fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

الصحافيون في سوريا: هل انتهت “المعركة”؟

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

على رغم التحسّن الواضح والملحوظ في حرية الصحافة في سوريا، لكن “تَركة” نظام الأسد ما زالت مستمرّة، ففي تقرير خاص أصدره المركز السوري للحريات الصحافية في رابطة الصحافيين السوريين، تبيّن أن ثمة 27 صحافياً ما زالوا مجهولي المصير حتى اللحظة، وأن هذه الحالات تمثل جزءاً من سلسلة الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها الصحافيون والإعلاميون على مدار السنوات الماضية.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

أوضحت الرابطة أن نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وأجهزته الأمنية يتحمّلون الجزء الأكبر من المسؤولية عن تغييب هؤلاء الصحافيين، الذين استُهدفوا بشكل ممنهج بسبب نشاطهم الإعلامي ودورهم في إيصال الحقيقة.

وأشارت الرابطة إلى أن “استمرار هذا التجاهل لمصير الصحافيين المُختفين قسرياً يؤكد غياب العدالة، ويبرز الحاجة الملحّة الى تضافر الجهود المحلية والدولية للكشف عن مصيرهم وضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم”.

جريمة التغييب والاختفاء القسري التي مارسها النظام السابق لا تقتصر على السوريين، بل طاولت أيضاً صحافيين أجانب، أبرزهم الصحافي الأميركي أوستن تايس، ومن قبله الصحافي كيفن دوز الذي خرج من سجون الأسد وأفرد “درج” زاوية نقل فيها شهادته حول اعتقاله الذي طال أربع سنوات، أما تايس فلم يُعرف مصيره إلى الآن.

تجدر الإشارة الى أن دوز حصل على تعويض مادي ضخم في الولايات المتحدة الأميركيّة من  صندوق ضحايا الإرهاب في أميركا، والذي يموَّل من عائدات الغرامات المأخوذة من الأشخاص في الولايات المتحدة الذين ينتهكون العقوبات التجارية، ويأتي ذلك  بعد دعوة قضائية رفعها ضد نظام الأسد.

“الحالة المثالية” للصحافي الأميركي ما زالت بعيدة التحقيق في سوريا، خصوصاً مع غياب آليات لتحقيق العدالة الانتقاليّة بدايةً، وعدم الحديث عن تعويضات أو مساعدات لأسر هؤلاء المختفين أو من قتلوا تحت التعذيب،  الشأن الذي يطالب به الأهالي حسب تعبير الناشطة والمعتقلة السابقة بيان ريحان.

كذلك، لم تُكشف إلى الآن ملابسات خطف مصور وكالة الأنباء السورية (سانا) ابراهيم عجاج وقتله، على رغم الإدانات التي رافقت هذا الانتهاك، لنكون أمام أول حالة اغتيال لصحافي بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024. هذه الحادثة ترافقت مع انفتاح سوريا على وسائل الإعلام العربية والدولية وتقديم تسهيلات لعمل الصحافيين، مع ذلك ما زالت بعض المناطق خارج التغطية الإعلاميّة، منها ريف حمص الذي شهد انتهاكات وثّقها ناشطون محليون.

وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير صدر عنها في أيار/ مايو الفائت مقتل 717 من الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام في سوريا منذ آذار/ مارس 2011، مشيرةً إلى أن النظام السوري يتحمّل المسؤولية الكبرى عن الانتهاكات بحق الصحافيين. وسجّلت الشبكة 1358 حالة اعتقال وخطف بحق صحافيين وعاملين في مجال الإعلام، بينهم 9 سيدات و17 صحافياً أجنبياً ما زالوا قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري، و392 منهم لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد قوات النظام السوري. وبحسب منظمة “مراسلون بلا حدود”، احتلت سوريا في العام الحالي المرتبة 179 من أصل 180 دولة على سلم حرية الصحافة حول العالم.

صحافيون قتلى أثناء “ردع العدوان”

“كنا نعمل على توثيق التطورات الميدانية مع رؤيتنا للطائرة الحربية التابعة لقوات النظام تحوم فوقنا، وما هي إلا لحظات حتى انقضّت باتجاهنا وأطلقت صواريخها الشديدة الانفجار لتنهي حياة زميلنا أنس”…. بصوت مبحوح وكلمات مرتعشة من الحزن نقل الإعلامي عمر حج قدور لـ”درج” اللحظات الأخيرة من حياة الصحافي أنس خربوطلي أثناء عمله الميداني في مدينة مورك شمال حماة.

في 4 كانون الأول/ ديسمبر 2024، وبينما  كان أنس خربوطلي، مراسل وكالة الأنباء الألمانية dpa، يعمل على توثيق التطورات الميدانية شمال محافظة حماة بين فصائل المعارضة وقوات النظام، رصدته إحدى طائرات النظام الحربية وعدداً من زملائه الصحافيين بالقرب من مدينة مورك واستهدفتهم، فقُتل أنس على الفور وفي يده كاميرته التي رافقته لسنوات طويلة في عمله الصحافي.

رئيس تحرير وكالة الأنباء الألمانية سفين جوزمان، قال: “نحن جميعاً في وكالة الأنباء الألمانية نشعر بالصدمة والحزن العميق لوفاة أنس الخربوطلي… من خلال صوره، لم يوثق أهوال الحرب فحسب، بل عمل دائماً من أجل الحقيقة”.

أنس الذي هُجّر قسرياً من ريف دمشق، كان يحلم بالعودة إليها وإلى منزله، فاستشهد قبل أن يفرح مثل الكثير من السوريين بعودتهم الى ديارهم بعد فرار الأسد من سوريا. 

بدأ أنس عمله كمصور صحافي في 2015 وانضم إلى وكالة “د ب أ” بعد عامين، بحسب الوكالة، وحصل على “جائزة المراسل الشاب” ضمن جائزة “بايو” الفرنسية المرموقة عن تغطيته الحرب في 2020، وفاز في مهرجان “جوائز سوني العالمية للتصوير” عن فئة الرياضة عام 2021. 

شارك عدد من الصحافيين في تشييع أنس في مدينة بنش شمال غربي سوريا، ودُفن في مقبرة الشيخ ثلث في مدينة إدلب. وعلى رغم أن لحظة دخول دمشق شكلت علامة فارقة بالنسبة الى الصحافيين السوريين، إلا أن عدداً منهم اعتبروها منقوصة بسبب غياب زميلهم أنس عن المشهد، لا سيما أنه لم يشهد تحريرها من نظام الأسد.

قضى الى جانب  أنس، 5 صحافيين سوريين بنيران قوات النظام والميليشيات التابعة لها، وقوات سوريا الديمقراطية، خلال معركة ردع العدوان التي أطلقتها فصائل المعارضة في الثلث الأخير من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، وانتهت بفرار بشار الأسد ونظامه من سوريا واستلام الفصائل السورية مقاليد الحكم فيها.

في 30 تشرين الثاني، قُتل الصحافي مصطفى الساروت بنيران مسلحين تابعين لقوات النظام  في حي الأشرفية في حلب، حيث كان يغطي التطورات الميدانية، ودخول فصائل المعارضة الى المدينة بعد فرار قوات النظام منها.

مقتل الساروت جاء بالتزامن مع مقتل الصحافيين أحمد العمر وعلاء الأبرش، اللذين قُتلا خلال الأحداث نفسها. 

عمل الساروت مصوراً لدى الكثير من الوكالات الإعلامية المحلية والدولية، أبرزها TRT World‎‏، وكانا عضواً في مركز حلب الإعلامي.

عمل الساروت على تغطية التطورات الميدانية في مدينته حلب، التي حالت قوات النظام دون عودته إليها، فقتلته وهو يجول بسيارته لتوثيق الأحداث. وقبل 4 ساعات من مقتله، سجل الساروت فيديو له ولأصدقائه من ساحة سعد الله الجابري، يوثق فيه فرحتهم بالعودة إلى مدينتهم حلب بعد سنوات طويلة من النزوح القسري.

مصطفى الدباس- صحافي سوري مقيم في برلين | 04.07.2025

“شهادات حسن السلوك”… سلطة “الجمهور” في سوريا عوضاً عن القضاء!

المطلوب اليوم ليس تصفية حسابات، بل تأسيس مفهوم جديد للعدالة التي لا تخضع للمواقف ولا للولاءات ولا لحجم الأرشيف الثوري، عبر قضاء مستقل، ومؤسسات تحفظ الحقوق والحريات الفردية والكرامة الإنسانية.
28.01.2025
زمن القراءة: 4 minutes

على رغم التحسّن الواضح والملحوظ في حرية الصحافة في سوريا، لكن “تَركة” نظام الأسد ما زالت مستمرّة، ففي تقرير خاص أصدره المركز السوري للحريات الصحافية في رابطة الصحافيين السوريين، تبيّن أن ثمة 27 صحافياً ما زالوا مجهولي المصير حتى اللحظة، وأن هذه الحالات تمثل جزءاً من سلسلة الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها الصحافيون والإعلاميون على مدار السنوات الماضية.

أوضحت الرابطة أن نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وأجهزته الأمنية يتحمّلون الجزء الأكبر من المسؤولية عن تغييب هؤلاء الصحافيين، الذين استُهدفوا بشكل ممنهج بسبب نشاطهم الإعلامي ودورهم في إيصال الحقيقة.

وأشارت الرابطة إلى أن “استمرار هذا التجاهل لمصير الصحافيين المُختفين قسرياً يؤكد غياب العدالة، ويبرز الحاجة الملحّة الى تضافر الجهود المحلية والدولية للكشف عن مصيرهم وضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم”.

جريمة التغييب والاختفاء القسري التي مارسها النظام السابق لا تقتصر على السوريين، بل طاولت أيضاً صحافيين أجانب، أبرزهم الصحافي الأميركي أوستن تايس، ومن قبله الصحافي كيفن دوز الذي خرج من سجون الأسد وأفرد “درج” زاوية نقل فيها شهادته حول اعتقاله الذي طال أربع سنوات، أما تايس فلم يُعرف مصيره إلى الآن.

تجدر الإشارة الى أن دوز حصل على تعويض مادي ضخم في الولايات المتحدة الأميركيّة من  صندوق ضحايا الإرهاب في أميركا، والذي يموَّل من عائدات الغرامات المأخوذة من الأشخاص في الولايات المتحدة الذين ينتهكون العقوبات التجارية، ويأتي ذلك  بعد دعوة قضائية رفعها ضد نظام الأسد.

“الحالة المثالية” للصحافي الأميركي ما زالت بعيدة التحقيق في سوريا، خصوصاً مع غياب آليات لتحقيق العدالة الانتقاليّة بدايةً، وعدم الحديث عن تعويضات أو مساعدات لأسر هؤلاء المختفين أو من قتلوا تحت التعذيب،  الشأن الذي يطالب به الأهالي حسب تعبير الناشطة والمعتقلة السابقة بيان ريحان.

كذلك، لم تُكشف إلى الآن ملابسات خطف مصور وكالة الأنباء السورية (سانا) ابراهيم عجاج وقتله، على رغم الإدانات التي رافقت هذا الانتهاك، لنكون أمام أول حالة اغتيال لصحافي بعد سقوط النظام في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024. هذه الحادثة ترافقت مع انفتاح سوريا على وسائل الإعلام العربية والدولية وتقديم تسهيلات لعمل الصحافيين، مع ذلك ما زالت بعض المناطق خارج التغطية الإعلاميّة، منها ريف حمص الذي شهد انتهاكات وثّقها ناشطون محليون.

وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير صدر عنها في أيار/ مايو الفائت مقتل 717 من الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام في سوريا منذ آذار/ مارس 2011، مشيرةً إلى أن النظام السوري يتحمّل المسؤولية الكبرى عن الانتهاكات بحق الصحافيين. وسجّلت الشبكة 1358 حالة اعتقال وخطف بحق صحافيين وعاملين في مجال الإعلام، بينهم 9 سيدات و17 صحافياً أجنبياً ما زالوا قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري، و392 منهم لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد قوات النظام السوري. وبحسب منظمة “مراسلون بلا حدود”، احتلت سوريا في العام الحالي المرتبة 179 من أصل 180 دولة على سلم حرية الصحافة حول العالم.

صحافيون قتلى أثناء “ردع العدوان”

“كنا نعمل على توثيق التطورات الميدانية مع رؤيتنا للطائرة الحربية التابعة لقوات النظام تحوم فوقنا، وما هي إلا لحظات حتى انقضّت باتجاهنا وأطلقت صواريخها الشديدة الانفجار لتنهي حياة زميلنا أنس”…. بصوت مبحوح وكلمات مرتعشة من الحزن نقل الإعلامي عمر حج قدور لـ”درج” اللحظات الأخيرة من حياة الصحافي أنس خربوطلي أثناء عمله الميداني في مدينة مورك شمال حماة.

في 4 كانون الأول/ ديسمبر 2024، وبينما  كان أنس خربوطلي، مراسل وكالة الأنباء الألمانية dpa، يعمل على توثيق التطورات الميدانية شمال محافظة حماة بين فصائل المعارضة وقوات النظام، رصدته إحدى طائرات النظام الحربية وعدداً من زملائه الصحافيين بالقرب من مدينة مورك واستهدفتهم، فقُتل أنس على الفور وفي يده كاميرته التي رافقته لسنوات طويلة في عمله الصحافي.

رئيس تحرير وكالة الأنباء الألمانية سفين جوزمان، قال: “نحن جميعاً في وكالة الأنباء الألمانية نشعر بالصدمة والحزن العميق لوفاة أنس الخربوطلي… من خلال صوره، لم يوثق أهوال الحرب فحسب، بل عمل دائماً من أجل الحقيقة”.

أنس الذي هُجّر قسرياً من ريف دمشق، كان يحلم بالعودة إليها وإلى منزله، فاستشهد قبل أن يفرح مثل الكثير من السوريين بعودتهم الى ديارهم بعد فرار الأسد من سوريا. 

بدأ أنس عمله كمصور صحافي في 2015 وانضم إلى وكالة “د ب أ” بعد عامين، بحسب الوكالة، وحصل على “جائزة المراسل الشاب” ضمن جائزة “بايو” الفرنسية المرموقة عن تغطيته الحرب في 2020، وفاز في مهرجان “جوائز سوني العالمية للتصوير” عن فئة الرياضة عام 2021. 

شارك عدد من الصحافيين في تشييع أنس في مدينة بنش شمال غربي سوريا، ودُفن في مقبرة الشيخ ثلث في مدينة إدلب. وعلى رغم أن لحظة دخول دمشق شكلت علامة فارقة بالنسبة الى الصحافيين السوريين، إلا أن عدداً منهم اعتبروها منقوصة بسبب غياب زميلهم أنس عن المشهد، لا سيما أنه لم يشهد تحريرها من نظام الأسد.

قضى الى جانب  أنس، 5 صحافيين سوريين بنيران قوات النظام والميليشيات التابعة لها، وقوات سوريا الديمقراطية، خلال معركة ردع العدوان التي أطلقتها فصائل المعارضة في الثلث الأخير من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، وانتهت بفرار بشار الأسد ونظامه من سوريا واستلام الفصائل السورية مقاليد الحكم فيها.

في 30 تشرين الثاني، قُتل الصحافي مصطفى الساروت بنيران مسلحين تابعين لقوات النظام  في حي الأشرفية في حلب، حيث كان يغطي التطورات الميدانية، ودخول فصائل المعارضة الى المدينة بعد فرار قوات النظام منها.

مقتل الساروت جاء بالتزامن مع مقتل الصحافيين أحمد العمر وعلاء الأبرش، اللذين قُتلا خلال الأحداث نفسها. 

عمل الساروت مصوراً لدى الكثير من الوكالات الإعلامية المحلية والدولية، أبرزها TRT World‎‏، وكانا عضواً في مركز حلب الإعلامي.

عمل الساروت على تغطية التطورات الميدانية في مدينته حلب، التي حالت قوات النظام دون عودته إليها، فقتلته وهو يجول بسيارته لتوثيق الأحداث. وقبل 4 ساعات من مقتله، سجل الساروت فيديو له ولأصدقائه من ساحة سعد الله الجابري، يوثق فيه فرحتهم بالعودة إلى مدينتهم حلب بعد سنوات طويلة من النزوح القسري.