fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

الأردن ومصر في مواجهة “الترانسفير”: ترامب يخلط الأوراق ويهز الاستقرار 

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تصريحات ترامب تعني أن مشروع اليمين المتطرف في إسرائيل أصبح الآن مشروع إدارة ترامب، وتضع الدبلوماسية الأردنية والمصرية أمام أسوأ كوابيسها، لأن المشروع لا يفضي فقط إلى استهداف حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، إنما إلى المس بأمن الأردن ومصر واستقرارهما وشكل هويتيهما وكيانيهما.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يعمل ملك الأردن عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على تشكيل تحالف عربي دولي لصدّ عرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لعمان والقاهرة باستضافة 1.5 مليون فلسطيني من قطاع غزة المنكوب. ويستهدف هذا الحراك المتسارع درء مخاطر انتحار سياسي في البلدين ووأد القضية الفلسطينية، في حال لجأت واشنطن إلى فرض المقترح بالتهديد والوعيد.

تصريحات ترامب تعني أن مشروع اليمين المتطرف في إسرائيل أصبح الآن مشروع إدارة ترامب، وتضع الدبلوماسية الأردنية والمصرية أمام أسوأ كوابيسها، لأن المشروع لا يفضي فقط إلى استهداف حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، إنما إلى المس بأمن الأردن ومصر واستقرارهما وشكل هويتيهما وكيانيهما.

الأردن ومصر والسلطة الوطنية الفلسطينية وحركة “حماس” وجامعة الدول العربية، رفضت اقتراح ترامب بتهجير الغزيين؛ الذي يحاكي رغبة إسرائيل في ضم أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلة، وتوسيع حدودها، وتصفية القضية الفلسطينية على حساب عمان والقاهرة، حليفتي واشنطن الاستراتيجيين والعاصمتين العربيتين المرتبطتين بمعاهدتي سلام مع إسرائيل برعاية أميركية.

دبلوماسيون ومسؤولون يقولون إن الملك عبدالله زار بروكسل الثلاثاء الماضي لحشد دعم الاتحاد الأوروبي، الذي تساند دوله الموقف العربي الداعي إلى حل الصراع في المنطقة، من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة داخل حدود الأراضي المحتلة في الرابع من حزيران 1967، مقابل التطبيع بين تل أبيب وباقي العواصم العربية.  

أثناء وجود الملك عبدالله في بروكسل، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس رفضه مقترح ترامب، وجدد دعم بلاده لمساعي حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الأممية.

ومن المتوقع أن يزور الملك عبدالله واشنطن قريباً للقاء ترامب وأركان الإدارة الجديدة، لمناقشة أفق السلام، بينما يسعى ترامب إلى ضمان أمن إسرائيل واستقرارها، فيما يحثّ الأردن على ضمان أمن الإقليم وازدهار اقتصاده من خلال قيام دولة فلسطينية مستقلة.

تزامن إعلان ترامب الاستباقي مع التلويح بعصا المساعدات للمملكة المخنوقة اقتصادياً وسط إقليم ملتهب. على أن دبلوماسيين يصفون قرار ترامب ب”المتهور وغير المدروس”، ويتوقعون تراجع إدارته عن حجب الشق المتصل بتمويل ١١ هيئة غير حكومية ومنظمة مجتمع مدني ضمن مشاريع USAID، علماً أن شق الدعم الحكومي المدني والعسكري لم يتأثر بقرار الرئيس الأميركي.  

تكتل عربي 

أشار عدد من الدبلوماسيين والمسؤولين، في حوارات مع موقع “درج” بشرط عدم ذكر أسمائهم لحساسية الموقف، إلى أن القاهرة تستعد لاستضافة مسؤولين أردنيين وقطريين وسعوديين وفلسطينيين من رام الله، نهاية هذا الأسبوع، للاتفاق على كيفية نزع فتيل قنبلة ترامب. 

ولإحباط الجزء الثاني من” صفقة القرن”  في ولاية ترامب الثانية، تسعى الجبهة العربية الدولية إلى إقناع الإدارة الجمهورية، بمخطط محسّن لحل الصراع العربي- الإسرائيلي، بما يفضي إلى حل الدولتين عبر إقامة دولة فلسطينية.

السعودية، بحسب مسؤولين، ستكون الدولة العربية الركنية في إيصال صوت المنطقة إلى الإدارة الجديدة، متكئة على رغبة واشنطن في إنجاز اتفاقية تطبيع بينها وإسرائيل، ووعد الرياض باستثمار  600 مليار دولار في اقتصاد واشنطن، خلال السنوات الأربعة المقبلة.

حتى اليوم، تقول الرياض ما يريد الأردن ومصر والفلسطينيون سماعه، وليس ما تتمناه أميركا وإسرائيل: إقامة دولة فلسطينية يبقى المطلب الذي يشكل حجر الزاوية في الموقف السعودي لقاء التطبيع، والحصول على دعم عسكري، وتعزيز برنامجها النووي لأغراض سلمية.

لكن الأردن ينظر الى التطبيع  بين الرياض وتل أبيب، على أنه آخر ورقة ضغط أساسية متبقية في أيدي العالم العربي، لدفع إسرائيل نحو قبول تنازلات ضرورية، قبل تحقيق ترتيبات الإدارة الأميركية مع الدولة الأغنى في المنطقة. 

نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق الذي خدم سفيراً في واشنطن وتل أبيب مروان المعشر، قال في مقابلة مع موقع “درج” إن “الصوت السعودي سيكون الصوت العربي الحاسم والأكثر تأثيراً على ترامب وإدارته”، وحث على “تعميق التعاون بين عمان والرياض لعقلنة خطط ترامب”.  

“من الضروري أن ننسق مع السعودية وقطر ومصر، وكل من له مصلحة في حل القضية الفلسطينية”، أضاف المعشر، وهو يجادل بأن طرح ترامب الأخير خارج السياق لأن “التطبيق سبق النظرية”، مذكراً بأنه لم يلقَ ترحيباً أو قبولاً لدى عدد من صانعي القرار والتشريع في أميركا. 

“حتى السيناتور ليندسي غراهام الأكثر قرباً من ترامب، صرح أن عرض الأخير لتطهير غزة ليس عملياً”، بحسب المسؤول الأردني السابق، الذي يخلص إلى أن “السعودية لن تستطيع توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل إذا ضمت الأخيرة قطاع غزة. ذلك لن يزبط”.

مسؤول سابق رفيع المستوى مطّلع على المشهد السياسي الأردني، يشير إلى ضرورة “تواصل عمان بقوة مع الرياض، لتفهم أين تقف مما يحدث، وماذا بإمكانها الالتزام به لحماية الأمن القومي لمصر والأردن والمنطقة”.

ويقول المسؤول السابق: “صحيح أن الأردن ليس بحجم ترامب. لكن لدى عمان أوراق مهمّة للعب دور محوري سياسي وأمني في دعم استقرار المنطقة، ودور اقتصادي في المستقبل كجسر بين الشرق والغرب بسبب موقعها الجيوسياسي”، لذلك “من الضروري أن نجلس إلى طاولة المفاوضات، من خلال فريق قادر على تحسين شروط الصفقة المقبلة”.

ويتحدث دبلوماسيون عن ثقلٍ وازن راكمه الملك عبد الله في الربع الأخير من القرن الماضي لدى عواصم الغرب – خصوصاً واشنطن – وبالتحديد مفاتيح “الكابيتول هيل” والإدارات العسكرية والمدنية هناك.   

سياسي آخر يرى أن تصريح ترامب قد يكون رسالة واضحة للتوافقات بينه وبين نتانياهو، حيال فرض الهدنة على غزة مقابل إطلاق يد الأخير في الضفة الغربية. 

ترامب والتشويش المستمر

ترامب لم يتوقف عن التشويش واللعب بأعصاب المسؤولين والمواطنين العرب، منذ  طرح مقترح تفريغ غزة خلال لقاء مع الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية مساء السبت الماضي. تحدث إليهم عن اتصاله بالملك عبدالله والطلب منه استضافة بعض الغزيين لأن القطاع مدمر. وقال إنه سيتواصل مع الرئيس السيسي للهدف ذاته، مع أن الإعلام الرسمي في مصر لم يأتِ على ذكر أي خبر عن اتصال بين الرجلين.

مساء الاثنين الماضي، فجر ترامب قنبلة ثانية عندما صرح باعتقاده أن الملك عبدالله والسيسي، سيقبلان طلبه لأنهما صديقين وقد خدمهما مراراً.

عودة ترامب إلى سدة الرئاسة للمرة الثانية والأخيرة، تُقلق الجميع، لا سيما مع غموض طبيعة الصفقة التي سيعرضها لما يصفه بوقف حروب العالم وأزماته، لكي يتفرغ لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لمواطنيه.

مخاطر المقبل… أعظم 

ما قاله ترامب ليس زلة لسان، بل محاولة لجس نبض دول معنية قبل طرح صفقته قيد الإعداد، التي يتوقع دبلوماسيون أن تبني على ما لم يتم إنجازه في صفقة القرن التي أطلقها في عهده الأول بين 2016- 2020..

يقول الدكتور عامر السبايلة الأستاذ الجامعي والخبير في مجال الجيوسياسة والأمن الوطني إن “ترامب يضغط على المملكة لاستقبال أهل غزة لكي تستقبل عمان فلسطينيي  الضفة الغربية”، ويتابع في مقابلة مع موقع “درج” أن ترامب مثل “الذي يلعب على طاولة بلياردو. يصوّب على اليمين، وهي فتحة غزة لكي تدخل الطابة في الشمال… محور الضفة – الأردن”.

من جانبه، يقول برلماني أردني إن “العام 2025 سيكون صعباً بالمقارنة مع حرب إسرائيل على غزة”، ويضيف: “بل نحن أمام مرحلة أصعب مما حصل في فلسطين ودول الجوار منذ نكبة 1948”.

 الخيارات

يُنظر في عمان إلى ترامب على أنه وخلافاً لإدارة جو بايدن السابقة، لا يعطي أهمية كافية لدور الأردن الإقليمي. السيناريو الأردني المرعب، هو إعادة تفعيل خطة بروح “صفقة القرن” من إدارة ترامب، بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية المتزمتة.

وتتمثل المخاطر في التحركات الإسرائيلية الرامية الى ضم أجزاء من الضفة الغربية، وتشجيع هجرة الفلسطينيين إلى الأردن بشكل مباشر أو غير مباشر، والإضرار بدور الأردن في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. 

ويرى البعض أن ذلك يعني إنهاء قضية حل الدولتين، التي راهن الأردن عليها لعقود، ويندرج ضمن مؤامرة الوطن البديل في الأردن، أي حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن، الذي يستضيف عدداً كبيراً من السكان من أصول فلسطينية، هكذا سيناريو خط أحمر بالنسبة إلى الملك عبدالله والكثير من الأردنيين.

السير إلى الأمام 

يعمل الأردن على تأكيد محورية عمان في واشنطن، من خلال التركيز على دورها الحيوي في الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها، من ضمنها إسرائيل، المرتبطة مع المملكة بمعاهدة سلام منذ 1994. كما يتمحور الجهد حول تأكيد الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التكامل الإقليمي، عبر تطوير البنية التحتية للغاز وطرق النقل والتجارة بين دول الخليج العربي وموانئ البحر الأبيض المتوسط، مع فتح باب الاندماج في عمليات التطبيع العربية- الإسرائيلية الحالية واللاحقة، بعد إقامة الدولة الفلسطينية المنشودة.

29.01.2025
زمن القراءة: 6 minutes

تصريحات ترامب تعني أن مشروع اليمين المتطرف في إسرائيل أصبح الآن مشروع إدارة ترامب، وتضع الدبلوماسية الأردنية والمصرية أمام أسوأ كوابيسها، لأن المشروع لا يفضي فقط إلى استهداف حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، إنما إلى المس بأمن الأردن ومصر واستقرارهما وشكل هويتيهما وكيانيهما.

يعمل ملك الأردن عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على تشكيل تحالف عربي دولي لصدّ عرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لعمان والقاهرة باستضافة 1.5 مليون فلسطيني من قطاع غزة المنكوب. ويستهدف هذا الحراك المتسارع درء مخاطر انتحار سياسي في البلدين ووأد القضية الفلسطينية، في حال لجأت واشنطن إلى فرض المقترح بالتهديد والوعيد.

تصريحات ترامب تعني أن مشروع اليمين المتطرف في إسرائيل أصبح الآن مشروع إدارة ترامب، وتضع الدبلوماسية الأردنية والمصرية أمام أسوأ كوابيسها، لأن المشروع لا يفضي فقط إلى استهداف حقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، إنما إلى المس بأمن الأردن ومصر واستقرارهما وشكل هويتيهما وكيانيهما.

الأردن ومصر والسلطة الوطنية الفلسطينية وحركة “حماس” وجامعة الدول العربية، رفضت اقتراح ترامب بتهجير الغزيين؛ الذي يحاكي رغبة إسرائيل في ضم أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلة، وتوسيع حدودها، وتصفية القضية الفلسطينية على حساب عمان والقاهرة، حليفتي واشنطن الاستراتيجيين والعاصمتين العربيتين المرتبطتين بمعاهدتي سلام مع إسرائيل برعاية أميركية.

دبلوماسيون ومسؤولون يقولون إن الملك عبدالله زار بروكسل الثلاثاء الماضي لحشد دعم الاتحاد الأوروبي، الذي تساند دوله الموقف العربي الداعي إلى حل الصراع في المنطقة، من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة داخل حدود الأراضي المحتلة في الرابع من حزيران 1967، مقابل التطبيع بين تل أبيب وباقي العواصم العربية.  

أثناء وجود الملك عبدالله في بروكسل، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس رفضه مقترح ترامب، وجدد دعم بلاده لمساعي حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الأممية.

ومن المتوقع أن يزور الملك عبدالله واشنطن قريباً للقاء ترامب وأركان الإدارة الجديدة، لمناقشة أفق السلام، بينما يسعى ترامب إلى ضمان أمن إسرائيل واستقرارها، فيما يحثّ الأردن على ضمان أمن الإقليم وازدهار اقتصاده من خلال قيام دولة فلسطينية مستقلة.

تزامن إعلان ترامب الاستباقي مع التلويح بعصا المساعدات للمملكة المخنوقة اقتصادياً وسط إقليم ملتهب. على أن دبلوماسيين يصفون قرار ترامب ب”المتهور وغير المدروس”، ويتوقعون تراجع إدارته عن حجب الشق المتصل بتمويل ١١ هيئة غير حكومية ومنظمة مجتمع مدني ضمن مشاريع USAID، علماً أن شق الدعم الحكومي المدني والعسكري لم يتأثر بقرار الرئيس الأميركي.  

تكتل عربي 

أشار عدد من الدبلوماسيين والمسؤولين، في حوارات مع موقع “درج” بشرط عدم ذكر أسمائهم لحساسية الموقف، إلى أن القاهرة تستعد لاستضافة مسؤولين أردنيين وقطريين وسعوديين وفلسطينيين من رام الله، نهاية هذا الأسبوع، للاتفاق على كيفية نزع فتيل قنبلة ترامب. 

ولإحباط الجزء الثاني من” صفقة القرن”  في ولاية ترامب الثانية، تسعى الجبهة العربية الدولية إلى إقناع الإدارة الجمهورية، بمخطط محسّن لحل الصراع العربي- الإسرائيلي، بما يفضي إلى حل الدولتين عبر إقامة دولة فلسطينية.

السعودية، بحسب مسؤولين، ستكون الدولة العربية الركنية في إيصال صوت المنطقة إلى الإدارة الجديدة، متكئة على رغبة واشنطن في إنجاز اتفاقية تطبيع بينها وإسرائيل، ووعد الرياض باستثمار  600 مليار دولار في اقتصاد واشنطن، خلال السنوات الأربعة المقبلة.

حتى اليوم، تقول الرياض ما يريد الأردن ومصر والفلسطينيون سماعه، وليس ما تتمناه أميركا وإسرائيل: إقامة دولة فلسطينية يبقى المطلب الذي يشكل حجر الزاوية في الموقف السعودي لقاء التطبيع، والحصول على دعم عسكري، وتعزيز برنامجها النووي لأغراض سلمية.

لكن الأردن ينظر الى التطبيع  بين الرياض وتل أبيب، على أنه آخر ورقة ضغط أساسية متبقية في أيدي العالم العربي، لدفع إسرائيل نحو قبول تنازلات ضرورية، قبل تحقيق ترتيبات الإدارة الأميركية مع الدولة الأغنى في المنطقة. 

نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق الذي خدم سفيراً في واشنطن وتل أبيب مروان المعشر، قال في مقابلة مع موقع “درج” إن “الصوت السعودي سيكون الصوت العربي الحاسم والأكثر تأثيراً على ترامب وإدارته”، وحث على “تعميق التعاون بين عمان والرياض لعقلنة خطط ترامب”.  

“من الضروري أن ننسق مع السعودية وقطر ومصر، وكل من له مصلحة في حل القضية الفلسطينية”، أضاف المعشر، وهو يجادل بأن طرح ترامب الأخير خارج السياق لأن “التطبيق سبق النظرية”، مذكراً بأنه لم يلقَ ترحيباً أو قبولاً لدى عدد من صانعي القرار والتشريع في أميركا. 

“حتى السيناتور ليندسي غراهام الأكثر قرباً من ترامب، صرح أن عرض الأخير لتطهير غزة ليس عملياً”، بحسب المسؤول الأردني السابق، الذي يخلص إلى أن “السعودية لن تستطيع توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل إذا ضمت الأخيرة قطاع غزة. ذلك لن يزبط”.

مسؤول سابق رفيع المستوى مطّلع على المشهد السياسي الأردني، يشير إلى ضرورة “تواصل عمان بقوة مع الرياض، لتفهم أين تقف مما يحدث، وماذا بإمكانها الالتزام به لحماية الأمن القومي لمصر والأردن والمنطقة”.

ويقول المسؤول السابق: “صحيح أن الأردن ليس بحجم ترامب. لكن لدى عمان أوراق مهمّة للعب دور محوري سياسي وأمني في دعم استقرار المنطقة، ودور اقتصادي في المستقبل كجسر بين الشرق والغرب بسبب موقعها الجيوسياسي”، لذلك “من الضروري أن نجلس إلى طاولة المفاوضات، من خلال فريق قادر على تحسين شروط الصفقة المقبلة”.

ويتحدث دبلوماسيون عن ثقلٍ وازن راكمه الملك عبد الله في الربع الأخير من القرن الماضي لدى عواصم الغرب – خصوصاً واشنطن – وبالتحديد مفاتيح “الكابيتول هيل” والإدارات العسكرية والمدنية هناك.   

سياسي آخر يرى أن تصريح ترامب قد يكون رسالة واضحة للتوافقات بينه وبين نتانياهو، حيال فرض الهدنة على غزة مقابل إطلاق يد الأخير في الضفة الغربية. 

ترامب والتشويش المستمر

ترامب لم يتوقف عن التشويش واللعب بأعصاب المسؤولين والمواطنين العرب، منذ  طرح مقترح تفريغ غزة خلال لقاء مع الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية مساء السبت الماضي. تحدث إليهم عن اتصاله بالملك عبدالله والطلب منه استضافة بعض الغزيين لأن القطاع مدمر. وقال إنه سيتواصل مع الرئيس السيسي للهدف ذاته، مع أن الإعلام الرسمي في مصر لم يأتِ على ذكر أي خبر عن اتصال بين الرجلين.

مساء الاثنين الماضي، فجر ترامب قنبلة ثانية عندما صرح باعتقاده أن الملك عبدالله والسيسي، سيقبلان طلبه لأنهما صديقين وقد خدمهما مراراً.

عودة ترامب إلى سدة الرئاسة للمرة الثانية والأخيرة، تُقلق الجميع، لا سيما مع غموض طبيعة الصفقة التي سيعرضها لما يصفه بوقف حروب العالم وأزماته، لكي يتفرغ لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لمواطنيه.

مخاطر المقبل… أعظم 

ما قاله ترامب ليس زلة لسان، بل محاولة لجس نبض دول معنية قبل طرح صفقته قيد الإعداد، التي يتوقع دبلوماسيون أن تبني على ما لم يتم إنجازه في صفقة القرن التي أطلقها في عهده الأول بين 2016- 2020..

يقول الدكتور عامر السبايلة الأستاذ الجامعي والخبير في مجال الجيوسياسة والأمن الوطني إن “ترامب يضغط على المملكة لاستقبال أهل غزة لكي تستقبل عمان فلسطينيي  الضفة الغربية”، ويتابع في مقابلة مع موقع “درج” أن ترامب مثل “الذي يلعب على طاولة بلياردو. يصوّب على اليمين، وهي فتحة غزة لكي تدخل الطابة في الشمال… محور الضفة – الأردن”.

من جانبه، يقول برلماني أردني إن “العام 2025 سيكون صعباً بالمقارنة مع حرب إسرائيل على غزة”، ويضيف: “بل نحن أمام مرحلة أصعب مما حصل في فلسطين ودول الجوار منذ نكبة 1948”.

 الخيارات

يُنظر في عمان إلى ترامب على أنه وخلافاً لإدارة جو بايدن السابقة، لا يعطي أهمية كافية لدور الأردن الإقليمي. السيناريو الأردني المرعب، هو إعادة تفعيل خطة بروح “صفقة القرن” من إدارة ترامب، بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية المتزمتة.

وتتمثل المخاطر في التحركات الإسرائيلية الرامية الى ضم أجزاء من الضفة الغربية، وتشجيع هجرة الفلسطينيين إلى الأردن بشكل مباشر أو غير مباشر، والإضرار بدور الأردن في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. 

ويرى البعض أن ذلك يعني إنهاء قضية حل الدولتين، التي راهن الأردن عليها لعقود، ويندرج ضمن مؤامرة الوطن البديل في الأردن، أي حل القضية الفلسطينية على حساب الأردن، الذي يستضيف عدداً كبيراً من السكان من أصول فلسطينية، هكذا سيناريو خط أحمر بالنسبة إلى الملك عبدالله والكثير من الأردنيين.

السير إلى الأمام 

يعمل الأردن على تأكيد محورية عمان في واشنطن، من خلال التركيز على دورها الحيوي في الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها، من ضمنها إسرائيل، المرتبطة مع المملكة بمعاهدة سلام منذ 1994. كما يتمحور الجهد حول تأكيد الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التكامل الإقليمي، عبر تطوير البنية التحتية للغاز وطرق النقل والتجارة بين دول الخليج العربي وموانئ البحر الأبيض المتوسط، مع فتح باب الاندماج في عمليات التطبيع العربية- الإسرائيلية الحالية واللاحقة، بعد إقامة الدولة الفلسطينية المنشودة.