fbpx

السلفية في إسبانيا: الجهاد المقدّس لتحرير الأندلس من المحتل الكافر

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

إسبانيا ليست الاستثناء الأوروبي في ما يخص ظهور الجماعات السلفية والإسلامية المتطرفة وتبلورها، بل ربما هي القاعدة وإحدى البؤر الرئيسية للحركات الجهادية في أوروبا التي تتحدث جميعها عن إسبانيا بنوع من الحنين والرومانسية…

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

إسبانيا ليست الاستثناء الأوروبي في ما يخص ظهور الجماعات السلفية والإسلامية المتطرفة وتبلورها، بل ربما هي القاعدة وإحدى البؤر الرئيسية للحركات الجهادية في أوروبا، التي تتحدث جميعها عن إسبانيا بنوع من الحنين والرومانسية، وبشكل خاص عن أندلس القرون الوسطى التي حكمها المسلمون في الماضي، والتي تستوجب الجهاد لاسترجاعها بأي وسيلة ممكنة.

في صيف عام 2014، نشر “داعش” مقطع فيديو قصيراً يظهر فيه أحد مقاتليه برفقة إسباني، وهو يقول: “إننا في طريقنا للموت من أجل تحرير جميع أراضينا المحتلة، من جاكرتا إلى الأندلس”، وأضاف، “إسبانيا هي أرض آبائنا وأجدادنا، ونحن في طريقنا لتحريرها بإذن الله”.

لم تقتصر التهديدات التي تلقتها وما زالت تتلقاها إسبانيا على “داعش”، إذ وجّه “تنظيم القاعدة” على لسان ايمن الظواهري الكثير منها في أوقات مختلفة، ما دفع الأجهزة الأمنية إلى فرض رقابة دائمة على نشاطات الجاليات الجزائرية والمغربية والباكستانية وتحركاتها، وعلى أبناء الجيل الثاني والثالث كونهم يمثلون النموذج الأمثل لتبني أفكار هذه التنظيمات المتشددة وطروحاتها، وفق ما ذكرته صحيفة “الباييس” الإسبانية.

وكشف تقرير أمني أن “التهديد الرئيسي للأمن الإسباني مصدره تزايد أعداد المتعاطفين مع التنظيمات الإسلامية المتشددة”، لافتاً إلى أن “57 في المئة من الذين تم اعتقالهم عام 2017 للاشتباه بانتمائهم إلى هذه التنظيمات، هم من أصول مغربية”. وكان تقرير أعده المرصد الدولي الإسباني للدراسات حول الارهاب، أوضح أن “المغاربة يتصدرون قائمة المعتقلين بتهم تمجيد الإرهاب (15 في المئة)، يليهم الجزائريون (4 في المئة)، ثم المصريون (3 في المئة)”، مشيراً إلى أن 80 في المئة من المحتجزين هم من الشباب وبينهم 6 نساء، وتتراوح أعمار هؤلاء الإسلاميين بين 15 و52 سنة.

في إسبانيا ما يقارب 1260 مركزاً إسلامياً، وتشير التقارير الأمنية الإسبانية الأخيرة إلى ازدياد ملحوظ في أعداد المهاجرين المسلمين إلى إقليم كتالونيا، وخصوصاً منطقة تاراغونا التي تحوي عدداً كبيراً من الجاليات المسلمة، ولاحظت أيضاً تزايداً ملحوظاً في نشر الأفكار المتشددة وعدد معتنقيها، خصوصاً في أماكن بيع اللحوم الحلال والمتاجر التي تديرها الجاليات المسلمة وخصوصاً المراهقون والفتيان الذين يواجهون صعوبات في الاندماج والانخراط في المجتمع الإسباني، ويعانون من مشكلات حياتية معقدة، وهو ما يسهل عملية التجنيد وغرس الأفكار المتطرفة.

وبحسب الخبير في مجال مكافحة الإرهاب في “جامعة كومبلوتينز” في مدريد ميكيل بويزا، فإن “التهديد الجهادي ارتفع منسوبه منذ عام 2016، عندما أدرجت مواقع إسلامية إلكترونية، الأندلس كهدف، وهو الاسم الذي عرفت به الأراضي الإسبانية التي حكمها المسلمون حتى عام 1492. ويبلغ عدد السكان المسلمين حوالى مليوني نسمة (4 في المئة)، من أصل 47 مليوناً، يشكلون العدد الاجمالي للسكان في إسبانيا. ويفيد تقرير صادر عن معهد أبحاث “ريال انستيتيوت إلكانو”، بأن “عدد الشباب الذي غادروا البلاد للالتحاق بالجماعات الإرهابية مثل تنظيمي داعش والقاعدة في سوريا والعراق، يصل إلى 241 شخصاً”. ووفق تقرير أعده المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات فإن “الاجهزة الأمنية الإسبانية تواجه مصاعب جدية في تتبع العناصر المتطرفة، لا سيما مع بروز اتجاه لتجنيد الشباب في المنازل الخاصة والأماكن الصناعية، بعيداً من المساجد التي تقع تحت الرصد الأمني المباشر”.

المساجد بؤر التطرّف

توصّل تقرير أمني نشرت مقتطفات منه صحيفة “أنا تيراديوس” الإسبانية على موقعها الإلكتروني، إلى أن “نسبة السلفيين الجهاديين ارتفعت بشكل صارخ فى مناطق معينة فى إسبانيا منها (كتالونيا، تاراجونا، لا ريوخا، أراجون، نافارا، وإقليم الباسك)، وهي مدن تمثل مراكز للمهاجرين المغاربة”. ووفقاً للتقرير فإن “هؤلاء السلفيين يتبعون أساليب خاصة بهم إذ يندسون ضمن المجتمعات المسلمة وينتمون للجمعيات الثقافية الإسلامية، بغية السيطرة عليها وعلى المساجد المرتبطة بها، يساعدهم في تحقيق ذلك خطباء هذه المساجد الذين يرتبطون بعلاقة وثيقة بجمعيات خيرية سعودية، تضخ التمويلات المالية لهم، مقابل ترويجهم التعاليم الوهابية وأفكار التطرف والجهاد”.

وأشار التقرير إلى أن مدينتي سبتة ومليلية تحولتا إلى بؤرة كبيرة للجماعات السلفية الإرهابية، التي تتولى الآن الإشراف على مسجدين في سبتة، وتحاول من حين إلى آخر طرد كل إمام يتبع الإسلام المعتدل”.

ومن بين هذه الحركات السلفية الجهادية التي تمثل خطراً كبيراً على إسبانيا، نذكر على سبيل المثال “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، “حركة الشباب”،” بوكو حرام” وحركة (MSJ)”.

بدأ أول نشاط للجمعيات الإسلامية في إسبانيا عام 1967 مع صدور قانون الحرية الدينية للجمعيات الدينية غير الكاثوليكية، ما أتاح ترخيص الجمعية الإسلامية في مليلة والرابطة الإسلامية في سبتة، عام 1968.  وعام 1871، تم تسجيل جمعية المسلمين في العاصمة مدريد التي تولى إدارتها رياي تتاري بكري، وهو سوري يدرس الطب ولديه روابط تنظيمية مع الإخوان المسلمين، إضافة إلى نزار أحمد الصباغ الذي هرب من النظام البعثي في سوريا واستقر في غرناطة عام 1968، وله أيضاً علاقات وثيقة مع السعودية والجمعية العالمية للشباب الإسلامي، ما وفر له إمكان الحصول على تمويلات مالية كبيرة. وحصل أيضاً على الدعم الكويتي لإطلاق شركة للنشر، The Islamic House، التي قامت بإصدار كتب الإسلام وأدباته ونشرها باللغة الإسبانية، وترجمت كتب حسن البنا وسيد قطب وابي العلاء المودودي. وتنشط في حي الرابال جمعية “النور” الإسلامية التي تتبع اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا، ورصد تقرير لمركز “راند كوربوريشن” الأميركي، صدر عام 2007، وجود علاقة تنظيمية وثيقة بين المركز وحركة الاخوان المسلمين السورية”.

تزدحم السجون الإسبانية بعدد كبير من السجناء من جنسيات عربية وإسلامية، بتهم الإرهاب أو الانتماء لجماعات ارهابية. ووفقاً لتقرير لوزارة الداخلية نشرته وكالة الانباء الألمانية “دويتشه فيلله”، 55 في المئة من السجناء هناك، محتجزون أو محكومون بارتكاب أعمال إرهابية. ونبه تقرير صادر عن معهد ( إلكانو) الملكي إلى أن “ثلثي المتهمين بارتكاب جرائم إرهابية ممن تم اعتقالهم في الفترة 1996- 2013 هم من كتالونيا، على رغم أن المدينة تشكل 15 في المئة فقط من العدد الكلي للسكان.

يتجمّع في كتالونيا عدد ضخم من المهاجرين المسلمين الذين لا يخفي قسم منهم توقه للانخراط في العمل الجهادي المسلح

المتحوّلون إلى الإسلام

في كتابها “الإسلام في إسبانيا: قصة عدد من التيارات”، الصادر عن “مركز حوران للدراسات المعاصرة”، في الدوحة، تقول الباحثة آنا بلين سواج: “كان المتحولون إلى الإسلام أو العائدون إلى دينهم، يزدادون كثيراً في ذلك الوقت، وابتداء من منتصف السبعينات، شهدت منطقة الأندلس الجنوبية ظهور مجتمع محلي. وأضافت: “دخل كثيرون الإسلام من خلال الصوفية بإشراف المتحول الاسكتلندي المرشد إيان دالاس المعروف باسم عبد القادر الصوفي، الذي أسس حركة مرابطون العالمية. وتراوح عدد المتحولين بحسب التقديرات بين 5 آلاف و20 ألفاً، فيما أشارت تقديرات أخرى إلى أنهم وصلوا إلى 50 ألفاً، لعبوا دوراً بارزاً في المجتمع الإسلامي”.

لفت الهجوم الثاني في إسبانيا في ساحة (لاس رامبلاس) في آب/ أغسطس عام 2017 الانتباه إلى وجود الجماعات السلفية في البلاد، لا سيما في كتالونيا وفالينيسيا المجاورة، التي هي مركز تجمع الجزائريين ووصل كثر منهم في التسعينات فراراً من الحرب الأهلية بين النظام والجبهة السلفية للدعوة الإسلامية. وبحسب الباحثة سواج فإن الجماعات السلفية تتلقى الأموال من دول الخليج وبخاصة قطر والسعودية والكويت. وأفاد تقرير للشرطة الإسبانية “بأن هذه الجماعة تسيطر على ثلث المساجد وغرف الصلاة في كتالونيا”. وأشارت إلى أن جماعة سلفية في كورنيلا دي يوبريفات، بالقرب من برشلونة دعت داعية سعودي كان أشاد على التلفزيون القطري بأسامة بن لادن، وألقى خطبة في المسجد الأكبر في كتالونيا.

تضم الحركة السلفية تيارات مختلفة، وأكبرها جماعة “التبليغ” وجمعية التوعية، وهي حركة “أممية” تأسست في شبه القارة الهندية في عشرينات القرن الماضي، وهي موجودة الن في أكثر من 100 بلد حول العالم. وفي أوروبا لها أنصار وهيئات كثيرة ناشطة، وخصوصاً في بريطانيا. ومقرها الأوروبي الرئيسي في Dewsbury، غرب يوركشاير- وكذلك في فرنسا وبلجيكا هولندا.

وكانت الحركة وصلت إلى إسبانيا في منتصف الثمانينات وتتمتع بحضور كبير في كل البلاد، وبخاصة في كتالونيا وفي سبتة، وعناصرها وأعضاؤها معظمهم من المهاجرين الباكستانيين، الذين يقيم جزء كبير منهم في برشلونة، ولها حضور بين المغاربة والإسبان المتحولين إلى الإسلام. وتقوم جماعة التبليغ بنشر عقيدتها التي تدعو إلى العنف، ورفض القيم الديموقراطية والليبرالية.

من تظاهرة في برشلونة ضد الهجومات الإرهابية عام 2017

كتالونيا حاضنة الجهاد العالمي

“حالة الخطر واضحة جداً في كتالونيا”. بهذه العبارة وصف تقرير لوزارة الخارجية الاميركية عام 2010 الخطر والتهديد الكامن للجماعات السلفية والجهادية في كتالونيا، التي تعتبر “ملتقى لتحركات ونشاطات مثيرة للقلق”، بحسب ما ورد في موقع “ويكيليكس”. يتجمع في هذا الإقليم عدد ضخم من المهاجرين المسلمين الذين لا يخفي قسم منهم توقه للانخراط في العمل الجهادي المسلح. وتحول الإقليم إثر تدفق المهاجرين من شمال أفريقيا وباكستان وبنغلاديش حوله إلى “مغناطيس للتجنيد الجهادي”. ولكتالونيا تاريخ طويل مع النشاط السلفي والجهادي. وكان محمد عطا الذي اختطف طائرة الركاب ليصدمها بأحد برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001، أمضى فترة في كتالونيا قبل تنفيذ الهجوم الإرهابي.

يبلغ عدد الجالية المسلمة في كتالونيا نحو نصف مليون نسمة، وهي تنقسم إلى مجموعتين كبيرتين: الأولى المغاربة والثانية هم الإسبان المتحولون للإسلام، وينتمي إلى المجموعة الأولى مسلمون من الباكستان وغامبيا والجزائر والسنغال. ومن هؤلاء، ظهرت تيارات متشددة وعنفية تنجذب إلى الحركات الجهادية. ويتجمع هؤلاء في مسجدي ريوس وليريدا، ومقر اتحاد التعاون الإسلامي والمسجد التابع له، ابن حزم، وكذلك جمعية الهلال الثقافية، التي تنشط بشكل مكثف في بلدة خيرونا، التي تعتبر واحدة من التجمعات الكبرى للمهاجرين في الإقليم. وفي كتالونيا أكثر من 800 مسجد ودار صلاة، غير مرخصة ما يجعلها غير قانونية. وبرأي مدير مركز الدراسات الأمنية الدولية في معهد الخدمات في لندن رافايللو بانتوشي “عندما تنظر الجماعات الإسلامية المتشددة إلى أوروبا، فإنها لطالما عدت إسبانيا جزءاً من الخلافة العالمية التي فقدتها في الماضي، وهذا يساعدها في جذب الشباب عبر خطاب الكراهية وحرف مشاعرهم ضد وطنهم الأم”.

حي الرابال في كتالونيا يبرز كأحد أكبر الحواضن الإرهابية فى إسبانيا، وهو يمثل برأي الباحثين في الشأن الإرهابي “الغيتو” الأخطر للإرهاب، لأنه يحتضن الجماعات الجهادية والمتطرّفة، وذلك على رغم التنوّع البشري الكبير الذي تتمتّع به برشلونة، لكونها منطقة جذب سياحي. ويظل هذا الحي أحد المعاقل الأساسية للجهاديين كونه لا يبعد إلا بمسافة قصيرة من الرامبلاس، المنطقة الرئيسية في برشلونة التي تعد بمثابة شريان المدينة السياحية. وبحسب رئيس وحدة التحليل في الشرطة الإسبانية الوطنية رافائيل خيمينيس، هناك شبه كبير بين الرابال وبين غتيوالمهاجرين في بروكسيل (مولنبيك)، الذي أنتج وما يزال التطرف والعنف في أوروبا. تحول الرابال إلى مرتع ليس للجهاديين والمتشددين الآتين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحسب، إنما أيضاً بؤرة للدعارة والاتجار بالمخدرات والسلاح. وقالت كارولا غارسيا إن “25 في المئة من الجهاديين الذين تم اعتقالهم جاؤوا من برشلونة”.

 

“دواعش” أوروبية بتمثيل برلماني وشعبي تنافس دواعشنا!

 

03.05.2019
زمن القراءة: 7 minutes

إسبانيا ليست الاستثناء الأوروبي في ما يخص ظهور الجماعات السلفية والإسلامية المتطرفة وتبلورها، بل ربما هي القاعدة وإحدى البؤر الرئيسية للحركات الجهادية في أوروبا التي تتحدث جميعها عن إسبانيا بنوع من الحنين والرومانسية…

إسبانيا ليست الاستثناء الأوروبي في ما يخص ظهور الجماعات السلفية والإسلامية المتطرفة وتبلورها، بل ربما هي القاعدة وإحدى البؤر الرئيسية للحركات الجهادية في أوروبا، التي تتحدث جميعها عن إسبانيا بنوع من الحنين والرومانسية، وبشكل خاص عن أندلس القرون الوسطى التي حكمها المسلمون في الماضي، والتي تستوجب الجهاد لاسترجاعها بأي وسيلة ممكنة.

في صيف عام 2014، نشر “داعش” مقطع فيديو قصيراً يظهر فيه أحد مقاتليه برفقة إسباني، وهو يقول: “إننا في طريقنا للموت من أجل تحرير جميع أراضينا المحتلة، من جاكرتا إلى الأندلس”، وأضاف، “إسبانيا هي أرض آبائنا وأجدادنا، ونحن في طريقنا لتحريرها بإذن الله”.

لم تقتصر التهديدات التي تلقتها وما زالت تتلقاها إسبانيا على “داعش”، إذ وجّه “تنظيم القاعدة” على لسان ايمن الظواهري الكثير منها في أوقات مختلفة، ما دفع الأجهزة الأمنية إلى فرض رقابة دائمة على نشاطات الجاليات الجزائرية والمغربية والباكستانية وتحركاتها، وعلى أبناء الجيل الثاني والثالث كونهم يمثلون النموذج الأمثل لتبني أفكار هذه التنظيمات المتشددة وطروحاتها، وفق ما ذكرته صحيفة “الباييس” الإسبانية.

وكشف تقرير أمني أن “التهديد الرئيسي للأمن الإسباني مصدره تزايد أعداد المتعاطفين مع التنظيمات الإسلامية المتشددة”، لافتاً إلى أن “57 في المئة من الذين تم اعتقالهم عام 2017 للاشتباه بانتمائهم إلى هذه التنظيمات، هم من أصول مغربية”. وكان تقرير أعده المرصد الدولي الإسباني للدراسات حول الارهاب، أوضح أن “المغاربة يتصدرون قائمة المعتقلين بتهم تمجيد الإرهاب (15 في المئة)، يليهم الجزائريون (4 في المئة)، ثم المصريون (3 في المئة)”، مشيراً إلى أن 80 في المئة من المحتجزين هم من الشباب وبينهم 6 نساء، وتتراوح أعمار هؤلاء الإسلاميين بين 15 و52 سنة.

في إسبانيا ما يقارب 1260 مركزاً إسلامياً، وتشير التقارير الأمنية الإسبانية الأخيرة إلى ازدياد ملحوظ في أعداد المهاجرين المسلمين إلى إقليم كتالونيا، وخصوصاً منطقة تاراغونا التي تحوي عدداً كبيراً من الجاليات المسلمة، ولاحظت أيضاً تزايداً ملحوظاً في نشر الأفكار المتشددة وعدد معتنقيها، خصوصاً في أماكن بيع اللحوم الحلال والمتاجر التي تديرها الجاليات المسلمة وخصوصاً المراهقون والفتيان الذين يواجهون صعوبات في الاندماج والانخراط في المجتمع الإسباني، ويعانون من مشكلات حياتية معقدة، وهو ما يسهل عملية التجنيد وغرس الأفكار المتطرفة.

وبحسب الخبير في مجال مكافحة الإرهاب في “جامعة كومبلوتينز” في مدريد ميكيل بويزا، فإن “التهديد الجهادي ارتفع منسوبه منذ عام 2016، عندما أدرجت مواقع إسلامية إلكترونية، الأندلس كهدف، وهو الاسم الذي عرفت به الأراضي الإسبانية التي حكمها المسلمون حتى عام 1492. ويبلغ عدد السكان المسلمين حوالى مليوني نسمة (4 في المئة)، من أصل 47 مليوناً، يشكلون العدد الاجمالي للسكان في إسبانيا. ويفيد تقرير صادر عن معهد أبحاث “ريال انستيتيوت إلكانو”، بأن “عدد الشباب الذي غادروا البلاد للالتحاق بالجماعات الإرهابية مثل تنظيمي داعش والقاعدة في سوريا والعراق، يصل إلى 241 شخصاً”. ووفق تقرير أعده المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات فإن “الاجهزة الأمنية الإسبانية تواجه مصاعب جدية في تتبع العناصر المتطرفة، لا سيما مع بروز اتجاه لتجنيد الشباب في المنازل الخاصة والأماكن الصناعية، بعيداً من المساجد التي تقع تحت الرصد الأمني المباشر”.

المساجد بؤر التطرّف

توصّل تقرير أمني نشرت مقتطفات منه صحيفة “أنا تيراديوس” الإسبانية على موقعها الإلكتروني، إلى أن “نسبة السلفيين الجهاديين ارتفعت بشكل صارخ فى مناطق معينة فى إسبانيا منها (كتالونيا، تاراجونا، لا ريوخا، أراجون، نافارا، وإقليم الباسك)، وهي مدن تمثل مراكز للمهاجرين المغاربة”. ووفقاً للتقرير فإن “هؤلاء السلفيين يتبعون أساليب خاصة بهم إذ يندسون ضمن المجتمعات المسلمة وينتمون للجمعيات الثقافية الإسلامية، بغية السيطرة عليها وعلى المساجد المرتبطة بها، يساعدهم في تحقيق ذلك خطباء هذه المساجد الذين يرتبطون بعلاقة وثيقة بجمعيات خيرية سعودية، تضخ التمويلات المالية لهم، مقابل ترويجهم التعاليم الوهابية وأفكار التطرف والجهاد”.

وأشار التقرير إلى أن مدينتي سبتة ومليلية تحولتا إلى بؤرة كبيرة للجماعات السلفية الإرهابية، التي تتولى الآن الإشراف على مسجدين في سبتة، وتحاول من حين إلى آخر طرد كل إمام يتبع الإسلام المعتدل”.

ومن بين هذه الحركات السلفية الجهادية التي تمثل خطراً كبيراً على إسبانيا، نذكر على سبيل المثال “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، “حركة الشباب”،” بوكو حرام” وحركة (MSJ)”.

بدأ أول نشاط للجمعيات الإسلامية في إسبانيا عام 1967 مع صدور قانون الحرية الدينية للجمعيات الدينية غير الكاثوليكية، ما أتاح ترخيص الجمعية الإسلامية في مليلة والرابطة الإسلامية في سبتة، عام 1968.  وعام 1871، تم تسجيل جمعية المسلمين في العاصمة مدريد التي تولى إدارتها رياي تتاري بكري، وهو سوري يدرس الطب ولديه روابط تنظيمية مع الإخوان المسلمين، إضافة إلى نزار أحمد الصباغ الذي هرب من النظام البعثي في سوريا واستقر في غرناطة عام 1968، وله أيضاً علاقات وثيقة مع السعودية والجمعية العالمية للشباب الإسلامي، ما وفر له إمكان الحصول على تمويلات مالية كبيرة. وحصل أيضاً على الدعم الكويتي لإطلاق شركة للنشر، The Islamic House، التي قامت بإصدار كتب الإسلام وأدباته ونشرها باللغة الإسبانية، وترجمت كتب حسن البنا وسيد قطب وابي العلاء المودودي. وتنشط في حي الرابال جمعية “النور” الإسلامية التي تتبع اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا، ورصد تقرير لمركز “راند كوربوريشن” الأميركي، صدر عام 2007، وجود علاقة تنظيمية وثيقة بين المركز وحركة الاخوان المسلمين السورية”.

تزدحم السجون الإسبانية بعدد كبير من السجناء من جنسيات عربية وإسلامية، بتهم الإرهاب أو الانتماء لجماعات ارهابية. ووفقاً لتقرير لوزارة الداخلية نشرته وكالة الانباء الألمانية “دويتشه فيلله”، 55 في المئة من السجناء هناك، محتجزون أو محكومون بارتكاب أعمال إرهابية. ونبه تقرير صادر عن معهد ( إلكانو) الملكي إلى أن “ثلثي المتهمين بارتكاب جرائم إرهابية ممن تم اعتقالهم في الفترة 1996- 2013 هم من كتالونيا، على رغم أن المدينة تشكل 15 في المئة فقط من العدد الكلي للسكان.

يتجمّع في كتالونيا عدد ضخم من المهاجرين المسلمين الذين لا يخفي قسم منهم توقه للانخراط في العمل الجهادي المسلح

المتحوّلون إلى الإسلام

في كتابها “الإسلام في إسبانيا: قصة عدد من التيارات”، الصادر عن “مركز حوران للدراسات المعاصرة”، في الدوحة، تقول الباحثة آنا بلين سواج: “كان المتحولون إلى الإسلام أو العائدون إلى دينهم، يزدادون كثيراً في ذلك الوقت، وابتداء من منتصف السبعينات، شهدت منطقة الأندلس الجنوبية ظهور مجتمع محلي. وأضافت: “دخل كثيرون الإسلام من خلال الصوفية بإشراف المتحول الاسكتلندي المرشد إيان دالاس المعروف باسم عبد القادر الصوفي، الذي أسس حركة مرابطون العالمية. وتراوح عدد المتحولين بحسب التقديرات بين 5 آلاف و20 ألفاً، فيما أشارت تقديرات أخرى إلى أنهم وصلوا إلى 50 ألفاً، لعبوا دوراً بارزاً في المجتمع الإسلامي”.

لفت الهجوم الثاني في إسبانيا في ساحة (لاس رامبلاس) في آب/ أغسطس عام 2017 الانتباه إلى وجود الجماعات السلفية في البلاد، لا سيما في كتالونيا وفالينيسيا المجاورة، التي هي مركز تجمع الجزائريين ووصل كثر منهم في التسعينات فراراً من الحرب الأهلية بين النظام والجبهة السلفية للدعوة الإسلامية. وبحسب الباحثة سواج فإن الجماعات السلفية تتلقى الأموال من دول الخليج وبخاصة قطر والسعودية والكويت. وأفاد تقرير للشرطة الإسبانية “بأن هذه الجماعة تسيطر على ثلث المساجد وغرف الصلاة في كتالونيا”. وأشارت إلى أن جماعة سلفية في كورنيلا دي يوبريفات، بالقرب من برشلونة دعت داعية سعودي كان أشاد على التلفزيون القطري بأسامة بن لادن، وألقى خطبة في المسجد الأكبر في كتالونيا.

تضم الحركة السلفية تيارات مختلفة، وأكبرها جماعة “التبليغ” وجمعية التوعية، وهي حركة “أممية” تأسست في شبه القارة الهندية في عشرينات القرن الماضي، وهي موجودة الن في أكثر من 100 بلد حول العالم. وفي أوروبا لها أنصار وهيئات كثيرة ناشطة، وخصوصاً في بريطانيا. ومقرها الأوروبي الرئيسي في Dewsbury، غرب يوركشاير- وكذلك في فرنسا وبلجيكا هولندا.

وكانت الحركة وصلت إلى إسبانيا في منتصف الثمانينات وتتمتع بحضور كبير في كل البلاد، وبخاصة في كتالونيا وفي سبتة، وعناصرها وأعضاؤها معظمهم من المهاجرين الباكستانيين، الذين يقيم جزء كبير منهم في برشلونة، ولها حضور بين المغاربة والإسبان المتحولين إلى الإسلام. وتقوم جماعة التبليغ بنشر عقيدتها التي تدعو إلى العنف، ورفض القيم الديموقراطية والليبرالية.

من تظاهرة في برشلونة ضد الهجومات الإرهابية عام 2017

كتالونيا حاضنة الجهاد العالمي

“حالة الخطر واضحة جداً في كتالونيا”. بهذه العبارة وصف تقرير لوزارة الخارجية الاميركية عام 2010 الخطر والتهديد الكامن للجماعات السلفية والجهادية في كتالونيا، التي تعتبر “ملتقى لتحركات ونشاطات مثيرة للقلق”، بحسب ما ورد في موقع “ويكيليكس”. يتجمع في هذا الإقليم عدد ضخم من المهاجرين المسلمين الذين لا يخفي قسم منهم توقه للانخراط في العمل الجهادي المسلح. وتحول الإقليم إثر تدفق المهاجرين من شمال أفريقيا وباكستان وبنغلاديش حوله إلى “مغناطيس للتجنيد الجهادي”. ولكتالونيا تاريخ طويل مع النشاط السلفي والجهادي. وكان محمد عطا الذي اختطف طائرة الركاب ليصدمها بأحد برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001، أمضى فترة في كتالونيا قبل تنفيذ الهجوم الإرهابي.

يبلغ عدد الجالية المسلمة في كتالونيا نحو نصف مليون نسمة، وهي تنقسم إلى مجموعتين كبيرتين: الأولى المغاربة والثانية هم الإسبان المتحولون للإسلام، وينتمي إلى المجموعة الأولى مسلمون من الباكستان وغامبيا والجزائر والسنغال. ومن هؤلاء، ظهرت تيارات متشددة وعنفية تنجذب إلى الحركات الجهادية. ويتجمع هؤلاء في مسجدي ريوس وليريدا، ومقر اتحاد التعاون الإسلامي والمسجد التابع له، ابن حزم، وكذلك جمعية الهلال الثقافية، التي تنشط بشكل مكثف في بلدة خيرونا، التي تعتبر واحدة من التجمعات الكبرى للمهاجرين في الإقليم. وفي كتالونيا أكثر من 800 مسجد ودار صلاة، غير مرخصة ما يجعلها غير قانونية. وبرأي مدير مركز الدراسات الأمنية الدولية في معهد الخدمات في لندن رافايللو بانتوشي “عندما تنظر الجماعات الإسلامية المتشددة إلى أوروبا، فإنها لطالما عدت إسبانيا جزءاً من الخلافة العالمية التي فقدتها في الماضي، وهذا يساعدها في جذب الشباب عبر خطاب الكراهية وحرف مشاعرهم ضد وطنهم الأم”.

حي الرابال في كتالونيا يبرز كأحد أكبر الحواضن الإرهابية فى إسبانيا، وهو يمثل برأي الباحثين في الشأن الإرهابي “الغيتو” الأخطر للإرهاب، لأنه يحتضن الجماعات الجهادية والمتطرّفة، وذلك على رغم التنوّع البشري الكبير الذي تتمتّع به برشلونة، لكونها منطقة جذب سياحي. ويظل هذا الحي أحد المعاقل الأساسية للجهاديين كونه لا يبعد إلا بمسافة قصيرة من الرامبلاس، المنطقة الرئيسية في برشلونة التي تعد بمثابة شريان المدينة السياحية. وبحسب رئيس وحدة التحليل في الشرطة الإسبانية الوطنية رافائيل خيمينيس، هناك شبه كبير بين الرابال وبين غتيوالمهاجرين في بروكسيل (مولنبيك)، الذي أنتج وما يزال التطرف والعنف في أوروبا. تحول الرابال إلى مرتع ليس للجهاديين والمتشددين الآتين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحسب، إنما أيضاً بؤرة للدعارة والاتجار بالمخدرات والسلاح. وقالت كارولا غارسيا إن “25 في المئة من الجهاديين الذين تم اعتقالهم جاؤوا من برشلونة”.

 

“دواعش” أوروبية بتمثيل برلماني وشعبي تنافس دواعشنا!