fbpx

الأدوية في إدلب… ضرائب الهيئة على حساب الفقراء

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عمدت هيئة تحرير الشام في الغزاوية ودير بلوط إلى قطع معابر إدخال الأدوية أمام المستوردين، لا سيما أدوية الالتهاب والمسكنات وأدوية التحسس وبعض خافضات الحرارة، فيما لا يمكن الاستغناء عن الأدوية القادمة من مناطق سيطرة النظام حيث المعامل القديمة هناك، والتي توفر مئات أصناف الأدوية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

وسط الزحام في باصات الزاجل على طريق إدلب – سرمدا، اقترب أحد الركاب مني، بعدما عرف أني صحافي، وبدأ بث شكواه حول فقدان الأدوية وارتفاع ثمنها، قال لي الشيخ: “بحثت في كل صيدليات إدلب ولم أجد الدواء الذي وصفه الطبيب لطفلي بعد إصابته بالتهاب حاد في الأمعاء. أخبرني الصيدلي أنه متوافر في إعزاز وبسعر أرخص من إدلب إذا توافر فيها”.

في حديثه الطويل يقول الشيخ: “تكلفة الأدوية تصل إلى 26 دولاراً أميركياً وأنا أعمل بأجر يومي لا يتعدى الـ5 دولارت، والغريب أن الدواء نفسه اشتريته منذ 18 يوماً بـ 21 دولاراً، أما اليوم ومع ارتفاع ثمنها كما أخبرني الصيدلي لم أجدها في الصيدليات، ومضى على غيابي عن العمل 3 أيام وأنا أبحث عن الأدوية من سرمدا إلى إدلب إلى الدانا حتى جسر الشغور وحارم، ويبدو أنني سأذهب شمالاً للبحث في إعزاز وعفرين، وهذا سيكلفني أجور طرقات تفوق الـ 20دولاراً”. 

مشكلة الشيخ لم تكن من طرف واحد، إذ تعاني غالبية الصيدليات من عدم السماح لها باستيراد أدوية إلى محافظة إدلب بحسب الصيدلي حمدان الحسون، إذ أثّر فقد الأدوية ونقصها على عمل الصيادلة وإنتاجيتهم بالمقارنة مع النفقات والضرائب التي يدفعونها بشكل شهري.

حتى حليب الأطفال لم يسلّم من الغلاء

أصدرت وزارة الصحة في حكومة الإنقاذ الجناح الإداري لهيئة تحرير الشام في مطلع شهر تموز/ يوليو2024، قراراً يحمل رقم 595 يقضي بفرض رسوم استيراد باهظة على الأدوية الداخلة إلى  محافظة إدلب، ورسوم تراخيص إنتاج  ومعامل وتخزين  أدوية وغرامات على المخالفين بمبالغ تصل إلى 10000 دولار أميركي بما فيها حليب الأطفال. 

قوبل القرار باستنكار واسع من الصيادلة والسكان المتأثرين بشكل مباشر من فرض الرسوم المرتفعة، والتي سيتحملها المواطن بحسب الناشط الحقوقي مصطفى الياسين، إذ ستنتهي تلك الرسوم برفع أسعار الأدوية حتى يتمكن الصيادلة ومعامل إنتاج الأدوية من تحقيق الربح، وبالتالي سيدفع المرضى عند شرائهم الأدوية الفروقات المالية للتراخيص.

نظّم عشرات الصيادلة في محافظة إدلب أخيراً، إضراباً وأغلقوا الصيدليات تعبيراً عن استنكارهم فرض الرسوم على استيراد الأدوية وإنتاجها وتخزينها، بالتزامن مع وقفة احتجاجية لمجموعة من الصيادلة والأطباء للمطالبة بحذف القرار الذي وصفه المحتجون بـ”الجائر”، ما دفع وزارة الصحة في حكومة الإنقاذ الى لقاء عدد من الصيادلة والاتفاق على إنشاء نقابة صيادلة وإشراك النقابة بقرارات الوزارة وتعليق العمل بالقرار 595 حتى 20آب/ أغسطس2024.

