fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

السياسيون الشباب وقيمهم المترهلة

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

لا عجب قبل شهور من الانتخابات النيابية التي طال انتظارها، أن يقوم رئيس الحكومة الذي يتزعم الكتلة الأكبر في البرلمان، بزياة “مفاجئة” إلى سيدة مُسنة، تمنّت أثناء مقابلة تلفزيونية، أن ترى الرئيس. ولا غرابة أن يفتتح رئيس تيار سياسي

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

لا عجب قبل شهور من الانتخابات النيابية التي طال انتظارها، أن يقوم رئيس الحكومة الذي يتزعم الكتلة الأكبر في البرلمان، بزياة “مفاجئة” إلى سيدة مُسنة، تمنّت أثناء مقابلة تلفزيونية، أن ترى الرئيس. ولا غرابة أن يفتتح رئيس تيار سياسي، مكاتب بالجملة في مناطق ما كان ليعرف بوجودها، إلا بواسطة نشرات الأخبار، وأن يصف واحدة من خصومه السابقين بأنها “أم الكل”، بعد ان كانت برأيه ورأي وسائل اعلامه ممولةً للتطرف ومشجعة للإرهاب.
العادية ذاتها تمتد إلى سلوك ابن “أم الكل” المذكورة، بنشره صوره يساعد والدته في لفّ ورق العنب، وصور جدته الراحلة، التي أكد أن قيم تياره مستمدة من قيمها. هذه ممارسات دعائية لا جديد فيها، في بلادٍ دعت ناخبيها الى الاقتراع في شهر أيار/مايو المقبل لاختيار 128 نائبا بعد تسع سنوات من آخر استحقاقٍ نيابي.
لا تقوم استراتيجية السياسيين اللبنانيين على اقناع ناخبين جدد بإسقاط الأصوات في الصناديق لمصلحتهم، بل على لملمة شعث الناخبين السابقين، الذين ربما راودتهم الشكوك، أو ما هو أفدح، بسبب سلوك وتحالفات وتصريحات ما بين الاقتراعين.
أن تخوض انتخابات 2009، متكئاً على وصف حسن نصر الله اقتحام قواته لبيروت، في السابع من ايار 2008، “يوما مجيداً من أيام المقاومة”، واتهامه بسلسلة الاغتيالات الشهيرة، ثم تجد نفسك في 2017، في شراكة حكومية وسياسية معه تحت شعار “ربط النزاع”، لأمرٌ يتطلب قدرةً عاليةً على المناورة، لا بد أن تسندها كفاءة في الدعاية والترويج، لتبرير تبدّل المواقف وشرحها، لجمهور أيّدك في مواجهتك السابقة، مع من وجهت إليه اتهاماتٍ شديدة الخطورة، ورد آخرها في بيان استقالة “الصدمة الايجابية”، في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وأن يرفع المتظاهرون المؤيدون لك علم تيار المستقبل الأزرق وعليه شعار، “الدولة الإسلامية”، وتنشر كتاباً تعتبر فيه إبراء “المستقبل” من انتهاكاته للقوانين المالية واختلاساته، مستحيلا،ً ثم تأتي رئيساً للجمهورية بأصوات مؤيدي الخلافة الداعشية والمتهمين بسرقة المال العام، لشيءٌ نموذجي في حربائية السياسية اللبنانية، وقيامها على مجموعة من الحرتقات والتشاطر والتذاكي. انعدام المبادئ صفة مكونة في الحياة العامة في لبنان. الأخلاق جزيرة نائية، لن نتنطح للوصول إليها.
ما يضفي سمة مأساوية على الجولات الدعائية للسياسيين الطامحين الى الفوز بأصوات اللبنانيين، أن جل هؤلاء السياسيين من الجيل الشاب، ممن لم تتجاوز أعمارهم بعد الأربعينات أو الثلاثينات. لا نستطيع أن ننحي جانباً، قصص تصدرهم المشهد السياسي عن طريق الوراثة والقرابة، لارتباطها الوثيق بقدامة المضمون الذي يروجون له. يتعارض هذا المضمون مع يُفترض أن يدعو الشباب مواطنيهم إليه. فهو يقف على النقيض مما دعا إليه سياسيون ومثقفون شباب لبنانيون، قبل عقود قليلة من إعلاءٍ لشأن ديموقراطية السياسة، بمعنى توسيع عدد المشاركين في العمل السياسي، ليس كاقتراع كمّي عندما يدعو الداعي، بل كتدبر وكتصور للكيفية التي ينبغي أن يكون عليها وطنهم. ناهيك عن نشر مستوى أعلى من الانتماء الى الاجتماع اللبناني، كبنية عابرة للطوائف والمذاهب. وهو ما لا يتفق مع مقولات من نوع “أب الكل” (رئيس الجمهورية) واعتبار الولاء العائلي قيمة لا تعلوها قيمة، حتى بات كهول اليوم الذين نشطوا في الستينات والسبعينات والثمانينات أكثر “تقدمية” في طروحاتهم السابقة والراهنة، من السياسيين الشباب السعداء بالتراجع الى كهوف الطوائف والعائلات والعشائر، بحثاً عن سند كيفما اتفق، بما يعيد انتاج أسباب الانقسام والتنابذ الاهليين.
إنه احتفال الشباب بالترهل، والشيخوخة المبكرة، ما دامت عائداتهما مضمونة، خلافاً للدعوات إلى التغيير  ومغامراته.
لقائل أن يقول ان “خطاب” السياسيين الشباب هؤلاء، أقرب إلى الحقائق اللبنانية، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الهوية الضيقة الجهوية والمذهبية. لكن في المقابل، يعمق هؤلاء السياسيون بكلامهم وصورهم وحتى بسلوكهم الشخصي والعملي (التمسك بمظاهر الفخامة والقوة واللامبالاة باحتجاجات الضعفاء والكيدية الشخصية وملاحقة أصحاب الرأي المعارض في المحاكم.. ناهيك عن تكريس الدولة كموقع لتحاصص الفساد والغنيمة لا غير….)، الأزمة البنيوية التي تحول دون التقريب بين اللبنانيين وتحويلهم الى مواطنين في دولة قانون يليق هذا الاسم بها.
توحد السياسات الفوقية والمصالح المالية المجموعة الحاكمة، وتُظهر هشاشة الخلافات السابقة، سواء من ناحية تطلب العدالة لضحايا الاغتيالات، أو رفض التورط في الحروب الدائرة في الإقليم، وصولاً في الابقاء على جيش مواز للجيش الوطني. تنتج وحدة السياسيين استقراراً يهلل له بعض الكتاب. لكن تحت سطح الاستقرار هذا تستمر صراعات وتناقضات تضرب جذورها عميقا في بنية الوطن.[video_player link=””][/video_player]

عمّار المأمون - كاتب سوري | 10.02.2025

“سجن صيدنايا”: “ثينك تانك” إسلامي ومفارقة أصل الثورة  السورية!

ربما هذا التنويع والتأمّل في حكاية صيدنايا ضروري الآن، كي لا تُحتكَر الحكاية الوطنية من قِبل أحد، حتى لو كان أساسها "المسلخ البشري"، الذي حسب أبو محمد، أحد الحراس السابقين في السجن: "يمثّل نهاية الحياة، ونهاية الإنسانية".
20.12.2017
زمن القراءة: 3 minutes

لا عجب قبل شهور من الانتخابات النيابية التي طال انتظارها، أن يقوم رئيس الحكومة الذي يتزعم الكتلة الأكبر في البرلمان، بزياة “مفاجئة” إلى سيدة مُسنة، تمنّت أثناء مقابلة تلفزيونية، أن ترى الرئيس. ولا غرابة أن يفتتح رئيس تيار سياسي

لا عجب قبل شهور من الانتخابات النيابية التي طال انتظارها، أن يقوم رئيس الحكومة الذي يتزعم الكتلة الأكبر في البرلمان، بزياة “مفاجئة” إلى سيدة مُسنة، تمنّت أثناء مقابلة تلفزيونية، أن ترى الرئيس. ولا غرابة أن يفتتح رئيس تيار سياسي، مكاتب بالجملة في مناطق ما كان ليعرف بوجودها، إلا بواسطة نشرات الأخبار، وأن يصف واحدة من خصومه السابقين بأنها “أم الكل”، بعد ان كانت برأيه ورأي وسائل اعلامه ممولةً للتطرف ومشجعة للإرهاب.
العادية ذاتها تمتد إلى سلوك ابن “أم الكل” المذكورة، بنشره صوره يساعد والدته في لفّ ورق العنب، وصور جدته الراحلة، التي أكد أن قيم تياره مستمدة من قيمها. هذه ممارسات دعائية لا جديد فيها، في بلادٍ دعت ناخبيها الى الاقتراع في شهر أيار/مايو المقبل لاختيار 128 نائبا بعد تسع سنوات من آخر استحقاقٍ نيابي.
لا تقوم استراتيجية السياسيين اللبنانيين على اقناع ناخبين جدد بإسقاط الأصوات في الصناديق لمصلحتهم، بل على لملمة شعث الناخبين السابقين، الذين ربما راودتهم الشكوك، أو ما هو أفدح، بسبب سلوك وتحالفات وتصريحات ما بين الاقتراعين.
أن تخوض انتخابات 2009، متكئاً على وصف حسن نصر الله اقتحام قواته لبيروت، في السابع من ايار 2008، “يوما مجيداً من أيام المقاومة”، واتهامه بسلسلة الاغتيالات الشهيرة، ثم تجد نفسك في 2017، في شراكة حكومية وسياسية معه تحت شعار “ربط النزاع”، لأمرٌ يتطلب قدرةً عاليةً على المناورة، لا بد أن تسندها كفاءة في الدعاية والترويج، لتبرير تبدّل المواقف وشرحها، لجمهور أيّدك في مواجهتك السابقة، مع من وجهت إليه اتهاماتٍ شديدة الخطورة، ورد آخرها في بيان استقالة “الصدمة الايجابية”، في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وأن يرفع المتظاهرون المؤيدون لك علم تيار المستقبل الأزرق وعليه شعار، “الدولة الإسلامية”، وتنشر كتاباً تعتبر فيه إبراء “المستقبل” من انتهاكاته للقوانين المالية واختلاساته، مستحيلا،ً ثم تأتي رئيساً للجمهورية بأصوات مؤيدي الخلافة الداعشية والمتهمين بسرقة المال العام، لشيءٌ نموذجي في حربائية السياسية اللبنانية، وقيامها على مجموعة من الحرتقات والتشاطر والتذاكي. انعدام المبادئ صفة مكونة في الحياة العامة في لبنان. الأخلاق جزيرة نائية، لن نتنطح للوصول إليها.
ما يضفي سمة مأساوية على الجولات الدعائية للسياسيين الطامحين الى الفوز بأصوات اللبنانيين، أن جل هؤلاء السياسيين من الجيل الشاب، ممن لم تتجاوز أعمارهم بعد الأربعينات أو الثلاثينات. لا نستطيع أن ننحي جانباً، قصص تصدرهم المشهد السياسي عن طريق الوراثة والقرابة، لارتباطها الوثيق بقدامة المضمون الذي يروجون له. يتعارض هذا المضمون مع يُفترض أن يدعو الشباب مواطنيهم إليه. فهو يقف على النقيض مما دعا إليه سياسيون ومثقفون شباب لبنانيون، قبل عقود قليلة من إعلاءٍ لشأن ديموقراطية السياسة، بمعنى توسيع عدد المشاركين في العمل السياسي، ليس كاقتراع كمّي عندما يدعو الداعي، بل كتدبر وكتصور للكيفية التي ينبغي أن يكون عليها وطنهم. ناهيك عن نشر مستوى أعلى من الانتماء الى الاجتماع اللبناني، كبنية عابرة للطوائف والمذاهب. وهو ما لا يتفق مع مقولات من نوع “أب الكل” (رئيس الجمهورية) واعتبار الولاء العائلي قيمة لا تعلوها قيمة، حتى بات كهول اليوم الذين نشطوا في الستينات والسبعينات والثمانينات أكثر “تقدمية” في طروحاتهم السابقة والراهنة، من السياسيين الشباب السعداء بالتراجع الى كهوف الطوائف والعائلات والعشائر، بحثاً عن سند كيفما اتفق، بما يعيد انتاج أسباب الانقسام والتنابذ الاهليين.
إنه احتفال الشباب بالترهل، والشيخوخة المبكرة، ما دامت عائداتهما مضمونة، خلافاً للدعوات إلى التغيير  ومغامراته.
لقائل أن يقول ان “خطاب” السياسيين الشباب هؤلاء، أقرب إلى الحقائق اللبنانية، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الهوية الضيقة الجهوية والمذهبية. لكن في المقابل، يعمق هؤلاء السياسيون بكلامهم وصورهم وحتى بسلوكهم الشخصي والعملي (التمسك بمظاهر الفخامة والقوة واللامبالاة باحتجاجات الضعفاء والكيدية الشخصية وملاحقة أصحاب الرأي المعارض في المحاكم.. ناهيك عن تكريس الدولة كموقع لتحاصص الفساد والغنيمة لا غير….)، الأزمة البنيوية التي تحول دون التقريب بين اللبنانيين وتحويلهم الى مواطنين في دولة قانون يليق هذا الاسم بها.
توحد السياسات الفوقية والمصالح المالية المجموعة الحاكمة، وتُظهر هشاشة الخلافات السابقة، سواء من ناحية تطلب العدالة لضحايا الاغتيالات، أو رفض التورط في الحروب الدائرة في الإقليم، وصولاً في الابقاء على جيش مواز للجيش الوطني. تنتج وحدة السياسيين استقراراً يهلل له بعض الكتاب. لكن تحت سطح الاستقرار هذا تستمر صراعات وتناقضات تضرب جذورها عميقا في بنية الوطن.[video_player link=””][/video_player]