fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

استباحة الأبرياء بحجة إزالة “حزب الله”… منطق يبيح قتل كل اللبنانيين!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

أكثر من عانوا من بطش حزب الله وشكلوا تهديداً لمشروعه العقائدي كانوا من أبناء الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع. واجه هؤلاء بشجاعة الحزب يوم كان غيرهم يعقد التسويات معه. يطلب من هؤلاء اليوم تقبل منطق دفع الأثمان هذا هم أيضاً، والانفصال التام عن ناسهم ومجتمعهم وإلا باتوا “مشبوهين” ممن لم يخرج يوماً من انتمائه الأولي.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

“إنك توقف الحرب قبل ما تسحق الميليشيا الطائفية القذرة بالكامل يعني عم تحطنا بخطر وتحفر قبر الشعب اللبناني”… بهذه العبارات الفظة توجّه ناقد سينمائي لبناني بالكلام إلى إسرائيل، معبرّاً عن خشيته من أن توقّف حربها المدمرة على لبنان قبل سحق حزب الله، وهو أمر غير ممكن حتى مع سحق آلاف المدنيين وتدمير القرى والمدن. مثله عبّر لبنانيون عبر مواقع التواصل عن خشيتهم من أن تخيّب إسرائيل ظنهم وتوقف حربها على لبنان قبل إنهاء حزب الله. وكأنّ إسرائيل شنت حربها كرمة لمصالح هؤلاء.

النائب نديم الجميل عبر عن خوفه هو أيضاً من أن ينهي الإسرائيلي صراعه مع حزب الله من دون إنهائه بالكامل، قائلاً: “أتخوف اليوم من أن ينهي الإٍسرائيلي صراعه مع حزب الله على الحدود ويتركه لنا كي نحل مشاكلنا بيننا وبينه”. قال ذلك عندما كان أهل المناطق المدمرة ينتظرون بفارغ الصبر اتفاقاً لوقف إطلاق النار ينقذ أرواحهم وما تبقى من أملاكهم.

كذلك وفي نقاشات غير علنية لفاعلين سياسيين، قيل إن الحرب الإسرائيلية هي حل للقضاء على حزب الله الذي هيمن بقوة السلاح على الحياة السياسية في لبنان، فما عاد بالإمكان وضع حد له بالسياسة. ولدى الرد بطرح معاناة المدنيين خصوصاً، وأن الاستهدافات يومها توسعت لتشمل أحياء سكنية بكاملها وتحصد مئات المدنيين، كان الرد بأنّ هناك أكلافاً يجب أن تُدفع. أي أن أرواح الأبرياء وممتلكاتهم يمكن اعتبارها ثمناً مقبولاً للتخلص من حزب الله، الذي هو نفسه يرى الأرواح أثماناً يستسهل دفعها.

الرهان على موت اللبنانيين

حصل ذلك كله بينما كان لبنانيون ينعون أقرباءهم ومنازلهم، وآخرون يعيشون لحظات رعب وخوف على أبنائهم وناسهم ومناطقهم. هكذا راح البعض يستسهل الحديث، سراً وعلانية، بأن القتل، وإن طاول الأبرياء والأطفال، وتدمير أحياء بكاملها هما أثمان يجب تقبل دفعها بغية القضاء على حزب الله. في المقابل، راح من هم على النقيض، أي من اعتاد حزب الله الترويج لسرديته عبرهم، يخبرون الناس أن عليهم التضحية ودفع ثمن “النصر المؤكد” من دون اعتراض، وأنه يحرّم عليهم التعبير عن مشاعر إنسانية طبيعية، كالخوف والقلق والخسارة، بحجة أنها توهن العزائم. 

لا تقتصر كارثية هذه المواقف تجاه مواطنين لبنانيين على تجاوزها القوانين الدولية والمبادئ الإنسانية التي من المفترض أن تراعى في الأعداء حتى، بل تتعداها إلى أمور عدة. إذ تكمن خطورة الخطاب الفاقد أية حساسية تجاه شريحة كبيرة من اللبنانيين، ويستسهل موتها ويعتبره ثمناً مقبولاً للتخلص من حزب الله، في أنّه يطبّع مع فكرة العقاب الجماعي ويتسامح مع جرائم حرب ترتكبها دولة عدوة للبنان. أيضاً هو خطاب يفتح المجال لاستخدام المنطق ذاته لاحقاً تجاه أية جماعة أو طائفة قد تتعرض للعنف. كما يتعاطى هذا الموقف مع إسرائيل وكأنها تملك شرعية لارتكاب ما ترتكبه من انتهاكات في لبنان ولتحديد الأهداف والثمن. 

من يقول إن على كل من يعيش في مناطق هيمن عليها حزب الله تحمّل المسؤولية عن هذه الهيمنة ودفع الأثمان لإزالة تحكم الحزب بالقرار اللبناني، لا يفقه بواقع تلك المناطق ولا بكيفية تمدد الحزب فيها. والقول بأنه على من لم يعارض الحزب علناً أن يتحمل مسؤولية خياراته السياسية والعسكرية، يفتح المجال للحديث عن منطق المسؤوليات بشكل أعمق ليشمل أصحاب القرارات السياسية لا المواطنين المحكومين بهذه الخيارات.

حزب الله لم يتمكن فجأة من السيطرة على قرارات الطائفة الشيعية ومن ثم قرارات البلد. وهو لم يقدم إلى الشيعة مشروعاً سياسياً قرأوه وأعجبوا به ومن ثم قرروا تسليمه قرارهم. بنى حزب الله قدراته بشكل تراكمي وعلى مدى عقود تقاطع خلالها مع جهات سياسية عدة، تواطأت معه وقدمت له الخدمات ومنحته شرعية لقاء مكاسب وتسويات. 

يحتاج تفصيل هذه المسألة الى استذكار أحداث ومحطات مفصلية كثيرة خلال أربعة عقود، والتي لا تتسع مساحة هذا النص لشرحها. بالتالي، فإن منطق إباحة القتل بحجة تحميل المسؤوليات، سيبيح قتل أبرياء وتدمير مبان في مختلف المناطق بحجة أن زعماءها أو بعض شخصياتها مسؤولة عن قرارات الحزب أو تملك مصالح مرتبطة به.

“الشبهة”بمن يعارض حزب الله

لعل أكثر من عانوا من بطش حزب الله وشكلوا تهديداً لمشروعه العقائدي كانوا من أبناء الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع. واجه هؤلاء بشجاعة الحزب يوم كان غيرهم يعقد التسويات معه. يطلب من هؤلاء اليوم تقبل منطق دفع الأثمان هذا هم أيضاً، والانفصال التام عن ناسهم ومجتمعهم وإلا باتوا “مشبوهين” ممن لم يخرج يوماً من انتمائه الأولي. هو منطق يسترخص أرواح الناس ولا يغضب التنظيم المسلح، إنما يغذي خطابه ومنطقه ويجعل معارضيه الشيعة بين ناريّ خطابين لا يقيمان وزناً لأرواح المدنيين.

يعبر هذا الخطاب اللاإنساني عن قصور سياسي كبير لدى حامله. وهو منطق يحاول الحزب استدراجه أحياناً للاستثمار به. لا شك في أن الضربات الإسرائيلية أضعفت حزب الله وفرضت واقعاً جديداً في الداخل. لكنه واقع يحتاج الى قراءة موضوعية وحكمة في التعاطي كي يدفع البلد باتجاه مواجهة التحديات لا تعميقها. 

من يريد أن يواجه مشروع حزب الله، عليه أولاً التمييز بين الحزب كتنظيم عقائدي مسلح وبين جمهوره وبين أبناء المناطق المهيمن عليها. كما فهم كيف تمكن هذا التنظيم العقائدي من التغلغل في تفاصيل حياة الناس والتعاطي مع مخاوفها. كيف استغل غياب الدولة وعمّق تغييبها. وكيف استغل سوء الأوضاع الاقتصادية لتضخيم جسمه التنظيمي وغيره… كذلك من الضروري فهم كيف استغل حزب الله خطاب خصومه، الذي سلم سابقاً بسلطته على الشيعة وبالمنطق الطائفي والمناطقي. 

ليس مؤكداً حتى الآن إن كان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، والذي يمر في مرحلة اختبار، سيضع نهاية للحرب الكارثية. لكن الأكيد أنها مرحلة تستلزم تحمُّل حزب الله مسؤولية خياراته العسكرية والسياسية، كما وتحمُّل الجميع في لبنان مسؤولياتهم السياسية والأخلاقية. ولعلّ إحدى هذه المسؤوليات مراجعة المنطق الذي يستعجل الرهانات الخاطئة ويسترخص أرواح الناس ويراها حطباً لطموحاته السياسية.

محمد السكاف- فراس دالاتي- عمّار المأمون | 25.01.2025

ممثلون وممثلات سوريون بدون “الرئيس”!… عن مظلوميّة “أيتام” القصر الجمهوري المشبوهة !

في خضم المواقف المتعددة للفنانين والممثلين والإعلاميين السوريين، برز مصطلح "أيتام القصر الجمهوريّ" كوصف لمجموعة ممن لم يستطيعوا حتى الآن تقبّل واقع وجود سوريا بلا الأسد وأسرته التي أغرقت عليهم "الخدمات" مقابل الولاء الأعمى!
04.12.2024
زمن القراءة: 4 minutes

أكثر من عانوا من بطش حزب الله وشكلوا تهديداً لمشروعه العقائدي كانوا من أبناء الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع. واجه هؤلاء بشجاعة الحزب يوم كان غيرهم يعقد التسويات معه. يطلب من هؤلاء اليوم تقبل منطق دفع الأثمان هذا هم أيضاً، والانفصال التام عن ناسهم ومجتمعهم وإلا باتوا “مشبوهين” ممن لم يخرج يوماً من انتمائه الأولي.

“إنك توقف الحرب قبل ما تسحق الميليشيا الطائفية القذرة بالكامل يعني عم تحطنا بخطر وتحفر قبر الشعب اللبناني”… بهذه العبارات الفظة توجّه ناقد سينمائي لبناني بالكلام إلى إسرائيل، معبرّاً عن خشيته من أن توقّف حربها المدمرة على لبنان قبل سحق حزب الله، وهو أمر غير ممكن حتى مع سحق آلاف المدنيين وتدمير القرى والمدن. مثله عبّر لبنانيون عبر مواقع التواصل عن خشيتهم من أن تخيّب إسرائيل ظنهم وتوقف حربها على لبنان قبل إنهاء حزب الله. وكأنّ إسرائيل شنت حربها كرمة لمصالح هؤلاء.

النائب نديم الجميل عبر عن خوفه هو أيضاً من أن ينهي الإسرائيلي صراعه مع حزب الله من دون إنهائه بالكامل، قائلاً: “أتخوف اليوم من أن ينهي الإٍسرائيلي صراعه مع حزب الله على الحدود ويتركه لنا كي نحل مشاكلنا بيننا وبينه”. قال ذلك عندما كان أهل المناطق المدمرة ينتظرون بفارغ الصبر اتفاقاً لوقف إطلاق النار ينقذ أرواحهم وما تبقى من أملاكهم.

كذلك وفي نقاشات غير علنية لفاعلين سياسيين، قيل إن الحرب الإسرائيلية هي حل للقضاء على حزب الله الذي هيمن بقوة السلاح على الحياة السياسية في لبنان، فما عاد بالإمكان وضع حد له بالسياسة. ولدى الرد بطرح معاناة المدنيين خصوصاً، وأن الاستهدافات يومها توسعت لتشمل أحياء سكنية بكاملها وتحصد مئات المدنيين، كان الرد بأنّ هناك أكلافاً يجب أن تُدفع. أي أن أرواح الأبرياء وممتلكاتهم يمكن اعتبارها ثمناً مقبولاً للتخلص من حزب الله، الذي هو نفسه يرى الأرواح أثماناً يستسهل دفعها.

الرهان على موت اللبنانيين

حصل ذلك كله بينما كان لبنانيون ينعون أقرباءهم ومنازلهم، وآخرون يعيشون لحظات رعب وخوف على أبنائهم وناسهم ومناطقهم. هكذا راح البعض يستسهل الحديث، سراً وعلانية، بأن القتل، وإن طاول الأبرياء والأطفال، وتدمير أحياء بكاملها هما أثمان يجب تقبل دفعها بغية القضاء على حزب الله. في المقابل، راح من هم على النقيض، أي من اعتاد حزب الله الترويج لسرديته عبرهم، يخبرون الناس أن عليهم التضحية ودفع ثمن “النصر المؤكد” من دون اعتراض، وأنه يحرّم عليهم التعبير عن مشاعر إنسانية طبيعية، كالخوف والقلق والخسارة، بحجة أنها توهن العزائم. 

لا تقتصر كارثية هذه المواقف تجاه مواطنين لبنانيين على تجاوزها القوانين الدولية والمبادئ الإنسانية التي من المفترض أن تراعى في الأعداء حتى، بل تتعداها إلى أمور عدة. إذ تكمن خطورة الخطاب الفاقد أية حساسية تجاه شريحة كبيرة من اللبنانيين، ويستسهل موتها ويعتبره ثمناً مقبولاً للتخلص من حزب الله، في أنّه يطبّع مع فكرة العقاب الجماعي ويتسامح مع جرائم حرب ترتكبها دولة عدوة للبنان. أيضاً هو خطاب يفتح المجال لاستخدام المنطق ذاته لاحقاً تجاه أية جماعة أو طائفة قد تتعرض للعنف. كما يتعاطى هذا الموقف مع إسرائيل وكأنها تملك شرعية لارتكاب ما ترتكبه من انتهاكات في لبنان ولتحديد الأهداف والثمن. 

من يقول إن على كل من يعيش في مناطق هيمن عليها حزب الله تحمّل المسؤولية عن هذه الهيمنة ودفع الأثمان لإزالة تحكم الحزب بالقرار اللبناني، لا يفقه بواقع تلك المناطق ولا بكيفية تمدد الحزب فيها. والقول بأنه على من لم يعارض الحزب علناً أن يتحمل مسؤولية خياراته السياسية والعسكرية، يفتح المجال للحديث عن منطق المسؤوليات بشكل أعمق ليشمل أصحاب القرارات السياسية لا المواطنين المحكومين بهذه الخيارات.

حزب الله لم يتمكن فجأة من السيطرة على قرارات الطائفة الشيعية ومن ثم قرارات البلد. وهو لم يقدم إلى الشيعة مشروعاً سياسياً قرأوه وأعجبوا به ومن ثم قرروا تسليمه قرارهم. بنى حزب الله قدراته بشكل تراكمي وعلى مدى عقود تقاطع خلالها مع جهات سياسية عدة، تواطأت معه وقدمت له الخدمات ومنحته شرعية لقاء مكاسب وتسويات. 

يحتاج تفصيل هذه المسألة الى استذكار أحداث ومحطات مفصلية كثيرة خلال أربعة عقود، والتي لا تتسع مساحة هذا النص لشرحها. بالتالي، فإن منطق إباحة القتل بحجة تحميل المسؤوليات، سيبيح قتل أبرياء وتدمير مبان في مختلف المناطق بحجة أن زعماءها أو بعض شخصياتها مسؤولة عن قرارات الحزب أو تملك مصالح مرتبطة به.

“الشبهة”بمن يعارض حزب الله

لعل أكثر من عانوا من بطش حزب الله وشكلوا تهديداً لمشروعه العقائدي كانوا من أبناء الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع. واجه هؤلاء بشجاعة الحزب يوم كان غيرهم يعقد التسويات معه. يطلب من هؤلاء اليوم تقبل منطق دفع الأثمان هذا هم أيضاً، والانفصال التام عن ناسهم ومجتمعهم وإلا باتوا “مشبوهين” ممن لم يخرج يوماً من انتمائه الأولي. هو منطق يسترخص أرواح الناس ولا يغضب التنظيم المسلح، إنما يغذي خطابه ومنطقه ويجعل معارضيه الشيعة بين ناريّ خطابين لا يقيمان وزناً لأرواح المدنيين.

يعبر هذا الخطاب اللاإنساني عن قصور سياسي كبير لدى حامله. وهو منطق يحاول الحزب استدراجه أحياناً للاستثمار به. لا شك في أن الضربات الإسرائيلية أضعفت حزب الله وفرضت واقعاً جديداً في الداخل. لكنه واقع يحتاج الى قراءة موضوعية وحكمة في التعاطي كي يدفع البلد باتجاه مواجهة التحديات لا تعميقها. 

من يريد أن يواجه مشروع حزب الله، عليه أولاً التمييز بين الحزب كتنظيم عقائدي مسلح وبين جمهوره وبين أبناء المناطق المهيمن عليها. كما فهم كيف تمكن هذا التنظيم العقائدي من التغلغل في تفاصيل حياة الناس والتعاطي مع مخاوفها. كيف استغل غياب الدولة وعمّق تغييبها. وكيف استغل سوء الأوضاع الاقتصادية لتضخيم جسمه التنظيمي وغيره… كذلك من الضروري فهم كيف استغل حزب الله خطاب خصومه، الذي سلم سابقاً بسلطته على الشيعة وبالمنطق الطائفي والمناطقي. 

ليس مؤكداً حتى الآن إن كان اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، والذي يمر في مرحلة اختبار، سيضع نهاية للحرب الكارثية. لكن الأكيد أنها مرحلة تستلزم تحمُّل حزب الله مسؤولية خياراته العسكرية والسياسية، كما وتحمُّل الجميع في لبنان مسؤولياتهم السياسية والأخلاقية. ولعلّ إحدى هذه المسؤوليات مراجعة المنطق الذي يستعجل الرهانات الخاطئة ويسترخص أرواح الناس ويراها حطباً لطموحاته السياسية.