fbpx

العراق: تشريع زواج الفتاة في عمر التاسعة..

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

“خفض سن البلوغ” أولى بشائر القضاء على “داعش”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

يعود مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي إلى واجهة المشهد السياسي مرة أخرى، إنما في ظروف سياسية جديدة تختلف عن تلك التي تم طرح فيها للمرة الأولى، إذ أعلنت وزارة العدل، القانون الجعفري عنواناً للاحتفال بعيد المرأة العالمي يوم ٨/٣/٢٠١٤. وقال وزير العدل حسن الشمري يومئذ “قانون الأحوال الشخصية الجعفري جاء لإنصاف المرأة، وأعطاها امتيازات غير مسبوقة بخفض سن البلوغ والميراث إلى التاسعة واعتبارها الوريث الشرعي الوحيد لأبيها إذا توفي. جاء لرفع الحيف والظلم الذي وقع على المرأة طيلة العقود الماضية جراء القوانين الوضعية والتقاليد الاجتماعية المتخلّفة”.

في العاشر من شهر حزيران في العام ذاته، أي بعد مرور ثلاثة أشهر على إعلان وزير العدل العراقي  للقانون الجعفري، احتل تنظيم داعش ثاني أكبر مدن العراق تاريخاً وتنوعا وتأثيراً، الموصل ؛ وأجزاء أخرى واسعة من البلاد. وكان ذلك الحدث المريع كفيلاً بتخدير مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية ووضعه في أدراج رجال الدين في إنتظار الوقت المناسب. وكأن التراجيديا الإنسانية التي نتجت عن ظهور داعش في البلاد،وما تخللها من “سبي” الفتيات والإيزديات وإغتصابهن، كانت كفيلة بتأجيل تراجيديا أخرى تشرعن إنتهاك حقوق الإنسان. اليوم، إذ يقترب فيه العراق من نهاية “الإنتصار”على داعش، انتهى تأثير تخدير القانون الذي يمكن وصفه بالإنتهاك المرغوب، وخرج للعلن ثانية ؛ وتبدو رغبة إقراره من قبل رئاسة البرلمان العراقي والتحالف الوطني الشيعي، أقوى من أي ِشيء آخر.

إختصاراً، مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، المعروف أيضاً بالقانون الجعفري، هو بمثابة قانون الشريعة بالنسبة للشيعة، يبيح ويشجّع زواج الفتاة في سن التاسعة. كما أنه يمنع الزواج المدني بين المذاهب كما الطوائف، أو يعرقله في أحسن الأحوال ويجعله مؤقتًا. ويعتمد المشرعون لتطبيق القانون الجعفري على المادة ٤١ في الدستور العراقي لعام ٢٠٠٥ مفاده : “العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون”. ويحاول التحالف الوطني الشيعي في البرلمان جعل هذه المادة الدستورية أساساً قانونياً لتعديل قانون عام ١٩٥٩.

وهذه المادة الدستورية في صيغتها الحالية، تترك المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية مثل الزواج والميراث والطلاق إلى رجال الدين، فيما يصبح القاضي مجتهداً للنص الدستوري ولا تبقى له سلطة قانونية. تالياً، إن القانون الجعفري يترك المواطن في حيرة من أمره إذ يضعه أمام اللجوء إلى محاكم تخضع لمرجعيات مذهبية مختلفة، أي أنه يلجأ إلى رجال الدين قبل المحاكم. لا يرى المعارضون في البرلمان وداخل منظمات المجتمع المدني، المشروع قابلاً للسجال، ذاك ان الزواج من الصغيرات في سن التاسعة حيث انهن في مرحلة النمو الجسدي والعقلي، يعتبر إنتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.

يذكر أن القانون المدني الأول في العراق، صدر عام ١٩٥٩ وحمل الرقم (١٨٨)، وأُعتبر متقدماً في حينه إذ عالج حقوق الرجل والمرأة والزواج والإرث وقضايا أخرى وفقاً لمرجع قانوني واحد. واستلهم المشرعون العراقيون في القانون المدني الأول من مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان والإمام أبو جعفر الصادق، كما تضمن مبادئ من مذاهب أخرى. وأخضع قانون الأحوال الشخصية الأول جميع المسلمين في العراق إلى معايير موحدة فيما خص الأسرة والزواج، ناهيك عن تحديد عمر واحد للجنسين فيما خص الزواج، وهو سن الثامن عشر.

من شأن القانون الجعفري الذي أصرّ التحالف الوطني الشيعي على تمريره في جلسته الأخيرة والموافقة عليه من قبل البرلمان، حث المذاهب الدينية في العراق على تشريع قوانين خاصة بها، وخلق فوضى في القوانين والتشريع، وتقسيم المجتمع العراقي بالتالي إلى كتل طائفية متناحرة فيما بينها. ولا يمكن تصديق الحجج التي تقول بأنه يمنح المرأة حرية التوقيع على عقد الزواج بنفسها في حالة غياب الوصي، ذاك أن سن التاسعة وفق جميع الشرائع والقوانين المدنية ولوائح حقوق الإنسان هي سن الطفولة. تالياً، انه قانون ينافي مبادئ حقوق الإنسان ويضع العراق في خانة الدول التي يتم فيها الإغتصاب المُقونَن.

ليست القضية كما يذهب بعض منظمات المجتمع المدني ومنظمات الدفاع عن حقوق المرأة، قضية التعدي على حقوق المرأة ومنح الرجل سلطة تحديد الزواج فقط، بل إنها تعد على حقوق الأطفال بالدرجة الأولى، ذاك ان الطفلة في سن التاسعة لازالت في مقاعد الدراسة الإبتدائية، لم تكتمل جسدياً ولا تفهم من العلاقة الجنسية شيئاً، كما أن العمر لا يؤهلها تحمل مسؤولية الحياة الأُسرية، بل لا تفهمها أساساً.

وينافي العراق في حال إقرار المشروع إتفاقية حقوق الطفل المعتمدة بموجل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٩٠، ذاك انه يتخلى عن المادة الأهم في الإتفاقية المعتمدة وهي المادة (٢٧) مفادها : “ تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في مستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والإجتماعي”. الطفل في هذه اللائحة الحقوقية كما جاء في المادة الأولى (الجزء الأول) هو “كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة”. ولا يجوز وفقاً للوثيقة ذاتها، “أن يجري أي تعرض تعسفي أو غير القانوني للطفل في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسلته، ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته. وللطفل حق في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أو المساس”.
الزواج من الطفلة في سن التاسعة يلغي كل تلك المواد المذكورة ويعرّض حقوقها لإنتهاكات خطيرة، أولها تجريدها من الحق في أن تعيش الطفولة. تالياً، يقع واجب إيقاف هذا المشروع المهين للأطفال، ليس على العراقيين فقط، بل على العالم بأجمعه. ولو تم إقراره والبدء بتنفيذه، لا تفيد جميع بيانات التنديد ولوائح حقوق الإنسان.

هذا الموضوع تم انجازه بدعم من مؤسسة Rosa-Luxemburg-Stiftung’s Beirut Office 

[video_player link=””][/video_player]

“خفض سن البلوغ” أولى بشائر القضاء على “داعش”

يعود مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي إلى واجهة المشهد السياسي مرة أخرى، إنما في ظروف سياسية جديدة تختلف عن تلك التي تم طرح فيها للمرة الأولى، إذ أعلنت وزارة العدل، القانون الجعفري عنواناً للاحتفال بعيد المرأة العالمي يوم ٨/٣/٢٠١٤. وقال وزير العدل حسن الشمري يومئذ “قانون الأحوال الشخصية الجعفري جاء لإنصاف المرأة، وأعطاها امتيازات غير مسبوقة بخفض سن البلوغ والميراث إلى التاسعة واعتبارها الوريث الشرعي الوحيد لأبيها إذا توفي. جاء لرفع الحيف والظلم الذي وقع على المرأة طيلة العقود الماضية جراء القوانين الوضعية والتقاليد الاجتماعية المتخلّفة”.

في العاشر من شهر حزيران في العام ذاته، أي بعد مرور ثلاثة أشهر على إعلان وزير العدل العراقي  للقانون الجعفري، احتل تنظيم داعش ثاني أكبر مدن العراق تاريخاً وتنوعا وتأثيراً، الموصل ؛ وأجزاء أخرى واسعة من البلاد. وكان ذلك الحدث المريع كفيلاً بتخدير مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية ووضعه في أدراج رجال الدين في إنتظار الوقت المناسب. وكأن التراجيديا الإنسانية التي نتجت عن ظهور داعش في البلاد،وما تخللها من “سبي” الفتيات والإيزديات وإغتصابهن، كانت كفيلة بتأجيل تراجيديا أخرى تشرعن إنتهاك حقوق الإنسان. اليوم، إذ يقترب فيه العراق من نهاية “الإنتصار”على داعش، انتهى تأثير تخدير القانون الذي يمكن وصفه بالإنتهاك المرغوب، وخرج للعلن ثانية ؛ وتبدو رغبة إقراره من قبل رئاسة البرلمان العراقي والتحالف الوطني الشيعي، أقوى من أي ِشيء آخر.

إختصاراً، مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، المعروف أيضاً بالقانون الجعفري، هو بمثابة قانون الشريعة بالنسبة للشيعة، يبيح ويشجّع زواج الفتاة في سن التاسعة. كما أنه يمنع الزواج المدني بين المذاهب كما الطوائف، أو يعرقله في أحسن الأحوال ويجعله مؤقتًا. ويعتمد المشرعون لتطبيق القانون الجعفري على المادة ٤١ في الدستور العراقي لعام ٢٠٠٥ مفاده : “العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم وينظم ذلك بقانون”. ويحاول التحالف الوطني الشيعي في البرلمان جعل هذه المادة الدستورية أساساً قانونياً لتعديل قانون عام ١٩٥٩.

وهذه المادة الدستورية في صيغتها الحالية، تترك المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية مثل الزواج والميراث والطلاق إلى رجال الدين، فيما يصبح القاضي مجتهداً للنص الدستوري ولا تبقى له سلطة قانونية. تالياً، إن القانون الجعفري يترك المواطن في حيرة من أمره إذ يضعه أمام اللجوء إلى محاكم تخضع لمرجعيات مذهبية مختلفة، أي أنه يلجأ إلى رجال الدين قبل المحاكم. لا يرى المعارضون في البرلمان وداخل منظمات المجتمع المدني، المشروع قابلاً للسجال، ذاك ان الزواج من الصغيرات في سن التاسعة حيث انهن في مرحلة النمو الجسدي والعقلي، يعتبر إنتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.

يذكر أن القانون المدني الأول في العراق، صدر عام ١٩٥٩ وحمل الرقم (١٨٨)، وأُعتبر متقدماً في حينه إذ عالج حقوق الرجل والمرأة والزواج والإرث وقضايا أخرى وفقاً لمرجع قانوني واحد. واستلهم المشرعون العراقيون في القانون المدني الأول من مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان والإمام أبو جعفر الصادق، كما تضمن مبادئ من مذاهب أخرى. وأخضع قانون الأحوال الشخصية الأول جميع المسلمين في العراق إلى معايير موحدة فيما خص الأسرة والزواج، ناهيك عن تحديد عمر واحد للجنسين فيما خص الزواج، وهو سن الثامن عشر.

من شأن القانون الجعفري الذي أصرّ التحالف الوطني الشيعي على تمريره في جلسته الأخيرة والموافقة عليه من قبل البرلمان، حث المذاهب الدينية في العراق على تشريع قوانين خاصة بها، وخلق فوضى في القوانين والتشريع، وتقسيم المجتمع العراقي بالتالي إلى كتل طائفية متناحرة فيما بينها. ولا يمكن تصديق الحجج التي تقول بأنه يمنح المرأة حرية التوقيع على عقد الزواج بنفسها في حالة غياب الوصي، ذاك أن سن التاسعة وفق جميع الشرائع والقوانين المدنية ولوائح حقوق الإنسان هي سن الطفولة. تالياً، انه قانون ينافي مبادئ حقوق الإنسان ويضع العراق في خانة الدول التي يتم فيها الإغتصاب المُقونَن.

ليست القضية كما يذهب بعض منظمات المجتمع المدني ومنظمات الدفاع عن حقوق المرأة، قضية التعدي على حقوق المرأة ومنح الرجل سلطة تحديد الزواج فقط، بل إنها تعد على حقوق الأطفال بالدرجة الأولى، ذاك ان الطفلة في سن التاسعة لازالت في مقاعد الدراسة الإبتدائية، لم تكتمل جسدياً ولا تفهم من العلاقة الجنسية شيئاً، كما أن العمر لا يؤهلها تحمل مسؤولية الحياة الأُسرية، بل لا تفهمها أساساً.

وينافي العراق في حال إقرار المشروع إتفاقية حقوق الطفل المعتمدة بموجل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٩٠، ذاك انه يتخلى عن المادة الأهم في الإتفاقية المعتمدة وهي المادة (٢٧) مفادها : “ تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في مستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والإجتماعي”. الطفل في هذه اللائحة الحقوقية كما جاء في المادة الأولى (الجزء الأول) هو “كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة”. ولا يجوز وفقاً للوثيقة ذاتها، “أن يجري أي تعرض تعسفي أو غير القانوني للطفل في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسلته، ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته. وللطفل حق في أن يحميه القانون من مثل هذا التعرض أو المساس”.
الزواج من الطفلة في سن التاسعة يلغي كل تلك المواد المذكورة ويعرّض حقوقها لإنتهاكات خطيرة، أولها تجريدها من الحق في أن تعيش الطفولة. تالياً، يقع واجب إيقاف هذا المشروع المهين للأطفال، ليس على العراقيين فقط، بل على العالم بأجمعه. ولو تم إقراره والبدء بتنفيذه، لا تفيد جميع بيانات التنديد ولوائح حقوق الإنسان.

هذا الموضوع تم انجازه بدعم من مؤسسة Rosa-Luxemburg-Stiftung’s Beirut Office 

[video_player link=””][/video_player]