هل يصبح القتل العمد جريمة قابلة للتفاوض؟ قبل أيام، وافق مجلس النواب المصري على إضافة مادة جديدة إلى قانون الإجراءات الجنائية، تمنح ورثة المجني عليه وولي الدم، حق التصالح في جرائم القتل العمد. هذه المادة القانونية التي وُلدت بدعوى تقليل أحكام الإعدام، فجّرت جدلاً واسعاً في الشارع المصري، حيث يرى كثيرون أنها تفتح الباب لتسوية الدم بالمال، وتحوّل العدالة من حق مقدّس إلى صفقة اجتماعية.
لكن أخطر ما في هذا القانون، ليس فقط تقنين العرف، بل إشراك الأزهر كمشرّع موازٍ للبرلمان، فهل تصبح العدالة في مصر رهينة لخوف الناس؟ أم أن القانون الجديد مجرد امتداد لسلطة العُرف المنتشرة في المجتمع منذ عقود؟
ما هي القصة؟
بدأت القصة بتكليف شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب رئيس لجنة المصالحات في الأزهر الدكتور عباس شومان، بإعداد مذكرة قانونية حول إمكانية تخفيف عقوبة الإعدام إلى السجن المؤبد في جرائم القتل العمد، إذا تم التصالح بين أسرة المجني عليه والجاني.
اعتمدت المذكرة في جوهرها، على رؤية دينية تستند إلى تعزيز ثقافة التسامح ونبذ العنف في المجتمع، خاصة في القضايا الثأرية التي تنتشر في المجتمعات القبلية. وفقاً لهذا التصور، فإن إقرار التصالح في مثل هذه الجرائم، يمثّل خطوة نحو إنهاء الخصومات الثأرية وتوطيد الاستقرار الاجتماعي.
رغم الطابع الإنساني الذي حاول الأزهر ترويجه عبر المذكرة، فقد اصطدمت بآراء قانونية، رأت في تدخل الأزهر تجاوزاً لدوره كمؤسسة دينية. فالتشريع في دولة مدنية يُعدّ اختصاصاً حصرياً للبرلمان، بينما يقتصر دور المؤسسات الدينية على إبداء الرأي في الأمور قطعية الثبوت والدلالة فقط.
مع ذلك، حصلت المذكرة على موافقة هيئة كبار العلماء، مما مهّد الطريق لعرضها على البرلمان المصري، عبر الدكتور علي جمعة رئيس لجنة الشؤون الدينية، الذي قدّمها كمقترح لإضافتها ضمن تعديلات قانون الإجراءات الجنائية الجديد.
أعاد هذا الطرح الجدل حول العلاقة بين الدين والدولة، خاصة في القوانين التي تمسّ الحقوق الجنائية وحقوق الإنسان، وسط تساؤلات مستمرة حول ما إذا كان هذا التدخل يمثّل انتهاكاً للمدنية القانونية، أم مجرد رأي استشاري يمكن الأخذ به أو تجاهله.
هل الأزهر جهة تشريع قانوني؟
وبالرغم من أن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب قال في حديث متلفز، إن الأزهر ليس جهة تشريع ولا يتدخل في سن القوانين، فهو معنيٌّ بإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، باعتباره مستنداً إلى أحكام الشريعة الإسلامية، معللاً ذلك بأن القوانين المستمدة من الشريعة الإسلامية، لا يجوز لغير المختصين إعدادها، كإشارة إلى أن الأزهر وحده كمؤسسة دينية، هو المسؤول عن إعداد القوانين ذات المرجعية الإسلامية، واعتبر أن المطالبات الموجّهة للأزهر بالتوقّف عن إعداد قوانين الأحوال الشخصية عبث.
من جانبه، أكد المحامي مايكل رؤوف، أن العودة إلى مشيخة الأزهر في المواد القانونية المتعلّقة بالشريعة الإسلامية، تأتي استناداً إلى نص المادة الثانية من الدستور المصري، التي تنص على أن الإسلام دين الدولة، وأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
وأوضح رؤوف، في حديثه لـ “درج”، أن دور الأزهر يقتصر على إبداء الرأي الشرعي في القوانين التي تمس الأحكام قطعية الثبوت والدلالة، والتي لا تحتمل الاجتهاد أو التأويل، مثل بعض مواد قانون العقوبات، وأكد أن هذا الرأي يُؤخذ بعين الاعتبار قبل تقنين القوانين، لكنه يظل استشارياً وليس إلزامياً، باعتبار أن التشريع هو اختصاص أصيل للبرلمان المصري.
وأشار رؤوف إلى أن الإجراء نفسه يُتّبع في القوانين الخاصة بالأحوال الشخصية لغير المسلمين، حيث يتم الرجوع إلى الكنيسة المصرية لإبداء رأيها بما يتفق مع أحكام الشريعة المسيحية، في إطار ضمان احترام العقائد الدينية المختلفة.
ما هو نص المادة الجديدة؟
تنص المادة المستحدثة على أحقية “أولياء الدم أو ورثة المجني عليه”، في التصالح في الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب، بما يترتّب عليه انقضاء الدعوى الجنائية، حتى لو كانت مرفوعة بالطريق المباشر، مع وقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح أثناء تنفيذها، من دون المساس بحقوق أولياء الدم أو ورثة المجني عليه في الدعوى المدنية.
يرى المشرّعون أن التعديل يستهدف تقليل أحكام الإعدام وتعزيز السلم المجتمعي.
يقول الفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي، في حديثه لـ “درج”، إن المادة المستحدثة تفتح الباب أمام تحوّل دم القتيل إلى سلعة للبيع والشراء، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة التي يعاني منها الفقراء، ويضيف أن الضغوط المالية قد تدفع أسر الضحايا إلى القبول بالتصالح من اللحظة الأولى، مقابل تعويضات مادية، بدلاً من المطالبة بحقهم في العدالة.
ويشدد الإسلامبولي على ضرورة التفرقة بين القتل العمد، الذي ينطوي على نية مبيتة لإزهاق الروح، والقتل الخطأ الذي لا يقترن بتعمّد الجاني للجريمة، ويرى أن تطبيق التصالح في جرائم القتل العمد، قد يعزز سطوة الأغنياء على الفقراء، مما يجعل العدالة رهينة للمال، خاصة في المناطق الأكثر فقراً، مؤكداً أن فكرة الدية لا تجوز إلا في حالات القتل الخطأ، محذراً من أن إقرار التصالح في القتل العمد في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، سيجعل المال هو المتحكّم الرئيسي في مصير العدالة.
أنواع جرائم القتل
في إطار متّصل فإن جناية القتل في القانون المصري تنقسم إلى أربعة أنواع رئيسية، تتفاوت في خطورتها وفقاً لنية الجاني وظروف ارتكاب الجريمة، رغم أن جميعها تشترك في نتيجة واحدة وهي إزهاق الروح، إلا أن القصد الإجرامي يختلف في كل نوع منها:
القتل الخطأ (القتل غير العمدي):
يحدث نتيجة رعونة أو إهمال الجاني وعدم مراعاته القوانين أو اللوائح، من دون وجود نية مسبقة لإزهاق الروح، مثل حوادث السير الناتجة عن مخالفة قواعد المرور، ويُعدّ هذا النوع الأقل خطورة، ويجوز فيه التصالح لأنه معدوم القصد الجنائي.
الضرب المفضي إلى الموت (القتل من دون نية القتل):
يحدث عندما يتعدّى الجاني على المجني عليه خلال مشاجرة أو اعتداء بدني من دون أن يقصد قتله، لكن نتيجة الضرب أو الاعتداء تؤدّي إلى الوفاة. رغم خطورة الجريمة، تظل خالية من نية القتل العمد، ويجوز فيها التصالح وفقاً للظروف المحيطة.
القتل البسيط (القتل العمد من دون سبق إصرار وترصد):
يتمثّل في أن يقصد الجاني قتل شخص محدد، لكن نتيجة ظروف غير متوقّعة تصيب الضربة شخصاً آخر، مثل أن يصوّب الجاني سلاحه تجاه شخص معين فيصيب شخصاً آخر عن طريق الخطأ. في هذه الحالة، تكون العقوبة مشددة تصل إلى السجن 25 عاماً، مع إجازة التصالح.
القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد:
يُعدّ أخطر أنواع جرائم القتل، حيث يخطط الجاني للجريمة مسبقاً وينفّذها بإرادة كاملة، مما يعكس تصميماً واضحاً على إزهاق الروح. وهذا النوع لا يقبل التصالح بأي حال من الأحوال، باعتباره اعتداءً على المجتمع بأسره، ويستوجب العقوبة الأشد، وفقاً للنصوص الشرعية والقانونية
إقرأوا أيضاً:
تاريخ التصالح في جرائم القتل بمصر
بدأت فكرة التصالح في قضايا القتل في التشريعات المصرية مع الجرائم التي تقع بطريق الخطأ، باعتبارها أفعالاً لا تتوفّر فيها نية إزهاق الروح، مثل حوادث السير والإصابات الناتجة عن الإهمال، واعتمد القانون في ذلك على قواعد الشريعة الإسلامية التي تجيز التصالح في مثل هذه الجرائم مقابل دفع الدية.
ومع مرور الوقت، توسّع نطاق التصالح تدريجياً ليشمل الجرائم المالية، ثم الجرائم التي تسبب إصابات جسدية أو عاهات مستديمة، حيث صدر قانون خلال الفترة بين عامي 2014 و2015، يجيز التصالح في الجرائم المالية مثل الشيكات، وإيصالات الأمانة، والتبديد، باعتبارها جرائم تقوم على عنصر مالي بحت وليس على نية جنائية. لاحقاً، أُضيفت تعديلات إلى القانون، لتشمل التصالح في جرائم القتل والإصابة الخطأ، حيث تنقضي الدعوى الجنائية في هذه الحالات بدفع الدية.
ويعكس هذا التشريع تدرجاً قانونياً بدءاً من الجرائم المالية، وصولاً إلى الجرائم التي تُسبب إصابات جسدية أو الوفاة غير المتعمدة. كما منح القانون القاضي سلطة تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات، التي تتيح تخفيض العقوبة إلى حد الحبس لمدة عام، مع إيقاف التنفيذ في بعض الحالات، وفقاً لتقديره.
استغلال التصالح في جرائم القتل الخطأ
بحسب كتاب “دية النفس في الشريعة الإسلامية”، يشير أحمد محمد النيف إلى أن رخصة التصالح في جرائم القتل الخطأ، خاصة في البيئات البدوية والعشائرية، قد استُغلت لخدمة جرائم القتل العمد، التي يتم تصويرها على أنها وقعت بطريق الخطأ، ويضرب النيف مثالاً على ذلك بحوادث السيارات، أو وقائع إطلاق النار التي قد تُقيّد كجرائم قتل خطأ، رغم وجود نية جنائية مسبقة، مما يؤدّي إلى تبرئة الجاني بمجرد التصالح مع أهل المجني عليه.
طرح طبيب التشريح البريطاني سيدني سميث في كتابه “قارئ الجثث”، واقعة مشابهة شهدتها إحدى القرى الريفية المصرية، حيث قتل أب ابنته بدعوى أن طلقة نارية خرجت بالخطأ أثناء تنظيفه سلاحه. حاول الأب علاج ابنته التي ظلت تعاني أسبوعين حتى فارقت الحياة، لكنه لم ينقلها إلى المستشفى خوفاً من المساءلة القانونية عن حيازة السلاح بدون ترخيص، وعندما توفيت، ألقى جثتها في بئر مهجورة حتى تحللت بالكامل، ولم يكشف الجريمة سوى العثور على بقايا ثلاثة عظام فقط، ومع ذلك، أُفرج عن الأب بعد إثبات أن الوفاة حدثت من دون قصد.
تسلّط هذه الواقعة الضوء على استغلال الثغرات القانونية في التصالح بجرائم القتل الخطأ، وهو ما يثير المخاوف بشأن توسيع نطاق التصالح ليشمل جرائم القتل العمد في التعديلات التشريعية الأخيرة، مما قد يمنح القتلة فرصة للإفلات من العقاب تحت غطاء القانون.
فيما يرى ممدوح الدربالي، نقيب محامي مطروح السابق، أن التعديل الجديد لا يتناقض مع أحكام الشريعة الإسلامية، بل يتماشى مع المنطق الإنساني، حيث يمنح أولياء الدم؛ باعتبارهم الأكثر تضرراً من الجريمة، الحق في التصالح، لأن الهدف من العقوبة هو إشفاء صدور المتألمين.
ويضيف الدربالي أن التعديل يضع القرار في يد ذوي المجني عليه من دون فرض أي شيء عليهم، إلا أنه يعرب عن مخاوفه من أن يصبح التصالح وسيلة للإفلات من العقوبة في ظل الفجوة الاقتصادية بين الأغنياء والفقراء، مما قد يحوّل المادة إلى طوق نجاة للأثرياء، ويكرّس قاعدة: “اللي تعرف ديته اقتله”.
ويحذر الدربالي من أن استغلال هذا التعديل، قد يفتح الباب أمام تصفية المعارضين والمفكرين وأصحاب الرأي، سواء من قبل خصوم أثرياء أو جهات ذات نفوذ.
القتل بالثأر كرامة في ثقافة القرية المصرية
وصف توماس راسل مدير الأمن العام في مصر خلال فترة الاحتلال البريطاني، في كتابه “مذكرات حكمدار القاهرة” جرائم القتل، بأنها جرائم صبر، حيث كان القاتل ينتظر سنوات طويلة حتى يحين موعد انتقامه وكأنه يسدد ديناً قديماً، وذكر أن دوافع القتل في الريف تحدث بدافع الثأر أو الشرف أو النزاعات على الأراضي، وذكر في كتابه أن الفلاحين لم ينظروا إلى القتل باعتباره جريمة، بقدر ما كان وسيلة لاستعادة الكرامة أو تصفية الحسابات.
لم يكن صمت المجتمع المحيط أقل أهمية من الجريمة نفسها، إذ كانت القرى بأكملها تتكتّم على القاتل، وتعتبره بطلًا يسير وفق أعراف القبيلة. وصف راسل هذا السلوك بـ “العنف الصامت”، حيث يعيش القاتل بجوار ضحيته المحتملة في انتظار اللحظة المناسبة للثأر، بينما يعرف الجميع مصير الضحية المنتظر من دون أن يحرك أحد ساكناً، وقد ساد ذلك التراث العُرفي في التعامل مع القتل، وتكرّس على مدار عقود زمنية طويلة.
كما أشار راسل، في أكتر من موضع إلى أن أخبار جرائم القتل في الريف كانت تنتقل عبر السمع والقالة، وشغل الخفراء والمخبرون مهمة نشر هذه الأخبار داخل القرى، في ظل علاقتهم الوطيدة مع شيوخ البلد والخطابة، بالإضافة إلى دور السيدات الكبيرات في القرى “الخاطبة/ الدلالة”، في نشر أخبار جرائم القتل داخل المجتمعات القروية الصغيرة.
الإعدام في ميدان عام
اعتُبر الشنق الوسيلة الوحيدة لتنفيذ عقوبة الإعدام في مصر، بموجب المادة 13 من قانون العقوبات في الدستور المصري، ويقول المستشار إيهاب عبد المطلب نائب رئيس محكمة النقض، في كتابه “العقوبات الجنائية في ضوء الفقه والقضاء”، إن عقوبة الإعدام كانت تُنفّذ علناً في مصر لتحقيق الأثر المطلوب من الرهبة والاعتبار، وفي المكان نفسه الذي وقعت فيه الجريمة، وقد شنّت الصحف المصرية حملة سنة 1903، لإيقاف تنفيذ أحكام الإعدام علانية، وبعدها صدر قرار بتنفيذ عقوبة الإعدام داخل السجون بدءاً من العام 1904.
القتل العمد لا يقبل التصالح
إن الجريمة النكراء التي أرى أنها لا تقبل التصالح بأي حال من الأحوال، هي جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، إذ تُعدّ اعتداءً صارخاً على المجتمع بأسره، وليست مجرد انتهاك لحق فرد بعينه. إصرار الجاني على إزهاق الروح بشكل متعمّد، يجعل التصالح معه غير مقبول على الإطلاق، استناداً إلى قول الله تعالى: “وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن”. بهذه الكلمات افتتح المحامي بالنقض رمسيس النجار حديثه لـ “درج”، لافتاً إلى هدف عقوبة الإعدام، الممثّل أولاً في الردع العام للمجتمع حتى يهاب الجريمة ويخشاها، وثانياً الردع الخاص بحيث لا يكون في المجتمع مثل هؤلاء المجرمين.
وقال: “حتى لو أن هناك تصالحاً، فإن رأت المحكمة من بشاعة الجريمة وقصد المتهم واصراره ونيته على القتل، يجوز للمحكمة أن تقضي بالعقوبة”.
كما ذكر النجار واقعة تصالح كان وكيلاً فيها عن المتهم، حدثت في عام 2011، طُبقّت فيها مادة التصالح في جريمة القتل غير الخطأ قبل أن تكون موجودة، إذ حدثت جريمة قتل بالرصاص ونتج عنها وفاة شخص، وأحالت النيابة العامة المتّهم بحيازة سلاح من دون رخصة، وقررت ألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في جريمة القتل، وقال: “فوجئت بالقاضي يقول لي براءة لأن القضية حُكم فيها عرفياً، لقد تم تقديم حكم عرفي للنيابة بين أهل المجني عليه والقاتل، بدفع مبلغ قيمته 500 ألف مصري وحدث الصلح”.
وفي كانون الثاني/ يناير 2022، كانت محكمة الدقهلية قد حكمت بالسجن المؤبد في قضية محمد زكريا محرز، قاتل شقيقته حرقاً بعد نزاع على الميراث، جاء هذا الحكم مخففاً بعد أن تصالحت وتنازلت الأم صاحبة الدم عن حقها مع المتّهم وهو ابنها، إلا أن المحكمة قضت بالعقوبة المشددة الثابتة في حكمها، باعتبار أن الأخ ليس له سلطان على شقيقته، ولا رقابة فهي رشيدة وبالغة وعاقلة، وقضت المحكمة بالعقوبة المنصوص عليها في القانون.
ويرى النجار، أن تنفيذ المادة المستحدثة يتعلّق بالقاضي، فقد يتصالح المتّهم مع ورثة الدم، بينما لا يتنازل القاضي عن الحق المدني في الدعوة، ويقول: “أرى أن المشرّع أراد أن يخفف من وطأة السجون، ومن المجرمين الجنائيين خاصة في النفس، ولذلك أورد تلك المادة لكي يكون هناك مجال للقاضي، الذي ينظر في الدعوة، أن يخفف العقوبة إلى حد الإيقاف، ونرى أن هذا التشريع مصون بالتطبيق”.
“الدم غالٍ… لكن الجوع كافر”، معادلة شائكة تخيف الرأي العام المصري، وسط مخاوف من أن يدفع الفقر البعض إلى التنازل عن القصاص في جرائم القتل العمد مقابل المال، مما يفتح الباب أمام انتشار الجريمة تحت مظلة التصالح. يخشى المجتمع أن تتحوّل العدالة من حكم القانون إلى حكم الأعراف القبلية، حيث يسود المثل الشعبي: “اللي تعرف ديته اقتله”.
ورغم هذه المخاوف، لا يزال المواطنون يثقون بعدالة القضاء المصري كحارس أخير لحماية المجتمع، وإعلاء سيادة القانون فوق أي اعتبارات عرفية أو مصالح مادية.
إقرأوا أيضاً: