fbpx

“الدجاجة” التي اختطفت جمال الجمل إلى سجن طره

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

عاد جمال الجمل إلى أرض مصر بعد غياب أربع سنوات، لكن أرض مصر تم اختصارها للمعارضين في مساحة السجون…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

كتب الصحافي المصري جمال الجمل في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي مقالاً بعنوان “الدجاجة التي قتلت عيسى الراوي”، حول مقتل المواطن المصري عويس الراوي أمام أعين أسرته على يد بعض أفراد الشرطة المصرية في الأقصر، وما أعقبه من توتر أمني احتجاجاً على الجريمة.

في مقاله يصف الجمل السلطة الأمنية في مصر وعلى رأسها الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي بالدجاجة للدلالة على محدودية الأفق والتفكير، ولم يعلم جمال الجمل أنه بعد أشهر قليلة سيقع تحت رحمة هذه “الدجاجة”.

اختُطف الكاتب جمال الجمل من مطار القاهرة يوم الأحد (28 شباط/ فبراير) بعد عودته من رحلة إلى الخارج، ثم ظهر في نيابة أمن الدولة العليا يوم الأربعاء وبعدها تم ترحيله إلى سجن طرة للحبس الاحتياطي.

مقال جمال الجمل عن عيسى الراوي من المقالات القليلة التي تجرأت على محاسبة السلطة الأمنية في مصر عن أفعالها الانتقامية ضد المواطنين المصريين، فقد وصف حادثة قتل الرواي بقوله “الدولة المصرية تقتل وهي ترتدي ملابسها الرسمية وهذا يعني أن الأمل يغيب في انتظار عدل من قانون أو نفع من قصاص فردي، فالدولة التي تفكر كدجاجة وتقتل كوباء تعطل الحياة الطبيعية وتنشر الذل والخوف”.

كان جمال الجمل من الأقلام التي عارضت الرئيس الراحل محمد مرسي، وبعد تولي عبد الفتاح السيسي استمر الجمل  في كتابة سلسلة مقالاته “حواديت العباسيين” على موقع “المصري اليوم”، التي عارض خلالها إدارة السيسي للبلاد وتسييسه الإعلام لخدمة السيادة الأمنية على حساب المهنية، لكن بعد فترة تم توقيفه عن الكتابة في نيسان/ أبريل 2017، ولم يجد أي منصة إعلامية في مصر ترحب بكتاباته بعد آخر مقال له بعنوان “مصر التي.. والفرصة التي لم..!”. 

امتلك جمال الجمل في مقالاته “حواديت العباسيين” صيغة ذكية في توجيه الاتهامات إلى إعلام السيسي بطريقة ساخرة وبطريقة ضرب الأمثلة بتجارب إعلامية تشبه إعلام “التطبيل” للسلطات الحاكمة، وكأنه يحترف الحديث بطريقة “الكلام عليكي يا جارة!”، حاول  جمال الجمل أن يوارب في توصيل رسالته واتهاماته وتوجيهاته مستخدماً كل الحيل في مقالاته في “المصري اليوم”، لأنه كان يعلم أن هامش حرية الرأي يضيق، وعليه أن يحتال بطريقة مهنية وذكية كي لا يتضاءل الهامش الضيق أكثر فأكثر ويطبق على رقبته، لكن حتى احتيال جمال الجمل لم يجدِ نفعاً بعد سحب البساط بالكامل من تحت المعارضين.

إقرأوا أيضاً:

ترك جمال الجمل مصر إلى اسطنبول نهاية عام 2017، ليبحث عن هامش أوسع وهناك لم يستخدم في مقالاته حيلاً، بل أطلق المجال لسخريته ومقارباته ومفارقاته، لكن الحنين للوطن كان معضلته الأساسية وربما سبب هشاشته التي جعلته يصدق دعوة السيسي المعارضين في الخارج ليأتوا إلى مصر ويعارضوا من الداخل.

عاد جمال الجمل إلى أرض مصر بعد غياب أربع سنوات، لكن أرض مصر تم اختصارها للمعارضين في مساحة السجون، ويواجه جمال الجمل تهمة الانضمام لجماعة إرهابية.

المحامي ناصر أمين مدير “المركز العربي لاستقلال القضاء” والموكل بالدفاع عن الجمل، أوضح لـ”درج” أن الجمل “عُرض على النيابة الأربعاء (3 آذار/ مارس) في جلسة تحقيق وتم التجديد له 15 يوماً على ذمة التحقيق، على خلفية الاتهامات الموجهة له في القضية 977 لسنة 2017 حصر أمن الدولة العليا، والذي يواجه فيها اتهامات انضمام لجماعة ارهابية مع العلم بأغراضها وتعمد نشر وإذاعة أخبار كاذبة واستخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي لنشر هذه الأخبار”.

وأضاف أمين أن حالة الجمل الصحية مستقرة حتى الآن لكن لا نعلم ظروف احتجازه ولا كيف ستتأثر صحته داخل السجن في الأيام الماضية.

الإعلامي أيمن نور كان كشف في مداخلة تلفزيونية أن الجمل يعاني من خمسة أمراض مزمنة، واحتجازه في هذه الفترة قد يهدد حياته، بخاصة مع انتشار فايروس “كورونا”، وزيادة التحذيرات بشأن عدم استخدام الأساليب الوقائية بشكل جاد داخل السجون لمنع انتشار “كورونا”.

وأخبار سوء إدارة السجون لا سيما في أزمة “كورونا” كثيرة، فقبل مدة قصيرة احتُجز الكاتب الصحافي محمد منير، وكان يعاني من أمراض مزمنة وأصيب بفايروس “كورونا” بعد أسابيع من احتجازه وأطلقت إدارة السجون سراحه، كي يموت في بيته وبالفعل فارق محمد منير الحياة متأثراً بمضاعفات “كورونا” الذي انتقل إليه داخل السجن.

احتجاز الجمل في سجن طره، وتجديد حبسه يعنيان أنه لن يمضي عقوبة العامين بتهمة “إهانة القضاء” وحسب، بل يشير الحبس الاحتياطي إلى احتمال تدويره في قضايا أخرى واتهامات جديدة. وهذا بات نهجاً تعتمده السلطات الأمنية مع معارضيها، إذ تعمد إلى إطالة فترات احتجازهم من خلال “إعادة تدوير” قضاياهم عبر توجيه تهم وجرائم مختلقة ضد المحتجزين بزعم ارتكابها من سجنهم، وهي إجراءات وصفتها منظمات حقوقية بأنها تنكيل متعمد وضمان لتمديد فترات تجديد الحبس الاحتياطي.

انضم جمال الجمل إلى عالم التغيير المحصور في السجون مع شباب الثورة وكهولها في عالم موازٍ، بعيد من سكان عالم البرزخ الذي تحدث عنه في مقاله “رسالة سياسية إلى سكان البرزخ”، وقال “سأحلم بشعب يستطيع أن يحكم نفسه بنفسه، ويستطيع أن يعين حاكمه كموظف ومهما كان الحلم بعيداً، فلن أفرط فيه ما دمت أملك روحاً وعقلاً وصدقاً، لهذا لن أقبل أبداً بتشكيل العالم على أي صيغة ترفضها أفكاري وأحلامي. سأظل أحافظ على حالة السيولة، سأظل أشعل النار تحت سبيكة العالم الفاسدة لتحتفظ بسيولتها وتتبخر منها الخبائث وتخلصها النار من الشوائب، إلى أن يأتي يوم النصر، ونتمكن من تشكيل السبيكة كما نريد، لا كما يريد زعماء العصابات المتنافسون على حكم العالم… المتفقون على استبعادنا واستعبادنا”.

إقرأوا أيضاً:




05.03.2021
زمن القراءة: 4 minutes

عاد جمال الجمل إلى أرض مصر بعد غياب أربع سنوات، لكن أرض مصر تم اختصارها للمعارضين في مساحة السجون…

كتب الصحافي المصري جمال الجمل في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي مقالاً بعنوان “الدجاجة التي قتلت عيسى الراوي”، حول مقتل المواطن المصري عويس الراوي أمام أعين أسرته على يد بعض أفراد الشرطة المصرية في الأقصر، وما أعقبه من توتر أمني احتجاجاً على الجريمة.

في مقاله يصف الجمل السلطة الأمنية في مصر وعلى رأسها الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي بالدجاجة للدلالة على محدودية الأفق والتفكير، ولم يعلم جمال الجمل أنه بعد أشهر قليلة سيقع تحت رحمة هذه “الدجاجة”.

اختُطف الكاتب جمال الجمل من مطار القاهرة يوم الأحد (28 شباط/ فبراير) بعد عودته من رحلة إلى الخارج، ثم ظهر في نيابة أمن الدولة العليا يوم الأربعاء وبعدها تم ترحيله إلى سجن طرة للحبس الاحتياطي.

مقال جمال الجمل عن عيسى الراوي من المقالات القليلة التي تجرأت على محاسبة السلطة الأمنية في مصر عن أفعالها الانتقامية ضد المواطنين المصريين، فقد وصف حادثة قتل الرواي بقوله “الدولة المصرية تقتل وهي ترتدي ملابسها الرسمية وهذا يعني أن الأمل يغيب في انتظار عدل من قانون أو نفع من قصاص فردي، فالدولة التي تفكر كدجاجة وتقتل كوباء تعطل الحياة الطبيعية وتنشر الذل والخوف”.

كان جمال الجمل من الأقلام التي عارضت الرئيس الراحل محمد مرسي، وبعد تولي عبد الفتاح السيسي استمر الجمل  في كتابة سلسلة مقالاته “حواديت العباسيين” على موقع “المصري اليوم”، التي عارض خلالها إدارة السيسي للبلاد وتسييسه الإعلام لخدمة السيادة الأمنية على حساب المهنية، لكن بعد فترة تم توقيفه عن الكتابة في نيسان/ أبريل 2017، ولم يجد أي منصة إعلامية في مصر ترحب بكتاباته بعد آخر مقال له بعنوان “مصر التي.. والفرصة التي لم..!”. 

امتلك جمال الجمل في مقالاته “حواديت العباسيين” صيغة ذكية في توجيه الاتهامات إلى إعلام السيسي بطريقة ساخرة وبطريقة ضرب الأمثلة بتجارب إعلامية تشبه إعلام “التطبيل” للسلطات الحاكمة، وكأنه يحترف الحديث بطريقة “الكلام عليكي يا جارة!”، حاول  جمال الجمل أن يوارب في توصيل رسالته واتهاماته وتوجيهاته مستخدماً كل الحيل في مقالاته في “المصري اليوم”، لأنه كان يعلم أن هامش حرية الرأي يضيق، وعليه أن يحتال بطريقة مهنية وذكية كي لا يتضاءل الهامش الضيق أكثر فأكثر ويطبق على رقبته، لكن حتى احتيال جمال الجمل لم يجدِ نفعاً بعد سحب البساط بالكامل من تحت المعارضين.

إقرأوا أيضاً:

ترك جمال الجمل مصر إلى اسطنبول نهاية عام 2017، ليبحث عن هامش أوسع وهناك لم يستخدم في مقالاته حيلاً، بل أطلق المجال لسخريته ومقارباته ومفارقاته، لكن الحنين للوطن كان معضلته الأساسية وربما سبب هشاشته التي جعلته يصدق دعوة السيسي المعارضين في الخارج ليأتوا إلى مصر ويعارضوا من الداخل.

عاد جمال الجمل إلى أرض مصر بعد غياب أربع سنوات، لكن أرض مصر تم اختصارها للمعارضين في مساحة السجون، ويواجه جمال الجمل تهمة الانضمام لجماعة إرهابية.

المحامي ناصر أمين مدير “المركز العربي لاستقلال القضاء” والموكل بالدفاع عن الجمل، أوضح لـ”درج” أن الجمل “عُرض على النيابة الأربعاء (3 آذار/ مارس) في جلسة تحقيق وتم التجديد له 15 يوماً على ذمة التحقيق، على خلفية الاتهامات الموجهة له في القضية 977 لسنة 2017 حصر أمن الدولة العليا، والذي يواجه فيها اتهامات انضمام لجماعة ارهابية مع العلم بأغراضها وتعمد نشر وإذاعة أخبار كاذبة واستخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي لنشر هذه الأخبار”.

وأضاف أمين أن حالة الجمل الصحية مستقرة حتى الآن لكن لا نعلم ظروف احتجازه ولا كيف ستتأثر صحته داخل السجن في الأيام الماضية.

الإعلامي أيمن نور كان كشف في مداخلة تلفزيونية أن الجمل يعاني من خمسة أمراض مزمنة، واحتجازه في هذه الفترة قد يهدد حياته، بخاصة مع انتشار فايروس “كورونا”، وزيادة التحذيرات بشأن عدم استخدام الأساليب الوقائية بشكل جاد داخل السجون لمنع انتشار “كورونا”.

وأخبار سوء إدارة السجون لا سيما في أزمة “كورونا” كثيرة، فقبل مدة قصيرة احتُجز الكاتب الصحافي محمد منير، وكان يعاني من أمراض مزمنة وأصيب بفايروس “كورونا” بعد أسابيع من احتجازه وأطلقت إدارة السجون سراحه، كي يموت في بيته وبالفعل فارق محمد منير الحياة متأثراً بمضاعفات “كورونا” الذي انتقل إليه داخل السجن.

احتجاز الجمل في سجن طره، وتجديد حبسه يعنيان أنه لن يمضي عقوبة العامين بتهمة “إهانة القضاء” وحسب، بل يشير الحبس الاحتياطي إلى احتمال تدويره في قضايا أخرى واتهامات جديدة. وهذا بات نهجاً تعتمده السلطات الأمنية مع معارضيها، إذ تعمد إلى إطالة فترات احتجازهم من خلال “إعادة تدوير” قضاياهم عبر توجيه تهم وجرائم مختلقة ضد المحتجزين بزعم ارتكابها من سجنهم، وهي إجراءات وصفتها منظمات حقوقية بأنها تنكيل متعمد وضمان لتمديد فترات تجديد الحبس الاحتياطي.

انضم جمال الجمل إلى عالم التغيير المحصور في السجون مع شباب الثورة وكهولها في عالم موازٍ، بعيد من سكان عالم البرزخ الذي تحدث عنه في مقاله “رسالة سياسية إلى سكان البرزخ”، وقال “سأحلم بشعب يستطيع أن يحكم نفسه بنفسه، ويستطيع أن يعين حاكمه كموظف ومهما كان الحلم بعيداً، فلن أفرط فيه ما دمت أملك روحاً وعقلاً وصدقاً، لهذا لن أقبل أبداً بتشكيل العالم على أي صيغة ترفضها أفكاري وأحلامي. سأظل أحافظ على حالة السيولة، سأظل أشعل النار تحت سبيكة العالم الفاسدة لتحتفظ بسيولتها وتتبخر منها الخبائث وتخلصها النار من الشوائب، إلى أن يأتي يوم النصر، ونتمكن من تشكيل السبيكة كما نريد، لا كما يريد زعماء العصابات المتنافسون على حكم العالم… المتفقون على استبعادنا واستعبادنا”.

إقرأوا أيضاً: