fbpx

العونيون: “الشاي السيلاني” لنا والجمارك لنا ولكم الذهول

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

قد يكون خبر الشاي السيلاني أقل تعقيداً وسلاسة من الأخبار الأخرى، فهو جاء موقعاً من الوكالة الوطنية للإعلام. خبر لا لبس فيه، ولا مواربة! مساعدات وصلت للمنكوبين في انفجار بيروت ذهبت لضباط وعناصر الحرس الجمهوري.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 ينتمي الخبر الذي وزعته في بيروت الوكالة الوطنية للإعلام عن قرار رئيس الجمهورية اللبنانية توزيع نحو 1975 كلغ من الشاي السيلاني التي أرسلتها الحكومة السيرلانكية مساهمة منها في عمليات الإغاثة، على جنود وضباط الحرس الجمهوري، إلى نوع من الأخبار “العونية” التي خلفت ذهولاً واستغراباً، واستدرجت ما لا يحصى من النكات.

هذه الأخبار تتفاوت بين قرار وزير عوني (نقولا صحناوي) توزيع طيور الفري على أهل الأشرفية للاستعاضة ببيضها عن البروتيين الذي فقدوه في ظل الأزمة المالية، وبين قرار نقل مدير الجمارك بدري ضاهر (العوني) من سجنه في العدلية الذي احتجز فيه بعد تفجير بيروت، إلى سجن تابع لجهاز الجمارك، فيكون بهذه الحال آمر السجن والسجين في آنٍ واحد. وبين هذين الخبرين عشرات من هذا النوع، أين منها ما كاشف به صحناوي نفسه اللبنانيين بعد الانفجار، وهو أن في هيروشيما أقلية مسيحية هي التي استهدفت بالقصف النووي، وصولاً إلى ما كشفه الوزير السابق شربل نحاس عن وقائع اجتماع ضمه إلى جبران باسيل وإبراهيم كنعان، كان الهدف منه وضعهم في أجواء الانهيار المالي الذي كان نحاس يتوقعه، فتحول موضوع الاجتماع إلى البحث في أشكال تغيير إدارة كازينو لبنان وتطهيرها من “جماعة ميشال سليمان” وتوظيف عونيين مكانهم!

الصورة من صفحة رئاسة الجمهورية

قد يكون خبر الشاي السيلاني أقل تعقيداً وسلاسة من الأخبار الأخرى، فهو جاء موقعاً من الوكالة الوطنية للإعلام. خبر لا لبس فيه، ولا مواربة! مساعدات وصلت للمنكوبين في انفجار بيروت ذهبت لضباط وعناصر الحرس الجمهوري. ليست قيمة المساعدات مهمة، ولا نوعيتها، المهم أنها ذهبت إلى غير وجهتها. حصل ذلك بموجب قرار صادر عن رئاسة الجمهورية. نحن هنا لسنا حيال واقعة فساد، بل أمام سوء استخدام جلي وواضح ووقح للسلطة. واقعة لا تحتاج إلى تقصٍ ولا إلى تفسير أو إعادة بناء. فقد تولت هذه المهمة الوكالة الوطنية للإعلام.

لكن يجب أن نكف نحن اللبنانيين عن الذهول وأن نعتقد أننا محاصرون بسقطات العونيين. هذه ليست سقطات، وهذا ليس فساداً. العونيون يبنون نفوذاً خارج منطقة حساسياتنا. لا يعنيهم ذهولنا، ولا يخاطبهم غضبنا من فسادهم. حين وُزعت كميات الشاي السيلاني على جنود الحرس الجمهوري، وعددهم بالمئات وربما أكثر، فكر صاحب القرار بتوزيعها بأنه يبني نفوذاً في منطقة ضيقة، لكنها تتسع لطموحاته. الحرس الجمهوري غالباً ما يتم تشكيله بما ينسجم مع ولاءات تشكيلاته للرئيس. نعطيهم الشاي وغير الشاي، فنحن نهب أنفسنا في هذه الحال. خبر نقل بدري ضاهر إلى سجن غير رسمي تابع لجهاز الجمارك، قد يثير ذهول اللبنانيين، لكنه يعزز نفوذنا في مكان أضيق. المكان الملائم لبناء النفوذ في جمهورية الفساد والمذهبية.

الأرجح أن الذهول والدهشة والاستغراب والغضب، أشكال تعبير لا تفيد ولا تُثمر في هذه المواجهة المتوهمة. نقولا صحناوي يعرف أن حكاية طيور الفري خلفت موجة استهزاء وسخرية هائلة في السوشيل ميديا، لكن هذه السخرية لا تُصرف حداً من نفوذه في الإدارة وفي مجلس النواب. معادلة “أبصق في وجههم فيقولون لك أن السماء تمطر” صحيحة، لكنهم هم من يوظفها في رصيدهم. لا قيمة لسخريتنا، ولا لذهولنا، طالما أن جريمة بحجم انفجار نووي لم تحد من شراهتهم.

هذه ليست سقطات، وهذا ليس فساداً. العونيون يبنون نفوذاً خارج منطقة حساسياتنا. لا يعنيهم ذهولنا، ولا يخاطبهم غضبنا من فسادهم.

ثم أننا نحن المذهولين، أصحاب ذاكرة سمكية، ذاك أن رهاننا على انكشاف شراهتهم السافرة والموثقة بأخبار الوكالة الوطنية للإعلام، لم تحد منه تجارب في الشراهة وفي السفور سبق أن اختبرناها، على رغم أن العونية دفعتها إلى مستويات جديدة وإلى ذروة جديدة. ميشال المر حين كان يحكم المتن الشمالي من ساحله إلى جرده لم يكن أكثر حساسية في توزيعه غنائم الدولة على مريديه، وهذا ما حوله هو الأرثوذكسي إلى زعيم المتن الماروني. والمر خسر المتن ليس لأنه مكشوف ولا لأنه أرثوذكسي، بل لأن نفوذ الضباط السوريين انحسر وانتهى بعد عام 2005.

العونيون يعيدون هذه التجربة بعدما خصبوها بخبرات جديدة. حل “حزب الله” محل الضباط السوريين، وهم اليوم يمدون شبكات نفوذهم في قنوات الحياة اليومية، وينشئون شبكة مريدين عبر توسيع قاعدة الفساد، وعبر توريط شرائح واسعة بنمط من العلاقة مع الدولة لا قيمة فيه للمواطنة، يقوم على الإعالة والاسترزاق والمغانم. يوزع الشاي على جنود الحرس الجمهوري. الواقعة لا قيمة مادية كبيرة لها، لكنها واقعة رمزية تؤشر إلى نوع العلاقة مع المريدين، والأهم أنها تؤشر أيضاً إلى عدم اكتراثهم بما تستدرجه من استغراب وذهول.

علينا أن نباشر جهداً مختلفاً في مواجهة هذه السلطة الوقحة. يجب أن نبني على نجاح المواجهة في مرج بسري. هناك أثمرت الضغوط على البنك الدولي لوقف هذه المهزلة. يجب أن نتواصل مع زملاء في سريلانكا وأن نحول قضية الشاي الذي وزع لغير المنكوبين إلى قضية رأي عام هناك.          

قد يكون خبر الشاي السيلاني أقل تعقيداً وسلاسة من الأخبار الأخرى، فهو جاء موقعاً من الوكالة الوطنية للإعلام. خبر لا لبس فيه، ولا مواربة! مساعدات وصلت للمنكوبين في انفجار بيروت ذهبت لضباط وعناصر الحرس الجمهوري.

 ينتمي الخبر الذي وزعته في بيروت الوكالة الوطنية للإعلام عن قرار رئيس الجمهورية اللبنانية توزيع نحو 1975 كلغ من الشاي السيلاني التي أرسلتها الحكومة السيرلانكية مساهمة منها في عمليات الإغاثة، على جنود وضباط الحرس الجمهوري، إلى نوع من الأخبار “العونية” التي خلفت ذهولاً واستغراباً، واستدرجت ما لا يحصى من النكات.

هذه الأخبار تتفاوت بين قرار وزير عوني (نقولا صحناوي) توزيع طيور الفري على أهل الأشرفية للاستعاضة ببيضها عن البروتيين الذي فقدوه في ظل الأزمة المالية، وبين قرار نقل مدير الجمارك بدري ضاهر (العوني) من سجنه في العدلية الذي احتجز فيه بعد تفجير بيروت، إلى سجن تابع لجهاز الجمارك، فيكون بهذه الحال آمر السجن والسجين في آنٍ واحد. وبين هذين الخبرين عشرات من هذا النوع، أين منها ما كاشف به صحناوي نفسه اللبنانيين بعد الانفجار، وهو أن في هيروشيما أقلية مسيحية هي التي استهدفت بالقصف النووي، وصولاً إلى ما كشفه الوزير السابق شربل نحاس عن وقائع اجتماع ضمه إلى جبران باسيل وإبراهيم كنعان، كان الهدف منه وضعهم في أجواء الانهيار المالي الذي كان نحاس يتوقعه، فتحول موضوع الاجتماع إلى البحث في أشكال تغيير إدارة كازينو لبنان وتطهيرها من “جماعة ميشال سليمان” وتوظيف عونيين مكانهم!

الصورة من صفحة رئاسة الجمهورية

قد يكون خبر الشاي السيلاني أقل تعقيداً وسلاسة من الأخبار الأخرى، فهو جاء موقعاً من الوكالة الوطنية للإعلام. خبر لا لبس فيه، ولا مواربة! مساعدات وصلت للمنكوبين في انفجار بيروت ذهبت لضباط وعناصر الحرس الجمهوري. ليست قيمة المساعدات مهمة، ولا نوعيتها، المهم أنها ذهبت إلى غير وجهتها. حصل ذلك بموجب قرار صادر عن رئاسة الجمهورية. نحن هنا لسنا حيال واقعة فساد، بل أمام سوء استخدام جلي وواضح ووقح للسلطة. واقعة لا تحتاج إلى تقصٍ ولا إلى تفسير أو إعادة بناء. فقد تولت هذه المهمة الوكالة الوطنية للإعلام.

لكن يجب أن نكف نحن اللبنانيين عن الذهول وأن نعتقد أننا محاصرون بسقطات العونيين. هذه ليست سقطات، وهذا ليس فساداً. العونيون يبنون نفوذاً خارج منطقة حساسياتنا. لا يعنيهم ذهولنا، ولا يخاطبهم غضبنا من فسادهم. حين وُزعت كميات الشاي السيلاني على جنود الحرس الجمهوري، وعددهم بالمئات وربما أكثر، فكر صاحب القرار بتوزيعها بأنه يبني نفوذاً في منطقة ضيقة، لكنها تتسع لطموحاته. الحرس الجمهوري غالباً ما يتم تشكيله بما ينسجم مع ولاءات تشكيلاته للرئيس. نعطيهم الشاي وغير الشاي، فنحن نهب أنفسنا في هذه الحال. خبر نقل بدري ضاهر إلى سجن غير رسمي تابع لجهاز الجمارك، قد يثير ذهول اللبنانيين، لكنه يعزز نفوذنا في مكان أضيق. المكان الملائم لبناء النفوذ في جمهورية الفساد والمذهبية.

الأرجح أن الذهول والدهشة والاستغراب والغضب، أشكال تعبير لا تفيد ولا تُثمر في هذه المواجهة المتوهمة. نقولا صحناوي يعرف أن حكاية طيور الفري خلفت موجة استهزاء وسخرية هائلة في السوشيل ميديا، لكن هذه السخرية لا تُصرف حداً من نفوذه في الإدارة وفي مجلس النواب. معادلة “أبصق في وجههم فيقولون لك أن السماء تمطر” صحيحة، لكنهم هم من يوظفها في رصيدهم. لا قيمة لسخريتنا، ولا لذهولنا، طالما أن جريمة بحجم انفجار نووي لم تحد من شراهتهم.

هذه ليست سقطات، وهذا ليس فساداً. العونيون يبنون نفوذاً خارج منطقة حساسياتنا. لا يعنيهم ذهولنا، ولا يخاطبهم غضبنا من فسادهم.

ثم أننا نحن المذهولين، أصحاب ذاكرة سمكية، ذاك أن رهاننا على انكشاف شراهتهم السافرة والموثقة بأخبار الوكالة الوطنية للإعلام، لم تحد منه تجارب في الشراهة وفي السفور سبق أن اختبرناها، على رغم أن العونية دفعتها إلى مستويات جديدة وإلى ذروة جديدة. ميشال المر حين كان يحكم المتن الشمالي من ساحله إلى جرده لم يكن أكثر حساسية في توزيعه غنائم الدولة على مريديه، وهذا ما حوله هو الأرثوذكسي إلى زعيم المتن الماروني. والمر خسر المتن ليس لأنه مكشوف ولا لأنه أرثوذكسي، بل لأن نفوذ الضباط السوريين انحسر وانتهى بعد عام 2005.

العونيون يعيدون هذه التجربة بعدما خصبوها بخبرات جديدة. حل “حزب الله” محل الضباط السوريين، وهم اليوم يمدون شبكات نفوذهم في قنوات الحياة اليومية، وينشئون شبكة مريدين عبر توسيع قاعدة الفساد، وعبر توريط شرائح واسعة بنمط من العلاقة مع الدولة لا قيمة فيه للمواطنة، يقوم على الإعالة والاسترزاق والمغانم. يوزع الشاي على جنود الحرس الجمهوري. الواقعة لا قيمة مادية كبيرة لها، لكنها واقعة رمزية تؤشر إلى نوع العلاقة مع المريدين، والأهم أنها تؤشر أيضاً إلى عدم اكتراثهم بما تستدرجه من استغراب وذهول.

علينا أن نباشر جهداً مختلفاً في مواجهة هذه السلطة الوقحة. يجب أن نبني على نجاح المواجهة في مرج بسري. هناك أثمرت الضغوط على البنك الدولي لوقف هذه المهزلة. يجب أن نتواصل مع زملاء في سريلانكا وأن نحول قضية الشاي الذي وزع لغير المنكوبين إلى قضية رأي عام هناك.          

|
آخر القصص
 هل تستطيع الدول العربية الغنيّة تجاهل أزمات جيرانها؟
أفراح ناصر - باحثة في المركز العربي في واشنطن | 12.10.2024
هل هُزم محور “المقاومة”فعلاً؟!
شكري الريان - كاتب فلسطيني سوري | 12.10.2024
لماذا أخفق حزب الله؟
ندى عبدالصمد - كاتبة وصحافية لبنانية | 12.10.2024
خطبة الوداع
بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 11.10.2024

اشترك بنشرتنا البريدية