هذا الصيف، ستُنظَّم انتخابات مجلس الشعب السوري في المناطق التي تسيطر عليها حكومة بشار الأسد. ومع تطوّر العملية الانتخابية، ستَصدر سلسلة من المقالات لتحليل العناصر الأساسية للانتخابات السورية ودورها في إضفاء الشرعية على حكم حزب البعث. وستتعمق هذه المقالات في التحديات المقترنة بالمضي قدماً في الإصلاحات الانتخابية، في إطار العملية السياسية التي تيسّرها الأمم المتحدة.
لم تشهد البيئة السياسية في سوريا تغييراً منذ انتخابات 2020. وبالتالي، ستنظَّم الانتخابات مرة أخرى مع استمرار نزوح أعداد هائلة من السكان، وفي ظل نزاع غير محسوم، واحتلال جزئي، ونظام متعنّت. في الوقت نفسه، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التابعة للإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها، عزمها على إجراء الانتخابات البلدية في 30 أيار/ مايو. لكن من غير الواضح ما إذا كانت انتخابات المجلس التشريعي للإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها ستلي ذلك.
وفي شمال غربي سوريا، أعلن مجلس الشورى العام عن تشكيل لجنة انتخابية عليا لتنظيم الانتخابات. وبطبيعة الحال، ليست أي من هذه الانتخابات “حرة ونزيهة”، بل تسعى إلى توطيد السلطة عوضاً عن تشجيع المنافسة السياسية. ومع ذلك، فإنّ نتائجها ستحدّد هيكل الحكم لسنوات مقبلة. كذلك، لا تتوافر معلومات تُذكر عن الشكل الذي ستبدو عليه العملية الانتخابية في شمال شرقي البلد، وبخاصة في شمال غربي سوريا. ومع ذلك، تتوافر أفكار متعمّقة جيدة نوعاً ما بشأن العملية التي تديرها الحكومة السورية نفسها.
لطالما كانت الانتخابات السورية مزوّرة تاريخياً، ولا تختلف هذه الانتخابات عن ذي قبل. فيتجلى بعض جوانب هذا التزوير بشكل بسيط وواضح للعيان، وبخاصة من خلال قمع أي معارضة حقيقية، وانعدام الحريات الإعلامية أو أي مساحة آمنة للمجتمع المدني، والأعداد الهائلة من الناخبين النازحين. أما البعض الآخر، فأقل وضوحاً، بل وقد يتمّ الإغفال عنه عند المدافعة عن إجراء الإصلاحات السياسية أو التفاوض عليها. قد تبدو هذه الجوانب عادية نوعاً ما، مثل طريقة توزيع المقاعد على الدوائر الانتخابية، ونظام التمثيل، وتصميم ورقة الاقتراع. ومع ذلك، خلّفت تأثيراً هائلاً وكفلت فوز غالبية ساحقة لحزب البعث في مجلس الشعب منذ عام 1973.
على صعيد آخر، وفي ضوء القيود الدستورية المفروضة على عدد الولايات الرئاسية، يمكن الاستنتاج أن المهمة الأساسية لمجلس الشعب القادم ستكون تعديل الدستور حتى يتمكن الرئيس الأسد من الترشح مرة أخرى في عام 2028. وهذا ليس بالأمر غير المسبوق.
ففي عام 2000، عدّل مجلس الشعب الدستور مخفضاً سن الترشح من الأربعين إلى الرابعة والثلاثين حتى يتمكن من ترشيح الشاب بشار الأسد لرئاسة الجمهورية. وعندما أنشئت اللجنة الدستورية السورية التي أدت فيها الأمم المتحدة دور الميسّر في عام 2019، بهدف مناقشة الإصلاحات كشرط أساسي لإنهاء الحرب الأهلية في البلد، أمل البعض بأن تشكّل التعديلات الدستورية الحتمية فرصة لإجراء إصلاحات دستورية أكثر جوهرية يمكن التفاوض عليها. لكن اللجنة بقيت غير مفعلة لمدة عامين؛ ويتطلب إحياؤها، بأي طريقة من الطرق، انتظار إعادة تنظيم العلاقات السياسية العالمية.
ينظر قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015 إلى الانتخابات كجزء من المشهد الأوسع الذي يهدف إلى التوصل لحل سياسي للنزاع بعد مفاوضات بين الأطراف المعنية. ومع ذلك، ستكون هذه الانتخابات السادسة من نوعها التي ينظمها النظام السوري منذ اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2254، متجاهلاً مرة أخرى المعايير التي نصّ عليها هذا القرار، أي إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة بإشراف الأمم المتحدة، والسماح بتصويت المغتربين، وتسهيل المشاركة الهادفة للمرأة.
تنتهي مهلة تحديد موعد الانتخابات في 11 أيار. وبدأت الحكومة الروسية بالفعل بإصدار تصريحات لإضفاء الشرعية على العملية، ويجري حزب البعث حالياً انتخابات داخلية قد لا تكون مرتبطة بشكل مباشر بالانتخابات التشريعية. بأي حال، فإن الخطوة الأولى في العملية هي تحديث السجل الانتخابي والتدقيق فيه، وهي مهمة من المفترض أن تكتمل بحلول الأسبوع المقبل، غير أنها لم تبدأ بعد.
المرحلة | المهلة الزمنية | مزيد من المعلومات |
ولاية مجلس الشعب | بدأت في 10 آب 2020تنتهي في 9 آب 2024 | تبدأ الولاية من تاريخ أول اجتماع لمجلس الشعب المنتخب حديثاً الذي انعقد في 10 آب 2020 (الدستور، المادة 56) |
تحديث وتدقيق السجل الانتخابي | 11نيسان 2024 على الأقل9 حزيران 2024 على الأكثر | يتم تحديث السجل الانتخابي سنوياً في بداية كل عام ويتم مراجعته قبل شهرين على الأقل من أي عملية انتخابية (قانون الانتخابات، المادة 29) |
تحديد موعد الانتخابات | 11 أيار 2024 على الأكثر | يصدر مرسوم رئاسي قبل تسعين يوماً على الأكثر من تاريخ انتهاء ولاية المجلس. في 2020، تمّ تحديد موعد الانتخابات قبل أربعة وتسعين يوماً من تاريخ انتهاء الولاية.(قانون الانتخابات، المادة 23) |
فترة الترشح | 12-18 أيار 2024 على الأقل | تُقبل طلبات الترشح خلال سبعة أيام من اليوم الذي يلي تاريخ نشر المرسوم المتضمن تحديد موعد الانتخاب (قانون الانتخابات، المادة 44) |
الاعتراض على رفض طلب الترشح | 19- 24 أيار 2024 على الأقل | يحق لطالب الترشيح الاعتراض خلال ثلاثة أيام إذا رُفض طلب ترشيحه. ويجب البت في الطعن خلال ثلاثة أيام.(قانون الانتخابات، المادة 46) |
الطعن في طلبات الترشح | 25-30 أيار 2024 على الأقل | يحق لكل ناخب الطعن في صحة ترشيح الغير خلال ثلاثة أيام. ويجب البت في الطعن خلال ثلاثة أيام من تاريخ تقديمه.(قانون الانتخابات، المادة 47) |
تنظيم الحملات الانتخابية | 31 أيار 2024 على الأقل | لا يحقّ للمرشّح إذاعة نشرات بإعلان ترشيحه وبيان خطته وأهدافه وكل ما يتعلق ببرنامجه الانتخابي إلا بعد قبول ترشيحه بشكل نهائي.(قانون الانتخابات، المادة 49) |
مراكز الاقتراع | 4 حزيران 2024 على الأقل2 آب 2024 على الأكثر | تُحدّد مراكز الاقتراع قبل سبعة أيام من يوم الانتخاب. ولا يفترض القانون أنه سيتم نشر قائمة بمراكز الاقتراع.(قانون الانتخابات، المادة 12) |
سحب طلبات الترشح | 4 حزيران 2024 على الأقل2 آب 2024 على الأكثر | يجوز للمرشح سحب ترشيحه قبل سبعة أيام من يوم الانتخاب.(قانون الانتخابات، المادة 44) |
الصمت الانتخابي | 10 حزيران 2024 على الأقل8 آب 2024 على الأكثر | توقف الدعاية الانتخابية قبل أربع وعشرين ساعة من التاريخ المحدد للانتخاب.(قانون الانتخابات، المادة 58) |
يوم الانتخابات | 11 حزيران 2024 على الأقل9 آب 2024 على الأكثر | يُفترض أن تُجرى الانتخابات خلال الأيام الستين التي تسبق تاريخ انتهاء ولاية مجلس الشعب(الدستور، المادة 62) |
النتائج | بانتظار أن تعلن عنها اللجنة القضائية العليا للانتخابات | لا مهلة زمنية محددة لإعلان النتائج التي تتولى اللجنة القضائية العليا للانتخابات إعلانها.(قانون الانتخابات، المادة 80) |
الاعتراض على النتائج | بانتظار الإعلان عن النتائج | يجوز للمرشح الذي لم يفز تقديم الطعن خلال ثلاثة أيام من تاريخ إعلان نتائج الانتخاب. ويجب البت في الطعون خلال سبعة أيام.(قانون الانتخابات، المادة 83) |
إعلان الفائزين | لا مهلة زمنية؛ يصدر هذا الإعلان بمرسوم رئاسي | (قانون الانتخابات، المادة 81) |
لا شكّ في أنّ مراقبي الوضع في سوريا سيتساءلون عن سبب أهمية هذه الانتخابات. ومع ذلك، لا يخفى على أحد أنّ فرص مراقبة العمليات السياسية السورية محدودة. لذا، فإن متابعة الانتخابات التشريعية السورية لعام 2024 هي محاولة لإيجاد أي دليل يثبت ما إذا كان الأسد يعتمد أي سياسة أخرى لمستقبل سوريا غير تكريس الوضع الراهن، أي تنظيم انتخابات غير قابلة للتصديق إحصائياً، ومن دون معارضة. وبما أن تعديل الدستور أمر لا مفر منه، فهل ستشكّل تركيبة مجلس الشعب الجديد أي فرق؟
فلاديمير بران يقدم استشارات للسلطات الانتخابية والحكومات والقادة السياسيين بشأن العمليات الانتقالية والانتخابية والسياسية.
مارون صفير يقدم استشارات لمنظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية والمجموعات السياسية والسلطات الانتخابية بشأن العمليات الانتخابية والسياسية.
تم نشر المقال الأصلي من قِبل المجلس الأطلنطي :
https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/syrian-peoples-assembly-elections-parliament-1/