fbpx

العراق : تخصيب المشاعر الطائفية قبيل الانتخابات

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“فبركة قضية تاريخية ودينية وجعلها مبرراً للانتقام …هذه الأمور تحدث للاسف مع اقتراب الانتخابات، إذ تحاول الجهات السياسية الطائفية والدينية الإطاحة بعضها ببعض، عبر استخدام جماهيرها”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]
من اقتحام واحراق قناة “دجلة”

عند الرابعة والنصف من مساء يوم الاثنين 31 آب/ أغسطس 2020، تجمع المئات بحجة الاعتراض على بث قناة “دجلة طرب” أغاني في فترة عاشوراء.

في الواقع هذه القناة مختصة ببث الأغاني الطربية وحسب، وليست قناة “دجلة الاخبارية العامة”، وإن كانت جزءاً من قناة دجلة الرئيسية. 

وتلك الأغنيات التي لاقت اعتراضاً واسعاً كانت بُثت ليل 29/ 30، وتزامن ذلك مع يوم العاشر من محرم الحرام وذكرى مقتل الحسين ابن علي (إمام الطائفة الشيعية). المفارقة أن هؤلاء المعترضين تم نقلهم إلى مبنى القناة بحافلات ليفعلوا ما فعلوه ويحرقوا القناة.

حسن حامد أحد كوادر قناة دجلة الفضائية روى ما حدث لـ”درج”: “القناة قدمت اعتذاراً رسمياً عما حصل، وعاقبت المسؤولين عن بث الأغنيات في هذه الفترة الخاصة بذكرى الحسين، لكن يبدو أن هذا لم يكن كافياً وهناك جهات سياسية وفصائل مسلحة حاولت استغلال الأمر”.

وأضاف: “سيارات الكوستر الحديثة رباعية الدفع فضلاً عن عدد من الدراجات النارية، اقتحمت القناة وأحرقت المبنى وحطمت الأثاث، بعدها انتقل المحتجون إلى غرفة المدير، وغرفة الحسابات وبقية الغرف وقاموا بتحطيمها إضافة إلى ستوديو البرامج السياسية والأخبار، مستخدمين قنابل المولوتوف، وهي قنابل مصنعة يدوياً بوضع وقود في قنانٍ زجاجية، وخرقة قماش، وما أن تشتعل الخرقة حتى تنفجر القناني”.

احتفلت سحر عباس جميل بعيد ميلادها عبر مواقع التواصل الاجتماعي مهنئة نفسها على “تويتر”، وشاكرةً كل من أرسل لها المعايدات في هذه المناسبة. مظاهر الفرح هذه اعتبرها نشطاء على السوشيل ميديا انتهاكاً لمراسيم ذكرى الحسين. هوجمت الإعلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب احتفالها هذا، وبعد اقتحام مبنى قناة دجلة حيث تعمل، أخرج المخرّبون حمالة صدر، مُدعين انها تابعة لسحر، وذلك بهدف تشويه سمعتها والسخرية منها

تواطؤ أم خوف؟

عناصر الأمن وقفوا أمام مبنى القناة وقفة المتفرج، فيما منع المخربون سيارات الإطفاء من الوصول لإخماد النيران في مبنى القناة. أدى ذلك وفق حامد إلى امتداد النيران إلى منازل مجاورة، كما تعرّض أحد المنازل للاقتحام وسُرقت ممتلكاته وأحرقت سيارتان من السيارات التي كانت في الموقف أمامه.

حامد يصف الحادث المروع الذي ساهم في إيقاف عمل فريق القناة، الذي يضم حوالى 50 شخصاً. يقول، “الصدمة تكمن بحدوث هذا كله أمام أعين القوات الأمنية العراقية التي وقفت من دون أن تحرّك ساكناً، وكأن هناك اتفاقاً مسبقاً مع هؤلاء المقتحمين، لإحراق القناة، بما يصبّ في مصلحة جهة ما. فعناصر الأمن لم يصدّوا المهاجمين، بل اكتفوا بالفرجة، وهو ما أكده أيضاً سكان في المنطقة من أصحاب البيوت المجاورة لمبنى القناة، وهذا الموقف قد يدل أيضاً على خوف القوات الأمنية من التدخل لإيقاف الهجوم المفتعل من قبل جهاتٍ معروفة خارجة عن القانون”.

يحملون حمالة صدر للسخرية من مذيعة في قناة دجلة أمام رجال الأمن

عيدُ ميلاد وحمّالة صدر 

غادر المحتجون مقر القناة بعد ساعتين تقريباً من اقتحامه، وانتهاء عمليات التخريب وإحراق مولدي كهرباء تابعين للقناة، تاركين خلفهم كتاباتٍ بخطوطٍ عريضة على جدران القناة الخارجية والداخلية، تدل وفق عاملين في القناة على  انتمائهم إلى فصيل مسلح معروف في العراق، إضافة إلى شعاراتٍ معادية لمالك القناة (علماً أن قناة دجلة الفضائية تابعة للسياسي العراقي محمد الكربولي، وهو ممثل للطائفة السنية في العراق) وأخرى معادية للعاملين في القناة، يرافقها تهديد ووعيد بالقتل للإعلامية سحر عباس جميل، وهي مقدمة برنامج “القرار لكم” الذي يبث عبر قناة دجلة الفضائية.

قبل يومين تقريباً من إحراق قناة دجلة الفضائية، احتفلت سحر عباس جميل بعيد ميلادها عبر مواقع التواصل الاجتماعي مهنئة نفسها على “تويتر”، وشاكرةً كل من أرسل لها المعايدات في هذه المناسبة. مظاهر الفرح هذه اعتبرها نشطاء على السوشيل ميديا انتهاكاً لمراسيم ذكرى الحسين. هوجمت الإعلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب احتفالها هذا، وبعد اقتحام مبنى قناة دجلة حيث تعمل، أخرج المخرّبون حمالة صدر، مُدعين انها تابعة لسحر، وذلك بهدف تشويه سمعتها والسخرية منها. يقول الناشط أحمد عبد الرحمن “فقرة الحمالة الصدرية تذكرنا تماماً بتلك التي أخرجها متظاهرو اكتوبر في محافظة الديوانية، وقت إحراق مقر أحد الفصائل المسلحة، وكأنهم يحاولون الانتقام الآن بطريقة أخرى، لكنها وللأسف طريقة وضعتهم في خانة المتهم بإحراق القناة وكشفت أمرهم ومخططاتهم”.

على أبواب الانتخابات

منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 يشهد العراق تزايداً في مظاهر الاحتفال بمناسبات دينية كانت محظورة في عهد حزب البعث. ومع تغلغل النفوذ الإيراني سياسيا وعقائدياً وعسكرياً تضخمت تلك المظاهر حتى باتت تملأ الفضاءات العامة وتطوق الحياة اليومية والعملية بكثير من الشعائر، بحيث يجري نبذ وفي أحيان كثيرة معاقبة من لا يلتزم بها. من هناك كانت خطوة إحراق قناة “دجلة” مرحلة متقدمة من فرض ممارسات وشعائر على نحو يعمق الانقسام المذهبي في العراق.

واستهداف وسائل الإعلام تكرر في أكثر من مناسبة منها ما هو سياسي ومنها ما هو ديني.

رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، أشار إلى أن “السلاح المتفلت موجود بيد بعض الجهات والعشائر التي لا تخضع لقانون الدولة، وهذه الأطراف جميعها تابعة للشركاء الشيعة في العملية السياسية”.

ما حصل وبحسب البعض “اشبه بمحاولة لاشتعال فتيل الطائفية”. يقول المحلل السياسي أحمد لعنزي لـ”درج”: “من الصعب أن يطلق رئيس البرلمان مثل هذا التصريح، وإن أردنا قراءة المشهد سنجد أن المشكلات الطائفية ستشتعل من جديد لتستغل كل جهة سياسية جمهورها التابع لطائفتها وفق مصلحتها في الانتخابات. ما حصل في قناة دجلة الفضائية وكذلك تصريح الحلبوسي يشير الى ان الى هذه النتيجة”.

الكاتب علي البيدر يؤكد أن “أكثر من جهة سياسية تمتلك فصائل مسلحة وأذرعاً سياسية تثير الطائفية في العراق وهذا يدل على أن الوعي السياسي طائفي وضيق وينحسر في بيئات محددة تدعو إلى العنف الطائفي. الاعتداء على قناة دجلة يُشير إلى أن هنالك محاولة لإشعال فتيل الطائفية ليكسب كل فريق سياسي جمهوره ليس استناداً إلى الكفاءات، إنما استناداً إلى رأي الطائفة والدين”.

ويشير البيدر إلى الخلل في المنظومة الأمنية في الدولة التي وقفت موقف المتفرج خلال تخريب القناة وإحراقها، تحت ذريعة الدين. يقول: “هذا الأمر سبق أن حدث لقناة الحرة عراق، إثر نشرها تقريراً عن جهات معينة في العراق، وكذلك قناة MBC عراق، لأنها تطرقت إلى جهات معينة، وهذا دليل واضح على ضعف القرار الأمني في العراق”.

وبحسب البيدر، “فبركة قضية تاريخية ودينية وجعلها مبرراً للانتقام من خطاب قناة دجلة، كان واضحاً بالنظر إلى ما حدث وطريقة الاعتداء على القناة. وهذه الأمور تحدث للاسف مع اقتراب الانتخابات، إذ تحاول الجهات السياسية الطائفية والدينية الإطاحة بعضها ببعض، عبر استخدام جماهيرها”.

لم تنتهِ الصراعات الطائفية عند إحراق قناة، إذ انفجرت سيارتان مفخختان، إحداهما في كركوك وأخرى في الرمادي، وعثر على سيارة مفخخة في بغداد يوم الجمعة 3 أيلول/ سبتمبر 2020، وتمت السيطرة عليها. يؤكد الخبير الأمني سرمد البياتي أن “الصراعات الطائفية قد تحدث فعلاً قبل الانتخابات وهذا ما شهدناه خلال جميع المراحل الانتخابية الفائتة، على رغم أننا نأمل بأن تكون هذه المرحلة مغايرة تماماً، فما حصل في قناة دجلة مرفوض، وإن كانت أخطأت بحق طائفة معينة في العراق، لكن هذا البلد متعدد ومتنوع، ولا يمكننا أن ننتهج سلوكيات منفلتة كهذه لمحاسبة القناة التي تمت محاسبتها بشكل قانوني، وقدمت أيضاً اعتذاراً للشارع، لكن من المؤسف أن سلطة الأمن والقانون ضعيفة في العراق”.

ويضيف البياتي: “بخصوص السيارات المفخخة في الرمادي وكركوك لا اعتقد أن حروب التفخيخ والانفجارات ستعود من جديد مع اقتراب الانتخابات، وأظن أن ما حدث هو بسبب وجود بقايا فلول داعش في تلك المحافظات”.

04.09.2020
زمن القراءة: 5 minutes

“فبركة قضية تاريخية ودينية وجعلها مبرراً للانتقام …هذه الأمور تحدث للاسف مع اقتراب الانتخابات، إذ تحاول الجهات السياسية الطائفية والدينية الإطاحة بعضها ببعض، عبر استخدام جماهيرها”.

من اقتحام واحراق قناة “دجلة”

عند الرابعة والنصف من مساء يوم الاثنين 31 آب/ أغسطس 2020، تجمع المئات بحجة الاعتراض على بث قناة “دجلة طرب” أغاني في فترة عاشوراء.

في الواقع هذه القناة مختصة ببث الأغاني الطربية وحسب، وليست قناة “دجلة الاخبارية العامة”، وإن كانت جزءاً من قناة دجلة الرئيسية. 

وتلك الأغنيات التي لاقت اعتراضاً واسعاً كانت بُثت ليل 29/ 30، وتزامن ذلك مع يوم العاشر من محرم الحرام وذكرى مقتل الحسين ابن علي (إمام الطائفة الشيعية). المفارقة أن هؤلاء المعترضين تم نقلهم إلى مبنى القناة بحافلات ليفعلوا ما فعلوه ويحرقوا القناة.

حسن حامد أحد كوادر قناة دجلة الفضائية روى ما حدث لـ”درج”: “القناة قدمت اعتذاراً رسمياً عما حصل، وعاقبت المسؤولين عن بث الأغنيات في هذه الفترة الخاصة بذكرى الحسين، لكن يبدو أن هذا لم يكن كافياً وهناك جهات سياسية وفصائل مسلحة حاولت استغلال الأمر”.

وأضاف: “سيارات الكوستر الحديثة رباعية الدفع فضلاً عن عدد من الدراجات النارية، اقتحمت القناة وأحرقت المبنى وحطمت الأثاث، بعدها انتقل المحتجون إلى غرفة المدير، وغرفة الحسابات وبقية الغرف وقاموا بتحطيمها إضافة إلى ستوديو البرامج السياسية والأخبار، مستخدمين قنابل المولوتوف، وهي قنابل مصنعة يدوياً بوضع وقود في قنانٍ زجاجية، وخرقة قماش، وما أن تشتعل الخرقة حتى تنفجر القناني”.

احتفلت سحر عباس جميل بعيد ميلادها عبر مواقع التواصل الاجتماعي مهنئة نفسها على “تويتر”، وشاكرةً كل من أرسل لها المعايدات في هذه المناسبة. مظاهر الفرح هذه اعتبرها نشطاء على السوشيل ميديا انتهاكاً لمراسيم ذكرى الحسين. هوجمت الإعلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب احتفالها هذا، وبعد اقتحام مبنى قناة دجلة حيث تعمل، أخرج المخرّبون حمالة صدر، مُدعين انها تابعة لسحر، وذلك بهدف تشويه سمعتها والسخرية منها

تواطؤ أم خوف؟

عناصر الأمن وقفوا أمام مبنى القناة وقفة المتفرج، فيما منع المخربون سيارات الإطفاء من الوصول لإخماد النيران في مبنى القناة. أدى ذلك وفق حامد إلى امتداد النيران إلى منازل مجاورة، كما تعرّض أحد المنازل للاقتحام وسُرقت ممتلكاته وأحرقت سيارتان من السيارات التي كانت في الموقف أمامه.

حامد يصف الحادث المروع الذي ساهم في إيقاف عمل فريق القناة، الذي يضم حوالى 50 شخصاً. يقول، “الصدمة تكمن بحدوث هذا كله أمام أعين القوات الأمنية العراقية التي وقفت من دون أن تحرّك ساكناً، وكأن هناك اتفاقاً مسبقاً مع هؤلاء المقتحمين، لإحراق القناة، بما يصبّ في مصلحة جهة ما. فعناصر الأمن لم يصدّوا المهاجمين، بل اكتفوا بالفرجة، وهو ما أكده أيضاً سكان في المنطقة من أصحاب البيوت المجاورة لمبنى القناة، وهذا الموقف قد يدل أيضاً على خوف القوات الأمنية من التدخل لإيقاف الهجوم المفتعل من قبل جهاتٍ معروفة خارجة عن القانون”.

يحملون حمالة صدر للسخرية من مذيعة في قناة دجلة أمام رجال الأمن

عيدُ ميلاد وحمّالة صدر 

غادر المحتجون مقر القناة بعد ساعتين تقريباً من اقتحامه، وانتهاء عمليات التخريب وإحراق مولدي كهرباء تابعين للقناة، تاركين خلفهم كتاباتٍ بخطوطٍ عريضة على جدران القناة الخارجية والداخلية، تدل وفق عاملين في القناة على  انتمائهم إلى فصيل مسلح معروف في العراق، إضافة إلى شعاراتٍ معادية لمالك القناة (علماً أن قناة دجلة الفضائية تابعة للسياسي العراقي محمد الكربولي، وهو ممثل للطائفة السنية في العراق) وأخرى معادية للعاملين في القناة، يرافقها تهديد ووعيد بالقتل للإعلامية سحر عباس جميل، وهي مقدمة برنامج “القرار لكم” الذي يبث عبر قناة دجلة الفضائية.

قبل يومين تقريباً من إحراق قناة دجلة الفضائية، احتفلت سحر عباس جميل بعيد ميلادها عبر مواقع التواصل الاجتماعي مهنئة نفسها على “تويتر”، وشاكرةً كل من أرسل لها المعايدات في هذه المناسبة. مظاهر الفرح هذه اعتبرها نشطاء على السوشيل ميديا انتهاكاً لمراسيم ذكرى الحسين. هوجمت الإعلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب احتفالها هذا، وبعد اقتحام مبنى قناة دجلة حيث تعمل، أخرج المخرّبون حمالة صدر، مُدعين انها تابعة لسحر، وذلك بهدف تشويه سمعتها والسخرية منها. يقول الناشط أحمد عبد الرحمن “فقرة الحمالة الصدرية تذكرنا تماماً بتلك التي أخرجها متظاهرو اكتوبر في محافظة الديوانية، وقت إحراق مقر أحد الفصائل المسلحة، وكأنهم يحاولون الانتقام الآن بطريقة أخرى، لكنها وللأسف طريقة وضعتهم في خانة المتهم بإحراق القناة وكشفت أمرهم ومخططاتهم”.

على أبواب الانتخابات

منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 يشهد العراق تزايداً في مظاهر الاحتفال بمناسبات دينية كانت محظورة في عهد حزب البعث. ومع تغلغل النفوذ الإيراني سياسيا وعقائدياً وعسكرياً تضخمت تلك المظاهر حتى باتت تملأ الفضاءات العامة وتطوق الحياة اليومية والعملية بكثير من الشعائر، بحيث يجري نبذ وفي أحيان كثيرة معاقبة من لا يلتزم بها. من هناك كانت خطوة إحراق قناة “دجلة” مرحلة متقدمة من فرض ممارسات وشعائر على نحو يعمق الانقسام المذهبي في العراق.

واستهداف وسائل الإعلام تكرر في أكثر من مناسبة منها ما هو سياسي ومنها ما هو ديني.

رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، أشار إلى أن “السلاح المتفلت موجود بيد بعض الجهات والعشائر التي لا تخضع لقانون الدولة، وهذه الأطراف جميعها تابعة للشركاء الشيعة في العملية السياسية”.

ما حصل وبحسب البعض “اشبه بمحاولة لاشتعال فتيل الطائفية”. يقول المحلل السياسي أحمد لعنزي لـ”درج”: “من الصعب أن يطلق رئيس البرلمان مثل هذا التصريح، وإن أردنا قراءة المشهد سنجد أن المشكلات الطائفية ستشتعل من جديد لتستغل كل جهة سياسية جمهورها التابع لطائفتها وفق مصلحتها في الانتخابات. ما حصل في قناة دجلة الفضائية وكذلك تصريح الحلبوسي يشير الى ان الى هذه النتيجة”.

الكاتب علي البيدر يؤكد أن “أكثر من جهة سياسية تمتلك فصائل مسلحة وأذرعاً سياسية تثير الطائفية في العراق وهذا يدل على أن الوعي السياسي طائفي وضيق وينحسر في بيئات محددة تدعو إلى العنف الطائفي. الاعتداء على قناة دجلة يُشير إلى أن هنالك محاولة لإشعال فتيل الطائفية ليكسب كل فريق سياسي جمهوره ليس استناداً إلى الكفاءات، إنما استناداً إلى رأي الطائفة والدين”.

ويشير البيدر إلى الخلل في المنظومة الأمنية في الدولة التي وقفت موقف المتفرج خلال تخريب القناة وإحراقها، تحت ذريعة الدين. يقول: “هذا الأمر سبق أن حدث لقناة الحرة عراق، إثر نشرها تقريراً عن جهات معينة في العراق، وكذلك قناة MBC عراق، لأنها تطرقت إلى جهات معينة، وهذا دليل واضح على ضعف القرار الأمني في العراق”.

وبحسب البيدر، “فبركة قضية تاريخية ودينية وجعلها مبرراً للانتقام من خطاب قناة دجلة، كان واضحاً بالنظر إلى ما حدث وطريقة الاعتداء على القناة. وهذه الأمور تحدث للاسف مع اقتراب الانتخابات، إذ تحاول الجهات السياسية الطائفية والدينية الإطاحة بعضها ببعض، عبر استخدام جماهيرها”.

لم تنتهِ الصراعات الطائفية عند إحراق قناة، إذ انفجرت سيارتان مفخختان، إحداهما في كركوك وأخرى في الرمادي، وعثر على سيارة مفخخة في بغداد يوم الجمعة 3 أيلول/ سبتمبر 2020، وتمت السيطرة عليها. يؤكد الخبير الأمني سرمد البياتي أن “الصراعات الطائفية قد تحدث فعلاً قبل الانتخابات وهذا ما شهدناه خلال جميع المراحل الانتخابية الفائتة، على رغم أننا نأمل بأن تكون هذه المرحلة مغايرة تماماً، فما حصل في قناة دجلة مرفوض، وإن كانت أخطأت بحق طائفة معينة في العراق، لكن هذا البلد متعدد ومتنوع، ولا يمكننا أن ننتهج سلوكيات منفلتة كهذه لمحاسبة القناة التي تمت محاسبتها بشكل قانوني، وقدمت أيضاً اعتذاراً للشارع، لكن من المؤسف أن سلطة الأمن والقانون ضعيفة في العراق”.

ويضيف البياتي: “بخصوص السيارات المفخخة في الرمادي وكركوك لا اعتقد أن حروب التفخيخ والانفجارات ستعود من جديد مع اقتراب الانتخابات، وأظن أن ما حدث هو بسبب وجود بقايا فلول داعش في تلك المحافظات”.

04.09.2020
زمن القراءة: 5 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية