fbpx

اعتداءات جنسية في “بيت اليتيم الدرزي”…التضحية بمتهم واحد لا تكفي

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

كل إصلاح لا يعيد النظر في ماهية دور الأيتام ولا يعمل على الوقاية من فصل الأطفال والطفلات عن أهلهم، بل يدعمهم في كنف عائلاتهم يبقى منقوصاً. التجارب العالمية أثبتت فشل نموذج الرعاية المؤسساتية بصيغه الراهنة وهذه فرصة ذهبية لإعادة صياغة رؤية الرعاية البديلة

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

شكلت الأخبار المتداولة عن اعتداءات جنسية وسوء معاملة الأطفال في “بيت اليتيم الدرزي” صدمة  كبيرة، خاصة بعد الفيديو الذي يحوي شهادات لبعض الأطفال وآخرون ممن كبروا في المؤسسة، التفاصيل يرويها المعتدى عليهم\ن تؤكد أن فعل الاعتداء ليس حادثة منفردة قام بها أحدهم. 

وعلى عادتها، تجندت أبواق تشكك بمصداقية أطفال وطفلات وشباب وشابات تجرؤوا على البوح بما تعرضوا له، منهم من اعتبر فعل البوح نكراناً لجميل المؤسسة التي تشكل إرثاً عريقاً، ومنهم من اعتبر الشهادات تعرضاً للطائفة الدرزية.

لكن عوامل عدة تضافرت هذه المرة  للاتهام، ومنها أدلة دامغة تؤكد شبهة تورط (ر .ذ)، وهو أستاذ، بجرم التحرش والاغتصاب بحق أطفال وطفلات في بيت اليتيم الدرزي. هكذا وبحسب المعلومات المتداولة، ختم القاضي نادر منصور تحقيقاته وأحال القضية إلى النيابة العامة، لإصدار القرار الاتّهامي. 
كانت قضية بيت اليتيم الدرزي وشبهة تورط (ر. ذ) بدأت بالانكشاف نهاية تموز/يوليو الماضي، بعد فرار شابين من المؤسسة  تقدّما بشكوى عن جرائم تحرّش مستمرّة من قبله، فتمّ توقيفه إثرها،  لكن الشكوى أُسقطت لاحقاً بعد محاولات التشكيك بالشهادات عبر الانتصار للمؤسسة والطائفة من خلفها. أنكرت حينها  إدارة البيت أن إساءة كهذه تحصل في المؤسسة مؤكدة على “آدمية” الأستاذ المتحرش رغم ادعائها برفع الغطاء عنه.  

حاولت الإدارة التشكيك بالشهادت وتلميع صورتها، فعمدت إلى تنظيف مستودعات المأكولات الفاسدة وتنظيم حفل تضامني معها. وبعد التأكد من أن الأدلة دامغة ولا مجال لدفن الرأس في الرمال، تنصلت إدارة المؤسسة من مسؤولياتها فيما يخص الممارسات المُرتكبة في كنفها. 

أمام هول الشهادات وحجمها تضافرت الجهود للتضحية بـ (ر ذ)، وهو موقوفٌ حالياً لدى القوى الأمنية بشبهات الاغتصاب والتحرّش. إلا أن شهادات الأطفال والطفلات والشباب والشابات الذين اختبروا اليتم في المؤسسة تشير إلى تورط أساتذة ومسؤولين آخرين، وتؤكد أن الإدارة تستّرت على أنواع عنف جنسي وجسدي ومعنوي أعمق من فعل مجرم واحد.

كل الفيديوات والشهادات والاتصالات الهاتفية الموثقة مع مديرة “بيت اليتيم الدرزي” تؤكد أن القضية أكبر من غلطة أستاذ. 

تعيد الحادثة إلى ذاكرتنا قضية طارق الملاح الذي تعرض للاعتداء الجنسي في مؤسسة دار الأيتام الإسلامية. كان طارق حينها في التاسعة من عمره عندما جرى الاعتداء عليه واستمر هذا الاعتداء لمدة خمس سنوات متواصلة. معاناة طارق لم تتوقف بعد فراره من دار الأيتام عندما بلغ الرابعة عشر من عمره، فآثار الانتهاك عميقة وتظهر مع الزمن. فرار طارق من دار الأيتام أنهى الاعتداء الجنسي الذي كان يتعرض له، ولكنه لم ينهِ تأثيراته النفسية والاجتماعية التي تركها في حياته. 

وعلى غرار ما حصل في بيت اليتيم الدرزي، فإن بوح طارق بما حصل معه في دار الأيتام الإسلامية، شجع حينها العديد من الشباب والشابات على الكشف عن تجاربهم\ن الشخصية في دار الأيتام ودور رعاية أخرى.

 هكذا تتالت الشهادات التي توثق إساءة المعاملة في دور الرعاية،  وشهد الإعلام، خاصة في الفترة الممتدة بين 2012 و2017، فورة كبيرة في توثيق تجارب مخيفة تظهر فداحة الانتهاكات وتفشيها في دور الرعاية. وهنا نذكر على سبيل المثال الانتهاك الذي حدث في قرى الأطفال SOS حيث أقرت الإدارة بتعرض 5 أطفال لتحرشات جنسية على يد سائق باص الموظف في القرى، دون اتخاذ تدابير قانونية جزائية رادعة. حينها قبلت الإدارة استقالة السائق ومنحته شهادة حسن سلوك مشرعة بذلك باب الانتهاكات أمامه. 

نذكر أيضا على سبيل المثال لا للحصر الإساءات في جمعية “رسالة حياة وسعادة السماء” بالإضافة إلى قضايا التعنيف في مياتم في طرابلس. وهي أيضاً مناسبة للتذكير بقضية إساءة المعاملة والاتجار بالأطفال لأغراض التبني في “قرية المحبة والسلام”، هذه القضية التي لم نشهد على اكتمال التحقيقات فيها على رغم الحديث المتداول أن إحدى القاصرات التي تعرضت للعديد من الانتهاكات نجت من محاولة انتحار. وكيف لنا أن ننسى الحكم بالسجن الصادر عن محكمة فرنسية بحق منصور لبكي، رجل الدين، بتهم ارتكاب انتهاكات ضد الأطفال والذين كانوا تحت رعاية مؤسسته. 

الاتهامات ليست حوادث منفردة هنا وهناك، ففي الملاحظات الختامية على التقرير الوطني الثاني حول وضع الأطفال في لبنان، أعربت لجنة الأمم المتحدة الدولية لحقوق الطفل عام 2017، عن قلقها العميق إزاء العدد الكبير من الأطفال المودعين في المؤسسات، وأن عدداً كبيراً منهم هناك بسبب الفقر، وهم ليسوا بأيتام بالمطلق. 

وجدت اللجنة أن انتشار عمليات التبني غير القانوني مثير للقلق، مع تسليط الضوء على أن هذه العمليات تتم على حساب المصالح الفضلى للطفل، وعلى رغم أنه لا ينبغي اعتبار الفقر سبباً مباشراً للتخلي عن الأطفال، فإنه عامل مساهم رئيسي في الأسر، وخاصة تلك التي ترأسها أمهات عازبات. ويصبح الوضع أكثر خطورة عندما يقترن الفقر بنقص الخدمات الأساسية وسياسات الحماية الاجتماعية. 

هذا في لبنان، أما على الصعيد العالمي فلقد أكد تقرير منظمة اليونيسف الصادر في عام 2006 على فداحة الانتهاكات في المؤسسات الرعائية كإثبات على أن نموذج الرعاية هذا فشل كلية في توفير الرعاية لأطفال مفصولين عن رعاية الوالدين.

تسلط الدراسات الدولية الضوء على أن الأشخاص الذين نشأوا في الرعاية البديلة لديهم معدلات أعلى من الاعتقال والسجن، وانخفاض مستويات التعليم الرسمي وارتفاع معدلات مشاكل الصحة البدنية والعقلية. هم أكثر عرضة لمشاكل الإدمان، والانقطاع عن العمل، والتشرد. 

تشير الدراسات أيضاً إلى أن من اختبر الرعاية المؤسساتية هو أكثر عرضة لعدم اكتمال التعليم النظامي والتسرب المدرسي في عمر المراهقة. وعلى رغم التسويق لفكرة الرعاية المؤسساتية ودور الأيتام على أنها مراكز حماية للأطفال فإن الدراسات تسلط الضوء على أن خريجي دور الرعاية هم أكثر عرضة للدخول في نزاع مع القانون، والاعتقال والسجن. 

الأيتام والطائفيّة

ومن المحزن أن ندرك أن نسبة تعرض الأطفال والطفلات للاعتداءات الجنسية في دور الرعاية مرتفعة جداً وهذا ما أكده تقرير المصالحة والحقيقة في كندا عام 2015، الذي وثق تعرض أكثر من 6 آلاف طفل من الشعب الأصيل في كندا لاعتداءات جنسية في المؤسسات الرعائية. هذا بالإضافة إلى اكتشاف أكثر من  7 آلاف قبر لأطفال كانوا في الرعاية المؤسساتية وماتوا أو قتلوا نتيجة سوء المعاملة.

علماً أن نموذج المؤسسات الرعائية لم تنشأ يوماً لإنقاذ الأطفال اليتامى، بل أن الاستعمار في كندا في أواخر 1800، اعتمد فصل الأطفال عن السكان الأصليين كأداة حرب لتفكيك المجتمعات. هو نفسه هذا النموذج الذي أسسه الانتداب الفرنسي في لبنان في أواخر القرن الثامن عشر. ومن ثم تولت كل طائفة تأسيس ميتمها حيث شهد لبنان تأسيس بيت اليتيم الدرزي عام 1932 ومن بعده تأسست دار الأيتام الإسلامية.

حسناً فعل مجلس إدارة بيت اليتيم الدرزي بدفع المديرة إلى الاستقالة والدعوة لإصلاح الميتم. لكن كل إصلاح لا يعيد النظر في ماهية دور الأيتام ولا يعمل على الوقاية من فصل الأطفال والطفلات عن أهلهم، بل يدعمهم في كنف عائلاتهم يبقى منقوصاً. التجارب العالمية أثبتت فشل نموذج الرعاية المؤسساتية وهذه فرصة ذهبية لإعادة صياغة رؤية الرعاية البديلة في لبنان عبر إصلاح متكامل بعيد عن المحاصصات الطائفية التي غالباً ما تأتي على حساب مصالح الأطفال والطفلات.

"درج" | 27.09.2024

“إشعال السماء”: ماذا خلف ألسنة اللهب السامة التي تسمح بها شركات النفط العملاقة ؟

تٌعد شركات النفط العملاقة في غرب أوروبا مثل "بريتيش بتروليوم ـ بي بي" وشركة "إيني" الإيطالية "الوكالة الوطنية للمحروقات" و"توتال إنرجيز" و"شل"، من بين أكبر عشرة مصادر للتلوث في أفريقيا والشرق الأوسط نتيجة عمليات حرق الغاز. وتشارك هذه الشركات في إطلاق السموم في السماء وتلويث البيئة والإضرار بصحة الناس. هذا ما كشفه تحقيق "إشعال السماء"،…

كل إصلاح لا يعيد النظر في ماهية دور الأيتام ولا يعمل على الوقاية من فصل الأطفال والطفلات عن أهلهم، بل يدعمهم في كنف عائلاتهم يبقى منقوصاً. التجارب العالمية أثبتت فشل نموذج الرعاية المؤسساتية بصيغه الراهنة وهذه فرصة ذهبية لإعادة صياغة رؤية الرعاية البديلة

شكلت الأخبار المتداولة عن اعتداءات جنسية وسوء معاملة الأطفال في “بيت اليتيم الدرزي” صدمة  كبيرة، خاصة بعد الفيديو الذي يحوي شهادات لبعض الأطفال وآخرون ممن كبروا في المؤسسة، التفاصيل يرويها المعتدى عليهم\ن تؤكد أن فعل الاعتداء ليس حادثة منفردة قام بها أحدهم. 

وعلى عادتها، تجندت أبواق تشكك بمصداقية أطفال وطفلات وشباب وشابات تجرؤوا على البوح بما تعرضوا له، منهم من اعتبر فعل البوح نكراناً لجميل المؤسسة التي تشكل إرثاً عريقاً، ومنهم من اعتبر الشهادات تعرضاً للطائفة الدرزية.

لكن عوامل عدة تضافرت هذه المرة  للاتهام، ومنها أدلة دامغة تؤكد شبهة تورط (ر .ذ)، وهو أستاذ، بجرم التحرش والاغتصاب بحق أطفال وطفلات في بيت اليتيم الدرزي. هكذا وبحسب المعلومات المتداولة، ختم القاضي نادر منصور تحقيقاته وأحال القضية إلى النيابة العامة، لإصدار القرار الاتّهامي. 
كانت قضية بيت اليتيم الدرزي وشبهة تورط (ر. ذ) بدأت بالانكشاف نهاية تموز/يوليو الماضي، بعد فرار شابين من المؤسسة  تقدّما بشكوى عن جرائم تحرّش مستمرّة من قبله، فتمّ توقيفه إثرها،  لكن الشكوى أُسقطت لاحقاً بعد محاولات التشكيك بالشهادات عبر الانتصار للمؤسسة والطائفة من خلفها. أنكرت حينها  إدارة البيت أن إساءة كهذه تحصل في المؤسسة مؤكدة على “آدمية” الأستاذ المتحرش رغم ادعائها برفع الغطاء عنه.  

حاولت الإدارة التشكيك بالشهادت وتلميع صورتها، فعمدت إلى تنظيف مستودعات المأكولات الفاسدة وتنظيم حفل تضامني معها. وبعد التأكد من أن الأدلة دامغة ولا مجال لدفن الرأس في الرمال، تنصلت إدارة المؤسسة من مسؤولياتها فيما يخص الممارسات المُرتكبة في كنفها. 

أمام هول الشهادات وحجمها تضافرت الجهود للتضحية بـ (ر ذ)، وهو موقوفٌ حالياً لدى القوى الأمنية بشبهات الاغتصاب والتحرّش. إلا أن شهادات الأطفال والطفلات والشباب والشابات الذين اختبروا اليتم في المؤسسة تشير إلى تورط أساتذة ومسؤولين آخرين، وتؤكد أن الإدارة تستّرت على أنواع عنف جنسي وجسدي ومعنوي أعمق من فعل مجرم واحد.

كل الفيديوات والشهادات والاتصالات الهاتفية الموثقة مع مديرة “بيت اليتيم الدرزي” تؤكد أن القضية أكبر من غلطة أستاذ. 

تعيد الحادثة إلى ذاكرتنا قضية طارق الملاح الذي تعرض للاعتداء الجنسي في مؤسسة دار الأيتام الإسلامية. كان طارق حينها في التاسعة من عمره عندما جرى الاعتداء عليه واستمر هذا الاعتداء لمدة خمس سنوات متواصلة. معاناة طارق لم تتوقف بعد فراره من دار الأيتام عندما بلغ الرابعة عشر من عمره، فآثار الانتهاك عميقة وتظهر مع الزمن. فرار طارق من دار الأيتام أنهى الاعتداء الجنسي الذي كان يتعرض له، ولكنه لم ينهِ تأثيراته النفسية والاجتماعية التي تركها في حياته. 

وعلى غرار ما حصل في بيت اليتيم الدرزي، فإن بوح طارق بما حصل معه في دار الأيتام الإسلامية، شجع حينها العديد من الشباب والشابات على الكشف عن تجاربهم\ن الشخصية في دار الأيتام ودور رعاية أخرى.

 هكذا تتالت الشهادات التي توثق إساءة المعاملة في دور الرعاية،  وشهد الإعلام، خاصة في الفترة الممتدة بين 2012 و2017، فورة كبيرة في توثيق تجارب مخيفة تظهر فداحة الانتهاكات وتفشيها في دور الرعاية. وهنا نذكر على سبيل المثال الانتهاك الذي حدث في قرى الأطفال SOS حيث أقرت الإدارة بتعرض 5 أطفال لتحرشات جنسية على يد سائق باص الموظف في القرى، دون اتخاذ تدابير قانونية جزائية رادعة. حينها قبلت الإدارة استقالة السائق ومنحته شهادة حسن سلوك مشرعة بذلك باب الانتهاكات أمامه. 

نذكر أيضا على سبيل المثال لا للحصر الإساءات في جمعية “رسالة حياة وسعادة السماء” بالإضافة إلى قضايا التعنيف في مياتم في طرابلس. وهي أيضاً مناسبة للتذكير بقضية إساءة المعاملة والاتجار بالأطفال لأغراض التبني في “قرية المحبة والسلام”، هذه القضية التي لم نشهد على اكتمال التحقيقات فيها على رغم الحديث المتداول أن إحدى القاصرات التي تعرضت للعديد من الانتهاكات نجت من محاولة انتحار. وكيف لنا أن ننسى الحكم بالسجن الصادر عن محكمة فرنسية بحق منصور لبكي، رجل الدين، بتهم ارتكاب انتهاكات ضد الأطفال والذين كانوا تحت رعاية مؤسسته. 

الاتهامات ليست حوادث منفردة هنا وهناك، ففي الملاحظات الختامية على التقرير الوطني الثاني حول وضع الأطفال في لبنان، أعربت لجنة الأمم المتحدة الدولية لحقوق الطفل عام 2017، عن قلقها العميق إزاء العدد الكبير من الأطفال المودعين في المؤسسات، وأن عدداً كبيراً منهم هناك بسبب الفقر، وهم ليسوا بأيتام بالمطلق. 

وجدت اللجنة أن انتشار عمليات التبني غير القانوني مثير للقلق، مع تسليط الضوء على أن هذه العمليات تتم على حساب المصالح الفضلى للطفل، وعلى رغم أنه لا ينبغي اعتبار الفقر سبباً مباشراً للتخلي عن الأطفال، فإنه عامل مساهم رئيسي في الأسر، وخاصة تلك التي ترأسها أمهات عازبات. ويصبح الوضع أكثر خطورة عندما يقترن الفقر بنقص الخدمات الأساسية وسياسات الحماية الاجتماعية. 

هذا في لبنان، أما على الصعيد العالمي فلقد أكد تقرير منظمة اليونيسف الصادر في عام 2006 على فداحة الانتهاكات في المؤسسات الرعائية كإثبات على أن نموذج الرعاية هذا فشل كلية في توفير الرعاية لأطفال مفصولين عن رعاية الوالدين.

تسلط الدراسات الدولية الضوء على أن الأشخاص الذين نشأوا في الرعاية البديلة لديهم معدلات أعلى من الاعتقال والسجن، وانخفاض مستويات التعليم الرسمي وارتفاع معدلات مشاكل الصحة البدنية والعقلية. هم أكثر عرضة لمشاكل الإدمان، والانقطاع عن العمل، والتشرد. 

تشير الدراسات أيضاً إلى أن من اختبر الرعاية المؤسساتية هو أكثر عرضة لعدم اكتمال التعليم النظامي والتسرب المدرسي في عمر المراهقة. وعلى رغم التسويق لفكرة الرعاية المؤسساتية ودور الأيتام على أنها مراكز حماية للأطفال فإن الدراسات تسلط الضوء على أن خريجي دور الرعاية هم أكثر عرضة للدخول في نزاع مع القانون، والاعتقال والسجن. 

الأيتام والطائفيّة

ومن المحزن أن ندرك أن نسبة تعرض الأطفال والطفلات للاعتداءات الجنسية في دور الرعاية مرتفعة جداً وهذا ما أكده تقرير المصالحة والحقيقة في كندا عام 2015، الذي وثق تعرض أكثر من 6 آلاف طفل من الشعب الأصيل في كندا لاعتداءات جنسية في المؤسسات الرعائية. هذا بالإضافة إلى اكتشاف أكثر من  7 آلاف قبر لأطفال كانوا في الرعاية المؤسساتية وماتوا أو قتلوا نتيجة سوء المعاملة.

علماً أن نموذج المؤسسات الرعائية لم تنشأ يوماً لإنقاذ الأطفال اليتامى، بل أن الاستعمار في كندا في أواخر 1800، اعتمد فصل الأطفال عن السكان الأصليين كأداة حرب لتفكيك المجتمعات. هو نفسه هذا النموذج الذي أسسه الانتداب الفرنسي في لبنان في أواخر القرن الثامن عشر. ومن ثم تولت كل طائفة تأسيس ميتمها حيث شهد لبنان تأسيس بيت اليتيم الدرزي عام 1932 ومن بعده تأسست دار الأيتام الإسلامية.

حسناً فعل مجلس إدارة بيت اليتيم الدرزي بدفع المديرة إلى الاستقالة والدعوة لإصلاح الميتم. لكن كل إصلاح لا يعيد النظر في ماهية دور الأيتام ولا يعمل على الوقاية من فصل الأطفال والطفلات عن أهلهم، بل يدعمهم في كنف عائلاتهم يبقى منقوصاً. التجارب العالمية أثبتت فشل نموذج الرعاية المؤسساتية وهذه فرصة ذهبية لإعادة صياغة رؤية الرعاية البديلة في لبنان عبر إصلاح متكامل بعيد عن المحاصصات الطائفية التي غالباً ما تأتي على حساب مصالح الأطفال والطفلات.

|

اشترك بنشرتنا البريدية