fbpx

التهديد في لبنان يطاول الأرشيف الصحافي الخاص بالميم عين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

واجبنا كصحافيين ومدافعين عن الحريّات أمام هذه الحملة، هو إعلاء الصوت بالانتقاد والإشارة إلى العطب والعنف، والحفاظ على مهنتنا الصحافيّة بوجه الخائفين من قوس قزح ومن أي تشكيلة ألوان.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لم يعد يخفى على أحد أن الحملة ضد مجتمع الميم العين في لبنان وصلت حد العنف المباشر. جنود الرب وجنود الفيحاء، وكل من يتبنى اسماً عسكرياً يستهدف الفئة المهمّشة والأضعف، التي كانت تجد لها بعض المساحات الآمنة في لبنان. وصل الأمر إلى حد الرعب من المشي في الشارع، إذ أخبرنا أفراد من مجتمع الميم عين عن توظيف الشرطة تهم المخدرات لاعتقال المنتمين إلى مجتمع الميم عين وتهديدهم، حجة قانونيّة بهدف الترويع والتخويف ودفع المختلفين جندرياً إلى الاختفاء من الفضاءات العامة.

حملة الاستهداف بلغت حدّ التصيّد في الأرشيفات الصحافيّة لمقالات ونصوص تناقش الظاهرة الجندريّة وتشير إلى مساحات آمنة، بهدف إغلاقها وترويع القائمين عليها. بصورة ما، نحن أمام سياسة تخويف، والاستفادة من المادة الصحافيّة كـ”دليل للملاحقة”. ذاك أن طلبات من كتاب تصلنا إلى “درج”، يتمنون فيها إخفاء مقالات كتبوها قبل أعوام خوفاً من أن تصل إليها عين الرقيب الجديد، وهو هذه المرة يحمل سكيناً ورصاصاً. 

نجد أنفسنا أمام سؤال مهنيّ، هل نحافظ على أرشيفنا على رغم توظيفه من البعض كوسيلة للإدانة والاستهداف؟ أم نخفي النصوص والمقالات لحماية أصحابها من العنف والملاحقة التي قد يتعرضون لها؟

لا ندفع أحداً إلى “الشهادة في سبيل الهويّة”، ولا ندعو أحداً إلى المخاطرة بشعرة من جسده في سبيل هويته، فكلّ قادر على تقدير موضعه وقدرته على المواجهة، نكتب وننشر ملتزمين بالقواعد المهنيّة، ونفتح الباب دوماً لكل من يمتلك حكاية أو قصة لمشاركتها مع الالتزام بالأعراف التي تحمي صاحب النص والاسم. وبالنسبة الى الأرشيف، فكل من يرى أنه مهدد أو يمكن أن يتعرض للملاحقة يمكنه التواصل معنا لإيجاد أسلوب مناسب، يمنع تحول “درج” أو أي منصة أخرى إلى وسيلة لاستهداف مجتمع الميم عين.

لم يعد يخفى على أحد أن الحملة ضد مجتمع الميم العين في لبنان وصلت حد العنف المباشر.

نعيش أزمة حقيقية في المنطقة، فالتضييق على المجتمع المدني والصحافة أخذ أشكالاً عدّة: منع كلمة “جندر” في العراق، “جنود” يعنفون المساحات الآمنة في لبنان، صمت مطبق في سوريا والأردن، أما مصر، فالحكايات تصلنا يومياً عن الملاحقات والمداهمات التي تستهدف العابرين جنسياً. وفي المقابل، نرى رئيس وزراء قطر يدعو  إلى “الحفاظ على العادات والتقاليد”، وإبراهيم رئيسي، في الأمم المتحدة، يدعو الى الدفاع عن “الأسرة وقيمها”، نشمل إيران هنا كون ميليشياتها تتحكم بثلاث عواصم عربيّة: بغداد، دمشق وبيروت، حيث التيار الدينيّ يتصاعد في ظل الحروب الأهليّة.

يريدون تكميم الأفواه ومحو التاريخ وحذف مساحات الأمان والأمل التي تمكن البعض من خلقها خوفاً على “القيم” و”العادات” السياسية بامتياز. لكن من يريد فعلاً “تنظيف” المنطقة، لينظر إلى تاريخها المليء بالحكايات التي اقتصرت على دراسات التراث وسحبت منها قدرتها التوليدية على المساس بالواقع. لسنا هنا بمحض دروس التاريخ، لكن الهوس بثياب الآخرين وأجسامهم، يكشف عطباً حقيقياً، لن نلوم “الجموع” عليه، بل الفقر والقهر والفساد والقمع السياسي، الذي حول استهداف الأضعف إلى وسيلة للتفريغ وإثبات “سلطة” ما في منطقتنا، فمن لا يملك سلطة على ماله ورأيه يستهدف كل من يحاول أن يختلف، شكلاً وصوتاً.

واجبنا كصحافيين ومدافعين عن الحريّات أمام هذه الحملة، هو إعلاء الصوت بالانتقاد والإشارة إلى العطب والعنف، والحفاظ على مهنتنا الصحافيّة بوجه الخائفين من قوس قزح ومن أي تشكيلة ألوان. هذا الخوف الذي تقابله حملات إعلاميّة منظمة، وزياد مكاري، وزير الإعلام اللبناني، قالها بوضوح: “موضوع الشذوذ الجنسي هو هاجس كل البيوت والعائلات”، لكن يا حضرة الوزير، ماذا عن الفساد؟ الجوع؟ غلاء الأسعار؟ عدالة ضحايا المرفأ؟ ماذا عن كل ما تسبب بانهيار لبنان، ألا يشغل بال أحد؟

"درج"
لبنان
25.09.2023
زمن القراءة: 3 minutes

واجبنا كصحافيين ومدافعين عن الحريّات أمام هذه الحملة، هو إعلاء الصوت بالانتقاد والإشارة إلى العطب والعنف، والحفاظ على مهنتنا الصحافيّة بوجه الخائفين من قوس قزح ومن أي تشكيلة ألوان.

لم يعد يخفى على أحد أن الحملة ضد مجتمع الميم العين في لبنان وصلت حد العنف المباشر. جنود الرب وجنود الفيحاء، وكل من يتبنى اسماً عسكرياً يستهدف الفئة المهمّشة والأضعف، التي كانت تجد لها بعض المساحات الآمنة في لبنان. وصل الأمر إلى حد الرعب من المشي في الشارع، إذ أخبرنا أفراد من مجتمع الميم عين عن توظيف الشرطة تهم المخدرات لاعتقال المنتمين إلى مجتمع الميم عين وتهديدهم، حجة قانونيّة بهدف الترويع والتخويف ودفع المختلفين جندرياً إلى الاختفاء من الفضاءات العامة.

حملة الاستهداف بلغت حدّ التصيّد في الأرشيفات الصحافيّة لمقالات ونصوص تناقش الظاهرة الجندريّة وتشير إلى مساحات آمنة، بهدف إغلاقها وترويع القائمين عليها. بصورة ما، نحن أمام سياسة تخويف، والاستفادة من المادة الصحافيّة كـ”دليل للملاحقة”. ذاك أن طلبات من كتاب تصلنا إلى “درج”، يتمنون فيها إخفاء مقالات كتبوها قبل أعوام خوفاً من أن تصل إليها عين الرقيب الجديد، وهو هذه المرة يحمل سكيناً ورصاصاً. 

نجد أنفسنا أمام سؤال مهنيّ، هل نحافظ على أرشيفنا على رغم توظيفه من البعض كوسيلة للإدانة والاستهداف؟ أم نخفي النصوص والمقالات لحماية أصحابها من العنف والملاحقة التي قد يتعرضون لها؟

لا ندفع أحداً إلى “الشهادة في سبيل الهويّة”، ولا ندعو أحداً إلى المخاطرة بشعرة من جسده في سبيل هويته، فكلّ قادر على تقدير موضعه وقدرته على المواجهة، نكتب وننشر ملتزمين بالقواعد المهنيّة، ونفتح الباب دوماً لكل من يمتلك حكاية أو قصة لمشاركتها مع الالتزام بالأعراف التي تحمي صاحب النص والاسم. وبالنسبة الى الأرشيف، فكل من يرى أنه مهدد أو يمكن أن يتعرض للملاحقة يمكنه التواصل معنا لإيجاد أسلوب مناسب، يمنع تحول “درج” أو أي منصة أخرى إلى وسيلة لاستهداف مجتمع الميم عين.

لم يعد يخفى على أحد أن الحملة ضد مجتمع الميم العين في لبنان وصلت حد العنف المباشر.

نعيش أزمة حقيقية في المنطقة، فالتضييق على المجتمع المدني والصحافة أخذ أشكالاً عدّة: منع كلمة “جندر” في العراق، “جنود” يعنفون المساحات الآمنة في لبنان، صمت مطبق في سوريا والأردن، أما مصر، فالحكايات تصلنا يومياً عن الملاحقات والمداهمات التي تستهدف العابرين جنسياً. وفي المقابل، نرى رئيس وزراء قطر يدعو  إلى “الحفاظ على العادات والتقاليد”، وإبراهيم رئيسي، في الأمم المتحدة، يدعو الى الدفاع عن “الأسرة وقيمها”، نشمل إيران هنا كون ميليشياتها تتحكم بثلاث عواصم عربيّة: بغداد، دمشق وبيروت، حيث التيار الدينيّ يتصاعد في ظل الحروب الأهليّة.

يريدون تكميم الأفواه ومحو التاريخ وحذف مساحات الأمان والأمل التي تمكن البعض من خلقها خوفاً على “القيم” و”العادات” السياسية بامتياز. لكن من يريد فعلاً “تنظيف” المنطقة، لينظر إلى تاريخها المليء بالحكايات التي اقتصرت على دراسات التراث وسحبت منها قدرتها التوليدية على المساس بالواقع. لسنا هنا بمحض دروس التاريخ، لكن الهوس بثياب الآخرين وأجسامهم، يكشف عطباً حقيقياً، لن نلوم “الجموع” عليه، بل الفقر والقهر والفساد والقمع السياسي، الذي حول استهداف الأضعف إلى وسيلة للتفريغ وإثبات “سلطة” ما في منطقتنا، فمن لا يملك سلطة على ماله ورأيه يستهدف كل من يحاول أن يختلف، شكلاً وصوتاً.

واجبنا كصحافيين ومدافعين عن الحريّات أمام هذه الحملة، هو إعلاء الصوت بالانتقاد والإشارة إلى العطب والعنف، والحفاظ على مهنتنا الصحافيّة بوجه الخائفين من قوس قزح ومن أي تشكيلة ألوان. هذا الخوف الذي تقابله حملات إعلاميّة منظمة، وزياد مكاري، وزير الإعلام اللبناني، قالها بوضوح: “موضوع الشذوذ الجنسي هو هاجس كل البيوت والعائلات”، لكن يا حضرة الوزير، ماذا عن الفساد؟ الجوع؟ غلاء الأسعار؟ عدالة ضحايا المرفأ؟ ماذا عن كل ما تسبب بانهيار لبنان، ألا يشغل بال أحد؟

"درج"
لبنان
25.09.2023
زمن القراءة: 3 minutes
|
آخر القصص
 هل تستطيع الدول العربية الغنيّة تجاهل أزمات جيرانها؟
أفراح ناصر - باحثة في المركز العربي في واشنطن | 12.10.2024
هل هُزم محور “المقاومة”فعلاً؟!
شكري الريان - كاتب فلسطيني سوري | 12.10.2024
لماذا أخفق حزب الله؟
ندى عبدالصمد - كاتبة وصحافية لبنانية | 12.10.2024
خطبة الوداع
بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 11.10.2024

اشترك بنشرتنا البريدية