fbpx

الانتخابات التركية: لا شيئ يبرر خوف إردوغان

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تتميز الانتخابات الرئاسية، هذه المرة، بأهمية استثنائية، من منظور مستقبل تركيا ونظامها السياسي وتموضعها الدولي. لكن العامل الأكثر تحديداً لهذه الاستثنائية إنما هو شخص الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان الذي ينقسم المجتمع التركي حول الموقف منه، انقساماً حاداً. جميع الشروط تعمل لمصلحة أردوغان و”حزب العدالة والتنمية”، لكنهما، مع ذلك، يشعران بالخوف والقلق أمام الامتحان الذي لم يبقَ أمامه إلا أقل من خمسين يوماً.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

مع إعلان “حزب الشعب الجمهوري” مرشحه للانتخابات الرئاسية، تكون قائمة المتسابقين إلى هذا المنصب قد اكتملت تقريباً.

وتتميز الانتخابات الرئاسية، هذه المرة، بأهمية استثنائية، من منظور مستقبل تركيا ونظامها السياسي وتموضعها الدولي. لكن العامل الأكثر تحديداً لهذه الاستثنائية إنما هو شخص الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان الذي ينقسم المجتمع التركي حول الموقف منه، انقساماً حاداً. ويمكن الحديث، من حيث المبدأ، عن جبهة أنصار أردوغان وجبهة خصومه.

يخوض “تحالف الجمهور” المكون من “حزب العدالة والتنمية”، و”حزب الحركة القومية”، و”حزب الوحدة الكبرى”، الانتخابات الرئاسية بمرشحه الوحيد أردوغان، في حين فشلت أحزاب المعارضة في الاتفاق على مرشح وحيد، كان من المفترض أن يكون الرئيس السابق عبد الله غل، فقدّم كل حزب مرشحه الخاص: “حزب السعادة” الإسلامي زعيمه تمل قرة مولا أوغلو، و”الحزب الجيد”، المنشق حديثاً عن حزب الحركة القومية، زعيمته مرال آكشنر، في حين فضل “حزب الشعب الجمهوري” أن يرشح النائب محرم إينجة الذي يتمتع بشعبية كبيرة داخل حزبه وخارجه.

وقد شكلت الأحزاب الثلاثة المذكورة، إضافة إلى “الحزب الديموقراطي” – وريث مفترض للحزب الديموقراطي الذي حكم تركيا طوال عقد الخمسينات – تحالفاً انتخابياً في مواجهة “تحالف الجمهور”، أسموه “التحالف الديموقراطي”.

أما “حزب الشعوب الديموقراطي”، الذي يمثل أكراد تركيا إلى حد كبير، فقد بقي خارج التحالفات، بعد نبذه من كل من السلطة والمعارضة معاً، وقد رشح زعيمه المعتقل صلاح الدين دمرتاش الذي ما زال ينتظر المثول أمام المحكمة.

يكاد جميع المتابعين للحياة السياسية في تركيا يجمعون على أن حظوظ أردوغان هي الأقوى في الفوز على جميع منافسيه، لكنهم يختلفون حول تفاصيل أهمها: هل ينتصر أردوغان في الجولة الأولى، بحصوله على 51 في المئة من أصوات الناخبين، أم يحتاج إلى خوض جولة ثانية في حال فشله في تحقيق النسبة المذكورة؟ ومن هو المنافس الأقوى الذي سيكون في مواجهة أردوغان في الجولة الثانية؟

نجحت رئيسة “الحزب الجيد” مرال آكشنر في تأمين مئة ألف توقيع، خلال أربع ساعات فقط، فأصبحت مرشحة رسمياً. وهناك توقعات بأنها قد تنال المرتبة الثانية، بعد أردوغان، في عدد أصوات الناخبين، الأمر الذي يجعل منها منافسته الوحيدة في حال احتاج الأمر إلى جولة ثانية.

مرشح “حزب الشعب الجمهوري” محرم إينجة يتمتع بكاريزما شخصية قوية قد تساعده في الحصول على أصوات من خارج حزبه أيضاً. فهو خطيب مفوه، سريع البديهة، يجيد السجال مع الخصوم، وله مواقف معلنة يمكن التعويل عليها في توسيع نطاق شعبيته، لعل أهمها تصويته سلباً في البرلمان، العام الماضي، على مشروع قانون يجيز رفع الحصانة عن نواب البرلمان، بخلاف زملائه في الحزب الذين صوتوا إيجاباً على القرار المذكور، وكان من نتائجه اعتقال عدد من نواب “حزب الشعوب الديموقراطي” بدعوى “الترويج لمصلحة الإرهاب”، ومنهم زعيم “حزب الشعوب الديموقراطي” دمرتاش.

زعيم حزب السعادة تمل قرة مولا أوغلو “الحكيم” خطف الأضواء، طوال الأشهر الماضية، بتصريحاته الناقدة للحكومة ومواقفه المسؤولة، فتفوق أداؤه الشخصي على ضآلة حجم حزبه الذي ليس له نواب في البرلمان. ويراهن قرة مولا أوغلو على استقطاب كتلة من القاعدة الانتخابية لـ”حزب العدالة والتنمية” الحاكم، إضافة إلى ناخبين غير منحازين لأي حزب.

يبقى أن دمرتاش هو الرقم الصعب الذي يضمن تصويت أكثرية الناخبين الأكراد له ولحزبه، وإن كانت نسبتهم بالنسبة إلى عموم الناخبين غير كافية للفوز بالرئاسة. لكن الأهم بالنسبة إلى هذا الحزب الكردي أن مفتاح نتيجة الانتخابات في يده. ففي حال فشل في تجاوز حاجز العشرة في المئة من أصوات الناخبين، فهو لن يدخل نواباً له إلى البرلمان، وستذهب الأصوات التي سيحصل عليها إلى الحزب الحاكم بصورة رئيسية، وهو ما يعتبر خسارة صافية لأحزاب المعارضة وربحاً صافياً للعدالة والتنمية.

لقد نبذ التحالف الرباعي المعارض الحزب الكردي، أساساً، لإرضاء حزب مرال آكشنر الذي لا يقبل بأي نوع من أنواع التعاون مع الحزب الكردي.

وهكذا نلاحظ أن القطبين القوميين، التركي والكردي، في المشهد السياسي التركي يشكلان العامل الحاسم في الانتخابات ونتائجها، أي عملياً في مصير تركيا.

وكان رئيس “حزب الحركة القومية” دولت بهجلي هو الذي طرح فكرة الانتقال إلى النظام الرئاسي، ودعم “حزب العدالة والتنمية” في الاستفتاء في شأن هذا الانتقال. كذلك هو الذي دعا إلى تقديم موعد الانتخابات، من خريف 2019 إلى أغسطس/ آب 2018، وانتهى الأمر بتحديد موعد الرابع والعشرين من شهر يونيو/ حزيران بدلاً من آب. وتجرى الانتخابات في ظل حال الطوارئ التي يصوت نواب “الحزب القومي” لمصلحة تمديدها، مرة بعد مرة، كل ثلاثة أشهر. أخيراً، أعلن هذا الحزب الصغير أن مرشحه لرئاسة الجمهورية هو الرئيس أردوغان.

أما مرال آكشنر التي انشقت عن بهجلي وأسست حزبها الخاص، باسم “الحزب الجيد”، فقد كانت، بإصرارها على ترشيح نفسها في الانتخابات الرئاسية، سبب فشل ترشيح عبد الله غل بمفرده من قبل المعارضة في مواجهة أردوغان. وها هي، فوق ذلك، ترفض أي تعاون مع “حزب الشعوب الديموقراطي” لتحقيق ما تصبو إليه جميع أحزاب المعارضة من تغيير سياسي.

في المقابل، لن يمنح “حزب الشعوب الديموقراطي” الذي كان من المحتمل أن يدعم ترشيح عبد الله غل، أصوات ناخبيه لأكشنر، في حال نافست أردوغان في الجولة الثانية. كما أن رفض ضمه إلى التحالف الرباعي المعارض سيضعه في موقف حرج أمام احتمال الفشل في الحصول على نسبة 10 في المئة، وهو ما سيشكل ضربة قاصمة ليس لـ”الحزب الكردي” وحده، بل لمجموع أحزاب المعارضة.

الخلاصة هي أن جميع الشروط تعمل لمصلحة أردوغان و”حزب العدالة والتنمية”، لكنهما، مع ذلك، يشعران بالخوف والقلق أمام الامتحان الذي لم يبقَ أمامه إلا أقل من خمسين يوماً.

07.05.2018
زمن القراءة: 4 minutes

تتميز الانتخابات الرئاسية، هذه المرة، بأهمية استثنائية، من منظور مستقبل تركيا ونظامها السياسي وتموضعها الدولي. لكن العامل الأكثر تحديداً لهذه الاستثنائية إنما هو شخص الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان الذي ينقسم المجتمع التركي حول الموقف منه، انقساماً حاداً. جميع الشروط تعمل لمصلحة أردوغان و”حزب العدالة والتنمية”، لكنهما، مع ذلك، يشعران بالخوف والقلق أمام الامتحان الذي لم يبقَ أمامه إلا أقل من خمسين يوماً.

مع إعلان “حزب الشعب الجمهوري” مرشحه للانتخابات الرئاسية، تكون قائمة المتسابقين إلى هذا المنصب قد اكتملت تقريباً.

وتتميز الانتخابات الرئاسية، هذه المرة، بأهمية استثنائية، من منظور مستقبل تركيا ونظامها السياسي وتموضعها الدولي. لكن العامل الأكثر تحديداً لهذه الاستثنائية إنما هو شخص الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان الذي ينقسم المجتمع التركي حول الموقف منه، انقساماً حاداً. ويمكن الحديث، من حيث المبدأ، عن جبهة أنصار أردوغان وجبهة خصومه.

يخوض “تحالف الجمهور” المكون من “حزب العدالة والتنمية”، و”حزب الحركة القومية”، و”حزب الوحدة الكبرى”، الانتخابات الرئاسية بمرشحه الوحيد أردوغان، في حين فشلت أحزاب المعارضة في الاتفاق على مرشح وحيد، كان من المفترض أن يكون الرئيس السابق عبد الله غل، فقدّم كل حزب مرشحه الخاص: “حزب السعادة” الإسلامي زعيمه تمل قرة مولا أوغلو، و”الحزب الجيد”، المنشق حديثاً عن حزب الحركة القومية، زعيمته مرال آكشنر، في حين فضل “حزب الشعب الجمهوري” أن يرشح النائب محرم إينجة الذي يتمتع بشعبية كبيرة داخل حزبه وخارجه.

وقد شكلت الأحزاب الثلاثة المذكورة، إضافة إلى “الحزب الديموقراطي” – وريث مفترض للحزب الديموقراطي الذي حكم تركيا طوال عقد الخمسينات – تحالفاً انتخابياً في مواجهة “تحالف الجمهور”، أسموه “التحالف الديموقراطي”.

أما “حزب الشعوب الديموقراطي”، الذي يمثل أكراد تركيا إلى حد كبير، فقد بقي خارج التحالفات، بعد نبذه من كل من السلطة والمعارضة معاً، وقد رشح زعيمه المعتقل صلاح الدين دمرتاش الذي ما زال ينتظر المثول أمام المحكمة.

يكاد جميع المتابعين للحياة السياسية في تركيا يجمعون على أن حظوظ أردوغان هي الأقوى في الفوز على جميع منافسيه، لكنهم يختلفون حول تفاصيل أهمها: هل ينتصر أردوغان في الجولة الأولى، بحصوله على 51 في المئة من أصوات الناخبين، أم يحتاج إلى خوض جولة ثانية في حال فشله في تحقيق النسبة المذكورة؟ ومن هو المنافس الأقوى الذي سيكون في مواجهة أردوغان في الجولة الثانية؟

نجحت رئيسة “الحزب الجيد” مرال آكشنر في تأمين مئة ألف توقيع، خلال أربع ساعات فقط، فأصبحت مرشحة رسمياً. وهناك توقعات بأنها قد تنال المرتبة الثانية، بعد أردوغان، في عدد أصوات الناخبين، الأمر الذي يجعل منها منافسته الوحيدة في حال احتاج الأمر إلى جولة ثانية.

مرشح “حزب الشعب الجمهوري” محرم إينجة يتمتع بكاريزما شخصية قوية قد تساعده في الحصول على أصوات من خارج حزبه أيضاً. فهو خطيب مفوه، سريع البديهة، يجيد السجال مع الخصوم، وله مواقف معلنة يمكن التعويل عليها في توسيع نطاق شعبيته، لعل أهمها تصويته سلباً في البرلمان، العام الماضي، على مشروع قانون يجيز رفع الحصانة عن نواب البرلمان، بخلاف زملائه في الحزب الذين صوتوا إيجاباً على القرار المذكور، وكان من نتائجه اعتقال عدد من نواب “حزب الشعوب الديموقراطي” بدعوى “الترويج لمصلحة الإرهاب”، ومنهم زعيم “حزب الشعوب الديموقراطي” دمرتاش.

زعيم حزب السعادة تمل قرة مولا أوغلو “الحكيم” خطف الأضواء، طوال الأشهر الماضية، بتصريحاته الناقدة للحكومة ومواقفه المسؤولة، فتفوق أداؤه الشخصي على ضآلة حجم حزبه الذي ليس له نواب في البرلمان. ويراهن قرة مولا أوغلو على استقطاب كتلة من القاعدة الانتخابية لـ”حزب العدالة والتنمية” الحاكم، إضافة إلى ناخبين غير منحازين لأي حزب.

يبقى أن دمرتاش هو الرقم الصعب الذي يضمن تصويت أكثرية الناخبين الأكراد له ولحزبه، وإن كانت نسبتهم بالنسبة إلى عموم الناخبين غير كافية للفوز بالرئاسة. لكن الأهم بالنسبة إلى هذا الحزب الكردي أن مفتاح نتيجة الانتخابات في يده. ففي حال فشل في تجاوز حاجز العشرة في المئة من أصوات الناخبين، فهو لن يدخل نواباً له إلى البرلمان، وستذهب الأصوات التي سيحصل عليها إلى الحزب الحاكم بصورة رئيسية، وهو ما يعتبر خسارة صافية لأحزاب المعارضة وربحاً صافياً للعدالة والتنمية.

لقد نبذ التحالف الرباعي المعارض الحزب الكردي، أساساً، لإرضاء حزب مرال آكشنر الذي لا يقبل بأي نوع من أنواع التعاون مع الحزب الكردي.

وهكذا نلاحظ أن القطبين القوميين، التركي والكردي، في المشهد السياسي التركي يشكلان العامل الحاسم في الانتخابات ونتائجها، أي عملياً في مصير تركيا.

وكان رئيس “حزب الحركة القومية” دولت بهجلي هو الذي طرح فكرة الانتقال إلى النظام الرئاسي، ودعم “حزب العدالة والتنمية” في الاستفتاء في شأن هذا الانتقال. كذلك هو الذي دعا إلى تقديم موعد الانتخابات، من خريف 2019 إلى أغسطس/ آب 2018، وانتهى الأمر بتحديد موعد الرابع والعشرين من شهر يونيو/ حزيران بدلاً من آب. وتجرى الانتخابات في ظل حال الطوارئ التي يصوت نواب “الحزب القومي” لمصلحة تمديدها، مرة بعد مرة، كل ثلاثة أشهر. أخيراً، أعلن هذا الحزب الصغير أن مرشحه لرئاسة الجمهورية هو الرئيس أردوغان.

أما مرال آكشنر التي انشقت عن بهجلي وأسست حزبها الخاص، باسم “الحزب الجيد”، فقد كانت، بإصرارها على ترشيح نفسها في الانتخابات الرئاسية، سبب فشل ترشيح عبد الله غل بمفرده من قبل المعارضة في مواجهة أردوغان. وها هي، فوق ذلك، ترفض أي تعاون مع “حزب الشعوب الديموقراطي” لتحقيق ما تصبو إليه جميع أحزاب المعارضة من تغيير سياسي.

في المقابل، لن يمنح “حزب الشعوب الديموقراطي” الذي كان من المحتمل أن يدعم ترشيح عبد الله غل، أصوات ناخبيه لأكشنر، في حال نافست أردوغان في الجولة الثانية. كما أن رفض ضمه إلى التحالف الرباعي المعارض سيضعه في موقف حرج أمام احتمال الفشل في الحصول على نسبة 10 في المئة، وهو ما سيشكل ضربة قاصمة ليس لـ”الحزب الكردي” وحده، بل لمجموع أحزاب المعارضة.

الخلاصة هي أن جميع الشروط تعمل لمصلحة أردوغان و”حزب العدالة والتنمية”، لكنهما، مع ذلك، يشعران بالخوف والقلق أمام الامتحان الذي لم يبقَ أمامه إلا أقل من خمسين يوماً.