fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

الجنس السيئ 4/4:
“الرجل الأحمق” الذي يبث سمّه ولو بعد حين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

ما يثير الاهتمام هو التعامل مع “الرغبة” لدى شريحة من الرجال بوصفها موضوع لا يمكن السكوت عنه. وكأنها طاقة تتجاوز قدرة البعض على الاحتمال، و حتى لو لم تجد موضوعها أو لم تلق قبولا، فتجد آخر يمنّ على صاحبها بالاستماع ، أو التعليق، لا يهم رده، المهم هو الحديث عن الرغبة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نواصل في هذه السلسلة من أربع حلقات تناول قضايا جنسانية تتمحور حول دور الرغبة واللّذة وكيف تتحرك داخل العلاقة الحميمة و خارجها…

صدر للنسوية الفرنسية فيرجيني ديبانتس هذا العام كتاب “عزيزي الأحمق-Cher Connard”، الذي نتعرف فيه على نموذج الكاتب المشهور، أوسكار. ذاك الذي وجد نفسه ضحية موجة “أنا أيضاً”. إذ تفضح مسؤولة المكتب الصحفي لدار النشر التي كان يتعامل معها بطبيعته الخشنة والعنيفة ضمن منشور على مدونتها الشخصيّة. ليجد نفسه وحيداً، يراسل صديقة قديمة كانت له (ربيكيا-ممثلة خمسينيّة)، صديقة تشبه ديبانتس في سخطها، لكنها تتورط معها في المراسلات، ونقاشات حول الجنس والمخدرات والنسوية وأنا أيضاً.

الملفت في نموذج “الرجل الأحمق” أو أوسكار، وما نكتشفه منذ بداية الرواية، أنه اصطاد من سيكتب لها، صديقة قديمة رآها صدفة جالسة لوحدها في أحد المقاهي، فلم يقترب منها، بل أرسل لها رسالة طويلة، يورطها في شأنه، وقضية التحرش المتهم بها. الأمر أشبه ببلاء وقع على رأس ريبيكا (بطلة الرواية) دون أن تعلم، فيشتعل غضبها وتتورط في استعادة ذكرياتها المشتركة مع الصديق القديم.

من هو الرجل الأحمق إذاً؟
ضمن الرواية يظهر الأحمق ذلك الذي لا يستطيع كبح رغبته، تلك التي تبدو كأنها بلاء وقع عليه ولابد له من إيجاد موضوع لها، هذا الموضوع لا خصائص له، ولا متخيل، أي أمرأه تصلح طالما هي تستجيب، بل ويمكن اختزال يوم هذا الرجل حسبما نقرأ وصفه لذاته بالتالي: ” فتحت مستند وورد، وقلت لنفسي سأعمل، وبعد خمس دقائق، وضعت فيلم بورنو”.

أوسكار غارق في ذاته، يكتب لريبيكا عن وحدته، وفشله في الكتابة، يصب كل مشاكله على الورق (أو الشاشة) ويرسله إلى من لا يعلم بدقة إن كانت تريد الحديث معه.  توضح ريبيكا أنها لن تتعاطف مع قضية أوسكار، مع ذلك لا يتوقف. وهنا يظهر شكل من أشكال الابتزاز العاطفي، الرجل هنا يستفيد من الذكريات والمشاعر القديمة، ليستنجد ربما، أو يجد شخصاً ليتحدث معه دون أن يخاف من الأحكام التي ستطلق عليه، نعم هو شكل من أشكال الصداقة، لكن لا يمكن تفعيلها فجأة دون رضا الطرفين.

تشبه هذه الورطة عودة حبيب، وعشيق سابق، وصديق حميم إلى الصورة بعد سنين من الغياب، لكننا أمام عودة جبانة، لا للاعتذار أو خلق صداقة جديدة، بل للحديث عن نفسه. هو شخص من الماضي أؤجل الجنس واللذة معه أو عبره إلى حين تلاشيها، وتحول إلى مجرد شخص “كنا” نعرفه، هو رجل  الصداقة معه صعب الفكاك منها فقط بسبب الزمن، وفي حالة ربيكيا وأوسكار، لا اهتمام متبادل، فقط غضب وسخط أشعلته الرسالة الأولى.

