نعرف اسمها: رزان النجار. لكن ما اسمه؟ ما اسم الجندي الذي قتلها بطلقة مباشرة في الصدر يوم الجمعة الماضي؟ نحن لا نعرف وربما لن نعرف مطلقاً.
يُحجَب الإسرائيلي الذي قتل رزان عن الكاميرات على نقيض ما يحدث مع المتهمين الفلسطينيين في قتل الإسرائيليين، ويحجب معه ايضاً تفاصيل تاريخ عائلته الذي يتضمن اشتراك أقارب له في هجمات روتينية على الفلسطينيين كجزء من خدمتهم العسكرية أو إنتمائهم السياسي.
لن يُدفع بالميكروفونات الإسرائيلية الملحة في وجهه سائلين إياه بتفحص: ألم ترها ترتدي زي المسعفين الأبيض عندما صوبت تجاهها؟
ألم تر غطاء رأسها؟ هل تتطلب قواعد الاشتباك الخاصة بك أن تطلق النار على المسعفين، رجالاً ونساءاً على السواء، على بعد حوالي 100 متر ( 330 قدم تقريباً ) من السياج الحدودي؟ هل أطلقت الرصاص على ساقيها وأخطأتها لأنك عديم النفع؟ هل تشعر بالأسف؟ هل أخبرت صديقتك أنك أنت الذي قتلت شابة في نفس عمرها؟ هل كانت رزان أول من تقتلها هكذا؟
عدم الكشف عن هوية جنودنا الذين يصيبون ويقتلون الفلسطينيين هو جزء لا ينفصل عن الثقافة الإسرائيلية التي تتهرب من العقاب. نحن فوق كل ذلك. محصنون من كل شئ. نحن نسمح لجندي غير معلوم الهوية أن يقتل مسعفة شابة بطلقة أصابتها في صدرها وخرجت من ظهرها، ثم نستكمل حياتنا بشكل طبيعي.
هناك الكثير من صور رزان النجار على الانترنت: فقد برزت كواحدة من النساء القليلات ضمن فرق الإسعاف الأولي التي عملت في مواقع احتجاجات ” مسيرة العودة ” منذ بدأت في 30 آذار/مارس الماضي.
تطوعت رزان للعمل بجمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية بعد عامين من التدريب. أجرت بكل سعادة مقابلات تتضمن واحدة لمراسل صحيفة The New York Times في غزة، تحدثت فيها عن قدرة النساء على العمل تحت ظروف صعبة ولا تقل في ذلك عن الرجال – حتى إنها تعمل أفضل منهم. كانت تعلم مدى خطورة عملها. فقد قُتل أحد المسعفين بنيران قوات الجيش الإسرائيلي في 14 آيار/مايو، أصيب واختنق عشرات آخرين بينما هم يهرولون لإنقاذ الجرحى.
كانت رزان النجار، التي كانت تبلغ من العمر 21 عاما عندما قتلت، من قرية خزاعة، شرق خان يونس. لم تُسأل، في المقابلات التي أجرتها، عن الحرب والهجمات العسكرية الإسرائيلية أثناء طفولتها وما بعدها. فمن الصعب أن تجد ندبات هذه الأحداث على وجهها السعيد الذي يَظهر على الشاشة. في كل مقابلة، كانت تُرى وعلى رأسها حجاب بلون مختلف – وفي كل مرة يكون الحجاب ملفوفاً بشكل عصري وبدقة، مُظهرًا كم الوقت والفكر الذي استغرقه وضع الحجاب. تظهر الألوان حب الحياة، على الرغم مما مرت به رزان.
لا نعرف اسم الجندي، لكننا نعرف بالتأكيد سلسلة القادة الذين أعطوه الأوامر ومكنوه من قتل مسعفة في الحادية والعشرين من عمرها: اللواء إيال زمير قائد القيادة الجنوبية، والفريق غادي أيزنكوت رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، وشارك ايضاً العميد شارون أفيك المحامي العام العسكري وافيخاي مندلبليت المدعي العام في قتلها، فهما اللذان وافقا على نص قواعد الاشتباك، كما أُخبر قضاة المحكمة العليا قبل أن يرفضوا التماسات ضد إطلاق النار على المتظاهرين على طول السياج الحدودي. ورغم كل الدلائل على وجود قتلى وإصابات مروعة بين المدنيين، اختار القضاة أن يصدقوا ما أُخبروا به بلسان العسكريين عن طريق أفي ميليكوفسكي، وهو محامٍ من مكتب النائب العام: استخدام القوة المميتة المحتملة سيكون فقط حلاً أخيراً، على نحو متناسب وبالحد الأدنى الضروري.
رجاءاً اشرح كيف تتوافق حساباتك هذه مع قتل رزان النجار، التي كانت تعالج رجلاً أصيب مباشرةً بعبوة غاز مسيلة للدموع. قال شاهد عيان لصحيفة The New York Times أنه بينما كان الرجل المصاب يُنقل إلى سيارة الإسعاف، كان زملاؤها يعالجونها لأنها تضررت من آثار الغاز المسيل للدموع. ثم سُمع دوي إطلاق النيران، وسقطت رزان النجار.
قدم قضاة المحكمة العليا، إستر هايوت وحنان ميلسر ونيل هندل للجيش إعفاء من التحقيق وإعفاء من النقد على طبق من فضة. بفعلتهم هذه، ينضمون لسلسلة القيادات التي أمرت جندينا المجهول بأن يطلق النيران على صدر المسعفة رزان النجار ويقتلها.
أميرة هاس
هذا المقال مترجم عن موقع Haaretz ولقراءة المقال الاصلي زوروا الرابط التالي