين شعارات تصف أبناء الأقليّة الدينيّة بـ “الخنازير”.
“ما زِلنا نُقيم الصلاة كلَّ يوم. نضيء الشموع في الليل ويصلّي الرجال والنساء لترحلَ غيمة الحرب عن عفرين وقُراها” تقول إحسان إلياس، وهي فتاة كُرديّة إيزيديّة من قريّة “فقيرا” في ريف عفرين.
وتقع في منطقة عفرين أماكن مقدسة عدة يقصدها الإيزيديون للصلاة، وتسمى شعبيّاً بـ “المزارات”، ومنها “زيارة الشيخ بركات- زيارة جيل خانه- زيارة ملك آدي- زيارة شيخ ركاب- زيارة بارسه خاتون- زيارة شيخ حميد- زيارة منان- شيخ قصب “قصاب”. يؤدون فيها الطقوس الدينيّة ويشعلون القناديل في ليلتيّ الجمعة والأربعاء أمامها.
ويتوزع الإيزيديون في المنطقة الكُردية في سوريا. تقدر أعدادهم بـ 15 ألف نسمة، بعد أنْ هاجر قسم كبير منهم إلى أوروبا. يسكن أغلبهم في الريف والمناطق الجبليّة، وتتشابه طقوسها الدينيّة وأعيادها مع المسيحيّة والإسلام، مثل عيد القربان الذي يقع في أوّل يوم من أيام عيد الأضحى عند المسلمين، وعيد خضر إلياس، وهو عيد لأبناء الديانة المسيحيّة أيضاً.
ما زالت إحسان تُقيم في القرية، ولم تفكر بعد في المغادرة. تصرّ على البقاء على رغم أنّ أغلب المدنيين هجروا المكان، وتكمل حديثها بالقول، “منذ بداية الحرب لم تتوقف مدفعيّة الاحتلال التركيّ والطائرات من استهداف قرى الإيزيديين، وسبّبَ القصف خوفاً كبيراً للسكان، ما سبب نزوح نسبة كبيرة من أهالي القرية والقرى المجاورة باتجاه مركز مدينة عفرين”.
يلجأ الإيزيدييون إلى مركز مدينة عفرين، هاربين من قراهم خوفاً من الجماعات الإسلاميّة التي تهاجمها. يسكن قسم منهم في أقبية المباني. قُدِّمت لهم مساعدات إغاثية من السكان المحليين، ليكون بمقدورهم الجلوس فيها على الأقل، وسط أوضاع إنسانيّة سيئة، وغياب لأبسط متطلبات الحياة.
يتذكّر سيِدو رشيد فترة الجامعة في مدينة حلب، وكيف كان شُبان وفتيات الإيزيديين ينطوون على أنفسهم، ويحاولون بشتى الوسائل إخفاء عقيدتهم الدينيّة. يعلّل ذلك بأنّ “الفكرة السائدة في المجتمع كانت مبنيّة على إقصاء الإيزيديين، وأنّهم يعبدون الشيطان، ما دفع على الدوام الطالب الإيزيدي ليفكر إخفاء دينه أمام الطلبة المسلمين، وبخاصة أنّ القسم الأعظم من المجتمع كان محافظاً دينيّاً، وله نظرة ثابتة عنّا، وعلى رغم أنّ تلك النظرة خاطئة، لكنْ بقيت هذه الحال مستمرةً حتى اللحظة، فجزءٌ من هذه الفئة الآن يُهاجمون عفرين ويصفّون أبناء الأقليّة الدينيّة بمسميّات غير أخلاقيّة”.
“يزدا” وهي منظمة إيزيديّة دوليّة غير ربحيّة، تُعنى بالدفاع عن حقوق المنتمين للإيزيديين أصدرت بياناً حول عفرين قالت فيه إنها “تتخوف من إمكان وصول جماعات جهاديّة متطرفة إلى مناطق الإيزيديين”. وتوقعت أنْ تتعامل تلك الجماعات بأسلوب مشابه لأسلوب “داعش”. وذكرت المنظمة في بيانها، أنّ “عدد الإيزيديين تراجع من 90 ألفاً إلى أقل من 15 ألفاً فقط، بعد أنْ تعرّضوا لعمليات استهداف وتهجير قسريّ. وإنّ هذه العمليّة العسكريّة تضع حياة هؤلاء المتبقين في خطر أيضاً، ستكون لها نتائج مأسويّة للمجتمع الإيزيدي في سوريا”.
هل تتكرر مأساة شنكال مجدداً؟
تعرض الإيزيديون الذين يتركزون في جبال شنكال إلى عمليات قتل وتهجير بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلاميّة “داعش” عليها في الثامن من أغسطس/ آب 2014. ودعا تقرير للأمم المتحدة إلى تحرير ما لا يقل عن 2300 امرأة وطفل من الإيزيديين خطفهم التنظيم، واستخدمهم كـ “سبايا”. حررت قوات سوريا الديموقراطيّة، قسماً منهم في الرقة والهول والشدادي ومنبج. يتخوّف الإيزيدييون في عفرين من مصير مشابه لإيزيديي شنكال، لا سيما أنّ القيادة العسكريّة التركيّة قد أعلنت أكثر من مرة أنّ الحرب في عفرين “فتح إسلاميّ”، كما أنّ بعض التسجيلات المصوّرة تبيّن الخطاب السلفي الجهاديّ للقوات المهاجمة على المدينة.
فكانت صحيفة “إندبندنت” البريطانيّة قد نشرت شهادة لمقاتل سابق لدى تنظيم الدولة الإسلاميّة “داعش”، يقول خلالها أنَّ تركيّا تُجنّد مقاتلين في التنظيم وتدرّبهم، لزجّهم في عمليّة “غصن الزيتون”، التي أطلقها الجيش التُركي بالتعاون مع مقاتلين من الفصائل الإسلاميَّة التابعة لحكومة الائتلاف السوريّ الموقتة، في العشرين من يناير / كانون الثانيّ.
يُضيف المقاتل السابق ويدعى فرج أنّ “معظم مُقاتلي عملية غصن الزيتون في عفرين ينتمون إلى التنظيم. درّبتهم تركيا”. ويُشير إلى أن تركيا حاولت في بداية عملياتها العسكرية في سوريا أنْ تخدع الناس من خلال قولها إنها تقاتل داعش، ولكن في الحقيقة هي من تدرّب عناصرها وترسلهم إلى عفرين.
انتشر في الأيام الماضيّة مقطع مصوّر لمقاتلين إسلاميين في ريف مدينة عفرين وهم يتوعدون كُرد المنطقة بطردهم وجلب عائلات عربيّة مكانهم. المُفارقة، أنّ هؤلاء الشباب كانوا من بلدة “الشيوخ” التي تقع في ريف مدينة كوباني، تلك البلدة التي نزع إرهابيو داعش مُلكيّة مواطنيها الكُرد من قبل، وكانت مُنطلقاً لهجوم ما سُمي بـ “ليلة الغدر”، التي سقط فيها المئات من مدنيي المنطقة على يد مُقالتي تنظيم “داعش” الإرهابي، وفق ما جاء في تقرير لصحيفة “روك أونلاين” الإلكترونيّة.
تبدأ خديجة، وهي كُرديّة إيزيديّة من ريف مدينة عفرين حديثها بالدعاء والصلاة للمدنيين والإيزيديين للنجاة من المذابح، وتقول إنهم يحمون قُراهم الآن. فهم لا يريدون أنْ تتكرر مأساة شنكال في عفرين أيضاً. وتضيف: “ما زالت صُوَر القتلِ والتعذيب والتنكيل بجثث الإيزديين في ذاكرتنا. لم تمرّ فترة طويلة بعد على حادثةِ شنكال، ولا يمكن أنْ نقبل باحتلال قوى تودّ أنْ تسلبنا ديننا وتغير قناعاتنا. نحن كُرد وإيزديات، وهذه الأرض لنا”.
بصوت قلِق تُكمِل خديجة، مضيفةً أن “الأعداء باتوا على مقربة منّا، وباتوا يقصفون القرية ويهاجمونها. دخلوا قرى مجاوِرة لنا. لكن نحن صامدون هُنا. إمّا أنْ نموت على هذه الأرض، أو ننتصر. لا يمكننا أنْ نتخيّل مجزرة جديدة بحقنا”.
كان سيدو رشيد، الشاعر الكُرديّ الإيزيديّ، صديق العائلة كما كُنا نسميه في صغرنا. بطريقه إلى مدينة أوروبيّة للتظاهر من أجل مدينة عفرين، تحدثت معه. وآخر مرةٍ أتذكر عندما التقيته خلال عزاء أحد أعمامي في مدينة عامودا، وهذه المرة حين حدثته كانت الخيمة أكبر وعدد الموتى في عفرين أكثر من عم واحد لعائلةٍ واحدة. تذكّر سيدو كيف كان الأطفال يرسمون دائرة حول الإيزيديين أثناء لعبهم، فإذا خرج الطفلُ من الدائرة أصبح مُسلماً وإن بقيّ سينتظر إيزيديّاً يخلّصه ويمسح الدائرة. إيزيديو عفرين يُشبهون هذه الحال تماماً، فهم محاطون بالخوف من الإبادة 74 في تاريخهم، إن دخلت الفصائل الإسلاميّة إلى مدينة عفرين واستطاعت السيطرة عليها وفرض قوانينها وضوابطها الدينية.[video_player link=””][/video_player]