إجراءات استباقيّة

استبقت حكومة الإنقاذ قرارها الرامي الى جمع الأموال من معامل الأدوية والمستودعات والصيادلة وحليب الأطفال، بفرض إجراءات على استيراد الأدوية وحصر الكثير من الأنواع بالمعامل الداخلية التي تعود أساساً الى قياديين في هيئة تحرير الشام بحسب الصيدلي (ع.ح) صاحب إحدى الصيدليات في إدلب.

 كما عمدت هيئة تحرير الشام في الغزاوية ودير بلوط إلى قطع معابر إدخال الأدوية أمام المستوردين، لا سيما أدوية الالتهاب والمسكنات وأدوية التحسس وبعض خافضات الحرارة، فيما لا يمكن الاستغناء عن الأدوية القادمة من مناطق سيطرة النظام حيث المعامل القديمة هناك، والتي توفر مئات أصناف الأدوية.

يلفت (ع.ح) في حديثه لـ”درج”، الى أن الادوية الموجودة في مناطق سيطرة الجيش الوطني، أي شمال حلب، ثمنها أقلّ من الأدوية في إدلب بسبب الضرائب المرتفعة من جهة، وإدخال الأدوية من منطقة سيطرة المعارضة تلك إلى هذه المنطقة عن طريق التهريب ما يرفع أسعارها”. 

يقول (ع.ح): “هذا فشل ذريع، هناك منطقة واحدة تقع تحت سيطرة المعارضة يوجد فيها حكومتان ومعابر يتربح منها المهربون، وذلك كله هو ثمن يدفعه المرضى وذووهم، إذ إنهم سلسلة الشراء الأخيرة ويتحملون الضرائب والتهريب والكهرباء التي تُضاف كلها إلى سعر الأدوية”.

خلال الأشهر الـسبعة الماضية، ارتفعت أسعار الدواء في مناطق سيطرة تحرير الشام بين 40-50 في المئة تبعاً للأصناف، كما جاء على لسان العامل في مستودع فارما للأدوية في محافظة إدلب طعمة البقولي، إذ طرأ ارتفاع غير معلوم على الأدوية ولأسباب مجهولة، والظاهر منها فروقات الدولار على الليرة التركية وضرائب الاستيراد القديمة.

يضيف البقولي: “أكثر أنواع  الأدوية التي طرأ عليها ارتفاع في السعر هي زجاجات شراب التهاب الأطفال وقطرات العيون والأمبولات وتحاميل الأطفال الخافضة للحرارة، وكريمات الحساسية وأدوية التهاب الأمعاء والجهاز التنفسي. وتصدر نشرات الأسعار بشكل دوري من وزارة الصحة التابعة لحكومة الإنقاذ”.

أدوية محلّية غير مجدية

وصف  طبيب اختصاصي بالأنف والحلق والحنجرة للسيدة رانيا من سكان منطقة معرة مصرين، 4 حقنات عضلية من نوعية روسفليكس، بيد أن الصيدلي أعطاها البديل المحلي المسمى ريموكلاف، لكن تلك الوصفة لم تعطِ نتائج مرجوة منها على الرغم من أخذها الحقن الأربع، لتراجع الطبيب بعد عشرة أيام ولا يزال حلقها يعاني من الالتهاب، مصطحبة معها علب الأدوية الفارغة، والتي رفضها الطبيب وأرجع سبب عدم شفاء رانيا إلى البديل المحلي، معللاً بأن المادة الأولية في الصنف الأصلي المسمى روسفليكس موضوعة بشكل دقيق، أما الصنف البديل ريموكلاف فلا يحوي إلا على نصف المادة الفعالة التي من المفروض أن تحتوي عليها الحقنة.

حال السيدة رانيا ليست الوحيدة، إذ اشتكى المئات من المرضى من عدم فعالية الأدوية المحلية المنتجة في إدلب مقارنةً بالأدوية الأجنبية والقادمة من مناطق سيطرة النظام، فيما تبثّ وسائل إعلام رسمية تابعة لحكومة الإنقاذ زيارات متكررة لما يسمى الرقابة الدوائية التي تدعي باستمرار أن الأصناف المحلية للأدوية أفضل من تلك المستعملة، كونها تمر بمرحلتين رقابيتين، وهما النظام التحليلي ومن ثم نظام التيقظ الدوائي. أمّا الأدوية المستوردة فتحلّل مرة واحدة عند الدخول فقط.

سحبت وزارة الصحة خلال شهر نيسان/ أبريل2024، أمبولات  بيتا روس المعدة للحقن العضلي والمصنعة محلياً، بعدما ثبتت عدم فاعليتها، وتسببت أيضاً بأثار جانبية أبرزها التحسس، فيما تعاني الصيدليات من فقدان الأدوية العصبية التي باتت تباع بأسعار أكثر بـ 4 أضعاف عن أسعارها العام الماضي بسبب إدخالها عبر خطوط التهريب ومنع إدخالها من المعابر تمهيداً لإدخال أصناف جديدة مصنّعة محلياً.

الطعام مقابل الدواء 

يتلقى إسماعيل الدوماني مساعدة كل  3 أشهر من “فاعلي خير”  تحتوي على سكر وأرز وبرغل ومعلبات وزيوت وشاي، يستعين بها لإطعام أطفاله القابعين في مخيمات منطقة حارم بعد ترحيلهم من محافظة حمص قسرياً. وبحسب ما يروي لـ”درج”، فإن أحد أبنائه أصيب بمرض جلدي جراء المياه غير النظيفة في المخيمات بعد انقطاع برنامج دعم المياه المقدم من الأمم المتحدة وانتشار الأمراض والحشرات في شهر أيار/ مايو 2024.

 يستطرد اسماعيل الدوماني بأن ابنه كان بحاجة الى أدوية تحسس وأدوية التهاب ومراهم للجلد بشكل يومي تصل تكلفتها إلى 35 دولاراً أسبوعياً، فلم يجد أمامه سوى بيع قسم من المساعدات التي تمثل طعام الأسرة مقابل الحصول على الأدوية لطفله الذي لم يتم سنواته الست بعد.

يعلق الدوماني قائلاً: “نرضى بأن نبيت بلا عشاء والاعتماد على وجبة واحدة يومياً مقابل عدم تمدد الإصابة بجسد ولدي أغيد وألمه بشكل مستمر، وسط غياب فرص العمل في المنطقة واقتصارها على الأعمال الزراعية ذات الأجر الزهيد، وهي بالأصل متوافرة لأبناء المنطقة دون النازحين”.

تقول الصيدلانية في مدينة الدانا سمر الصواف، “دائماً ما يراجعنا مرضى لصرف أدوية فيتفاجأون بأسعارها المرتفعة، فيما لا يمكننا خفض الأسعار خوفاً من العقوبة، ليضطر المريض للاقتصار على نصف علبة الدواء أو حتى أقل من ذلك”.

غلاء الأدوية والتلاعب بأسعارها وفرض رسوم وأتاوات عليها، ذلك كله جاء بالتزامن مع انقطاع الدعم الطبي من المنظمات الدولية عن عشرات المستشفيات والمنشآت الصحية في شمال غربي سوريا. وبحسب بيان لفريق “منسقو استجابة سوريا”، فإن الدعم انقطع عن 85 منشأة ومستشفى منذ نهاية شهر حزيران/ يونيو الماضي، الأمر الذي سيؤدي إلى كارثة صحية بالتزامن مع ارتفاع مستويات الجوع إلى  41.05 في المئة والفقر إلى 91.18 في المئة من مجموع السكان. 

إقرأوا أيضاً:

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 13.09.2024

انتخابات الأردن: “الإخوان” هم الإجابة الهاشميّة عن الترانسفير 

وصول "الإخوان المسلمين"، الذين تصنفهم دول خليجية كجماعة إرهابية، إلى البرلمان، يكشف أيضاً عن طبيعة التوتر الصامت بين عمان وبين دول اتفاقات "إبراهام"، التي زادت من مخاوف الأردن الديموغرافية، بفعل عدم ربطها بين السلام وبين حق الفلسطينيين بدولة في الضفة الغربية والقدس. ولا بد والحال هذه من تذكير الدول الإبراهيمية باحتمالات السلام المجاني، و"الإخوان المسلمين"…
04.09.2024
زمن القراءة: 5 minutes

عمدت هيئة تحرير الشام في الغزاوية ودير بلوط إلى قطع معابر إدخال الأدوية أمام المستوردين، لا سيما أدوية الالتهاب والمسكنات وأدوية التحسس وبعض خافضات الحرارة، فيما لا يمكن الاستغناء عن الأدوية القادمة من مناطق سيطرة النظام حيث المعامل القديمة هناك، والتي توفر مئات أصناف الأدوية.

وسط الزحام في باصات الزاجل على طريق إدلب – سرمدا، اقترب أحد الركاب مني، بعدما عرف أني صحافي، وبدأ بث شكواه حول فقدان الأدوية وارتفاع ثمنها، قال لي الشيخ: “بحثت في كل صيدليات إدلب ولم أجد الدواء الذي وصفه الطبيب لطفلي بعد إصابته بالتهاب حاد في الأمعاء. أخبرني الصيدلي أنه متوافر في إعزاز وبسعر أرخص من إدلب إذا توافر فيها”.

في حديثه الطويل يقول الشيخ: “تكلفة الأدوية تصل إلى 26 دولاراً أميركياً وأنا أعمل بأجر يومي لا يتعدى الـ5 دولارت، والغريب أن الدواء نفسه اشتريته منذ 18 يوماً بـ 21 دولاراً، أما اليوم ومع ارتفاع ثمنها كما أخبرني الصيدلي لم أجدها في الصيدليات، ومضى على غيابي عن العمل 3 أيام وأنا أبحث عن الأدوية من سرمدا إلى إدلب إلى الدانا حتى جسر الشغور وحارم، ويبدو أنني سأذهب شمالاً للبحث في إعزاز وعفرين، وهذا سيكلفني أجور طرقات تفوق الـ 20دولاراً”. 

مشكلة الشيخ لم تكن من طرف واحد، إذ تعاني غالبية الصيدليات من عدم السماح لها باستيراد أدوية إلى محافظة إدلب بحسب الصيدلي حمدان الحسون، إذ أثّر فقد الأدوية ونقصها على عمل الصيادلة وإنتاجيتهم بالمقارنة مع النفقات والضرائب التي يدفعونها بشكل شهري.

حتى حليب الأطفال لم يسلّم من الغلاء

أصدرت وزارة الصحة في حكومة الإنقاذ الجناح الإداري لهيئة تحرير الشام في مطلع شهر تموز/ يوليو2024، قراراً يحمل رقم 595 يقضي بفرض رسوم استيراد باهظة على الأدوية الداخلة إلى  محافظة إدلب، ورسوم تراخيص إنتاج  ومعامل وتخزين  أدوية وغرامات على المخالفين بمبالغ تصل إلى 10000 دولار أميركي بما فيها حليب الأطفال. 

قوبل القرار باستنكار واسع من الصيادلة والسكان المتأثرين بشكل مباشر من فرض الرسوم المرتفعة، والتي سيتحملها المواطن بحسب الناشط الحقوقي مصطفى الياسين، إذ ستنتهي تلك الرسوم برفع أسعار الأدوية حتى يتمكن الصيادلة ومعامل إنتاج الأدوية من تحقيق الربح، وبالتالي سيدفع المرضى عند شرائهم الأدوية الفروقات المالية للتراخيص.

