fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

الرصاصة التي أصابت نايا حنا ليست مجهولة المصدر!

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

الرصاصة التي اخترقت رأس الطفلة نايا لم تكن طائشة ما دام المتحكم بها عقلاً (بافتراض وجوده) غرائزياً وعبثياً يندرج صاحبه كممتشق سلاح، وكمكثف لظاهرة لا تنفك تتفشى بتواتر مضطرد.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

نايا حنا لن تكون آخر ضحايا هذا الطقس الجرمي السنوي عن التلازم التعسفي بين”التربية” و”السلاح”. بين النجاح في الامتحانات الرسمية  والتعبير عنه  برصاص  “الابتهاج”.

 الرصاصة التي اخترقت رأس الطفلة نايا لم تكن طائشة ما دام المتحكم بها عقلاً (بافتراض وجوده) غرائزياً وعبثياً يندرج صاحبه كممتشق سلاح، وكمكثف لظاهرة لا تنفك تتفشى بتواتر مضطرد. 

 ولن يبدّد شيوع خبر إصابة الطفلة وحالتها الحرجة استئناف فرح القاتل، هذه مُسلّمَة. واستئناف الحدث في المخيلة قد يفضي إلى ما هو أكثر من السلاح، وسيتمدد إلى دمج قسري بين آلة القتل وبين “رومانسية” هشة يختلط فيها صوت الرصاص مع زغاريد النساء، وربما نثر الورود التي ستجد أيضاً متسعاً لها فوق سرير الضحية.

وبعد، قد يكون المجرم أباً لمن هم في عمر نايا، وقد يكون قد تفرس وجوههم في اللحظة التي أصابتها رصاصته. إنه المجرم الذي استدعى الطفولة إلى حتفها مرتين. مرةً بمباشرة القتل، وأخرى كشاهدةٍ عليه.

 وفي “عقل” المجرم، لن تغدو نايا أكثر من حلم قد سقط سهواً. إنها أعراف القتلة الذين لا يستغرقون في أحلام الآخرين.

 حلم نايا أن تكبر، وأن تحتفي باللحظة ذاتها التي قد لا تمهلها فيها رصاصة المجرم على مواصلة الحلم. ولعلها تمني النفس باحتفالية رومانسية تختلط فيها الزغاريد بالموسيقى. ولو كانت نايا تدرك مصيرها، لكانت باشرت أولى أمانيها من حلم آخر: وطن بلا سلاح.

ولن يُخضِع المجرم ضميره (بافتراض وجوده أيضاً) لمحاكمة ذاتية قد تدفعه الى الاعتراف بجريمته. وغالب الظن أن تعاميه عن محاكمة كهذه يعززه التباس هويته بين هويات مماثلة امتهنت هذا الطقس بالزمان والمكان. نحن والحال أمام مجرم يتلطى وراء رصاصة مجهولة المصدر.

نايا حنا لن تكون آخر ضحايا هذا الطقس الجرمي السنوي عن التلازم التعسفي بين”التربية” و”السلاح”. بين النجاح في الامتحانات الرسمية  والتعبير عنه  برصاص  “الابتهاج”.

تندر معرفة القتلة في كل السوابق التي تماثلت مع  جريمة الأمس. هذا سياق يتكرر سنوياً عن فرح يتنكب قاتل ما إخراجه عن مساره نحو المأساة .إنه فرح ممهور بالحزن وبالجريمة.

نحن والحال أمام تلازم تعسفي بين “التربية” و”السلاح”.

مبتدأ هذا التعسف هو انتفاء العلة المنطقية للربط بين الاثنين. ففي حين تفترض الأولى مناخاً أخلاقياً مكثفاً، يفضي الثاني إلى النقيض. وفي بلد كلبنان، يتفشى فيه السلاح كـ “زينةً للرجال”، يصير التعسف والحال هذه أمراً واقعاً لا تلبث “التربية” أن تتلازم معه، ولكن كإحدى ضحاياه.

  ولأن الأخيرة ضحية، يصير السؤال عن هذا النمط الجرمي في الابتهاج جوهرياً.

  هل ما زال نجاح يلامس النسبة المئوية القصوى  في امتحانات رسمية تجريها وزارة التربية سنوياً، يستحق التعبير عنه حتى بالحدود المعقولة، لا بالحدود التي يرسمها رصاص الابتهاج القاتل؟. غالب الظن أن الإجابة ستكون ملتبسة بين النفي والتأكيد.

 الأكيد أن كثراً من الطلاب يستحقون النجاح حتى لو أُعيد لتلك الامتحانات مناخ لا يخضع في راهنه للمعايير التي اختلّت كثيراً منذ جائحة “كورونا”، وحتى قبلها.

ورصدُ التفاوت في نسب النجاح، ونماذج الاختبارات، والرقابة عليها، ونوعية المرشحين لها بين الماضي القريب وبين الراهن، يشي بأن القطاع التربوي لم يستعصِ على الانهيار العام في لبنان، وإنما كان أحد أكثر مندرجاته تفاعلاً.

مشروع قتل نايا حنا هو مؤشر سلبي عن السؤال الآنف الذكر. فحين يُستحضر “السلاح” كأداة ابتهاج، هو في أسوأ الأحوال طقس دموي كما في حالتها، وفي أحسنها مؤشر إلى البيئة الأسرية والمجتمعية الهشة التي ينبثق منها التلميذ الناجح.

04.08.2023
زمن القراءة: 3 minutes

الرصاصة التي اخترقت رأس الطفلة نايا لم تكن طائشة ما دام المتحكم بها عقلاً (بافتراض وجوده) غرائزياً وعبثياً يندرج صاحبه كممتشق سلاح، وكمكثف لظاهرة لا تنفك تتفشى بتواتر مضطرد.

نايا حنا لن تكون آخر ضحايا هذا الطقس الجرمي السنوي عن التلازم التعسفي بين”التربية” و”السلاح”. بين النجاح في الامتحانات الرسمية  والتعبير عنه  برصاص  “الابتهاج”.

 الرصاصة التي اخترقت رأس الطفلة نايا لم تكن طائشة ما دام المتحكم بها عقلاً (بافتراض وجوده) غرائزياً وعبثياً يندرج صاحبه كممتشق سلاح، وكمكثف لظاهرة لا تنفك تتفشى بتواتر مضطرد. 

 ولن يبدّد شيوع خبر إصابة الطفلة وحالتها الحرجة استئناف فرح القاتل، هذه مُسلّمَة. واستئناف الحدث في المخيلة قد يفضي إلى ما هو أكثر من السلاح، وسيتمدد إلى دمج قسري بين آلة القتل وبين “رومانسية” هشة يختلط فيها صوت الرصاص مع زغاريد النساء، وربما نثر الورود التي ستجد أيضاً متسعاً لها فوق سرير الضحية.

وبعد، قد يكون المجرم أباً لمن هم في عمر نايا، وقد يكون قد تفرس وجوههم في اللحظة التي أصابتها رصاصته. إنه المجرم الذي استدعى الطفولة إلى حتفها مرتين. مرةً بمباشرة القتل، وأخرى كشاهدةٍ عليه.

 وفي “عقل” المجرم، لن تغدو نايا أكثر من حلم قد سقط سهواً. إنها أعراف القتلة الذين لا يستغرقون في أحلام الآخرين.

 حلم نايا أن تكبر، وأن تحتفي باللحظة ذاتها التي قد لا تمهلها فيها رصاصة المجرم على مواصلة الحلم. ولعلها تمني النفس باحتفالية رومانسية تختلط فيها الزغاريد بالموسيقى. ولو كانت نايا تدرك مصيرها، لكانت باشرت أولى أمانيها من حلم آخر: وطن بلا سلاح.

ولن يُخضِع المجرم ضميره (بافتراض وجوده أيضاً) لمحاكمة ذاتية قد تدفعه الى الاعتراف بجريمته. وغالب الظن أن تعاميه عن محاكمة كهذه يعززه التباس هويته بين هويات مماثلة امتهنت هذا الطقس بالزمان والمكان. نحن والحال أمام مجرم يتلطى وراء رصاصة مجهولة المصدر.

نايا حنا لن تكون آخر ضحايا هذا الطقس الجرمي السنوي عن التلازم التعسفي بين”التربية” و”السلاح”. بين النجاح في الامتحانات الرسمية  والتعبير عنه  برصاص  “الابتهاج”.

تندر معرفة القتلة في كل السوابق التي تماثلت مع  جريمة الأمس. هذا سياق يتكرر سنوياً عن فرح يتنكب قاتل ما إخراجه عن مساره نحو المأساة .إنه فرح ممهور بالحزن وبالجريمة.

نحن والحال أمام تلازم تعسفي بين “التربية” و”السلاح”.

مبتدأ هذا التعسف هو انتفاء العلة المنطقية للربط بين الاثنين. ففي حين تفترض الأولى مناخاً أخلاقياً مكثفاً، يفضي الثاني إلى النقيض. وفي بلد كلبنان، يتفشى فيه السلاح كـ “زينةً للرجال”، يصير التعسف والحال هذه أمراً واقعاً لا تلبث “التربية” أن تتلازم معه، ولكن كإحدى ضحاياه.

  ولأن الأخيرة ضحية، يصير السؤال عن هذا النمط الجرمي في الابتهاج جوهرياً.

  هل ما زال نجاح يلامس النسبة المئوية القصوى  في امتحانات رسمية تجريها وزارة التربية سنوياً، يستحق التعبير عنه حتى بالحدود المعقولة، لا بالحدود التي يرسمها رصاص الابتهاج القاتل؟. غالب الظن أن الإجابة ستكون ملتبسة بين النفي والتأكيد.

 الأكيد أن كثراً من الطلاب يستحقون النجاح حتى لو أُعيد لتلك الامتحانات مناخ لا يخضع في راهنه للمعايير التي اختلّت كثيراً منذ جائحة “كورونا”، وحتى قبلها.

ورصدُ التفاوت في نسب النجاح، ونماذج الاختبارات، والرقابة عليها، ونوعية المرشحين لها بين الماضي القريب وبين الراهن، يشي بأن القطاع التربوي لم يستعصِ على الانهيار العام في لبنان، وإنما كان أحد أكثر مندرجاته تفاعلاً.

مشروع قتل نايا حنا هو مؤشر سلبي عن السؤال الآنف الذكر. فحين يُستحضر “السلاح” كأداة ابتهاج، هو في أسوأ الأحوال طقس دموي كما في حالتها، وفي أحسنها مؤشر إلى البيئة الأسرية والمجتمعية الهشة التي ينبثق منها التلميذ الناجح.