fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

الاغتصاب الزوجي: الجريمة المباحة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لماذا لا يُعد الاغتصاب الزوجي جريمة في قوانيننا المصرية؟ ولماذا تضطر بعض السيدات إلى الصمت إثر تعرضهن للاغتصاب الزوجي الذي يُعد من أبشع أنواع الانتهاكات التي قد تمارس عليهن؟

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لماذا لا يعد الاغتصاب الزوجي جريمة في قوانيننا المصرية؟ ولماذا تضطر بعض السيدات إلى الصمت إثر تعرضهن للاغتصاب الزوجي الذي يعد من أبشع أنواع الانتهاكات التي قد تمارس عليهن.

يعرَّف الاغتصاب في التشريع باعتباره جريمة جنسية، لأنه جماع بالقوة أو بالإكراه من دون موافقة الضحية، وهي جريمة قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد في بعض البلدان مثل الولايات المتحدة، وأحياناً الإعدام في بلدان أخرى مثل إيران، وعلى رغم أن هذه العقوبات تبدو حازمة تجاه فكرة الاغتصاب، إلا أنها غالباً ما تتحول إلى عقوبات مخففة، نتيجة ثغرات في القوانين، لها علاقة بملابسات جريمة الاغتصاب، وهو ما نراه في قضايا الاغتصاب في مختلف الدول، من ضمنها مصر.

الغريب أن هذا التغليظ الواضح في قضايا الاغتصاب، قد يختفي تماماً بمجرد أن تقترن كلمة الاغتصاب بـ”الزوجي”، فيتحول فعل الاغتصاب من جريمة جنسية مغلظة إلى فعل غير مجرم، لا في القانون ولا في الدين ولا حتى في المجتمع. فطالما أن المغتصب هو الزوج، فإن له حرية اغتصاب زوجته كما يشاء، وكأن السيدة المغتصبة والمنتهكة، هي ملكيته ويحق له انتهاكها جسدياً ونفسياً، ما دامت في حوزته.

فكرة ملكية الزوج لزوجته ليست فكرة مبالغاً فيها، بل هي فكرة تعززها ثقافة مجتمعنا الشرقي القائمة بشكل كبير على الذكورية، فتتضخم الذات الذكورية عند الرجل إثر إشباعه طوال الوقت بفكرة أنه هو من يملك القوة والسيطرة بفعل نصوص دينية وأعراف اجتماعية. وفي المقابل، هذه الثقافة ذاتها تلغي حق المرأة في الموافقة على ممارسة الفعل الجنسي مع الزوج، وكأن الزواج موافقة أبدية منها على ممارسة الجنس معه ساعة يشاء.

وبالتالي نصبح أمام صورة درامية، قوة الرجل فيها متضخمة بشكل كبير، مقابل تهميش حق المرأة وصوتها في التعبير عما تريده.

لماذا تسلب مجتمعاتنا من المرأة حق الموافقة على الفعل الجنسي؟ لأن إعطاء المرأة هذه السلطة ببساطة سيهدم أسطورة التفوق الذكوري التي تعززها ثقافتنا طول الوقت، فيصبح اغتصاب الزوج زوجته أمراً طبيعياً، على رغم أنه في حقيقة الأمر، ليس جريمة وحسب، بل أيضاً فعل تعذيب وترهيب، يمارسه المجتمع كله بحق المرأة، لا زوجها وحده.

 

الغريب أن هذا التغليظ الواضح في قضايا الاغتصاب، قد يختفي تماماً بمجرد أن تقترن كلمة الاغتصاب بـ”الزوجي”، فيتحول فعل الاغتصاب من جريمة جنسية مغلظة إلى فعل غير مجرم، لا في القانون ولا في الدين ولا حتى في المجتمع.

 

من التحليلات الذكية في فكرة الاخضاع المتعلقة بالاغتصاب الزوجي تحليل للكاتبة تاي آتكنسون في دراسة بعنوان “مؤسسة الجماع الجنسي”، تصف فيها الاغتصاب الزوجي كنوع من السلطة القائمة على القوة الجسدية بمعنى أن من يملك القوة يرى في نفسه الحق في انتهاك جنسانية الآخر وعممت تاي آتكنسون هذه الرؤية، وضربت أمثلة عن حوادث الاغتصاب التي تحصل في التظاهرات مثلاً، أو الاغتصاب على يد رجال الشرطة أو الاغتصاب بدافع العنصرية، وكأن الجنسانية مجال اجتماعي للسلطة الذكرية، يمارس فيها الجنس بطريقة قسرية.

لماذا تصمت المرأة على الاغتصاب الزوجي، على رغم كونه من أشنع الجرائم التي قد ترتكب في حقها وليس مرة واحدة، بل ربما مرات كثيرة؟ ربما لأن المرأة أحياناً يلتبس عليها فهم الاغتصاب الزوجي، هل هو اعتداء جنسي أم حق زوجي؟ إلى جانب أن هناك شريحة عريضة من السيدات ينتمين إلى طبقات محافظة غير مسموح لهن بالحديث والافصاح عن شكل العلاقة الجنسية التي يحصلن عليها.

أظن أننا نحتاج إلى إعادة تعريف مفهوم الاغتصاب الزوجي، ومن ثم تجريمه، وفتح نقاش موسع حوله، لا سيما من الناحية الدينية، بسبب التفسيرات الكثيرة المغلوطة، التي تُشرّع للزوج ممارسة العلاقة الجنسية مع زوجته متى شاء، وتسحب من الزوجة الحق في الموافقة. ومن ذلك، الحديث المعروف عن أبي هريرةَ: قالَ رسولُ اللَّه: “إِذَا دعَا الرَّجُلُ امْرأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فلَمْ تَأْتِهِ فَبَات غَضْبانَ عَلَيْهَا؛ لَعَنتهَا الملائكَةُ حَتَّى تُصْبحَ”.

نسبة الإحصاءات التي ترصد نسبة تعرض النساء للاغتصاب الزوجي غير دقيقة لمعرفة الأعداد الحقيقية، نتيجة الخوف من الافصاح، لكن هناك إحصاءات تم الاعتراف بها دولياً، مثل تقرير صادر عن الأمم المتحدة  أكد أن 35 في المئة من النساء حول العالم تعرضن لاعتداء جنسي من الشريك الحميم، كما تعرضت واحدة من بين كل عشر نساء- 120 مليون سيدة- للجماع القسري من أزواج حاليين أو سابقين.

وهناك إحصاءات مصرية حاولت رصد نسبة الاغتصاب الزوجي في مصر، كإحصاء عام 2014 عن العنف ضد المرأة ضمن المسح السكاني، تحت إشراف وزارة الصحة المصرية، وكشف عن أن 267 من السيدات المتزوجات فى عينة البحث البالغة 6693 سيدة تعرضن للعنف الجنسي من أزواجهن، و30 في المئة ممن انفصلن عن أزواجهن تعرضن للعنف مرة واحدة على الأقل، وهي نسبة قريبة لما ورد في تقرير منظمة الصحة العالمية عام 2013، الذي أجري فى دول عدة منها مصر، ورصد أن 35  في المئة من النساء يتعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي من أزواجهن.

عادة ما يقترن الاغتصاب الزوجي بالضرب، وقد يصل أحياناً إلى إصابة المرأة بعاهات دائمة أو حتى القتل والتلذذ بالضرب.

في المحصلة، الاغتصاب ليس شكلاً من أشكال الجنس، وليس طبعاً حقاً زوجياً ولا شرعياً، بل هو عنف وتعذيب وإرهاب.

25.03.2019
زمن القراءة: 4 minutes

لماذا لا يُعد الاغتصاب الزوجي جريمة في قوانيننا المصرية؟ ولماذا تضطر بعض السيدات إلى الصمت إثر تعرضهن للاغتصاب الزوجي الذي يُعد من أبشع أنواع الانتهاكات التي قد تمارس عليهن؟

لماذا لا يعد الاغتصاب الزوجي جريمة في قوانيننا المصرية؟ ولماذا تضطر بعض السيدات إلى الصمت إثر تعرضهن للاغتصاب الزوجي الذي يعد من أبشع أنواع الانتهاكات التي قد تمارس عليهن.

يعرَّف الاغتصاب في التشريع باعتباره جريمة جنسية، لأنه جماع بالقوة أو بالإكراه من دون موافقة الضحية، وهي جريمة قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد في بعض البلدان مثل الولايات المتحدة، وأحياناً الإعدام في بلدان أخرى مثل إيران، وعلى رغم أن هذه العقوبات تبدو حازمة تجاه فكرة الاغتصاب، إلا أنها غالباً ما تتحول إلى عقوبات مخففة، نتيجة ثغرات في القوانين، لها علاقة بملابسات جريمة الاغتصاب، وهو ما نراه في قضايا الاغتصاب في مختلف الدول، من ضمنها مصر.

الغريب أن هذا التغليظ الواضح في قضايا الاغتصاب، قد يختفي تماماً بمجرد أن تقترن كلمة الاغتصاب بـ”الزوجي”، فيتحول فعل الاغتصاب من جريمة جنسية مغلظة إلى فعل غير مجرم، لا في القانون ولا في الدين ولا حتى في المجتمع. فطالما أن المغتصب هو الزوج، فإن له حرية اغتصاب زوجته كما يشاء، وكأن السيدة المغتصبة والمنتهكة، هي ملكيته ويحق له انتهاكها جسدياً ونفسياً، ما دامت في حوزته.

فكرة ملكية الزوج لزوجته ليست فكرة مبالغاً فيها، بل هي فكرة تعززها ثقافة مجتمعنا الشرقي القائمة بشكل كبير على الذكورية، فتتضخم الذات الذكورية عند الرجل إثر إشباعه طوال الوقت بفكرة أنه هو من يملك القوة والسيطرة بفعل نصوص دينية وأعراف اجتماعية. وفي المقابل، هذه الثقافة ذاتها تلغي حق المرأة في الموافقة على ممارسة الفعل الجنسي مع الزوج، وكأن الزواج موافقة أبدية منها على ممارسة الجنس معه ساعة يشاء.

وبالتالي نصبح أمام صورة درامية، قوة الرجل فيها متضخمة بشكل كبير، مقابل تهميش حق المرأة وصوتها في التعبير عما تريده.

لماذا تسلب مجتمعاتنا من المرأة حق الموافقة على الفعل الجنسي؟ لأن إعطاء المرأة هذه السلطة ببساطة سيهدم أسطورة التفوق الذكوري التي تعززها ثقافتنا طول الوقت، فيصبح اغتصاب الزوج زوجته أمراً طبيعياً، على رغم أنه في حقيقة الأمر، ليس جريمة وحسب، بل أيضاً فعل تعذيب وترهيب، يمارسه المجتمع كله بحق المرأة، لا زوجها وحده.

 

الغريب أن هذا التغليظ الواضح في قضايا الاغتصاب، قد يختفي تماماً بمجرد أن تقترن كلمة الاغتصاب بـ”الزوجي”، فيتحول فعل الاغتصاب من جريمة جنسية مغلظة إلى فعل غير مجرم، لا في القانون ولا في الدين ولا حتى في المجتمع.

 

من التحليلات الذكية في فكرة الاخضاع المتعلقة بالاغتصاب الزوجي تحليل للكاتبة تاي آتكنسون في دراسة بعنوان “مؤسسة الجماع الجنسي”، تصف فيها الاغتصاب الزوجي كنوع من السلطة القائمة على القوة الجسدية بمعنى أن من يملك القوة يرى في نفسه الحق في انتهاك جنسانية الآخر وعممت تاي آتكنسون هذه الرؤية، وضربت أمثلة عن حوادث الاغتصاب التي تحصل في التظاهرات مثلاً، أو الاغتصاب على يد رجال الشرطة أو الاغتصاب بدافع العنصرية، وكأن الجنسانية مجال اجتماعي للسلطة الذكرية، يمارس فيها الجنس بطريقة قسرية.

لماذا تصمت المرأة على الاغتصاب الزوجي، على رغم كونه من أشنع الجرائم التي قد ترتكب في حقها وليس مرة واحدة، بل ربما مرات كثيرة؟ ربما لأن المرأة أحياناً يلتبس عليها فهم الاغتصاب الزوجي، هل هو اعتداء جنسي أم حق زوجي؟ إلى جانب أن هناك شريحة عريضة من السيدات ينتمين إلى طبقات محافظة غير مسموح لهن بالحديث والافصاح عن شكل العلاقة الجنسية التي يحصلن عليها.

أظن أننا نحتاج إلى إعادة تعريف مفهوم الاغتصاب الزوجي، ومن ثم تجريمه، وفتح نقاش موسع حوله، لا سيما من الناحية الدينية، بسبب التفسيرات الكثيرة المغلوطة، التي تُشرّع للزوج ممارسة العلاقة الجنسية مع زوجته متى شاء، وتسحب من الزوجة الحق في الموافقة. ومن ذلك، الحديث المعروف عن أبي هريرةَ: قالَ رسولُ اللَّه: “إِذَا دعَا الرَّجُلُ امْرأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فلَمْ تَأْتِهِ فَبَات غَضْبانَ عَلَيْهَا؛ لَعَنتهَا الملائكَةُ حَتَّى تُصْبحَ”.

نسبة الإحصاءات التي ترصد نسبة تعرض النساء للاغتصاب الزوجي غير دقيقة لمعرفة الأعداد الحقيقية، نتيجة الخوف من الافصاح، لكن هناك إحصاءات تم الاعتراف بها دولياً، مثل تقرير صادر عن الأمم المتحدة  أكد أن 35 في المئة من النساء حول العالم تعرضن لاعتداء جنسي من الشريك الحميم، كما تعرضت واحدة من بين كل عشر نساء- 120 مليون سيدة- للجماع القسري من أزواج حاليين أو سابقين.

وهناك إحصاءات مصرية حاولت رصد نسبة الاغتصاب الزوجي في مصر، كإحصاء عام 2014 عن العنف ضد المرأة ضمن المسح السكاني، تحت إشراف وزارة الصحة المصرية، وكشف عن أن 267 من السيدات المتزوجات فى عينة البحث البالغة 6693 سيدة تعرضن للعنف الجنسي من أزواجهن، و30 في المئة ممن انفصلن عن أزواجهن تعرضن للعنف مرة واحدة على الأقل، وهي نسبة قريبة لما ورد في تقرير منظمة الصحة العالمية عام 2013، الذي أجري فى دول عدة منها مصر، ورصد أن 35  في المئة من النساء يتعرضن للعنف الجسدي أو الجنسي من أزواجهن.

عادة ما يقترن الاغتصاب الزوجي بالضرب، وقد يصل أحياناً إلى إصابة المرأة بعاهات دائمة أو حتى القتل والتلذذ بالضرب.

في المحصلة، الاغتصاب ليس شكلاً من أشكال الجنس، وليس طبعاً حقاً زوجياً ولا شرعياً، بل هو عنف وتعذيب وإرهاب.