fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

الحريري باسيل : صراع شهوتين

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إن الشهور التسعة التي حملت سعد الحريري مُكلَّفاً لتشكيل الحكومة، انتهت راهناً على سقط ، وهو في غالب الظن نتيجة حتمية لعلاقة غير سوية اسست لها التسوية الرئاسية المشؤومة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لو لم يعتذر سعد الحريري عن تكليفه تشكيل الحكومة، عندها يُفترض بالمرء أن يحُسن الظن كثيراً ليفضي إلى أنه كان ليكون أمام سعد الحريري آخر، فقدح الذاكرة القريبة والبعيدة تدفع بهكذا ظن إلى الخيبة،  فيما المرارة أمام تجاربه  كرئيس لأكثر من حكومة هي مسلمة، وتجربته الأخيرة هي الأكثر مرارةً على اللبنانيين، وهي ما يرفع مآل الخيبات إلى مسلمات. 

     لم يكن ابن رفيق الحريري يوماً شخصية تليق بجاذبية السلطة بمعناها الإيجابي. اغتيال والده هو من قذفه نحوها، ولأن السلطة تبحث عن رجال تقترب منهم بقدر امتلاكهم جاذبية مرادفة لجاذبيتها، ولأن سعد الحريري بدا بالمباشرة، ثم بالتكيُّف، فاقداً لتلك السمة المؤهلة للحكم، فقد عوض جاذبية السلطة بشهوتها، وصارت تجربته الأخيرة التي أفضت إلى ما اصطلح على تسميتها بالتسوية الرئاسية ميزاناً راجحاً لكل شهواته السلطوية، والتي احتاجت بالضرورة إلى كفة أخرى توازيه اشتهاءً للسلطة، فكان ميشال عون.

    وقدح الذاكرة ايضاً يفضي بالمرء إلى استعصاءين في خاتمة صراع الشهوات السلطوية، وفيما الاستعصاء الأول صنعه سعد الحريري وهو يعف عن تبوأ أي حكومة في عهد عون بعد استقالته الشهيرة التي أعقبت انتفاضة 17 تشرين، فإن الاستعصاء الآخر حاكه جبران باسيل وهو يقفل طريق السرايا الحكومي أمام الحريري رداً على استقالة الأخير.

ذهب سعد الحريري إذن إلى اعتذار عن تكليف كان منذ لحظته الأولى دفعاً لمصائر اللبنانيين نحو الهاوية، وممهداً عن عمد لجهنم التي ساقنا إليها ميشال عون

    نعم، نحن بالمحصلة لم نكن إلا امام صراع شهوات سلطوية، لكنه صراع بين شهوة بليدة لم يعد الحريري يملك فيها التشاطر على اللبنانيين بتغليفها كل مرة بعناوين وطنية، ولازمات وجدانية انتهت على الأرجح مع والده وهو يستودعنا الله، وبين شهوة طائفية جامحة مثَّل جبران باسيل نموذجها الاعمق كوريث نجيب لميشال عون، ولينتهي ذلك الصراع بعد تسعة أشهر على ما افضى إليه راهننا في تغلب جموح الشهوات على البليد منها.

   والحال، فإن الشهور التسعة التي حملت سعد الحريري مُكلَّفاً لتشكيل الحكومة، انتهت راهناً على سقط ، وهو في غالب الظن نتيجة حتمية لعلاقة غير سوية اسست لها التسوية الرئاسية المشؤومة، والتي لم يكن اغلب اللبنانيين، ممن هم ضحايا هذه الشهوات، ينتظرون حتمية أخرى، واغلب الظن ايضاً أن سياقاً آخراً كان ليفضي إلى ولادة حكومة شراكة مقنعة بين الشهوتين آنفتي الذكر، وفي ظلال مبادرة فرنسية لا تخلو من شهوة مستقاة من ماضٍ غابر، سياق كهذا  لن يستوي إلا على ما عاشه اللبنانيون خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وقبلها أيضاً، من آفات سلطوية ستجد ضالتها في المساعدات التي كانت الحكومة الموؤدة تنتظرها لتسعف بها جموحها للهدر والفساد والسرقة أكثر مما ينتظر المواطنون من خدماتها .

 وإذا كان  نفيان لا يصنعان امة على ما قال يوماً الصحافي مارون النقاش، فإن شهوتين سلطويتين لا تصنعان  بلدا على ما انتهى إليه تكليف الحريري، وبالتالي كان يستحيل عليهما في المساكنة أن يبدّدا القهر والفقر الذي ينحو كي يصير عميماً، فكيف بانشطارهما وقد تكثف أكثر، وهو قدر لن يخرج اللبنانيين منه إلا بذهاب هذه النماذج البائسة، ومن شاكلها، إلى الظل في حال خضع وجدان اللبنانيين لفضيلة الغفران، أو المحاكمة، وهي نزوع وجداني لا يملك اللبنانيون ناصيته على الأرجح،  لكنه يبقى سمة موغلة في نفس كل لبناني تكفلت السلطة اساطينها في جعله حتف الموت . 

    ذهب سعد الحريري إذن إلى اعتذار عن تكليف كان منذ لحظته الأولى دفعاً لمصائر اللبنانيين نحو الهاوية، وممهداً عن عمد لجهنم التي ساقنا إليها ميشال عون، لكن شهوة السلطة حين تخبو بفعل الخيبة، تجد ثأرها غالباً في المشاهد الكالحة التي تنكبها جمهور كالذي أفضى اعتذار الحريري إلى رميه أمام أعيننا.

إقرأوا أيضاً:

16.07.2021
زمن القراءة: 3 minutes

إن الشهور التسعة التي حملت سعد الحريري مُكلَّفاً لتشكيل الحكومة، انتهت راهناً على سقط ، وهو في غالب الظن نتيجة حتمية لعلاقة غير سوية اسست لها التسوية الرئاسية المشؤومة.

لو لم يعتذر سعد الحريري عن تكليفه تشكيل الحكومة، عندها يُفترض بالمرء أن يحُسن الظن كثيراً ليفضي إلى أنه كان ليكون أمام سعد الحريري آخر، فقدح الذاكرة القريبة والبعيدة تدفع بهكذا ظن إلى الخيبة،  فيما المرارة أمام تجاربه  كرئيس لأكثر من حكومة هي مسلمة، وتجربته الأخيرة هي الأكثر مرارةً على اللبنانيين، وهي ما يرفع مآل الخيبات إلى مسلمات. 

     لم يكن ابن رفيق الحريري يوماً شخصية تليق بجاذبية السلطة بمعناها الإيجابي. اغتيال والده هو من قذفه نحوها، ولأن السلطة تبحث عن رجال تقترب منهم بقدر امتلاكهم جاذبية مرادفة لجاذبيتها، ولأن سعد الحريري بدا بالمباشرة، ثم بالتكيُّف، فاقداً لتلك السمة المؤهلة للحكم، فقد عوض جاذبية السلطة بشهوتها، وصارت تجربته الأخيرة التي أفضت إلى ما اصطلح على تسميتها بالتسوية الرئاسية ميزاناً راجحاً لكل شهواته السلطوية، والتي احتاجت بالضرورة إلى كفة أخرى توازيه اشتهاءً للسلطة، فكان ميشال عون.

    وقدح الذاكرة ايضاً يفضي بالمرء إلى استعصاءين في خاتمة صراع الشهوات السلطوية، وفيما الاستعصاء الأول صنعه سعد الحريري وهو يعف عن تبوأ أي حكومة في عهد عون بعد استقالته الشهيرة التي أعقبت انتفاضة 17 تشرين، فإن الاستعصاء الآخر حاكه جبران باسيل وهو يقفل طريق السرايا الحكومي أمام الحريري رداً على استقالة الأخير.

ذهب سعد الحريري إذن إلى اعتذار عن تكليف كان منذ لحظته الأولى دفعاً لمصائر اللبنانيين نحو الهاوية، وممهداً عن عمد لجهنم التي ساقنا إليها ميشال عون

    نعم، نحن بالمحصلة لم نكن إلا امام صراع شهوات سلطوية، لكنه صراع بين شهوة بليدة لم يعد الحريري يملك فيها التشاطر على اللبنانيين بتغليفها كل مرة بعناوين وطنية، ولازمات وجدانية انتهت على الأرجح مع والده وهو يستودعنا الله، وبين شهوة طائفية جامحة مثَّل جبران باسيل نموذجها الاعمق كوريث نجيب لميشال عون، ولينتهي ذلك الصراع بعد تسعة أشهر على ما افضى إليه راهننا في تغلب جموح الشهوات على البليد منها.

   والحال، فإن الشهور التسعة التي حملت سعد الحريري مُكلَّفاً لتشكيل الحكومة، انتهت راهناً على سقط ، وهو في غالب الظن نتيجة حتمية لعلاقة غير سوية اسست لها التسوية الرئاسية المشؤومة، والتي لم يكن اغلب اللبنانيين، ممن هم ضحايا هذه الشهوات، ينتظرون حتمية أخرى، واغلب الظن ايضاً أن سياقاً آخراً كان ليفضي إلى ولادة حكومة شراكة مقنعة بين الشهوتين آنفتي الذكر، وفي ظلال مبادرة فرنسية لا تخلو من شهوة مستقاة من ماضٍ غابر، سياق كهذا  لن يستوي إلا على ما عاشه اللبنانيون خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وقبلها أيضاً، من آفات سلطوية ستجد ضالتها في المساعدات التي كانت الحكومة الموؤدة تنتظرها لتسعف بها جموحها للهدر والفساد والسرقة أكثر مما ينتظر المواطنون من خدماتها .

 وإذا كان  نفيان لا يصنعان امة على ما قال يوماً الصحافي مارون النقاش، فإن شهوتين سلطويتين لا تصنعان  بلدا على ما انتهى إليه تكليف الحريري، وبالتالي كان يستحيل عليهما في المساكنة أن يبدّدا القهر والفقر الذي ينحو كي يصير عميماً، فكيف بانشطارهما وقد تكثف أكثر، وهو قدر لن يخرج اللبنانيين منه إلا بذهاب هذه النماذج البائسة، ومن شاكلها، إلى الظل في حال خضع وجدان اللبنانيين لفضيلة الغفران، أو المحاكمة، وهي نزوع وجداني لا يملك اللبنانيون ناصيته على الأرجح،  لكنه يبقى سمة موغلة في نفس كل لبناني تكفلت السلطة اساطينها في جعله حتف الموت . 

    ذهب سعد الحريري إذن إلى اعتذار عن تكليف كان منذ لحظته الأولى دفعاً لمصائر اللبنانيين نحو الهاوية، وممهداً عن عمد لجهنم التي ساقنا إليها ميشال عون، لكن شهوة السلطة حين تخبو بفعل الخيبة، تجد ثأرها غالباً في المشاهد الكالحة التي تنكبها جمهور كالذي أفضى اعتذار الحريري إلى رميه أمام أعيننا.

إقرأوا أيضاً: