وقد تم عزله في الجهة المخصصة وفقاً لبيان ربّان السفينة الذي وُزّع على ركاب السفينة، الذين يشغلون نحو 75 في المئة من طاقتها الاستيعابية البالغة 600 شخص، غالبيتهم من المؤثرين السعوديين في مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام المختلفة، وهكذا باتت تجربة السعودية على سكانها رحلات الكروز في زمن “كورونا” غير مجدية، لكنها حتماً ستستمر في تسيير رحلاتها طالما وجدت ركاباً!

وكانت السعودية أعلنت في أيار/ مايو عن انتزاع صندوق الاستثمارات العامة السعودية حصصاً تفوق 7 مليارات من شركات أوروبية وأميركية شهيرة، في خضم أزمة “كورونا” وتبعاتها الاقتصادية، “رفع حيازته عن بعضها لاحقاً في آب/ أغسطس”، من بينها شركة كارنفال الأميركية المتخصصة في النقل البحري، لتستحوذ على 8.2 في المئة من أسهمها، في تحد واضح للمخاوف العالمية حول قطاع السياحة وبخاصة السفن البحرية السياحية، بعدما سجل بعضها حالات مصابة بفايروس “كورونا” على متنها، فجالت البحار لبضعة أيام بحثاً عن مرفأ يستقبلها!
وفي خطوة استثنائية معاكسة لتوقعات العالم في الاجراءات الاحترازية، أعلنت السعودية عن عزمها على إطلاق رحلات سياحية بحرية داخلية على سواحلها الغربية، تنطلق من ميناء الملك عبدالله في المدينة الاقتصادية شمال مدينة جدة، لمدة ثلاثة أيام (أو أربعة)، تبدأ أسعارها من 1800 دولار للشخص الواحد، ويغطي المبلغ المدفوع قيمة الإقامة والطعام فقط، ولا يشمل الفعاليات المقامة في السفينة من عروض مسرحية وترفيهية، لتخالف بذلك السفن السعودية السياحية توجه العالم في إجراءات الوقاية!
وتعد السعودية واحدة من أولى الدول العربية التي اتخذت اجراءات احترازية صارمة منذ بدء حالة الارتباك العالمية عند انتشار فايروس “كورونا”، وإعلانه جائحة عالمية، فقد اغلقت ساحات الحرمين أمام المصلين وعلقت الصلاة في المساجد لنحو 70 يوماً، لكن مراقبين يرون أن السعودية اتخذت الإجراءات الاحترازية الصارمة قبل تفشي الفايروس في البلاد، لتستعجل لاحقاً في فتح أبوابها وإعادة الحياة مع ارتفاع أعداد الإصابات في البلاد. وهذا ينطبق على إطلاق رحلاتها السياحية فيما لا تزال أرقام الإصابات بـ”كورونا” في البلاد مرتفعة، وقد “تجاوزت 300 ألف حالة”.
ومن الإجراءات الاحترازية المتخذة في السعودية، إغلاق حدودها البرية والجوية والبحرية وتعليق رحلاتها الدولية حتى يومنا هذا، فالسعودية التي سيرت رحلات جوية لإعادة مواطنيها إلى البلاد وسط تفاقم أزمة فايروس “كورونا” في ربيع 2020، تمنع اليوم سفر المواطنين إلى الخارج الا بإذن من السلطات ولاستثناءات، ما دفع طلاباً وموظفين إلى التذمر بعدما باتوا يشعرون بخطر ضياع تحصيلهم العلمي أو فقدان وظائفهم إثر تغيبهم، فبين الإكراه على السياحة الداخلية وإغلاق الحدود على المواطنين والمقيمين، يُعتقد أن السعودية تحاول تدوير الأموال داخلياً لمجابهة التحديات الاقتصادية المقبلة على العالم، بينما يرد منتقدو هذه الخطوة بأن عملية تدوير الأموال غير مجدية وسط استثمارات تائهة وبلد استهلاكي بالدرجة الأولى.