fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

الداخلية المصريّة تمنع المحامين من زيارة موكّليهم… والحجج متنوعة!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تمنع إدارة السجون المصرية السجناء السياسيين ذوي الحيثية من تلقّي زيارات محاميهم على رغم حصولهم على التصاريح اللازمة من النيابة العامة، في “انتهاك صارخ” للقانون والمواثيق الدولية. وكان آخر هذه الحالات منع محامي السياسي المصري المعارض أحمد الطنطاوي من مقابلته بالسجن.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يأتي منع المحامين الحقوقيين من زيارة موكّليهم على رغم أن المشرع المصري أجاز لمحامي السجين مقابلته على انفراد، وذلك بشرط الحصول على إذن كتابي من النيابة العامة.

إذ تنص المادة (39) من قانون تنظيم السجون، على أنه “يُرخّص لمحامي النزيل في مقابلته على انفراد بشرط الحصول على إذن كتابي من النيابة العامة، ومن قاضي التحقيق في القضايا التي يندب لتحقيقها سواء أكانت المقابلة بدعوة من النزيل أم بناءً على طلب المحامي”.

وبموجب قرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1961، بشأن اللائحة الداخلية لمراكز الإصلاح والتأهيل المجتمعي، “تتم زيارة النزيل في المكان المخصص لذلك في مركز الإصلاح والتأهيل بحضور أحد مستخدمي مركز الإصلاح والتأهيل أثناء زيارة النزلاء وإحدى المستخدمات أثناء زيارة النزيلات. أما الزيارة الخاصة فتتم في مكاتب أحد ضباط مركز الإصلاح والتأهيل وبحضوره أو من ينوب عنه، مع عدم الإخلال بحق محامي النزيل في مقابلته على انفراد”.

لكن في مطلع تموز/ يوليو الجاري، كشف المحامي الحقوقي خالد علي، في تدوينة له عبر “فيسبوك” عن منعه وزميله المحامي نبيه الجنادي من زيارة موكلهما المعارض السياسي المصري أحمد الطنطاوي الموجود في “سجن العاشر من رمضان تأهيل 4″، وسرد تفاصيل ما حصل.

تكرار الانتهاكات 

ما حدث مع الطنطاوي ليس الواقعة الأولى التي يتم فيها منع محامٍ من زيارة سجين سياسي في حبسه، فعلى سبيل المثال لا الحصر رفضت إدارة سجن طرة شديد الحراسة 2، في 22 آب/ أغسطس 2021، تنفيذ قرار النيابة العامة بالتصريح لمحامي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بزيارة المدون محمد إبراهيم أكسجين، في سجنه من دون إبداء أي أسباب. وقالت الشبكة في بيان – حينها – إن مسؤولي السجن استولوا على التصريح ورفضوا إعادته الى المحامين.

كما أن خالد علي نفسه مُنع مرات عدة سابقة، منها ثلاث زيارات في غضون بضعة أشهر – اثنان منها في أقل من أسبوع – من زيارة موكله الناشط السياسي علاء عبدالفتاح، وذلك في العام 2022 تزامناً مع إضراب علاء الكلي عن الطعام اعتراضاً على استمرار حبسه وللمطالبة بالإفراج عنه.  

وكانت المرة الأولى التي مُنع فيها المحامي خالد علي من زيارة موكله علاء عبدالفتاح في 9 حزيران/ يونيو 2022 من دون بيان سبب الرفض، أما المرة الثانية فكانت في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، وكانت حجة سلطات السجن حينها أن التصريح مؤرخ بتاريخ سابق ليوم الزيارة، علماً أن تصاريح النيابة صالحة عادة لأسبوع كامل، وفق ما يؤكد قانونيون.

وحينما حصل محامي علاء عبدالفتاح في 13 تشرين الثاني 2022 على تصريح بالزيارة وتوجّه الى السجن في اليوم ذاته لإبطال حجة إدارة السجن بضرورة أن يكون التصريح مؤرخاً بتاريخ يوم الزيارة، جاء الرفض للمرة الثالثة بدعوى أن السجن مغلق على رغم وصول خالد علي قبل موعد الإغلاق، فتوجه في اليوم التالي بالتصريح ذاته، فتم الرفض مجددا بحجة أن تصريح الزيارة الصادر من النائب العام مؤرخ بتاريخ اليوم السابق.

استنفاد زيارات الطنطاوي!

بالعودة الى الواقعة الأخيرة المتمثّلة في منع دفاع السياسي المعارض أحمد الطنطاوي من زيارته، ففي صباح 1 تموز الحالي استلم المحاميان الحقوقيان خالد علي ونبيه الجنادي، تصريح زيارة الطنطاوي من النيابة العامة، وتوجها إلى مركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان تأهيل 4؛ وهناك – في تمام الساعة الثانية عشرة إلا ربعاً ظهراً – سلما الإدارة المختصة أصل التصريح وبطاقات عضوية نقابة المحامين و”صورة ضوئية للتصريح والكارنيهات”. 

وبعد ربع ساعة، حصل المحاميان على التصريح والكارنيهات مرة أخرى، وتم إخطارهما بأن رجال الأمن في انتظار التعليمات، وأنه “على الغالب” سيتم تمكينهما من الزيارة بعد انتهاء الزيارات من كل السجن. 

لكن في الساعة الثالثة والنصف عصراً، جاء إليهما مسؤول تأمين منطقة السجون، واعتذر لهما عن عدم تمكينهما من الزيارة بدعوى استنفاد الطنطاوي جميع الزيارات العادية والاستثنائية.

وعن حجة الرفض هذه، أوضح المحامي الحقوقي خالد علي، أن قانون السجون ولائحته يميزان بين ثلاثة أنواع من الزيارات، ولا يجوز الخلط بينها؛ الزيارة العادية لمن يقضي العقوبة وعددها مرتين في الشهر، لافتاً إلى أن “أسرة الطنطاوي لم تحصل إلا على زيارة واحدة عادية طوال الشهر”. أما النوع الثاني من الزيارات وفق علي، فهو الزيارات الاستثنائية في الأعياد والمناسبات القومية والدينية، ويصدر بتحديدها قرار من وزارة الداخلية. والزيارة الثالثة، هي زيارة المحامين، وقد كفل لها المشرع إجراءات خاصة نظراً الى طبيعتها المهنية، إذ يصدر لها تصريح من النائب العام، وتكون الزيارة على إنفراد بين المتهم ومحاميه، ولا يتم احتسابها من ضمن الزيارات العادية أو الاستثنائية التي تتمتع بها الأسر.

وقال علي إن “النيابة العامة أصدرت لنا هذا التصريح، فمن حق المحامي وموكله أن يطمئن عليه، وعن أحوال محبسه، ومدى حصوله على كامل حقوقه من عدمه، فضلاً عن حقه في المناقشة حول الإجراءات القانونية الواجب اتباعها، بخاصة أنه ما زالت لدينا مرحلة النقض، وكنا نرغب في مناقشة الطنطاوي في تفاصيل النقض وطلباته بشأن تلك المرحلة”. 

ويؤكد قانون المحاماة حق المحامي بزيارة موكله، إذ تنص المادة (53) منه أن “للمحامي المرخص له من النيابة بزيارة أحد المحبوسين في مراكز الإصلاح والتأهيل العمومية حق زيارته في أي وقت والاجتماع به على انفراد، وفي مكان لائق داخل مركز”. كما أن المادة رقم (124) من قانون الإجراءات الجنائية تمنح المتهم حق الاتصال دائماً بالمدافع عنه.

إلى جانب ذلك، لم تستنفد أسرة المعارض السياسي المصري أحمد الطنطاوي زياراته العادية، إذ إنها لم تتمكن من زيارته في محبسه سوى مرة وحيدة خلال الشهر الماضي، لذا تقدم محاموه بطلب للنيابة العامة لاستصدار تصريح بزيارته للاطمئنان عليه ومعرفة أحوال محبسه، بحسب دفاعه.

وقال المحامي الحقوقي نبيه الجنادي، إن امتناع وزارة الداخلية المصرية عن تنفيذ التصاريح التي تصدرها النيابة العامة للمحامين بزيارة موكليهم في مراكز الإصلاح والتأهيل المجتمعي (السجون)، يشكل انتهاكاً واضحاً وصريحاً لقانون تنظيم السجون الذي ينص في المادة 39 منه على حق المحامي في مقابلة موكله على انفراد بإذن من النيابة العامة، ويعد فصلاً بين المحامي وموكله.

نهج اعتيادي

الجنادي أكد لـ”درج” أن المحامين الحقوقيين في مصر اعتادوا على هذا النهج من وزارة الداخلية، التي قال إنها من اليوم الأول الذي يتم فيه القبض على أي معارض سياسي ذي حيثية ما، تفصل بشكل تام بين المحامي والمقبوض عليه حتى إطلاق سراحه وخروجه من السجن. وهو ما يخالف المادة (54) من الدستور المصري التي تحظر بدء التحقيق مع المتهم في غياب محاميه.

وأوضح الجنادي أن قانون تنظيم السجون ميّز بين ثلاثة أنواع من الزيارات؛ الأولى الزيارة العادية، وهي لا تحتاج إلى تصريح وتكون مرتين في الشهر للدرجة الأولى من أقارب المسجون حسب لائحة السجون، والثانية الزيارة الاستثنائية، وهي التي تعلن عنها وزارة الداخلية في الأعياد والمناسبات القومية، أما الثالثة فهي زيارة المحامين، وهي تحتاج الى تصريح من النيابة العامة، وتكون لمرة واحدة في الشهر ولا تُحتسب ضمن الزيارات الأخرى.

وعن رفض تمكينه والمحامي خالد علي من زيارة المعارض السياسي المصري أحمد الطنطاوي في محبسه بمركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان، في 1 تموز 2024، بدعوى استنفاد الزيارات المخولة للمرشح الرئاسي السابق (العادية والاستثنائية)، قال الجنادي إن هذا التبرير “مخالف للقانون”. ورأى المحامي الحقوقي أنه على رغم أنه من المفترض ألا تكون هناك مؤسسة فوق المساءلة، لكن على أرض الواقع وزارة الداخلية المصرية هي “فوق المساءلة”.

ووفق الجنادي، يعود منع المحامين من زيارة موكليهم إما الى حيثية المتهم نفسه كأن يكون معارضاً بارزاً، أو بسبب المحامي نفسه، في حال كان حقوقياً بارزاً، مشيراً إلى أن هناك وقائع سابقة لمنع محامين حقوقيين من زيارة أشخاص عاديين (ليسوا معارضين بارزين).

وبخصوص منعهم من زياراة الطنطاوي، قال الجنادي إن أسرة الطنطاوي تقدمت بشكوى إلى نقابة الصحافيين باعتبار أن المرشح الرئاسي السابق صحافي وعضو في نقابة الصحافيين المصرية، حتى تتدخل وتسعى الى زيارته في محبسه للاطمئنان عليه. كما أنه أبلغ المحامي العام لنيابات شمال القاهرة بامتناع وزارة الداخلية عن تنفيذ تصريح النيابة العامة بزيارة موكله.

وفي هذا السياق، قال خالد البلشي، نقيب الصحافيين، لـ”درج”، إن أسرة الطنطاوي تقدمت بالفعل بشكوى إلى النقابة بعد منع محاميه من زيارته، وسيتم مناقشتها واتخاذ إجراء حيالها. وأشار إلى النقابة تقدمت في وقت سابق بطلبات لزيارة الصحافيين المحبوسين، ومن بينهم الطنطاوي.

“خطوة تصعيديّة”

تقدمت نقابة الصحافيين في حزيران الماضي بطلبات إلى كل من النائب العام، ومجلس أمناء الحوار الوطنى، ولجنة العفو الرئاسي، لإخلاء سبيل 19 صحافياً محبوساً احتياطياً، والعفو عن 3 من الزملاء الصادرة بحقهم أحكام هم الزملاء: أحمد الطنطاوى، ومحمد أكسجين، وعلياء نصر الدين. كما تقدم النقيب بـ 3 طلبات للنيابة للسماح له، وعدد من أعضاء مجلس النقابة بزيارة الصحافيين المحبوسين فى سجون بدر 1، وبدر 3، والعاشر من رمضان.

وكانت محكمة جنح المطرية قضت في 26 شباط/ فبراير الماضي، بحبس الطنطاوي وأعضاء حملته سنة مع الشغل، ودفع كفالة قوامها 20 ألف جنيه، إضافة إلى حرمان الطنطاوي من الترشح في الانتخابات النيابية لمدة 5 سنوات. وفي 27 أيار/ مايو، أيدت محكمة جنح مستأنف حكم أول درجة، وتم توقيفه خلال جلسة المحاكمة من سلطات الأمن لتنفيذ العقوبة.

وتعود القضية إلى قيام الطنطاوي في العام الماضي بدعوة الراغبين في تحرير توكيلات له إلى أن يملأوا نماذج يدوية أطلق عليها اسم “التوكيلات الشعبية”. ولجأ الطنطاوي إلى ذلك، إذ ألقى اللوم على السلطة في عدم تمكّنه من جمع التوكيلات المطلوبة لإتمام الترشح رسمياً، مشيراً إلى منع أنصاره عمداً من تحرير التوكيلات بمكاتب الشهر العقاري المكلفة بهذه المهمة في أنحاء البلاد.

ونددت الإعلامية المصرية رشا قنديل، زوجة السياسي أحمد الطنطاوي، بمنع محامي زوجها من زيارته، واعتبرت الأمر “خطوة تصعيدية”؛ وقالت إنه “مع رفض أحمد الإفصاح عن ظروف محبسه أنا قلقة جداً على سلامته وأطالب السلطة بالالتزام بحقوق أحمد القانونية وحقوقه المنصوص عليها في لائحة السجون وتأكيد سلامته أو بزيارة استثنائية للاطمئنان عليه بنفسي”.

واستنكرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات منع محامي الطنطاوي من زيارته “تحت أي زعم”، معتبرة أن هذا المنع “جزء من عملية الاستهداف والتنكيل به، ويحرمه من فرصة إطلاع محاميه على ظروف احتجازه، إضافة إلى حرمانه من فرصة التشاور بخصوص الطعن أمام محكمة النقض”، وطالبت “المفوضية المصرية” بتمكين محامي الطنطاوي من زيارته و”احترام إدارة السجن لقرارات وتصاريح النيابة كجزء من احترامها للقانون”.

12.07.2024
زمن القراءة: 7 minutes

تمنع إدارة السجون المصرية السجناء السياسيين ذوي الحيثية من تلقّي زيارات محاميهم على رغم حصولهم على التصاريح اللازمة من النيابة العامة، في “انتهاك صارخ” للقانون والمواثيق الدولية. وكان آخر هذه الحالات منع محامي السياسي المصري المعارض أحمد الطنطاوي من مقابلته بالسجن.

يأتي منع المحامين الحقوقيين من زيارة موكّليهم على رغم أن المشرع المصري أجاز لمحامي السجين مقابلته على انفراد، وذلك بشرط الحصول على إذن كتابي من النيابة العامة.

إذ تنص المادة (39) من قانون تنظيم السجون، على أنه “يُرخّص لمحامي النزيل في مقابلته على انفراد بشرط الحصول على إذن كتابي من النيابة العامة، ومن قاضي التحقيق في القضايا التي يندب لتحقيقها سواء أكانت المقابلة بدعوة من النزيل أم بناءً على طلب المحامي”.

وبموجب قرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1961، بشأن اللائحة الداخلية لمراكز الإصلاح والتأهيل المجتمعي، “تتم زيارة النزيل في المكان المخصص لذلك في مركز الإصلاح والتأهيل بحضور أحد مستخدمي مركز الإصلاح والتأهيل أثناء زيارة النزلاء وإحدى المستخدمات أثناء زيارة النزيلات. أما الزيارة الخاصة فتتم في مكاتب أحد ضباط مركز الإصلاح والتأهيل وبحضوره أو من ينوب عنه، مع عدم الإخلال بحق محامي النزيل في مقابلته على انفراد”.

لكن في مطلع تموز/ يوليو الجاري، كشف المحامي الحقوقي خالد علي، في تدوينة له عبر “فيسبوك” عن منعه وزميله المحامي نبيه الجنادي من زيارة موكلهما المعارض السياسي المصري أحمد الطنطاوي الموجود في “سجن العاشر من رمضان تأهيل 4″، وسرد تفاصيل ما حصل.

تكرار الانتهاكات 

ما حدث مع الطنطاوي ليس الواقعة الأولى التي يتم فيها منع محامٍ من زيارة سجين سياسي في حبسه، فعلى سبيل المثال لا الحصر رفضت إدارة سجن طرة شديد الحراسة 2، في 22 آب/ أغسطس 2021، تنفيذ قرار النيابة العامة بالتصريح لمحامي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بزيارة المدون محمد إبراهيم أكسجين، في سجنه من دون إبداء أي أسباب. وقالت الشبكة في بيان – حينها – إن مسؤولي السجن استولوا على التصريح ورفضوا إعادته الى المحامين.

كما أن خالد علي نفسه مُنع مرات عدة سابقة، منها ثلاث زيارات في غضون بضعة أشهر – اثنان منها في أقل من أسبوع – من زيارة موكله الناشط السياسي علاء عبدالفتاح، وذلك في العام 2022 تزامناً مع إضراب علاء الكلي عن الطعام اعتراضاً على استمرار حبسه وللمطالبة بالإفراج عنه.  

وكانت المرة الأولى التي مُنع فيها المحامي خالد علي من زيارة موكله علاء عبدالفتاح في 9 حزيران/ يونيو 2022 من دون بيان سبب الرفض، أما المرة الثانية فكانت في 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، وكانت حجة سلطات السجن حينها أن التصريح مؤرخ بتاريخ سابق ليوم الزيارة، علماً أن تصاريح النيابة صالحة عادة لأسبوع كامل، وفق ما يؤكد قانونيون.

وحينما حصل محامي علاء عبدالفتاح في 13 تشرين الثاني 2022 على تصريح بالزيارة وتوجّه الى السجن في اليوم ذاته لإبطال حجة إدارة السجن بضرورة أن يكون التصريح مؤرخاً بتاريخ يوم الزيارة، جاء الرفض للمرة الثالثة بدعوى أن السجن مغلق على رغم وصول خالد علي قبل موعد الإغلاق، فتوجه في اليوم التالي بالتصريح ذاته، فتم الرفض مجددا بحجة أن تصريح الزيارة الصادر من النائب العام مؤرخ بتاريخ اليوم السابق.

استنفاد زيارات الطنطاوي!

بالعودة الى الواقعة الأخيرة المتمثّلة في منع دفاع السياسي المعارض أحمد الطنطاوي من زيارته، ففي صباح 1 تموز الحالي استلم المحاميان الحقوقيان خالد علي ونبيه الجنادي، تصريح زيارة الطنطاوي من النيابة العامة، وتوجها إلى مركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان تأهيل 4؛ وهناك – في تمام الساعة الثانية عشرة إلا ربعاً ظهراً – سلما الإدارة المختصة أصل التصريح وبطاقات عضوية نقابة المحامين و”صورة ضوئية للتصريح والكارنيهات”. 

وبعد ربع ساعة، حصل المحاميان على التصريح والكارنيهات مرة أخرى، وتم إخطارهما بأن رجال الأمن في انتظار التعليمات، وأنه “على الغالب” سيتم تمكينهما من الزيارة بعد انتهاء الزيارات من كل السجن. 

لكن في الساعة الثالثة والنصف عصراً، جاء إليهما مسؤول تأمين منطقة السجون، واعتذر لهما عن عدم تمكينهما من الزيارة بدعوى استنفاد الطنطاوي جميع الزيارات العادية والاستثنائية.

وعن حجة الرفض هذه، أوضح المحامي الحقوقي خالد علي، أن قانون السجون ولائحته يميزان بين ثلاثة أنواع من الزيارات، ولا يجوز الخلط بينها؛ الزيارة العادية لمن يقضي العقوبة وعددها مرتين في الشهر، لافتاً إلى أن “أسرة الطنطاوي لم تحصل إلا على زيارة واحدة عادية طوال الشهر”. أما النوع الثاني من الزيارات وفق علي، فهو الزيارات الاستثنائية في الأعياد والمناسبات القومية والدينية، ويصدر بتحديدها قرار من وزارة الداخلية. والزيارة الثالثة، هي زيارة المحامين، وقد كفل لها المشرع إجراءات خاصة نظراً الى طبيعتها المهنية، إذ يصدر لها تصريح من النائب العام، وتكون الزيارة على إنفراد بين المتهم ومحاميه، ولا يتم احتسابها من ضمن الزيارات العادية أو الاستثنائية التي تتمتع بها الأسر.

وقال علي إن “النيابة العامة أصدرت لنا هذا التصريح، فمن حق المحامي وموكله أن يطمئن عليه، وعن أحوال محبسه، ومدى حصوله على كامل حقوقه من عدمه، فضلاً عن حقه في المناقشة حول الإجراءات القانونية الواجب اتباعها، بخاصة أنه ما زالت لدينا مرحلة النقض، وكنا نرغب في مناقشة الطنطاوي في تفاصيل النقض وطلباته بشأن تلك المرحلة”. 

ويؤكد قانون المحاماة حق المحامي بزيارة موكله، إذ تنص المادة (53) منه أن “للمحامي المرخص له من النيابة بزيارة أحد المحبوسين في مراكز الإصلاح والتأهيل العمومية حق زيارته في أي وقت والاجتماع به على انفراد، وفي مكان لائق داخل مركز”. كما أن المادة رقم (124) من قانون الإجراءات الجنائية تمنح المتهم حق الاتصال دائماً بالمدافع عنه.

إلى جانب ذلك، لم تستنفد أسرة المعارض السياسي المصري أحمد الطنطاوي زياراته العادية، إذ إنها لم تتمكن من زيارته في محبسه سوى مرة وحيدة خلال الشهر الماضي، لذا تقدم محاموه بطلب للنيابة العامة لاستصدار تصريح بزيارته للاطمئنان عليه ومعرفة أحوال محبسه، بحسب دفاعه.

وقال المحامي الحقوقي نبيه الجنادي، إن امتناع وزارة الداخلية المصرية عن تنفيذ التصاريح التي تصدرها النيابة العامة للمحامين بزيارة موكليهم في مراكز الإصلاح والتأهيل المجتمعي (السجون)، يشكل انتهاكاً واضحاً وصريحاً لقانون تنظيم السجون الذي ينص في المادة 39 منه على حق المحامي في مقابلة موكله على انفراد بإذن من النيابة العامة، ويعد فصلاً بين المحامي وموكله.

نهج اعتيادي

الجنادي أكد لـ”درج” أن المحامين الحقوقيين في مصر اعتادوا على هذا النهج من وزارة الداخلية، التي قال إنها من اليوم الأول الذي يتم فيه القبض على أي معارض سياسي ذي حيثية ما، تفصل بشكل تام بين المحامي والمقبوض عليه حتى إطلاق سراحه وخروجه من السجن. وهو ما يخالف المادة (54) من الدستور المصري التي تحظر بدء التحقيق مع المتهم في غياب محاميه.

وأوضح الجنادي أن قانون تنظيم السجون ميّز بين ثلاثة أنواع من الزيارات؛ الأولى الزيارة العادية، وهي لا تحتاج إلى تصريح وتكون مرتين في الشهر للدرجة الأولى من أقارب المسجون حسب لائحة السجون، والثانية الزيارة الاستثنائية، وهي التي تعلن عنها وزارة الداخلية في الأعياد والمناسبات القومية، أما الثالثة فهي زيارة المحامين، وهي تحتاج الى تصريح من النيابة العامة، وتكون لمرة واحدة في الشهر ولا تُحتسب ضمن الزيارات الأخرى.

وعن رفض تمكينه والمحامي خالد علي من زيارة المعارض السياسي المصري أحمد الطنطاوي في محبسه بمركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان، في 1 تموز 2024، بدعوى استنفاد الزيارات المخولة للمرشح الرئاسي السابق (العادية والاستثنائية)، قال الجنادي إن هذا التبرير “مخالف للقانون”. ورأى المحامي الحقوقي أنه على رغم أنه من المفترض ألا تكون هناك مؤسسة فوق المساءلة، لكن على أرض الواقع وزارة الداخلية المصرية هي “فوق المساءلة”.

ووفق الجنادي، يعود منع المحامين من زيارة موكليهم إما الى حيثية المتهم نفسه كأن يكون معارضاً بارزاً، أو بسبب المحامي نفسه، في حال كان حقوقياً بارزاً، مشيراً إلى أن هناك وقائع سابقة لمنع محامين حقوقيين من زيارة أشخاص عاديين (ليسوا معارضين بارزين).

وبخصوص منعهم من زياراة الطنطاوي، قال الجنادي إن أسرة الطنطاوي تقدمت بشكوى إلى نقابة الصحافيين باعتبار أن المرشح الرئاسي السابق صحافي وعضو في نقابة الصحافيين المصرية، حتى تتدخل وتسعى الى زيارته في محبسه للاطمئنان عليه. كما أنه أبلغ المحامي العام لنيابات شمال القاهرة بامتناع وزارة الداخلية عن تنفيذ تصريح النيابة العامة بزيارة موكله.

وفي هذا السياق، قال خالد البلشي، نقيب الصحافيين، لـ”درج”، إن أسرة الطنطاوي تقدمت بالفعل بشكوى إلى النقابة بعد منع محاميه من زيارته، وسيتم مناقشتها واتخاذ إجراء حيالها. وأشار إلى النقابة تقدمت في وقت سابق بطلبات لزيارة الصحافيين المحبوسين، ومن بينهم الطنطاوي.

“خطوة تصعيديّة”

تقدمت نقابة الصحافيين في حزيران الماضي بطلبات إلى كل من النائب العام، ومجلس أمناء الحوار الوطنى، ولجنة العفو الرئاسي، لإخلاء سبيل 19 صحافياً محبوساً احتياطياً، والعفو عن 3 من الزملاء الصادرة بحقهم أحكام هم الزملاء: أحمد الطنطاوى، ومحمد أكسجين، وعلياء نصر الدين. كما تقدم النقيب بـ 3 طلبات للنيابة للسماح له، وعدد من أعضاء مجلس النقابة بزيارة الصحافيين المحبوسين فى سجون بدر 1، وبدر 3، والعاشر من رمضان.

وكانت محكمة جنح المطرية قضت في 26 شباط/ فبراير الماضي، بحبس الطنطاوي وأعضاء حملته سنة مع الشغل، ودفع كفالة قوامها 20 ألف جنيه، إضافة إلى حرمان الطنطاوي من الترشح في الانتخابات النيابية لمدة 5 سنوات. وفي 27 أيار/ مايو، أيدت محكمة جنح مستأنف حكم أول درجة، وتم توقيفه خلال جلسة المحاكمة من سلطات الأمن لتنفيذ العقوبة.

وتعود القضية إلى قيام الطنطاوي في العام الماضي بدعوة الراغبين في تحرير توكيلات له إلى أن يملأوا نماذج يدوية أطلق عليها اسم “التوكيلات الشعبية”. ولجأ الطنطاوي إلى ذلك، إذ ألقى اللوم على السلطة في عدم تمكّنه من جمع التوكيلات المطلوبة لإتمام الترشح رسمياً، مشيراً إلى منع أنصاره عمداً من تحرير التوكيلات بمكاتب الشهر العقاري المكلفة بهذه المهمة في أنحاء البلاد.

ونددت الإعلامية المصرية رشا قنديل، زوجة السياسي أحمد الطنطاوي، بمنع محامي زوجها من زيارته، واعتبرت الأمر “خطوة تصعيدية”؛ وقالت إنه “مع رفض أحمد الإفصاح عن ظروف محبسه أنا قلقة جداً على سلامته وأطالب السلطة بالالتزام بحقوق أحمد القانونية وحقوقه المنصوص عليها في لائحة السجون وتأكيد سلامته أو بزيارة استثنائية للاطمئنان عليه بنفسي”.

واستنكرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات منع محامي الطنطاوي من زيارته “تحت أي زعم”، معتبرة أن هذا المنع “جزء من عملية الاستهداف والتنكيل به، ويحرمه من فرصة إطلاع محاميه على ظروف احتجازه، إضافة إلى حرمانه من فرصة التشاور بخصوص الطعن أمام محكمة النقض”، وطالبت “المفوضية المصرية” بتمكين محامي الطنطاوي من زيارته و”احترام إدارة السجن لقرارات وتصاريح النيابة كجزء من احترامها للقانون”.