fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

الجنسيّة الفرنسيّة كأداة للمزايدة السياسيّة وتقييد حرية التعبير

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

التعرض لشخصية عامة من جهة والإصرار من جهة أخرى على اجتزاء كلامها وعدم الأخذ بالاعتبار مجمل مقابلتها، بخاصة إدانتها “جرائم الحرب التي ارتكبتها حماس” أو تأكيد تمسكها بالقانون الدولي ووضعها الأحداث في سياقها التاريخي، يدفع إلى التساؤل عن احتمال وجود نية في تقييد حرية التعبير لدى شريحة من الشارع الفرنسي، ما قد يردع أي فرنسي مزدوج الجنسية عن التعبير عن آرائه السياسية تلك، خشية من إسقاط الجنسية الفرنسية عنه. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ليست المرة الأولى التي تثير فيها تصريحات ريما حسن الجدل داخل فرنسا، لكن الأمور سلكت هذه المرة منحى مختلفاً مع الدعوات إلى تجريدها من جنسيتها الفرنسية.

خلال مقابلة مع إذاعة Sud Radio في 27 شباط/ فبراير، ورداً على سؤال عما إذا كانت تعتبر “حماس” حركة مقاومة، صرحت النائبة الفرنسية (الفلسطينية الأصل) في البرلمان الأوروبي بما يلي: “أنا أتحدث بلغة القانون الدولي، ما تقوم به حماس شرعي والقانون الدولي شديد الوضوح: الكفاح المسلح في سياق استعماري مسألة شرعية وعلى القانون الدولي أن يكون بوصلتنا جميعاً”.

تصريح دفع بوزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، إلى التوجه للمدعي العام  لفتح تحقيق قضائي بشبهة “محاباة الإرهاب”. في حال إدانتها، قد تصدر بحقها عقوبة تصل في حدها الأقصى إلى السجن سبع سنوات وغرامة بقيمة 100000 يورو، وفقاً للمادة 421-2-5 من قانون العقوبات. خطوة روتايو ليست بالأمر الجديد على ريما حسن، إذ استدعتها إلى التحقيق قبل ذلك أجهزة الشرطة على خلفية مواقف أدلت بها حيال القضية الفلسطينية وعملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر. 

لكن النائبة في البرلمان الأوروبي ماريون مارشال، ذات التوجه اليميني المتطرف، وعبر أثير Sud Radio، طالبت بنزع الجنسية الفرنسية عن زميلتها. دعوة لاقت تفاعلاً في أوساط اليمين واليمين المتطرف الفرنسي لتبلغ أوجها مع تصريح وزير الدولة للشؤون الداخلية فرنسوا-نويل بوفيه عن وجوب بحث هذه المسألة في حال إدانتها.  

لكن على أرض الواقع، يفتقد مناوئو ريما حسن إلى سند قانوني متين يتيح لهم ترجمة دعوتهم على أرض الواقع. 

استناداً إلى المادة 25 من القانون المدني الفرنسي، يُمنع إسقاط الجنسية الفرنسية إذا كان سينتج منه وضع الفرد في خانة “عديمي الجنسية”. بعبارة أخرى، لإسقاط الجنسية الفرنسية عن شخص ما، من الملزم أن يكون من مزدوجي الجنسية. ريما حسن أعلنت في تصريحات سابقة أنها لا تحمل سوى الجنسية الفرنسية، ما يعني إجهاض تلك الدعوات من حيث المبدأ.

لكن وعلى فرض إثبات حيازة ريما حسن جنسية ثانية، قبل الشروع في هذا المسار الشائك لا بد من صدور حكم قضائي يدينها بمحاباة الإرهاب، وأن تصنّف هذه الإدانة في خانة “الإضرار بمصالح فرنسا الحيوية لصالح دولة أجنبية”، وهو الشرط الثاني الذي نصّت عليه المادة 25 من القانون المدني الفرنسي. 

من الواضح أن ماريون مارشال على دراية بالمادة المذكورة بعدما رأت في تصريحات ريما حسن تهديداً للاستقرار الأمني الفرنسي: برأي النائبة اليمينية المتطرفة، غاية “حركة حماس الإسلاموية” ليست القضاء على إسرائيل فحسب، بل كذلك غزو الغرب. حجة مردود عليها إذ لم تعلن النائبة اليسارية تأييدها المطلق للحركة، بل صرحت في المقابلة ذاتها أن قرارات الأمم المتحدة لا تشرعن كل الأعمال العسكرية كالتعرض للمدنيين، مذكرة أيضاً بتصنيفها ما حصل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر بجرائم حرب. 

علاوة على ذلك، على رغم استدعاء ريما حسن إلى التحقيق في وقت سابق، لم تصدر بحقها أية إدانة قضائية. وإذا أخذنا بالاعتبار خلفيتها الحقوقية، نستنتج أنها نجحت حتى اللحظة في السير داخل “حقل الألغام هذا” بعدما أحسنت اختيار مفرداتها وحججها. 

بانتظار قرار المدعي العام، كل الأدلة تشير الى أننا أمام محاكمة سياسية متعددة الأوجه.

“أنا أتحدث بلغة القانون الدولي، ما تقوم به حماس شرعي والقانون الدولي شديد الوضوح: الكفاح المسلح في سياق استعماري مسألة شرعية وعلى القانون الدولي أن يكون بوصلتنا جميعاً”.

في الشكل، لا يمكن تجاهل أن من بادر إلى إثارة هذا الجدل هو نائبة يمينية متطرفة تعتبر المهاجرين تهديداً أمنياً وثقافياً لفرنسا. بالتالي، التعرض إلى ريما حسن، يندرج حكماً في سياق التسويق لبرنامج سياسي داخلي عنوانه: المهاجرين المجنسين أفراد غير مندمجين في المجتمع الفرنسي. 

في هذا السياق، يجدر التوقف عند تصريح النائب عن حزب التجمع الوطني (أبرز أحزاب اليمين المتطرف الفرنسي) جان فيليب تانغي، الذي لم يكتف بالربط بين معاداة السامية وكراهية فرنسا، بل صرح أيضاً في مقابلة تلفزيونية: “استناداً إلى البروباغندا المحيطة بريما حسن، يصعب معرفة ما إذا كانت مزدوجة الجنسية أو ولدت عديمة الجنسية”

إقحام عبارة البروباغندا، بما ترمز إليه من محاولة لإخفاء حقيقة ما، يدفع إلى التساؤل: لماذا التشكيك في حمل ريما حسن جنسية واحدة فقط؟ التفسير الوحيد هو أصول ريما العربية، من غير المستبعد أن يعتبرها تانغي نقطة ضعف تخوّله التصويب عليها لإصدار أحكام مسبقة وتصويرها دخيلة على المجتمع الفرنسي.

علاوة على ذلك، من الوارد أن تكون خلف هذه الحملة غايات أخرى: كما هو معروف، لليمين المتطرف الفرنسي متمثلاً بحزب التجمع الوطني وعائلة جان ماري لوبان (جد ماريون مارشال) تاريخ حافل في معاداة السامية. لكن منذ سنوات يسعى هذا الفريق إلى محو هذا الإرث وتلك السمعة السيئة عبر المزايدة السياسية في دعم إسرائيل. 

من جانب آخر، ارتبط اسم اليمين المتطرف الفرنسي بمحطة سوداء من تاريخ فرنسا: دعم حكومة فيشي الموالية للنازية والتي أصدرت مراسيم قضت بإسقاط الجنسية الفرنسية عن عدد من اليهود الفرنسيين كما عن شخصيات بارزة مثل شارل ديغول. إذاً، من غير المستبعد أن تكون هذه الحملة نوعاً من تبييض الصفحة.

في المضمون، يصعب فصل الحملة على ريما حسن عن موقف الحكومة الفرنسية المنحاز لإسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر وكل المحاولات الرسمية وغير الرسمية الساعية إلى شيطنة مؤيدي الطرف الفلسطيني، أياً يكن شكل ومضمون ودرجة التأييد.   

التعرض لشخصية عامة من جهة والإصرار من جهة أخرى على اجتزاء كلامها وعدم الأخذ بالاعتبار مجمل مقابلتها، بخاصة إدانتها “جرائم الحرب التي ارتكبتها حماس” أو تأكيد تمسكها بالقانون الدولي ووضعها الأحداث في سياقها التاريخي، يدفع إلى التساؤل عن احتمال وجود نية في تقييد حرية التعبير لدى شريحة من الشارع الفرنسي، ما قد يردع أي فرنسي مزدوج الجنسية عن التعبير عن آرائه السياسية تلك، خشية من إسقاط الجنسية الفرنسية عنه. 

أخطر ما في هذا السجال، هو احتمال إغلاقه على قاعدة: “عدم تجريد ريما حسن من جنسيتها الفرنسية، هو لتجنب تحويلها إلى شخص عديم الجنسية”. من الضروري إثبات أن ما سيحول دون الإقدام على هذه الخطوة، هو انتفاء أي مضمون قانوني يدينها سواء بمحاباة الإرهاب أو بالإضرار بمصالح فرنسا. 

من جانب آخر ودائماً على صعيد المضمون، تفتح هذه الحملة باب الجدل حول مفهوم الانتماء الى فرنسا.

من شروط الحصول على الجنسية الفرنسية، احترام جملة من القيم والمبادئ، أبرزها: الحرية والمساواة والإخاء وعلمانية الدولة. وعليه، من الطبيعي رفض تجنيس أي أجنبي تتنافى تصرفاته مع تلك القيم، كالبوح بكلام عنصري. 

لكن المطالبة بإسقاط الجنسية عن ريما حسن على خلفية ما أدلت به، قد تفضي مع مرور الوقت إلى تكريس عدد من الآراء السياسية بعينها كمرجع. إذا صحت هذه الفرضية، سيصبح امتناع المهاجرين عن تبني هذا “المرجع”، بمثابة انتقاص من أهليتهم للحصول على الجنسية الفرنسية.  

وبالعودة إلى ما ذُكر أعلاه حول تقييد حرية التعبير لدى مزدوجي الجنسية، سيضطر المهاجرون، لا سيما أولئك الذين يستوفون شروط التجنيس، إلى ممارسة رقابة ذاتية على آرائهم السياسية. 

أحمد حاج حمدو - - أحمد حاج بكري (سراج) مصعب الياسين - عمّار المأمون (درج) | 22.03.2025

سوريا: وثائق تكشف القصة الكاملة وراء إشراف نهلة عيسى على أفلام  وثائقية طلبتها المخابرات الجوّية

عام 2013، وبينما المظاهرات في سوريا تعمّ الشوارع، قررت "المخابرات الجوّية" إنتاج مجموعة أفلام وثائقيّة بناء على اعترافات معتقلين كانوا في عهدتها، واقتُرح إشراك مجموعة من الأساتذة الجامعيين في عملية صناعة الأفلام، على رأسهم الأستاذة في كلية الإعلام الدكتورة نهلة عيسى التي رُشحت لـ"إخراج" أحد الأفلام من "الناحية المنهجية".
12.03.2025
زمن القراءة: 5 minutes

التعرض لشخصية عامة من جهة والإصرار من جهة أخرى على اجتزاء كلامها وعدم الأخذ بالاعتبار مجمل مقابلتها، بخاصة إدانتها “جرائم الحرب التي ارتكبتها حماس” أو تأكيد تمسكها بالقانون الدولي ووضعها الأحداث في سياقها التاريخي، يدفع إلى التساؤل عن احتمال وجود نية في تقييد حرية التعبير لدى شريحة من الشارع الفرنسي، ما قد يردع أي فرنسي مزدوج الجنسية عن التعبير عن آرائه السياسية تلك، خشية من إسقاط الجنسية الفرنسية عنه. 

ليست المرة الأولى التي تثير فيها تصريحات ريما حسن الجدل داخل فرنسا، لكن الأمور سلكت هذه المرة منحى مختلفاً مع الدعوات إلى تجريدها من جنسيتها الفرنسية.

خلال مقابلة مع إذاعة Sud Radio في 27 شباط/ فبراير، ورداً على سؤال عما إذا كانت تعتبر “حماس” حركة مقاومة، صرحت النائبة الفرنسية (الفلسطينية الأصل) في البرلمان الأوروبي بما يلي: “أنا أتحدث بلغة القانون الدولي، ما تقوم به حماس شرعي والقانون الدولي شديد الوضوح: الكفاح المسلح في سياق استعماري مسألة شرعية وعلى القانون الدولي أن يكون بوصلتنا جميعاً”.

تصريح دفع بوزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، إلى التوجه للمدعي العام  لفتح تحقيق قضائي بشبهة “محاباة الإرهاب”. في حال إدانتها، قد تصدر بحقها عقوبة تصل في حدها الأقصى إلى السجن سبع سنوات وغرامة بقيمة 100000 يورو، وفقاً للمادة 421-2-5 من قانون العقوبات. خطوة روتايو ليست بالأمر الجديد على ريما حسن، إذ استدعتها إلى التحقيق قبل ذلك أجهزة الشرطة على خلفية مواقف أدلت بها حيال القضية الفلسطينية وعملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر. 

لكن النائبة في البرلمان الأوروبي ماريون مارشال، ذات التوجه اليميني المتطرف، وعبر أثير Sud Radio، طالبت بنزع الجنسية الفرنسية عن زميلتها. دعوة لاقت تفاعلاً في أوساط اليمين واليمين المتطرف الفرنسي لتبلغ أوجها مع تصريح وزير الدولة للشؤون الداخلية فرنسوا-نويل بوفيه عن وجوب بحث هذه المسألة في حال إدانتها.  

لكن على أرض الواقع، يفتقد مناوئو ريما حسن إلى سند قانوني متين يتيح لهم ترجمة دعوتهم على أرض الواقع. 

استناداً إلى المادة 25 من القانون المدني الفرنسي، يُمنع إسقاط الجنسية الفرنسية إذا كان سينتج منه وضع الفرد في خانة “عديمي الجنسية”. بعبارة أخرى، لإسقاط الجنسية الفرنسية عن شخص ما، من الملزم أن يكون من مزدوجي الجنسية. ريما حسن أعلنت في تصريحات سابقة أنها لا تحمل سوى الجنسية الفرنسية، ما يعني إجهاض تلك الدعوات من حيث المبدأ.

لكن وعلى فرض إثبات حيازة ريما حسن جنسية ثانية، قبل الشروع في هذا المسار الشائك لا بد من صدور حكم قضائي يدينها بمحاباة الإرهاب، وأن تصنّف هذه الإدانة في خانة “الإضرار بمصالح فرنسا الحيوية لصالح دولة أجنبية”، وهو الشرط الثاني الذي نصّت عليه المادة 25 من القانون المدني الفرنسي. 

من الواضح أن ماريون مارشال على دراية بالمادة المذكورة بعدما رأت في تصريحات ريما حسن تهديداً للاستقرار الأمني الفرنسي: برأي النائبة اليمينية المتطرفة، غاية “حركة حماس الإسلاموية” ليست القضاء على إسرائيل فحسب، بل كذلك غزو الغرب. حجة مردود عليها إذ لم تعلن النائبة اليسارية تأييدها المطلق للحركة، بل صرحت في المقابلة ذاتها أن قرارات الأمم المتحدة لا تشرعن كل الأعمال العسكرية كالتعرض للمدنيين، مذكرة أيضاً بتصنيفها ما حصل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر بجرائم حرب. 

علاوة على ذلك، على رغم استدعاء ريما حسن إلى التحقيق في وقت سابق، لم تصدر بحقها أية إدانة قضائية. وإذا أخذنا بالاعتبار خلفيتها الحقوقية، نستنتج أنها نجحت حتى اللحظة في السير داخل “حقل الألغام هذا” بعدما أحسنت اختيار مفرداتها وحججها. 

بانتظار قرار المدعي العام، كل الأدلة تشير الى أننا أمام محاكمة سياسية متعددة الأوجه.

“أنا أتحدث بلغة القانون الدولي، ما تقوم به حماس شرعي والقانون الدولي شديد الوضوح: الكفاح المسلح في سياق استعماري مسألة شرعية وعلى القانون الدولي أن يكون بوصلتنا جميعاً”.

في الشكل، لا يمكن تجاهل أن من بادر إلى إثارة هذا الجدل هو نائبة يمينية متطرفة تعتبر المهاجرين تهديداً أمنياً وثقافياً لفرنسا. بالتالي، التعرض إلى ريما حسن، يندرج حكماً في سياق التسويق لبرنامج سياسي داخلي عنوانه: المهاجرين المجنسين أفراد غير مندمجين في المجتمع الفرنسي. 

في هذا السياق، يجدر التوقف عند تصريح النائب عن حزب التجمع الوطني (أبرز أحزاب اليمين المتطرف الفرنسي) جان فيليب تانغي، الذي لم يكتف بالربط بين معاداة السامية وكراهية فرنسا، بل صرح أيضاً في مقابلة تلفزيونية: “استناداً إلى البروباغندا المحيطة بريما حسن، يصعب معرفة ما إذا كانت مزدوجة الجنسية أو ولدت عديمة الجنسية”

إقحام عبارة البروباغندا، بما ترمز إليه من محاولة لإخفاء حقيقة ما، يدفع إلى التساؤل: لماذا التشكيك في حمل ريما حسن جنسية واحدة فقط؟ التفسير الوحيد هو أصول ريما العربية، من غير المستبعد أن يعتبرها تانغي نقطة ضعف تخوّله التصويب عليها لإصدار أحكام مسبقة وتصويرها دخيلة على المجتمع الفرنسي.

علاوة على ذلك، من الوارد أن تكون خلف هذه الحملة غايات أخرى: كما هو معروف، لليمين المتطرف الفرنسي متمثلاً بحزب التجمع الوطني وعائلة جان ماري لوبان (جد ماريون مارشال) تاريخ حافل في معاداة السامية. لكن منذ سنوات يسعى هذا الفريق إلى محو هذا الإرث وتلك السمعة السيئة عبر المزايدة السياسية في دعم إسرائيل. 

من جانب آخر، ارتبط اسم اليمين المتطرف الفرنسي بمحطة سوداء من تاريخ فرنسا: دعم حكومة فيشي الموالية للنازية والتي أصدرت مراسيم قضت بإسقاط الجنسية الفرنسية عن عدد من اليهود الفرنسيين كما عن شخصيات بارزة مثل شارل ديغول. إذاً، من غير المستبعد أن تكون هذه الحملة نوعاً من تبييض الصفحة.

في المضمون، يصعب فصل الحملة على ريما حسن عن موقف الحكومة الفرنسية المنحاز لإسرائيل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر وكل المحاولات الرسمية وغير الرسمية الساعية إلى شيطنة مؤيدي الطرف الفلسطيني، أياً يكن شكل ومضمون ودرجة التأييد.   

التعرض لشخصية عامة من جهة والإصرار من جهة أخرى على اجتزاء كلامها وعدم الأخذ بالاعتبار مجمل مقابلتها، بخاصة إدانتها “جرائم الحرب التي ارتكبتها حماس” أو تأكيد تمسكها بالقانون الدولي ووضعها الأحداث في سياقها التاريخي، يدفع إلى التساؤل عن احتمال وجود نية في تقييد حرية التعبير لدى شريحة من الشارع الفرنسي، ما قد يردع أي فرنسي مزدوج الجنسية عن التعبير عن آرائه السياسية تلك، خشية من إسقاط الجنسية الفرنسية عنه. 

أخطر ما في هذا السجال، هو احتمال إغلاقه على قاعدة: “عدم تجريد ريما حسن من جنسيتها الفرنسية، هو لتجنب تحويلها إلى شخص عديم الجنسية”. من الضروري إثبات أن ما سيحول دون الإقدام على هذه الخطوة، هو انتفاء أي مضمون قانوني يدينها سواء بمحاباة الإرهاب أو بالإضرار بمصالح فرنسا. 

من جانب آخر ودائماً على صعيد المضمون، تفتح هذه الحملة باب الجدل حول مفهوم الانتماء الى فرنسا.

من شروط الحصول على الجنسية الفرنسية، احترام جملة من القيم والمبادئ، أبرزها: الحرية والمساواة والإخاء وعلمانية الدولة. وعليه، من الطبيعي رفض تجنيس أي أجنبي تتنافى تصرفاته مع تلك القيم، كالبوح بكلام عنصري. 

لكن المطالبة بإسقاط الجنسية عن ريما حسن على خلفية ما أدلت به، قد تفضي مع مرور الوقت إلى تكريس عدد من الآراء السياسية بعينها كمرجع. إذا صحت هذه الفرضية، سيصبح امتناع المهاجرين عن تبني هذا “المرجع”، بمثابة انتقاص من أهليتهم للحصول على الجنسية الفرنسية.  

وبالعودة إلى ما ذُكر أعلاه حول تقييد حرية التعبير لدى مزدوجي الجنسية، سيضطر المهاجرون، لا سيما أولئك الذين يستوفون شروط التجنيس، إلى ممارسة رقابة ذاتية على آرائهم السياسية. 

12.03.2025
زمن القراءة: 5 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية