fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

إيمان البحر درويش… الصوت العالي الذي “اعتقله” النظام المصريّ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

قال إيمان البحر درويش في حوار قديم معه، إن والده كان رافضاً عمله في الفن بسبب ما طاول عائلة جده سيد درويش، الذي اعتقد أحد كتاب السير أنه قُتل مسموماً من جانب جنود الاحتلال الإنكليزي بسبب أغنياته السياسية، ولم يكن يعلم والده أن شكه قد يطاول ابنه، الذي لم يستجب لتحذيراته، ليبيت الآن على سرير غائباً عن الحياة بعد التنكيل به سياسياً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يجرؤ أحد على حسم الشكوك حول اعتقال المغني المصري إيمان البحر درويش، حفيد سيد درويش، بعد اختفائه تماماً منذ عامين، على رغم التكهنات حول احتمال إسكاته أمنياً، عقب انتقاده سياسات الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي.

 بقي الأمر غامضاً إلى أن ظهر الإعلامي المصري بلال فضل، ليعلن للمرة الأولى من خلال مصادره الخاصة، أن إيمان البحر درويش “تعرض بالفعل للاعتقال وسوء الرعاية الصحية والنفسية داخل السجن، ما تسبب في انهياره جسدياً وإصابته بصدمة نفسية حادة، ونُقل إثر ذلك إلى مستشفى الأمراض النفسية، ليبدأ هناك إضرابه عن الطعام، حتى وصل الى الوضع الصادم الذي رأيناه في الصورة التي نشرتها ابنته”.

يبدو أن ابنة إيمان البحر درويش كانت تحت ضغوط أمنية هي الأخرى، وضرورات التكتم على ما حدث مع والدها طوال العامين الماضيين، حتى كسرت الصمت أخيراً، بنشر صورته على “فيسبوك” وقد خسر الكثير من وزنه.

ظهر إيمان البحر درويش في الصورة ككهل غائب عن الحياة، وذكرتنا ابنته من دون أن تدري بحادثة شبيهة بما حدث مع والداها، وهي حادثة اعتقال الباحث الاقتصادي المصري أيمن هدهود، وإخفائه قسرياً ثم إيداعه في مستشفى علاج الأمراض النفسية والعصبية، ليفارق الحياة قبل أن تكشف “منظمة العفو الدولية” تعرّضه للتعذيب المفرط داخل المعتقل.

لم يسكت إيمان البحر درويش (مواليد 1955) عما رآه من سياسات إفقار المصريين، والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير المصريتين، للمملكة العربية السعودية، ولم يقدم إيمان البحر درويش سوى تساؤلات منطقية، وهي لماذا يتم تخوين من ينتقد السياسات في مصر؟، قال حينها: “الحكومات طول عمرها عندها جوانب إيجابية وسلبية ومن حقي ألا اعتبر البرلمان المصري يمثلني، لأنه البرلمان الذي وافق أعضاؤه على التنازل عن جزيرتين مصريتين”.

أسئلة إيمان البحر درويش مشروعة سياسياً، لكنها أشعلت موجة التخوين في وجهه من جانب الإعلام المصري، والذي كرس فقرات وحلقات كاملة لتخوينه، والمطالبة بمحاكمته، كما فعل الإعلامي المصري نشأت الديهي، الذي قال: “أنت واحد فنان أتكلم في أمور الفن اللي تفهم فيها مالك ومال السياسة، حاكموا هذا الرجل“.

بعد غياب إيمان البحر درويش عن الظهور التلفزيوني وسط إعلام موالٍ بالكامل، نشط وجوده على صفحته الشخصية على “فيسبوك”، فكبرت كرة النار بين الطرفين، إيمان البحر درويش من جانب ومذيعو الإعلام المصري المؤيد للسيسي من جانب آخر، الأول يطالب الإعلام بالكف عن تغييب العقول ووصفهم بإعلام العار، والإعلام يرد بتخوين إيمان البحر ومحاكمته بتهمة الخيانة.

الفيديو الأخير الذي ظهر فيه، وجه إيمان البحر درويش رسالة الى السيسي قائلاً: “أنا لا بخاف ولا بتهدد يا ريس، والتهديد بالاعتقال هيعمل فضيحة عالمية”. ومذاك، اختفى إيمان البحر درويش لنعلم حديثاً أنه تعرض للاعتقال خلال العامين الماضيين.

تفاعل إيمان البحر درويش مع الأحداث السياسية في مصر، أبرزها مشاركته ودعمة لثورة كانون الثاني/ يناير 2011، التي خرجت لإطاحة حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ثم مشاركته بعد ذلك في ثورة 30 تموز/ يوليو 2013 التي أطاحت حكم الإخوان المسلمين، ومهدت الطريق لتولي الرئيس السيسي حكم البلاد.

السيسي لا يقيم وزناً لأحد

لا يجرؤ فنان مصري داخل مصر على انتقاد الأوضاع السياسية- ولو بمواربة – كما فعل إيمان البحر درويش، ومنذ تولى الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي حكم البلاد، شهد الوضع الفني والثقافي حالة لم تتكرر في أزمنة سياسية سابقة، وهي حالة أن يتواطأ الجميع في الداخل على الصمت خشية الاعتقال.

 في ذروة القبضة الأمنية في فترة حكم عبد الناصر والسادات، لم يتخلَّ المثقفون والفنانون المصريون عن إبداء آرائهم السياسية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال عمل أدبي أو فني، رغم القصص التي نعرفها عن اعتقال صنع الله إبراهيم وأحمد فؤاد نجم ويوسف إدريس وعبد الله الطوخي ونوال السعداوي وفتحية العسال والشيخ إمام وغيرهم، ظل هؤلاء يمارسون دورهم العضوي كمثقفين  تجاه شعوبهم.

لم يكن الخوف من الاعتقال وحده ما ردع المثقفين والفنانين المصريين المعاصرين عن المشاركة السياسية في وضع يومي يبرهن عن انتهاك حقوق المواطنين السياسية والاقتصادية، بل تراكم هذا الخوف من قطع الرزق ومنعهم من النشر أو التمثيل أو الغناء، وكأن تهمة الخيانة العظمى التي لاحقت الفنانين المصريين عمرو واكد وخالد أبو النجا نجحت في أن تؤدي دورها كفزاعة.

لم ينجُ الكاتب المصري علاء الأسواني أيضاً من الترهيب السياسي، فقد واجه اتهاماً في قضية عسكرية في مفارقة بالغة. الاتهام يأتي على خلفية روايته “جمهورية كأن” التي تروي وقائع إجهاض الثورة المصرية، إلى جانب مقالاته على موقع “دويتشه فيله”، والتي اتخذتها النيابة العامة ذريعة لاتهامه بإهانة الرئيس عبد الفتاح السيسي والقوات المسلحة والمؤسسات القضائية المصرية.

لم تستطع الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب المزاح مع جمهورها في إحدى الحفلات حين طالبها أحد الحضور بأن تغني أغنية “مشربتش من نيلها”، ومازحته شيرين قائلة: “هيجيلك بلهارسيا”،  لتواجه شيرين حكماً من محكمة جنح المقطم بحبسها 6 أشهر وتغريمها 10 آلاف جنيه للإساءة الى النيل والسياحة. على رغم ذلك، لم تستطع شيرين وقتها منع نفسها عن آخر مزحة سياسية، فقالت بعدها في حفلة بالبحرين عقب الحكم الصادر ضدها: 

“أنا هنا أتكلم براحتي، في مصر ممكن يسجنوني”.

وواجهت الناشرة بيسان عدوان، صاحبة “دار ابن رشد”، حكماً بالترحيل من مصر بسبب آرائها السياسية، وسط صمت أصدقائها المثقفين المصريين الذين اطمأنوا إلى حكم السيسي مهما كانت الضريبة، خوفاً من عودة الإخوان.

إيمان البحر درويش وريث الأغنية الملتزمة

إيمان البحر درويش من المغنيين المصريين الذين يسهل تصنيفهم ضمن جبهة صانعي الأغنية “الملتزمة”، يحمل ظلال جده سيد درويش “صوت ثورة 1919 المصرية، فأعاد غناء بعض أغاني سيد درويش السياسية القديمة التي أصبحت كأيقونات في الغناء العربي مثل أغنيته الشهيرة “الصهبجية”، “محسوبكو إنداس” و”أنا هويت”.

حاول الحفيد إيمان البحر درويش طوال الوقت، أن يبقى صلة الوصل بين أغنيات جده القديمة التي تنتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية بمباشرة أو بمواربة، وبين جيل شاب يهوى الصخب والرومانسية والإيقاع السريع، متجاوزاً حقبة الطرب ولا ينشغل كثيراً بالسياسة. 

وبالفعل، نجح الحفيد مع أول ظهور له في فيلم سينمائي عام 1984 بعنوان “تزوير في أوراق رسمية”، في أن يخطف الانتباه مع الابتسامة، بالتوليفة الشبابية لأغاني جده، وأن يُحدِث المعجزة التي جعلت الشباب يرقصون على أغاني سيد درويش التي أُهملت في أسطوانات الطرب القديمة.

بدءاً من اسمه المميز إيمان البحر- الاسم غير الشائع في مصر- مروراً بابتسامته الدائمة ومشروعه الذي لا يهدف إلي النجومية بل التأثير “الرايق” في مزاج المصريين، كان إيمان البحر درويش حالة لا يمكن تجاهلها ولا التعافي منها، على رغم عدم التزامه بإصدار ألبومات على فترات قريبة، لكنه لم يخسر الرهان أبداً حين يؤدي أغانيه القديمة ليجد أن جمهوره لا يزال حاضراً، ومتفاعلاً مخلصاً.

قال إيمان البحر درويش في حوار قديم معه، إن والده كان رافضاً عمله في الفن بسبب ما طاول عائلة جده سيد درويش، الذي اعتقد أحد كتاب السير أنه قُتل مسموماً من جانب جنود الاحتلال الإنكليزي بسبب أغنياته السياسية، ولم يكن يعلم والده أن شكه قد يطاول ابنه، الذي لم يستجب لتحذيراته، ليبيت الآن على سرير غائباً عن الحياة بعد التنكيل به سياسياً.

23.07.2023
زمن القراءة: 5 minutes

قال إيمان البحر درويش في حوار قديم معه، إن والده كان رافضاً عمله في الفن بسبب ما طاول عائلة جده سيد درويش، الذي اعتقد أحد كتاب السير أنه قُتل مسموماً من جانب جنود الاحتلال الإنكليزي بسبب أغنياته السياسية، ولم يكن يعلم والده أن شكه قد يطاول ابنه، الذي لم يستجب لتحذيراته، ليبيت الآن على سرير غائباً عن الحياة بعد التنكيل به سياسياً.

لم يجرؤ أحد على حسم الشكوك حول اعتقال المغني المصري إيمان البحر درويش، حفيد سيد درويش، بعد اختفائه تماماً منذ عامين، على رغم التكهنات حول احتمال إسكاته أمنياً، عقب انتقاده سياسات الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي.

 بقي الأمر غامضاً إلى أن ظهر الإعلامي المصري بلال فضل، ليعلن للمرة الأولى من خلال مصادره الخاصة، أن إيمان البحر درويش “تعرض بالفعل للاعتقال وسوء الرعاية الصحية والنفسية داخل السجن، ما تسبب في انهياره جسدياً وإصابته بصدمة نفسية حادة، ونُقل إثر ذلك إلى مستشفى الأمراض النفسية، ليبدأ هناك إضرابه عن الطعام، حتى وصل الى الوضع الصادم الذي رأيناه في الصورة التي نشرتها ابنته”.

يبدو أن ابنة إيمان البحر درويش كانت تحت ضغوط أمنية هي الأخرى، وضرورات التكتم على ما حدث مع والدها طوال العامين الماضيين، حتى كسرت الصمت أخيراً، بنشر صورته على “فيسبوك” وقد خسر الكثير من وزنه.

ظهر إيمان البحر درويش في الصورة ككهل غائب عن الحياة، وذكرتنا ابنته من دون أن تدري بحادثة شبيهة بما حدث مع والداها، وهي حادثة اعتقال الباحث الاقتصادي المصري أيمن هدهود، وإخفائه قسرياً ثم إيداعه في مستشفى علاج الأمراض النفسية والعصبية، ليفارق الحياة قبل أن تكشف “منظمة العفو الدولية” تعرّضه للتعذيب المفرط داخل المعتقل.

لم يسكت إيمان البحر درويش (مواليد 1955) عما رآه من سياسات إفقار المصريين، والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير المصريتين، للمملكة العربية السعودية، ولم يقدم إيمان البحر درويش سوى تساؤلات منطقية، وهي لماذا يتم تخوين من ينتقد السياسات في مصر؟، قال حينها: “الحكومات طول عمرها عندها جوانب إيجابية وسلبية ومن حقي ألا اعتبر البرلمان المصري يمثلني، لأنه البرلمان الذي وافق أعضاؤه على التنازل عن جزيرتين مصريتين”.

أسئلة إيمان البحر درويش مشروعة سياسياً، لكنها أشعلت موجة التخوين في وجهه من جانب الإعلام المصري، والذي كرس فقرات وحلقات كاملة لتخوينه، والمطالبة بمحاكمته، كما فعل الإعلامي المصري نشأت الديهي، الذي قال: “أنت واحد فنان أتكلم في أمور الفن اللي تفهم فيها مالك ومال السياسة، حاكموا هذا الرجل“.

بعد غياب إيمان البحر درويش عن الظهور التلفزيوني وسط إعلام موالٍ بالكامل، نشط وجوده على صفحته الشخصية على “فيسبوك”، فكبرت كرة النار بين الطرفين، إيمان البحر درويش من جانب ومذيعو الإعلام المصري المؤيد للسيسي من جانب آخر، الأول يطالب الإعلام بالكف عن تغييب العقول ووصفهم بإعلام العار، والإعلام يرد بتخوين إيمان البحر ومحاكمته بتهمة الخيانة.

الفيديو الأخير الذي ظهر فيه، وجه إيمان البحر درويش رسالة الى السيسي قائلاً: “أنا لا بخاف ولا بتهدد يا ريس، والتهديد بالاعتقال هيعمل فضيحة عالمية”. ومذاك، اختفى إيمان البحر درويش لنعلم حديثاً أنه تعرض للاعتقال خلال العامين الماضيين.

تفاعل إيمان البحر درويش مع الأحداث السياسية في مصر، أبرزها مشاركته ودعمة لثورة كانون الثاني/ يناير 2011، التي خرجت لإطاحة حكم الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ثم مشاركته بعد ذلك في ثورة 30 تموز/ يوليو 2013 التي أطاحت حكم الإخوان المسلمين، ومهدت الطريق لتولي الرئيس السيسي حكم البلاد.

السيسي لا يقيم وزناً لأحد

لا يجرؤ فنان مصري داخل مصر على انتقاد الأوضاع السياسية- ولو بمواربة – كما فعل إيمان البحر درويش، ومنذ تولى الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي حكم البلاد، شهد الوضع الفني والثقافي حالة لم تتكرر في أزمنة سياسية سابقة، وهي حالة أن يتواطأ الجميع في الداخل على الصمت خشية الاعتقال.

 في ذروة القبضة الأمنية في فترة حكم عبد الناصر والسادات، لم يتخلَّ المثقفون والفنانون المصريون عن إبداء آرائهم السياسية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال عمل أدبي أو فني، رغم القصص التي نعرفها عن اعتقال صنع الله إبراهيم وأحمد فؤاد نجم ويوسف إدريس وعبد الله الطوخي ونوال السعداوي وفتحية العسال والشيخ إمام وغيرهم، ظل هؤلاء يمارسون دورهم العضوي كمثقفين  تجاه شعوبهم.

لم يكن الخوف من الاعتقال وحده ما ردع المثقفين والفنانين المصريين المعاصرين عن المشاركة السياسية في وضع يومي يبرهن عن انتهاك حقوق المواطنين السياسية والاقتصادية، بل تراكم هذا الخوف من قطع الرزق ومنعهم من النشر أو التمثيل أو الغناء، وكأن تهمة الخيانة العظمى التي لاحقت الفنانين المصريين عمرو واكد وخالد أبو النجا نجحت في أن تؤدي دورها كفزاعة.

لم ينجُ الكاتب المصري علاء الأسواني أيضاً من الترهيب السياسي، فقد واجه اتهاماً في قضية عسكرية في مفارقة بالغة. الاتهام يأتي على خلفية روايته “جمهورية كأن” التي تروي وقائع إجهاض الثورة المصرية، إلى جانب مقالاته على موقع “دويتشه فيله”، والتي اتخذتها النيابة العامة ذريعة لاتهامه بإهانة الرئيس عبد الفتاح السيسي والقوات المسلحة والمؤسسات القضائية المصرية.

لم تستطع الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب المزاح مع جمهورها في إحدى الحفلات حين طالبها أحد الحضور بأن تغني أغنية “مشربتش من نيلها”، ومازحته شيرين قائلة: “هيجيلك بلهارسيا”،  لتواجه شيرين حكماً من محكمة جنح المقطم بحبسها 6 أشهر وتغريمها 10 آلاف جنيه للإساءة الى النيل والسياحة. على رغم ذلك، لم تستطع شيرين وقتها منع نفسها عن آخر مزحة سياسية، فقالت بعدها في حفلة بالبحرين عقب الحكم الصادر ضدها: 

“أنا هنا أتكلم براحتي، في مصر ممكن يسجنوني”.

وواجهت الناشرة بيسان عدوان، صاحبة “دار ابن رشد”، حكماً بالترحيل من مصر بسبب آرائها السياسية، وسط صمت أصدقائها المثقفين المصريين الذين اطمأنوا إلى حكم السيسي مهما كانت الضريبة، خوفاً من عودة الإخوان.

إيمان البحر درويش وريث الأغنية الملتزمة

إيمان البحر درويش من المغنيين المصريين الذين يسهل تصنيفهم ضمن جبهة صانعي الأغنية “الملتزمة”، يحمل ظلال جده سيد درويش “صوت ثورة 1919 المصرية، فأعاد غناء بعض أغاني سيد درويش السياسية القديمة التي أصبحت كأيقونات في الغناء العربي مثل أغنيته الشهيرة “الصهبجية”، “محسوبكو إنداس” و”أنا هويت”.

حاول الحفيد إيمان البحر درويش طوال الوقت، أن يبقى صلة الوصل بين أغنيات جده القديمة التي تنتقد الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية بمباشرة أو بمواربة، وبين جيل شاب يهوى الصخب والرومانسية والإيقاع السريع، متجاوزاً حقبة الطرب ولا ينشغل كثيراً بالسياسة. 

وبالفعل، نجح الحفيد مع أول ظهور له في فيلم سينمائي عام 1984 بعنوان “تزوير في أوراق رسمية”، في أن يخطف الانتباه مع الابتسامة، بالتوليفة الشبابية لأغاني جده، وأن يُحدِث المعجزة التي جعلت الشباب يرقصون على أغاني سيد درويش التي أُهملت في أسطوانات الطرب القديمة.

بدءاً من اسمه المميز إيمان البحر- الاسم غير الشائع في مصر- مروراً بابتسامته الدائمة ومشروعه الذي لا يهدف إلي النجومية بل التأثير “الرايق” في مزاج المصريين، كان إيمان البحر درويش حالة لا يمكن تجاهلها ولا التعافي منها، على رغم عدم التزامه بإصدار ألبومات على فترات قريبة، لكنه لم يخسر الرهان أبداً حين يؤدي أغانيه القديمة ليجد أن جمهوره لا يزال حاضراً، ومتفاعلاً مخلصاً.

قال إيمان البحر درويش في حوار قديم معه، إن والده كان رافضاً عمله في الفن بسبب ما طاول عائلة جده سيد درويش، الذي اعتقد أحد كتاب السير أنه قُتل مسموماً من جانب جنود الاحتلال الإنكليزي بسبب أغنياته السياسية، ولم يكن يعلم والده أن شكه قد يطاول ابنه، الذي لم يستجب لتحذيراته، ليبيت الآن على سرير غائباً عن الحياة بعد التنكيل به سياسياً.