 يتمتع هذا النموذج من الكاتب والمثقف والشاعر بشخصيتين، خصوصاً في زمن ما بعد “أنا أيضاً”، وزمن وسائل التواصل الاجتماعي، هناك الشخصية العلنيّة، الجدية، رسميّة الحضور.  وهناك الأخرى السريّة، أو بصورة أدق (الشخصية) تلك التي يعرفها المقرّبون. وهذا ما تشير له الرواية، هناك أنا “مزدوجة” لهذا النموذج من الذكورة، الأولى محصنة علنياً، لا يمكن زحزحتها بسهولة، ولو تعرضت للاتهام. لأن الأمر سيتحول إلى صراع إعجابات ومناصرة بين المُتهمين والمُبرئين. فهل شعبية الكاتب أو أناه الرقميّة تمتلك من المريدين ما يمكن له أن يتفوق على شعبية المتهمين؟ ثم هناك الأنا الشخصية، تلك المجهولة للكثيرين، التي قد تكون محقة، لكنها لا تظهر للعلن، تبقى محصورة في الدائرة الصغيرة من المعارف أو الأصدقاء الذين يجدون نفسهم فجأة متورطين، هل نقف إلى جانب الشخص الذي نعرفه، أم نتبنى الاتهام العلني؟

ضمن كل ما يحدث هناك سؤال اللذّة ، تلك التي موضوعها شخص “آخر” أي خارج ثنائي المراسلات (ربيكيا- أوسكار)، إذ نلاحظ لدى أوسكار كيف تتحرك اللذة بين الشخصي (أي الرغبة بمسؤولة المكتب الصحفي) ومحاولة الحفاظ على الأعراف و آداب التعامل بعيداً عن الاتهام. هذا التشويش أو التداخل، جعل أوسكار يفترض  أن ربيكيا، شخص قادر على تفهم غياب اللذة أو حرمان أوسكار منها، خصوصاً أن الموضوع المشتهى بالنسبة لأوسكار ذو صوت، يكتب علناً. في حين أن رغبته مخفية، تسمعها فقط ريبيكا، إذ يكشف لها عن بعض سلوكياته و كيف ينظر إليه من سمعوا بالقصة، ويحاول الدفاع عن “رغبته” بأنها لم تكن مؤذية أو مباشرة تجلت فقط بحالات غضب وسكر شديد وترجّي.

ما يثير الاهتمام هو التعامل مع “الرغبة” لدى شريحة من الرجال بوصفها موضوع لا يمكن السكوت عنه. وكأنها طاقة تتجاوز قدرة البعض على الاحتمال، و حتى لو لم تجد موضوعها أو لم تلق قبولا، فتجد آخر يمنّ على صاحبها بالاستماع ، أو التعليق، لا يهم رده، المهم هو الحديث عن الرغبة. وكأن هناك توترا داخلياً في الجسد الرجولي، لابد من تفريغه. وهنا المفارقة، أوسكار لم يختر صديقاً حالياً أو صديقة مقربة، بل امرأة كان يعرفها، رآها (لم يلتقها) صدفة جالسةً في أحد المقاهي، فكانت موضوع حديثه عن نفسه. وهنا تظهر المصادفة، بوصفها إحدى قوانين الرغبة، موضوعة الرغبة الأولى بها وُجدت في حياة أوسكار أيضاً مصادفةً، وموضوع الحديث عنها أيضاً نتاج مصادفة، أليس هذا حمقاً  أو طفوليّةً؟ ونقصد هنا التعامل مع الرغبة بوصفها شأن لا يمكن تحمله، ويمكن أن تصبّ على رأس أول شخص يظهر مصادفة في الشارع أو المكتب  أو مغنية إسبانيّة شاهدها  أوسكار مرةً على إحدى خشبات المسارح!؟.

لابد أن نشير إلى أن رواية “عزيزي الأحمق” تناقش مفهوم الرجولة و سلطتها بعد حقبة “أنا أيضاً”، أي بعد  ترويج مفهوم الملل من “النحيب” المتكرر الذي أصبحت توسم به النساء، والأهم، بداية التشكيك بأحقية الاتهام والعقاب الذي تمارسه نسويات بحق متحرشين ومعتدين.  

هذان العاملان هما ما سمحا للأحمق بأن يستمر بسميّته، قد لا يكون متحرشاً أو ارتكب عنفاً مباشراً، لكن هذه المساحة للحوار (التي لابد من وجودها)، خلقت أزمة جديدة. 

في فرنسا نفسها، وفي أوج موجة “أنا أيضاً”، نشر بيان وقعت عليه الكثيرات طالبن فيه بالتروي والحفاظ على مساحة اللعب والغواية، والتي يفهمها البعض على أنها مساحة الغضب من العجز عن إيجاد شريك، لا مساحة الحيرة واللعب في سبيل الرغبة. وهنا يظهر الأحمق، ذلك الذي يحول رغبته إلى القناة الوحيدة للحوار الآخر، لتكون أشبه بغشاوة على عينيه لا فكاك منها، ولا سبيل إلى محوها. 

من هو الرجل الأحمق إذاً؟ كلمة الأحمق لا تفي المعنى، حتى الكلمة الفرنسية هي أشبه بشتيمة، لكن ضمن الرواية يظهر الأحمق كذلك الذي لا يستطيع كبح رغبته، تلك التي تبدو كأنها بلاء وقع عليه ولابد له من إيجاد موضوع لها، هذا الموضوع لا خصائص له، ولا متخيل، أي أمرأه تصلح طالما هي تستجيب، بل ويمكن اختزال يوم هذا الرجل حسبما نقرأ وصفه لذاته بالتالي: ” فتحت مستند وورد، وقلت لنفسي سأعمل، وبعد خمس دقائق، وضعت فيلم بورنو”.

20.11.2022
زمن القراءة: 5 minutes

ما يثير الاهتمام هو التعامل مع “الرغبة” لدى شريحة من الرجال بوصفها موضوع لا يمكن السكوت عنه. وكأنها طاقة تتجاوز قدرة البعض على الاحتمال، و حتى لو لم تجد موضوعها أو لم تلق قبولا، فتجد آخر يمنّ على صاحبها بالاستماع ، أو التعليق، لا يهم رده، المهم هو الحديث عن الرغبة.

نواصل في هذه السلسلة من أربع حلقات تناول قضايا جنسانية تتمحور حول دور الرغبة واللّذة وكيف تتحرك داخل العلاقة الحميمة و خارجها…

صدر للنسوية الفرنسية فيرجيني ديبانتس هذا العام كتاب “عزيزي الأحمق-Cher Connard”، الذي نتعرف فيه على نموذج الكاتب المشهور، أوسكار. ذاك الذي وجد نفسه ضحية موجة “أنا أيضاً”. إذ تفضح مسؤولة المكتب الصحفي لدار النشر التي كان يتعامل معها بطبيعته الخشنة والعنيفة ضمن منشور على مدونتها الشخصيّة. ليجد نفسه وحيداً، يراسل صديقة قديمة كانت له (ربيكيا-ممثلة خمسينيّة)، صديقة تشبه ديبانتس في سخطها، لكنها تتورط معها في المراسلات، ونقاشات حول الجنس والمخدرات والنسوية وأنا أيضاً.

الملفت في نموذج “الرجل الأحمق” أو أوسكار، وما نكتشفه منذ بداية الرواية، أنه اصطاد من سيكتب لها، صديقة قديمة رآها صدفة جالسة لوحدها في أحد المقاهي، فلم يقترب منها، بل أرسل لها رسالة طويلة، يورطها في شأنه، وقضية التحرش المتهم بها. الأمر أشبه ببلاء وقع على رأس ريبيكا (بطلة الرواية) دون أن تعلم، فيشتعل غضبها وتتورط في استعادة ذكرياتها المشتركة مع الصديق القديم.

من هو الرجل الأحمق إذاً؟
ضمن الرواية يظهر الأحمق ذلك الذي لا يستطيع كبح رغبته، تلك التي تبدو كأنها بلاء وقع عليه ولابد له من إيجاد موضوع لها، هذا الموضوع لا خصائص له، ولا متخيل، أي أمرأه تصلح طالما هي تستجيب، بل ويمكن اختزال يوم هذا الرجل حسبما نقرأ وصفه لذاته بالتالي: ” فتحت مستند وورد، وقلت لنفسي سأعمل، وبعد خمس دقائق، وضعت فيلم بورنو”.

أوسكار غارق في ذاته، يكتب لريبيكا عن وحدته، وفشله في الكتابة، يصب كل مشاكله على الورق (أو الشاشة) ويرسله إلى من لا يعلم بدقة إن كانت تريد الحديث معه.  توضح ريبيكا أنها لن تتعاطف مع قضية أوسكار، مع ذلك لا يتوقف. وهنا يظهر شكل من أشكال الابتزاز العاطفي، الرجل هنا يستفيد من الذكريات والمشاعر القديمة، ليستنجد ربما، أو يجد شخصاً ليتحدث معه دون أن يخاف من الأحكام التي ستطلق عليه، نعم هو شكل من أشكال الصداقة، لكن لا يمكن تفعيلها فجأة دون رضا الطرفين.

تشبه هذه الورطة عودة حبيب، وعشيق سابق، وصديق حميم إلى الصورة بعد سنين من الغياب، لكننا أمام عودة جبانة، لا للاعتذار أو خلق صداقة جديدة، بل للحديث عن نفسه. هو شخص من الماضي أؤجل الجنس واللذة معه أو عبره إلى حين تلاشيها، وتحول إلى مجرد شخص “كنا” نعرفه، هو رجل  الصداقة معه صعب الفكاك منها فقط بسبب الزمن، وفي حالة ربيكيا وأوسكار، لا اهتمام متبادل، فقط غضب وسخط أشعلته الرسالة الأولى.

 يتمتع هذا النموذج من الكاتب والمثقف والشاعر بشخصيتين، خصوصاً في زمن ما بعد “أنا أيضاً”، وزمن وسائل التواصل الاجتماعي، هناك الشخصية العلنيّة، الجدية، رسميّة الحضور.  وهناك الأخرى السريّة، أو بصورة أدق (الشخصية) تلك التي يعرفها المقرّبون. وهذا ما تشير له الرواية، هناك أنا “مزدوجة” لهذا النموذج من الذكورة، الأولى محصنة علنياً، لا يمكن زحزحتها بسهولة، ولو تعرضت للاتهام. لأن الأمر سيتحول إلى صراع إعجابات ومناصرة بين المُتهمين والمُبرئين. فهل شعبية الكاتب أو أناه الرقميّة تمتلك من المريدين ما يمكن له أن يتفوق على شعبية المتهمين؟ ثم هناك الأنا الشخصية، تلك المجهولة للكثيرين، التي قد تكون محقة، لكنها لا تظهر للعلن، تبقى محصورة في الدائرة الصغيرة من المعارف أو الأصدقاء الذين يجدون نفسهم فجأة متورطين، هل نقف إلى جانب الشخص الذي نعرفه، أم نتبنى الاتهام العلني؟

ضمن كل ما يحدث هناك سؤال اللذّة ، تلك التي موضوعها شخص “آخر” أي خارج ثنائي المراسلات (ربيكيا- أوسكار)، إذ نلاحظ لدى أوسكار كيف تتحرك اللذة بين الشخصي (أي الرغبة بمسؤولة المكتب الصحفي) ومحاولة الحفاظ على الأعراف و آداب التعامل بعيداً عن الاتهام. هذا التشويش أو التداخل، جعل أوسكار يفترض  أن ربيكيا، شخص قادر على تفهم غياب اللذة أو حرمان أوسكار منها، خصوصاً أن الموضوع المشتهى بالنسبة لأوسكار ذو صوت، يكتب علناً. في حين أن رغبته مخفية، تسمعها فقط ريبيكا، إذ يكشف لها عن بعض سلوكياته و كيف ينظر إليه من سمعوا بالقصة، ويحاول الدفاع عن “رغبته” بأنها لم تكن مؤذية أو مباشرة تجلت فقط بحالات غضب وسكر شديد وترجّي.

ما يثير الاهتمام هو التعامل مع “الرغبة” لدى شريحة من الرجال بوصفها موضوع لا يمكن السكوت عنه. وكأنها طاقة تتجاوز قدرة البعض على الاحتمال، و حتى لو لم تجد موضوعها أو لم تلق قبولا، فتجد آخر يمنّ على صاحبها بالاستماع ، أو التعليق، لا يهم رده، المهم هو الحديث عن الرغبة. وكأن هناك توترا داخلياً في الجسد الرجولي، لابد من تفريغه. وهنا المفارقة، أوسكار لم يختر صديقاً حالياً أو صديقة مقربة، بل امرأة كان يعرفها، رآها (لم يلتقها) صدفة جالسةً في أحد المقاهي، فكانت موضوع حديثه عن نفسه. وهنا تظهر المصادفة، بوصفها إحدى قوانين الرغبة، موضوعة الرغبة الأولى بها وُجدت في حياة أوسكار أيضاً مصادفةً، وموضوع الحديث عنها أيضاً نتاج مصادفة، أليس هذا حمقاً  أو طفوليّةً؟ ونقصد هنا التعامل مع الرغبة بوصفها شأن لا يمكن تحمله، ويمكن أن تصبّ على رأس أول شخص يظهر مصادفة في الشارع أو المكتب  أو مغنية إسبانيّة شاهدها  أوسكار مرةً على إحدى خشبات المسارح!؟.

لابد أن نشير إلى أن رواية “عزيزي الأحمق” تناقش مفهوم الرجولة و سلطتها بعد حقبة “أنا أيضاً”، أي بعد  ترويج مفهوم الملل من “النحيب” المتكرر الذي أصبحت توسم به النساء، والأهم، بداية التشكيك بأحقية الاتهام والعقاب الذي تمارسه نسويات بحق متحرشين ومعتدين.  

هذان العاملان هما ما سمحا للأحمق بأن يستمر بسميّته، قد لا يكون متحرشاً أو ارتكب عنفاً مباشراً، لكن هذه المساحة للحوار (التي لابد من وجودها)، خلقت أزمة جديدة. 

في فرنسا نفسها، وفي أوج موجة “أنا أيضاً”، نشر بيان وقعت عليه الكثيرات طالبن فيه بالتروي والحفاظ على مساحة اللعب والغواية، والتي يفهمها البعض على أنها مساحة الغضب من العجز عن إيجاد شريك، لا مساحة الحيرة واللعب في سبيل الرغبة. وهنا يظهر الأحمق، ذلك الذي يحول رغبته إلى القناة الوحيدة للحوار الآخر، لتكون أشبه بغشاوة على عينيه لا فكاك منها، ولا سبيل إلى محوها. 

من هو الرجل الأحمق إذاً؟ كلمة الأحمق لا تفي المعنى، حتى الكلمة الفرنسية هي أشبه بشتيمة، لكن ضمن الرواية يظهر الأحمق كذلك الذي لا يستطيع كبح رغبته، تلك التي تبدو كأنها بلاء وقع عليه ولابد له من إيجاد موضوع لها، هذا الموضوع لا خصائص له، ولا متخيل، أي أمرأه تصلح طالما هي تستجيب، بل ويمكن اختزال يوم هذا الرجل حسبما نقرأ وصفه لذاته بالتالي: ” فتحت مستند وورد، وقلت لنفسي سأعمل، وبعد خمس دقائق، وضعت فيلم بورنو”.