سقطرى – أحلام محمد
عاد ملف محافظة سقطرى إلى الواجهة، بعد تصريحات مسؤول إماراتي -لم تتبيّن هويته- أثناء اجتماع مع قيادات في الجزيرة تحدّث فيها عن منح بلاده الجنسية لسكان الجزيرة، كمواطنين إماراتيين.
تزامن ذلك مع توجيه دعوة رسمية لمحافظ أرخبيل سقطرى أحمد محروس لزيارة الإمارات، والذي قال إن برنامج الزيارة سيشمل عقد لقاءات متعددة، تناقش فيها جملة من القضايا المتعلقة بشؤون المحافظة في المجالات الخدمية والتنموية.
وكان لافتاً مطالبة القيادي في ما يعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي” محافظ سقطرى الأسبق سالم السقطري من حاكم عجمان حميد النعيمي بتجنيس عائلة عيال صالح بن قريضة التي تسكن في جزيرة عبدالكوري.
وجاء في مذكّرة السقطري الذي أقاله الرئيس عبدربه منصور هادي منتصف 2017، مخاطبته لحاكم عجمان لاستكمال الإجراءات القانونية لتمكينهم من الحصول على الجنسية الإماراتية أسوة بمن تحصل ذلك لتوفير سبل العيش الكريم في موطنهم الأصيل “دولة الإمارات”، على حد قوله.
وتعتبر مختلف القوى السياسية باليمن المواقف التصعيدية الإماراتية السابقة، بأنها تمس بسيادة اليمن، وتزج بالجزيرة في أتون صراعات، ظلت بمنأى عنها طوال أكثر من ثلاث سنوات.
وبدأت الإمارات في القيام بأنشطة مختلفة في سقطرى تحت لافتة الأعمال الإنسانية والاستثمارية منذ وقت مبكر، خاصة بعد تدخّل التحالف العربي في اليمن في مارس/آذار 2015.
وحتى اليوم لم يصدر أي موقف من الحكومة الحالية بقيادة رئيس الوزراء معين عبدالملك، بخصوص سقطرى وطبيعة تواجد الإمارات فيها.
شغب إماراتي
شكّلت الإمارات قوات تابعة لها في اليمن، كالحزام الأمني الذي يحكم سيطرته على العاصمة المؤقتة عدن، وسبق له أن خاض معارك ضد القوات الحكومية في مطلع العام الماضي.
وفي تعليقه على تصريحات الإماراتي الذي ظهر في مقطع فيديو تداوله نشطاء على نطاق واسع، وصف المحلل السياسي محمد الغابري ذلك بـ”الشغب الإماراتي” كون المتحدّث ليس له أي صفة.
وقال لـ”المشاهد” حدود الدول وأراضيها ومياهها وجزرها لا تحدّدها رغبات أشخاص ولا دول كبرى، فضلا عن إمارة أبوظبي التي تحاول إزعاج اليمنيين.
وأكد “كل ما تفعله الإمارات لن يترتب له شيء على الأرض، فالعلاقات بين الدول محكومة بقواعد وقوانين العلاقات الدولية.
وتابع الغابري “ننظر مثلا هل هناك دولة ما تدعي أنها ستملك أراضي دولة أخرى، وحيث لا يوجد سبب واحد كأن تكون متنازع عليها بين الدولتين، فسقطرى بالتالي لا يمكن أن تكون إلا أرض يمنية”.
انعكاس للواقع
وشهدت سقطرى في الربع الثاني من العام 2018 خلافات بين اليمن والإمارات، على خلفية إرسال الأخيرة قوات وآليات عسكرية إلى المحافظة، بالتزامن مع وجود رئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر وعدد من أعضاء حكومته آنذاك.
أدّى ذلك إلى تدخّل سعودي لاحتواء الأزمة بين أبوظبي وعدن، وتم التوصل عقبها لاتفاق يقضي بسحب القوات الإماراتية من الجزيرة، وهو ما لم ينفّذ حتى اللحظة، برغم إخراج دفعة بسيطة من قواتها، فضلا عن تجنيدها لبعض أبناء المحافظة.
واعتبر الصحفي صدام الكمالي ما يحدث في سقطرى بأنه يختصر قصة العبث الإماراتي في اليمن، والخلاف المتصاعد بينها وبين السلطة الشرعية.
وقال في حديثه لـ”المشاهد” أتوقع استمرار الإمارات بالعبث في سقطرى، أو في بقية المناطق اليمنية بشكل متزايد، إن بقي وضع الدولة بهذا الشكل، وفي ظل منع هادي ورجال الدولة من العودة للبلاد”.
وفي مقارنته لوضع الدولة حاليا عما كانت عليه قبل أشهر، رأى أن الشرعية وضعها أضعف من السابق عندما تصدت للاحتلال الذي كانت قد بدأته الإمارات للجزيرة.
دفع ذلك الإمارات للاتجاه نحو الهيمنة على الجزيرة، عن طريق منح السكان الجنسية واستقطاب الشباب، مستغلة الوضع المعيشي المتردّي للمحافظة، بحسب الكمالي.
ولم يستبعد أن يزداد الوضع تصعيداً من جانب الإمارات، مؤكدا أن لا حل أمام الحكومة إلا المواجهة وإن كان إعلاميا، وتصعيد خطابها لوقف أبوظبي كما فعلت في المرة السابقة
الجزيرة الكنز
يُعد أرخبيل سقطرى من أبرز الأماكن السياحية في اليمن، وتصنفه اليونسكو كمحمية طبيعية نادرة، فهو يتشكل من عدة جزر بينها درسة وسمحة وعبد الكوري، إلى جانب ست جزر صخرية. وعاصمة سقطرى هي حديبو، وتبلغ مساحة الجزيرة 3650 كيلومترا، أما عدد سكانها فيقدر بنحو 150 ألف نسمة.
وتتميز سقطرى بتنوع نباتي وحيواني وجغرافي فريد، حيث سُجل فيها وجود حوالي 850 من النباتات المستوطنة، منها 280 نوعاً لا توجد في أي مكان في العالم، وبها المخزن الاحتياطي لليمن من الثروة السمكية.
وتمتلك الجزيرة موقعاً استراتيجياً، فهي نقطة التقاء المحيط الهندي مع كل من بحر العرب مع باب المندب قبالة شاطئ المُكلا جنوب اليمن (300 كم) وشواطئ الصومال (80 كم).
مشاريع مثيرة للجدل
في تقرير سابق لصحيفة الإندبندنت، فإن الحرب الحالية جعلت من سقطرى مركزاً لصراع جديد على السلطة بين الحكومة اليمنية الضعيفة، والطموحات الجيوسياسية المثيرة للجدل للإمارات العربية المتحدة في القرن الأفريقي.
وأشارت إلى أن البداية للإمارات بسقطرى كانت تحت لافتة المشاريع الخيرية والاستثمارية، لكنها تطوّرت إلى بناء قاعدة عسكرية وإنشاء شبكة اتصالات، وترحيل الإماراتيين الذين يملكون عائلات سقطرية ويجيدون لغتهم المحلية إلى الجزيرة.
وتحدثت الصحيفة بأن سقطرى تجمع المصالح العسكرية والاقتصادية لدولة الإمارات، كون الجزيرة كانت قديماً، تقع في قلب طرق التجارة القديمة الحرير والتوابل بين العالم العربي وأفريقيا وآسيا، وهي تقع اليوم في منتصف واحدة من أهم قنوات تجارة النفط في العالم.
هذا المقال مأخوذ من موقع المُشاهد اليمني ولقراءة المقال الأصلي زوروا الرابط التالي