fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

اعتقال أمير من “داعش”: تركيا تصطاد اسلامييها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تركيا اليوم مصيدة “داعش” بعد أن كانت معبرها الآمن إلى سوريا. وبموازاة ذلك كانت أنقرة إلى وقت قريب ملجأ الإخوان المسلمين السوريين والمصريين، وعاصمتهم البديلة، لكنها باشرت اليوم بالتضييق عليهم، وهي تفاوض النظام المصري على طردهم، ولن تكون أرحم من نفسها حيال الاخوان السوريين.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنفسه خبر اعتقال بشار خطاب غرال الصميدعي، الملقب بـ”حجي زيد”، والذي تدور شكوك حول ما إذا كان زعيم “داعش” الذي خلف “أبو ابراهيم الهاشمي القرشي” الذي قتل بغارة أميركية على الحدود التركية السورية قبل نحو ستة أشهر. وطبعاً كان للأتراك دور في العملية. وأن يتولى أردوغان بنفسه الإعلان عن هذا “الصيد”، فهذا مؤشر إلى موقع مستجد لأنقرة في “الحرب على الإرهاب”، وتحوّل جوهري في وظيفة تركيا من استقبال “المجاهدين” ورعاية انتقالهم إلى سوريا إلى اصطيادهم وسوقهم إلى السجون وتسليمهم إلى دولهم. 

الإسلاميون بأصنافهم كلها لا يتعظون. من الإخوان إلى التكفيريين، لطالما قبلوا بأن يكونوا أدوات للأنظمة وسرعان ما تحولوا إلى طرائد لها. تركيا اليوم مصيدة “داعش” بعد أن كانت معبرها الآمن إلى سوريا. وبموازاة ذلك كانت أنقرة إلى وقت قريب ملجأ الإخوان المسلمين السوريين والمصريين، وعاصمتهم البديلة، لكنها باشرت اليوم بالتضييق عليهم، وهي تفاوض النظام المصري على طردهم، ولن تكون أرحم من نفسها حيال الاخوان السوريين.

الإسلاميون لا يتعظون لأن ما يجري لهم في تركيا كانوا قد اختبروه هو نفسه في باكستان. هناك تحولوا في الثمانينات إلى فصائل مسلحة تديرها المخابرات الباكستانية وتوظفها في حربها على السوفيات في أفغانستان، وما أن أنجزت المهمة حتى تحولت بلاد الباكستان إلى مصيدة لقادة فصائل “المجاهدين العرب” وعلى رأسهم طبعاً قادة تنظيم “القاعدة”.

وفي الحالين التركية والباكستانية كان لجماعة الإخوان المسلمين دور في التأسيس للعلاقة بين الدولة العميقة (أي جهاز المخابرات) في البلدين وبين “المجاهدين”. النظامان في أنقرة وفي إسلام آباد كانا يمتان للإخوان المسلمين بعلاقة، توهمت الجماعة الإخوانية بأنها كافية لكي تكون جسراً “جهادياً” آمناً!

هذا الجسر تولى في ثمانيات القرن الفائت رفد الجبهة الأفغانية بـ”المجاهدين العرب” عبر “بيت الأنصار” في مدينة بيشاور الباكستانية، والذي رعى تأسيسه الداعية الإخواني عبدالله عزام، واستقبل “المجاهدين” الذين أرسلتهم أنظمة الخليج العربي ومصر والأردن. والجسر الإخواني نفسه جرى نقله من باكستان إلى تركيا، واستعانت “داعش” به لعبور آلاف “المجاهدين” إلى سوريا. ومثلما رفدت أنظمة “البترودولار” الجبهة الأفغانية بالمال و”المجاهدين”، رفدت الدول التي وصل الإخوان فيها إلى السلطة مثل تونس في حينها، بالمقاتلين عبر الترانزيت التركي.

نشهد اليوم نهاية حقبة “الجهاد” التركية. الوقائع الباكستانية نفسها تتكرر اليوم في مدن الأناضول وصولاً إلى الحدود التركية السورية. أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية عادت لتتعاون بهدف اصطياد زعماء “داعش”. المخابرات العراقية، هي “ولي الدم” بما يتعلق بمواطنها “حجي زيد”، وهي تعاونت مع المخابرات التركية لتحديد موقعه. التعاون الأمني والمخابراتي قد يشمل أجهزة أمن النظام السوري في المرحلة المقبلة، وفي هذا الوقت ينتاب أهل جماعة الإخوان المقيمون في تركيا خوف من أن تصل المقصلة إلى أعناقهم. كثيرون منهم غادروا إلى الدوحة، ذلك أن الأخيرة أكثر رأفة بهم على ما يبدو، ومصالحها أقل تأثراً بالضغوط.

الأنظمة التي تطارد الإخوان المسلمين جائرة من دون شك. الرياض صنفت الإخوان كجماعة إرهابية بعد عقود طويلة من استضافتهم، وعمان حظرت نشاطهم السياسي، والقاهرة تعتبرهم أعداءها، ويبدو أن تونس تسير على الطريق نفسه. لكن ماذا عنهم؟ 

هل تجري الجماعة مراجعة لتجربتها؟ هل يعترف راشد الغنوشي بأنه أسس لـ”الجهاد التونسي” في سوريا والعراق؟ والجماعة المصرية هل تفكر بأنها انتشت بالسلطة في ساعة تخلٍ، إلى أن استيقظ الجيش وانبعث عبد الفتاح السيسي؟ والإخوان السوريون الذين أعطوا رجب طيب أردوغان مفاتيح بلدهم، هل يعتبرون من نتائج قبولهم بالاستتباع؟

الأرجح أن الجماعة ليست بوارد إجراء مراجعة، فهي تعتبر نفسها “المجتمع العميق”، وأن الهزيمة إذ لحقتها، انما تصيب “الأمة” بأسرها، وهي اليوم بصدد انتظار مديد لانبعاث الأمة من سباتها، لتكرّر التجربة نفسها. أي التجربة التركية، وقبلها التجربة الباكستانية.   

إقرأوا أيضاً:

عمّار المأمون - كاتب سوري | 17.05.2025

“سوريا الجديدة”: هذيان “الديمقراطيين” وسحر “البراغماتية” الشائن!

الحكومة المؤقتة في سوريا لم تُتح مساحة للسياسة، لا قانون لتنظيم الأحزاب، لا نقابات مستقلّة منتخبة، أما الفضاءات العامّة فتُهدَّد ضمن منطق "فائض القوّة"، فالسلطة تمتلك القدرة على تحريك جموع غاضبة، مستعدّة للقتال، بعضها مسلّح، وبعضها يرفع هتافات إبادية.
12.09.2022
زمن القراءة: 3 minutes

تركيا اليوم مصيدة “داعش” بعد أن كانت معبرها الآمن إلى سوريا. وبموازاة ذلك كانت أنقرة إلى وقت قريب ملجأ الإخوان المسلمين السوريين والمصريين، وعاصمتهم البديلة، لكنها باشرت اليوم بالتضييق عليهم، وهي تفاوض النظام المصري على طردهم، ولن تكون أرحم من نفسها حيال الاخوان السوريين.

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنفسه خبر اعتقال بشار خطاب غرال الصميدعي، الملقب بـ”حجي زيد”، والذي تدور شكوك حول ما إذا كان زعيم “داعش” الذي خلف “أبو ابراهيم الهاشمي القرشي” الذي قتل بغارة أميركية على الحدود التركية السورية قبل نحو ستة أشهر. وطبعاً كان للأتراك دور في العملية. وأن يتولى أردوغان بنفسه الإعلان عن هذا “الصيد”، فهذا مؤشر إلى موقع مستجد لأنقرة في “الحرب على الإرهاب”، وتحوّل جوهري في وظيفة تركيا من استقبال “المجاهدين” ورعاية انتقالهم إلى سوريا إلى اصطيادهم وسوقهم إلى السجون وتسليمهم إلى دولهم. 

الإسلاميون بأصنافهم كلها لا يتعظون. من الإخوان إلى التكفيريين، لطالما قبلوا بأن يكونوا أدوات للأنظمة وسرعان ما تحولوا إلى طرائد لها. تركيا اليوم مصيدة “داعش” بعد أن كانت معبرها الآمن إلى سوريا. وبموازاة ذلك كانت أنقرة إلى وقت قريب ملجأ الإخوان المسلمين السوريين والمصريين، وعاصمتهم البديلة، لكنها باشرت اليوم بالتضييق عليهم، وهي تفاوض النظام المصري على طردهم، ولن تكون أرحم من نفسها حيال الاخوان السوريين.

الإسلاميون لا يتعظون لأن ما يجري لهم في تركيا كانوا قد اختبروه هو نفسه في باكستان. هناك تحولوا في الثمانينات إلى فصائل مسلحة تديرها المخابرات الباكستانية وتوظفها في حربها على السوفيات في أفغانستان، وما أن أنجزت المهمة حتى تحولت بلاد الباكستان إلى مصيدة لقادة فصائل “المجاهدين العرب” وعلى رأسهم طبعاً قادة تنظيم “القاعدة”.

وفي الحالين التركية والباكستانية كان لجماعة الإخوان المسلمين دور في التأسيس للعلاقة بين الدولة العميقة (أي جهاز المخابرات) في البلدين وبين “المجاهدين”. النظامان في أنقرة وفي إسلام آباد كانا يمتان للإخوان المسلمين بعلاقة، توهمت الجماعة الإخوانية بأنها كافية لكي تكون جسراً “جهادياً” آمناً!

هذا الجسر تولى في ثمانيات القرن الفائت رفد الجبهة الأفغانية بـ”المجاهدين العرب” عبر “بيت الأنصار” في مدينة بيشاور الباكستانية، والذي رعى تأسيسه الداعية الإخواني عبدالله عزام، واستقبل “المجاهدين” الذين أرسلتهم أنظمة الخليج العربي ومصر والأردن. والجسر الإخواني نفسه جرى نقله من باكستان إلى تركيا، واستعانت “داعش” به لعبور آلاف “المجاهدين” إلى سوريا. ومثلما رفدت أنظمة “البترودولار” الجبهة الأفغانية بالمال و”المجاهدين”، رفدت الدول التي وصل الإخوان فيها إلى السلطة مثل تونس في حينها، بالمقاتلين عبر الترانزيت التركي.

نشهد اليوم نهاية حقبة “الجهاد” التركية. الوقائع الباكستانية نفسها تتكرر اليوم في مدن الأناضول وصولاً إلى الحدود التركية السورية. أجهزة المخابرات الإقليمية والدولية عادت لتتعاون بهدف اصطياد زعماء “داعش”. المخابرات العراقية، هي “ولي الدم” بما يتعلق بمواطنها “حجي زيد”، وهي تعاونت مع المخابرات التركية لتحديد موقعه. التعاون الأمني والمخابراتي قد يشمل أجهزة أمن النظام السوري في المرحلة المقبلة، وفي هذا الوقت ينتاب أهل جماعة الإخوان المقيمون في تركيا خوف من أن تصل المقصلة إلى أعناقهم. كثيرون منهم غادروا إلى الدوحة، ذلك أن الأخيرة أكثر رأفة بهم على ما يبدو، ومصالحها أقل تأثراً بالضغوط.

الأنظمة التي تطارد الإخوان المسلمين جائرة من دون شك. الرياض صنفت الإخوان كجماعة إرهابية بعد عقود طويلة من استضافتهم، وعمان حظرت نشاطهم السياسي، والقاهرة تعتبرهم أعداءها، ويبدو أن تونس تسير على الطريق نفسه. لكن ماذا عنهم؟ 

هل تجري الجماعة مراجعة لتجربتها؟ هل يعترف راشد الغنوشي بأنه أسس لـ”الجهاد التونسي” في سوريا والعراق؟ والجماعة المصرية هل تفكر بأنها انتشت بالسلطة في ساعة تخلٍ، إلى أن استيقظ الجيش وانبعث عبد الفتاح السيسي؟ والإخوان السوريون الذين أعطوا رجب طيب أردوغان مفاتيح بلدهم، هل يعتبرون من نتائج قبولهم بالاستتباع؟

الأرجح أن الجماعة ليست بوارد إجراء مراجعة، فهي تعتبر نفسها “المجتمع العميق”، وأن الهزيمة إذ لحقتها، انما تصيب “الأمة” بأسرها، وهي اليوم بصدد انتظار مديد لانبعاث الأمة من سباتها، لتكرّر التجربة نفسها. أي التجربة التركية، وقبلها التجربة الباكستانية.   

إقرأوا أيضاً:

12.09.2022
زمن القراءة: 3 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية