fbpx

التغيّر المناخي وراء كارثة البحر الميت… ومؤشرات إلى مزيد منها

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

في الأردن، حصدت السيول قبل نهاية الأسبوع أرواح أكثر من عشرين طالباً في وادي زرقا بمنطقة البحر الميت بسبب انهيارات في الجسور والطرق نتجت عن شدة الفيضانات. إن التغيرات البيئية المصاحبة للاحترار الكوني الناتج عن الغازات الدفيئة، لا تؤدي إلى الجفاف فقط، بل إلى الفيضانات والغرق أيضاً. ولا خيار سوى تقليص انبعاثات الكربون والغازات الدفيئة وإعادة الأرض واستعادة البيئات الطبيعية

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ضربت موجات أمطار غزيرة، خلال هذا الشهر (تشرين الأول/ أكتوبر 2018)، أجزاء كثيرة في العالم ونتجت عنها فيضانات وسيول عنيفة في أوروبا والشرق الأوسط وروسيا وأميركا اللاتينية. وأودت الفيضانات بحياة عشرات المواطنين في فرنسا وروسيا والأردن، إضافة الى تشريد آلاف وتدمير منازلهم.

في الخامس عشر من هذا الشهر، تحوّلت أمطار غزيرة هطلت على جنوب فرنسا خلال ثلاث ساعات إلى فيضانات قتلت 14 شخصاً ودمّرت الجسور والمنازل. وتشير تقارير صحافية إلى أن المنطقة لم تشهد مثل هذه السيول منذ قرابة 130 عاماً. وفي الأردن، حصدت السيول قبل نهاية الأسبوع أرواح أكثر من عشرين طالباً في وادي زرقا بمنطقة البحر الميت بسبب انهيارات في الجسور والطرق نتجت عن شدة الفيضانات، كما اجتاحت فيضانات مماثلة كل من لبنان والعراق وأودت بحياة شخص بإقليم كُردستان. وفي روسيا أدّى الإعصار والفيضانات إلى مقتل 6 أشخاص وغمرت المياه أكثر من 2300 منزل جنوب البلاد.

كمية السيلان التي جرفت معها الجسور والطرقات، لم تكن وليدة الأمطار التي هطلت في البحر الميت، بل نتجت عن هطول أمطار غزيرة من بعد مئات الكيلومترات ووصلت عبر الوديان والمخارج الطبيعية

تأتي هذه الفيضانات مطابقة للمواصفات التي تحدثت عنها تقارير علمية أشارت إلى سيول غزيرة تحدث في المناطق المتوسطية ومناطق أخرى في العالم من شأنها أن تتحوّل إلى فيضانات وطوفانات تقضي على الأخضر واليابس. وقد حذّرت “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيّر المناخي” التابعة للأم المتحدة في تقرير علمي صدر عن مؤتمر للهيئة عقدته في كوريا الجنوبية بداية هذا الشهر، من أثر التغيّر المناخي على الناس والنظم البيئية وسبل العيش في جميع أنحاء العالم، وذلك نتيجة الجفاف أو الفيضانات التي تؤثر بشكل غير متناسب في المناطق الأكثر فقراً والأكثر هشاشة.

إن السبب الرئيسي في زيادة الأمطار الغزيرة والفيضانات وفقاً للتقارير العلمية البيئية، هو أن الهواء الساخن الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة يمتص قدراً كبيراً من الرطوبة ويسبّب المزيد من الأمطار، إنما وبسبب تقلبات الرياح وتغييرات مناخية أخرى ناتجة عن الاحترار الكوني، تهطل الأمطار في بعض المناطق بغزارة فيما تفتقد مناطق أخرى إلى الأمطار. وقد تكون درجات الاختلاف في نسبة الهطول، داخل بلد واحد.

ّوينطبق هذا على ما حصل في البحر الميت، ذاك أن كمية السيلان التي جرفت معها الجسور والطرقات، لم تكن وليدة الأمطار التي هطلت في البحر الميت، بل نتجت عن هطول أمطار غزيرة من بعد مئات الكيلومترات ووصلت عبر الوديان والمخارج الطبيعية الى المنطقة المذكورة في ومضة عين وهي تسمى أساساً، فيضانات وميضية.

آثار الفيضانات التي أودت بحياة الطلّاب الأردنيين

إن أحد الأسباب الأخرى المتعلقة بالتغيير المناخي هو تيبُّس التربة في المناطق التي يضربها الجفاف حيث تتصلب قشرة الأراضي الخارجية، الأمر الذي يحول دون تسرّب جزء كبير من مياه السيول إلى جوف الأرض. وقد أشار تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيير المناخ إلى هذه الظاهرة التي تسبب مشكلات حادة وفيضانات وميضية ليس في الوديان والمخارج الطبيعية القاحلة فحسب، بل حتى في الأنهار حيث تتعدى كمية المياه المعدّل الذي تحرك به الأنهر المياه في اتجاه المصب. وحصل هذا النوع من الفيضانات في كندا الربيع الماضي، إذ فاضت المياه في الأنهر المحيطة بمدن كثيرة في مقاطعة كيبيك، وارتفعت نسبتها فوق ارتفاع الضفاف وأغرقت مئات المنازل في المناطق المحيطة.

كان هناك تحذير جدي من الأخطار التي تشكّلها الفيضانات أطلقها باحثون في سياق مقال نشر في مجلة (ساينس أدفانسز) بداية العالم الحالي. وأشار الباحثون المشاركون في مقالهم عن التكيّف الضروري للحماية من مخاطر الفيضانات والحفاظ على مستوياتها الحالية في المستقبل، إلى استمرار ارتفاع احترار سطح الأرض لمدة تتراوح بين (20-30) سنة أخرى حتى مع النظر في الحد من انبعاثات الكربون في الوقت الراهن.

وبحسب الباحثين وهم من الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا، تؤدي التغيرات المصاحبة في أنماط الهطول إلى زيادة مخاطر الفيضانات في جميع أنحاء العالم. وجاء في المقال: “نحن نحسب أن الزيادة المطلوبة في الحماية من الفيضانات ضرورية من أجل الحفاظ على مخاطر الفيضانات النهرية العالية عند مستوياتها الحالية. إجراء التحليل على مستوى العالم للوحدات الإدارية على الصعيد دون الوطني. تقتضي غالبية الولايات المتحدة، وأوروبا الوسطى، وشمال شرقي أفريقيا وغربيها، فضلاً عن أجزاء كبيرة من الهند وإندونيسيا أقوى جهود التكيف. يحتاج أكثر من نصف الولايات المتحدة إلى مضاعفة الحماية من الفيضانات على الأقل خلال العقدين المقبلين. تالياً، فإن الحاجة إلى التكيّف مع زيادة الفيضانات النهرية هي مشكلة عالمية تؤثر في المناطق الصناعية بقدر ما تؤثر في البلدان النامية”.

اختصاراً، يمكن القول إن التغيرات البيئية المصاحبة للاحترار الكوني الناتج عن الغازات الدفيئة، لا تؤدي إلى الجفاف فقط، بل إلى الفيضانات والغرق أيضاً. ولا خيار سوى تقليص انبعاثات الكربون والغازات الدفيئة وإعادة الأرض واستعادة البيئات الطبيعية.

هذا الموضوع تم انجازه بدعم من مؤسسة Rosa-Luxemburg-Stiftung’s Beirut Office 

إقرأ أيضاً:
“شطّ اسكندرية”… قد يبتلع أهلها
العراق … برك نفطية تبتلع طيوراً وحيوانات برّية
نقطة لا عَودة… هل تجعلنا التغييرات المناخية نباتيين؟

حازم الأمين - صحافي وكاتب لبناني | 28.03.2024

العرقوب اللبناني بين “فتح لاند” و”حماس لاند”

الوقائع التي تشهدها المناطق الحدودية اللبنانية عززت التشابه بين "فتح لاند" و"حماس لاند"، فبينما كانت الهبارية تتعرض لغارات الطائرات الإسرائيلية التي قتلت على نحو متعمد تسعة مسعفين، كان أهالي بلدة رميش المسيحية يقرعون أجراس كنائسهم احتجاجاً على تمركز حزب الله على إحدى التلال في بلدتهم!