نظّم عشرات الصيادلة في محافظة إدلب أخيراً، إضراباً وأغلقوا الصيدليات تعبيراً عن استنكارهم فرض الرسوم على استيراد الأدوية وإنتاجها وتخزينها، بالتزامن مع وقفة احتجاجية لمجموعة من الصيادلة والأطباء للمطالبة بحذف القرار الذي وصفه المحتجون بـ”الجائر”، ما دفع وزارة الصحة في حكومة الإنقاذ الى لقاء عدد من الصيادلة والاتفاق على إنشاء نقابة صيادلة وإشراك النقابة بقرارات الوزارة وتعليق العمل بالقرار 595 حتى 20آب/ أغسطس2024.

إجراءات استباقيّة

استبقت حكومة الإنقاذ قرارها الرامي الى جمع الأموال من معامل الأدوية والمستودعات والصيادلة وحليب الأطفال، بفرض إجراءات على استيراد الأدوية وحصر الكثير من الأنواع بالمعامل الداخلية التي تعود أساساً الى قياديين في هيئة تحرير الشام بحسب الصيدلي (ع.ح) صاحب إحدى الصيدليات في إدلب.

 كما عمدت هيئة تحرير الشام في الغزاوية ودير بلوط إلى قطع معابر إدخال الأدوية أمام المستوردين، لا سيما أدوية الالتهاب والمسكنات وأدوية التحسس وبعض خافضات الحرارة، فيما لا يمكن الاستغناء عن الأدوية القادمة من مناطق سيطرة النظام حيث المعامل القديمة هناك، والتي توفر مئات أصناف الأدوية.

يلفت (ع.ح) في حديثه لـ”درج”، الى أن الادوية الموجودة في مناطق سيطرة الجيش الوطني، أي شمال حلب، ثمنها أقلّ من الأدوية في إدلب بسبب الضرائب المرتفعة من جهة، وإدخال الأدوية من منطقة سيطرة المعارضة تلك إلى هذه المنطقة عن طريق التهريب ما يرفع أسعارها”. 

يقول (ع.ح): “هذا فشل ذريع، هناك منطقة واحدة تقع تحت سيطرة المعارضة يوجد فيها حكومتان ومعابر يتربح منها المهربون، وذلك كله هو ثمن يدفعه المرضى وذووهم، إذ إنهم سلسلة الشراء الأخيرة ويتحملون الضرائب والتهريب والكهرباء التي تُضاف كلها إلى سعر الأدوية”.

خلال الأشهر الـسبعة الماضية، ارتفعت أسعار الدواء في مناطق سيطرة تحرير الشام بين 40-50 في المئة تبعاً للأصناف، كما جاء على لسان العامل في مستودع فارما للأدوية في محافظة إدلب طعمة البقولي، إذ طرأ ارتفاع غير معلوم على الأدوية ولأسباب مجهولة، والظاهر منها فروقات الدولار على الليرة التركية وضرائب الاستيراد القديمة.

يضيف البقولي: “أكثر أنواع  الأدوية التي طرأ عليها ارتفاع في السعر هي زجاجات شراب التهاب الأطفال وقطرات العيون والأمبولات وتحاميل الأطفال الخافضة للحرارة، وكريمات الحساسية وأدوية التهاب الأمعاء والجهاز التنفسي. وتصدر نشرات الأسعار بشكل دوري من وزارة الصحة التابعة لحكومة الإنقاذ”.

أدوية محلّية غير مجدية

وصف  طبيب اختصاصي بالأنف والحلق والحنجرة للسيدة رانيا من سكان منطقة معرة مصرين، 4 حقنات عضلية من نوعية روسفليكس، بيد أن الصيدلي أعطاها البديل المحلي المسمى ريموكلاف، لكن تلك الوصفة لم تعطِ نتائج مرجوة منها على الرغم من أخذها الحقن الأربع، لتراجع الطبيب بعد عشرة أيام ولا يزال حلقها يعاني من الالتهاب، مصطحبة معها علب الأدوية الفارغة، والتي رفضها الطبيب وأرجع سبب عدم شفاء رانيا إلى البديل المحلي، معللاً بأن المادة الأولية في الصنف الأصلي المسمى روسفليكس موضوعة بشكل دقيق، أما الصنف البديل ريموكلاف فلا يحوي إلا على نصف المادة الفعالة التي من المفروض أن تحتوي عليها الحقنة.

حال السيدة رانيا ليست الوحيدة، إذ اشتكى المئات من المرضى من عدم فعالية الأدوية المحلية المنتجة في إدلب مقارنةً بالأدوية الأجنبية والقادمة من مناطق سيطرة النظام، فيما تبثّ وسائل إعلام رسمية تابعة لحكومة الإنقاذ زيارات متكررة لما يسمى الرقابة الدوائية التي تدعي باستمرار أن الأصناف المحلية للأدوية أفضل من تلك المستعملة، كونها تمر بمرحلتين رقابيتين، وهما النظام التحليلي ومن ثم نظام التيقظ الدوائي. أمّا الأدوية المستوردة فتحلّل مرة واحدة عند الدخول فقط.

سحبت وزارة الصحة خلال شهر نيسان/ أبريل2024، أمبولات  بيتا روس المعدة للحقن العضلي والمصنعة محلياً، بعدما ثبتت عدم فاعليتها، وتسببت أيضاً بأثار جانبية أبرزها التحسس، فيما تعاني الصيدليات من فقدان الأدوية العصبية التي باتت تباع بأسعار أكثر بـ 4 أضعاف عن أسعارها العام الماضي بسبب إدخالها عبر خطوط التهريب ومنع إدخالها من المعابر تمهيداً لإدخال أصناف جديدة مصنّعة محلياً.

الطعام مقابل الدواء 

يتلقى إسماعيل الدوماني مساعدة كل  3 أشهر من “فاعلي خير”  تحتوي على سكر وأرز وبرغل ومعلبات وزيوت وشاي، يستعين بها لإطعام أطفاله القابعين في مخيمات منطقة حارم بعد ترحيلهم من محافظة حمص قسرياً. وبحسب ما يروي لـ”درج”، فإن أحد أبنائه أصيب بمرض جلدي جراء المياه غير النظيفة في المخيمات بعد انقطاع برنامج دعم المياه المقدم من الأمم المتحدة وانتشار الأمراض والحشرات في شهر أيار/ مايو 2024.

 يستطرد اسماعيل الدوماني بأن ابنه كان بحاجة الى أدوية تحسس وأدوية التهاب ومراهم للجلد بشكل يومي تصل تكلفتها إلى 35 دولاراً أسبوعياً، فلم يجد أمامه سوى بيع قسم من المساعدات التي تمثل طعام الأسرة مقابل الحصول على الأدوية لطفله الذي لم يتم سنواته الست بعد.

يعلق الدوماني قائلاً: “نرضى بأن نبيت بلا عشاء والاعتماد على وجبة واحدة يومياً مقابل عدم تمدد الإصابة بجسد ولدي أغيد وألمه بشكل مستمر، وسط غياب فرص العمل في المنطقة واقتصارها على الأعمال الزراعية ذات الأجر الزهيد، وهي بالأصل متوافرة لأبناء المنطقة دون النازحين”.

تقول الصيدلانية في مدينة الدانا سمر الصواف، “دائماً ما يراجعنا مرضى لصرف أدوية فيتفاجأون بأسعارها المرتفعة، فيما لا يمكننا خفض الأسعار خوفاً من العقوبة، ليضطر المريض للاقتصار على نصف علبة الدواء أو حتى أقل من ذلك”.

غلاء الأدوية والتلاعب بأسعارها وفرض رسوم وأتاوات عليها، ذلك كله جاء بالتزامن مع انقطاع الدعم الطبي من المنظمات الدولية عن عشرات المستشفيات والمنشآت الصحية في شمال غربي سوريا. وبحسب بيان لفريق “منسقو استجابة سوريا”، فإن الدعم انقطع عن 85 منشأة ومستشفى منذ نهاية شهر حزيران/ يونيو الماضي، الأمر الذي سيؤدي إلى كارثة صحية بالتزامن مع ارتفاع مستويات الجوع إلى  41.05 في المئة والفقر إلى 91.18 في المئة من مجموع السكان. 

إقرأوا أيضاً: