أظهرت زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للولايات المتحدة أولى بوادر توصل إيران والولايات المتحدة إلى تفاهم حول العراق. التصريحات التي أعقبت اجتماع الرجلين في المكتب البيضاوي والبيان الأميركي العراقي المشترك كانت كلها مجرد مجاملات لا تعني الكثير لأي مراقب يريد أن يرى كيف سيكون شكل ومستقبل العلاقات الأميركية العراقية.
لكن الرئيس بايدن لوّح بورقة خلال الاجتماع كشف فيها عن الفيل في المكتب البيضاوي، ولخصت القصة كلها.
الورقة في يد الرئيس بايدن حملت جملتين بخط اليد:
“إيران تفكر بإيقاف الهجمات”.
“الولايات المتحدة تستعد للرد على الهجمات.”
لا يبدو أن نتائج الجولة الرابعة من الحوار الاستراتيجي تحمل أي شيء ملموس للعراق، لكنها تحمل هدية لإيران.
تؤكد الولايات المتحدة أن الانتخابات يجب أن تجري في تشرين الأول (أكتوبر) 2021 رغم كل الدلائل على سيطرة القوى الموالية لإيران وكتلها السياسية على المشهد السياسي والأمني في العراق. وبالنظر إلى هيمنة هذه الجماعات الموالية لإيران وسيطرتها المتزايدة على المشهد السياسي والأمني في العراق، فاليوم ليس هناك ما يشير إلى أن الحكومة قادرة على تغيير ذلك، وبالتالي فإن برلمان أكتوبر سيكون ميليشياويا إيرانيا بامتياز.
بالنسبة للعديد من العراقيين، كانت المشاركة في الانتخابات السابقة بمثابة قول إننا نعمل على بناء دولتنا من خلال صناديق الاقتراع. كان العدو هو تنظيم “القاعدة” الذي كان يحاول إنشاء دولة من عصور الظلام.
هذه المرة هناك قوى تقوض الدولة من خلال التوغل فيها والسيطرة على جميع مفاصلها والاستيلاء عليها في نهاية المطاف. في احتجاجات أكتوبر 2019، قتلت تلك القوى نحو 700 متظاهر وجرح ثلاثة وعشرون ألفا. وما الميليشيات تواصل قتل وخطف النشطاء والمعارضين لهم.
هدف هذه الجماعات هو تحويل العراق إلى إيران أخرى وهم لا يترددون في إعلان ذلك، ولا يتحفظون على إشهار ولائهم لطهران.
يجري كل ذلك أمام أعين حكومة ضعيفة وقضاء أضعف عاجزين كليا عن إيقافهم. ليس هذا فقط، فهناك بعض القوى في الحكومة والبرلمان والقضاء تحاول الدفاع عنهم ودعمهم وتبرير أفعالهم تحت الشعارات الرنانة للمقاومة.
مع كل منعطف جديد للأحداث، يصبحون أقوى وأكثر هيمنة ويصاب العراقيون اكثر بالخيبات.
مع اقتراب موعد الانتخابات الجديدة ، يعتقد كثر من العراقيين أن هذه المجموعات ستكون أقوى وستقضي على أي منافس لها.
إذا أجريت الانتخابات في موعدها المحدد، سوف تسيطر هذه الميليشيات على البرلمان الجديد الذي سيبدأ بدوره جلسته الأولى قبل الموعد النهائي المحدد لتحويل دور القوات الأميركية من قوات قتالية إلى مهمة التدريب والمشورة. مثل هذا البرلمان، من المحتمل جدًا أن تكون أولى قراراته تعزيز القرار السابق بإخراج الولايات المتحدة من العراق كليا تمهيدا لاستيلاء إيراني كامل على العراق.
سواء كان الموقف الأميركي الجديد هو محاولة استرضاء لإيران أو صادر عن سذاجة وعدم معرفة بالوضع على الأرض في العراق، فإن جميع المؤشرات من الداخل العراقي تشير إلى أنه بحلول عام 2022 ، ستتمتع إيران وميليشياتها بسيطرة أكبر على البلاد وستكرر الولايات المتحدة سيناريو عام 2011 مع فك ارتباطها بالعراق، ودفع العراق للانزلاق إلى المزيد من الفوضى والاستبداد وانتظار ظهور قوة جديدة ظلامية شبيهة بـ”داعش”.
إقرأوا أيضاً: