fbpx

القبض على “ظرفاء الغلابة” في مصر:
من منصات السخرية على “تيك توك” إلى سجن أبو زعبل

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

باتت السخرية آخر ما يملكه المصريون، فصفحات السخرية هي المكان الوحيد الذي يعبّرون فيه عن معاناتهم، محاولين الضحك بدل البكاء. لكن تلك السخرية تتعامل معها السلطة كتهديد حقيقي و”ظرفاء الغلابة” ليسوا أول من دفع ثمن تقديم محتوى على “تيك توك”

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

فوجئ مصريون بإلقاء قوات الأمن القبض على ثلاثة من مقدمي المحتوى على منصة “تيك توك” من الذين ذاع صيتهم في الفترة الأخيرة، عبر قناة “ظرفاء الغلابة“. وجهت لهم نيابة أمن الدولة تهمة نشر أخبار كاذبة بسبب انتقادهم موجة غلاء الأسعار الأخيرة في مقاطع غنائية ساخرة.

“ظرفاء الغلابة” هم أربعة شباب من محافظة أسيوط، يقدمون محتوى ساخراً على “تيك توك”، ويتابعهم حوالى 125 ألف شخص. أُنشأوا قناتهم في نهاية عام 2020، وبدأوا عرض فيديوات ساخرة، كان آخرها “الأسعار النار“، وهما فيديوان، يسخران من الغلاء على وقع أغنية تم تأليفها على لحن “حبك نار” لعبدالحليم حافظ.

حصدت صفحة “ظرفاء الغلابة” نحو 436.7 ألف إعجاب منذ بدايتها، ولم تقدم منذ انطلاقها أي محتوى سياسي ينتقد الدولة، باستثناء فيديوي غلاء الأسعار، اللذين حققا رواجاً كبيراً، وتم تداولهما بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، وحظيا بملايين المشاهدات.

يقول أحد مقاطع الأغنية: “الأسعار، الأسعار نار ليه بتغليها، ليه تخليها تقطم وسطي وأروح أنا فيها، فتش جيبي، فتش جيبي تشوف محفظتي ده أنا من حوستي حشيها ورق عشان أنفخ فيها…” وهو ما أثار حفيظة قوات الأمن، فتم اعتقال الشبان الثلاثة.

وعن آخر مستجدات القضية، قال المحامي إسلام سلامة، الذي حضر التحقيق مع الشبان في نيابة أمن الدولة، لـ”درج”: “قوات الأمن ألقت القبض عليهم في مدينة أسيوط، ثم قامت بترحيلهم إلى نيابة أمن الدولة بالقاهرة، حيث وجهت لهم تهمة نشر أخبار كاذبة، وهو ما نفاه المتهمون أمام وكيل النائب العام، وبرروا موقفهم، بأنهم غير متعلمين، كما أن القناة لا هدف لها سوى التربح من خلال المشاهدات، مؤكدين أن لا صلة لهم بالسياسة. وقررت النيابة حبسهم 15 يوماً على ذمة القضية 440 لسنة 2022، ثم تم ترحيلهم إلى سجن أبو زعبل”.

صفحات “السخرية” تهدد السلم العام

يأتي حبس ظرفاء الغلابة، ضمن حملة تشنها الدولة منذ سنوات لقمع الأصوات الناقدة أو المعترضة، وذلك بذرائع عدة منها محاربة الإرهاب، وإرساء الاستقرار.

يقول الدكتور محمد رضا النمر أستاذ القانون الدستوري لـ”درج” إن محاكمات ظرفاء الغلابة ستجرى وفق المادة 86 من دستور مصر 2014 التي تنص على أن “الحفاظ على الأمن القومي واجب، والتزام الجميع بمراعاته مسؤولية وطنية يكفلها القانون، والدفاع عن الوطن، وحماية أرضه شرف وواجب مقدس”.

كما تنتظرهم عقوبة وفق المادة 188، من القانون ذاته، والتي تنص على أن “يُعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تزيد على عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بسوء قصد أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقاً مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذباً إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة”.

كل تلك القوانين والمواد، تطبقها الدولة على رواد منصات التواصل الاجتماعي، التي باتت تعتبرها الدولة بمثابة ميادين حقيقية بإمكانها زعزعة الاستقرار الذي تسعى الدولة لتطبيقه، أياً كانت الوسيلة.

في الآونة الأخيرة أصبح من الطبيعي أن نسمع عن اعتقال أحد المغردين على “تويتر” لأنه سخر من مشروع ما من مشاريع الدولة، أو انتقد شخصية ما في مسلسل، إذ اعتقلت قوات الأمن المحامي نبيل أبوشيخة بعد سخريته من تجسيد الممثل ياسر جلال، دور الرئيس عبدالفتاح السيسي، في مسلسل “الاختيار 3”. وكشف الكاتب الصحافي هشام قاسم: “القبض على الأستاذ نبيل أبوشيخة، المحامي من شبين القناطر وحبسه 15 يوماً بتهمة نشر تدوينات تنتقد أداء ياسر جلال الممثل في مسلسل الاختيار، قائلاً: يسقط يسقط الفاشل ياسر جلال”.

باتت السخرية آخر ما يملكه المصريون، فصفحات السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي هي المكان الوحيد الذي يعبّرون فيه عن معاناتهم، محاولين الضحك بدل البكاء… لكن تلك السخرية تتعامل معها الدولة، كتهديد حقيقي إذ تتعامل بمنتهى الجدية والحزم مع النكتة، كشكل من أشكال الانتقاد أو الاعتراض، الذي يشكل خطراً على الاستقرار والسلم الأهلي.

إقرأوا أيضاً:

“تيك توك” يهدد قيم الأسرة المصرية

ظرفاء الغلابة ليسوا أول من دفع ثمن تقديم محتوى على “تيك توك”، ففي قضيتين شهيرتين، لما يُعرف بـ” فتيات التيك توك”، عاقبت محكمة جنايات القاهرة، حبيب حسام بالسجن 3 سنوات بتهمة الاتجار بالبشر، لأنها دعت الفتيات للانضمام إلى تطبيق “لايكي”. كما حكم مودة الأدهم و3 آخرين في القضية ذاتها. والأدهم تم القبض عليها تحديداً بعد نشرها فيديو اعتُبر “فاضحاً”. 

حنين ومودة وظرفاء الغلابة جزء من سلسلة اعتقالات لا تتوقف، يحاول النظام من خلالها بسط سلطته وبث الرعب، بحجة الحفاظ على ما يسمّى “قيم الأسرة المصرية.  

هل تحظر مصر “تيك توك”؟

ربما يكون الحل الأخير والذي لم تتخذه الدولة حتى الآن، هو حظر هذه التطبيقات برمتها للتخفيف على نفسها، على غرار حركة “طالبان” التي حظرت تطبيق “تيك توك” ولعبة “بابجي” في أفغانستان، باعتبارهما يقودان الشباب نحو الضلال والهلاك.

 بعد القبض على فتيات “تيك توك” بتهمة تهديد قيم الأسرة المصرية والقبض ظرفاء الغلابة بتهمة نشر أخبار كاذبة من خلال محتوى ساخر لعل الاتجاه  الجديد في مصر، يكون حظر تطبيق “تيك توك” نهائياً أم أنه سيصبح ساحة خصبة لاصطياد الشباب إلى السجون؟

إقرأوا أيضاً:

25.04.2022
زمن القراءة: 4 minutes

باتت السخرية آخر ما يملكه المصريون، فصفحات السخرية هي المكان الوحيد الذي يعبّرون فيه عن معاناتهم، محاولين الضحك بدل البكاء. لكن تلك السخرية تتعامل معها السلطة كتهديد حقيقي و”ظرفاء الغلابة” ليسوا أول من دفع ثمن تقديم محتوى على “تيك توك”

فوجئ مصريون بإلقاء قوات الأمن القبض على ثلاثة من مقدمي المحتوى على منصة “تيك توك” من الذين ذاع صيتهم في الفترة الأخيرة، عبر قناة “ظرفاء الغلابة“. وجهت لهم نيابة أمن الدولة تهمة نشر أخبار كاذبة بسبب انتقادهم موجة غلاء الأسعار الأخيرة في مقاطع غنائية ساخرة.

“ظرفاء الغلابة” هم أربعة شباب من محافظة أسيوط، يقدمون محتوى ساخراً على “تيك توك”، ويتابعهم حوالى 125 ألف شخص. أُنشأوا قناتهم في نهاية عام 2020، وبدأوا عرض فيديوات ساخرة، كان آخرها “الأسعار النار“، وهما فيديوان، يسخران من الغلاء على وقع أغنية تم تأليفها على لحن “حبك نار” لعبدالحليم حافظ.

حصدت صفحة “ظرفاء الغلابة” نحو 436.7 ألف إعجاب منذ بدايتها، ولم تقدم منذ انطلاقها أي محتوى سياسي ينتقد الدولة، باستثناء فيديوي غلاء الأسعار، اللذين حققا رواجاً كبيراً، وتم تداولهما بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، وحظيا بملايين المشاهدات.

يقول أحد مقاطع الأغنية: “الأسعار، الأسعار نار ليه بتغليها، ليه تخليها تقطم وسطي وأروح أنا فيها، فتش جيبي، فتش جيبي تشوف محفظتي ده أنا من حوستي حشيها ورق عشان أنفخ فيها…” وهو ما أثار حفيظة قوات الأمن، فتم اعتقال الشبان الثلاثة.

وعن آخر مستجدات القضية، قال المحامي إسلام سلامة، الذي حضر التحقيق مع الشبان في نيابة أمن الدولة، لـ”درج”: “قوات الأمن ألقت القبض عليهم في مدينة أسيوط، ثم قامت بترحيلهم إلى نيابة أمن الدولة بالقاهرة، حيث وجهت لهم تهمة نشر أخبار كاذبة، وهو ما نفاه المتهمون أمام وكيل النائب العام، وبرروا موقفهم، بأنهم غير متعلمين، كما أن القناة لا هدف لها سوى التربح من خلال المشاهدات، مؤكدين أن لا صلة لهم بالسياسة. وقررت النيابة حبسهم 15 يوماً على ذمة القضية 440 لسنة 2022، ثم تم ترحيلهم إلى سجن أبو زعبل”.

صفحات “السخرية” تهدد السلم العام

يأتي حبس ظرفاء الغلابة، ضمن حملة تشنها الدولة منذ سنوات لقمع الأصوات الناقدة أو المعترضة، وذلك بذرائع عدة منها محاربة الإرهاب، وإرساء الاستقرار.

يقول الدكتور محمد رضا النمر أستاذ القانون الدستوري لـ”درج” إن محاكمات ظرفاء الغلابة ستجرى وفق المادة 86 من دستور مصر 2014 التي تنص على أن “الحفاظ على الأمن القومي واجب، والتزام الجميع بمراعاته مسؤولية وطنية يكفلها القانون، والدفاع عن الوطن، وحماية أرضه شرف وواجب مقدس”.

كما تنتظرهم عقوبة وفق المادة 188، من القانون ذاته، والتي تنص على أن “يُعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه، ولا تزيد على عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بسوء قصد أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقاً مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذباً إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة”.

كل تلك القوانين والمواد، تطبقها الدولة على رواد منصات التواصل الاجتماعي، التي باتت تعتبرها الدولة بمثابة ميادين حقيقية بإمكانها زعزعة الاستقرار الذي تسعى الدولة لتطبيقه، أياً كانت الوسيلة.

في الآونة الأخيرة أصبح من الطبيعي أن نسمع عن اعتقال أحد المغردين على “تويتر” لأنه سخر من مشروع ما من مشاريع الدولة، أو انتقد شخصية ما في مسلسل، إذ اعتقلت قوات الأمن المحامي نبيل أبوشيخة بعد سخريته من تجسيد الممثل ياسر جلال، دور الرئيس عبدالفتاح السيسي، في مسلسل “الاختيار 3”. وكشف الكاتب الصحافي هشام قاسم: “القبض على الأستاذ نبيل أبوشيخة، المحامي من شبين القناطر وحبسه 15 يوماً بتهمة نشر تدوينات تنتقد أداء ياسر جلال الممثل في مسلسل الاختيار، قائلاً: يسقط يسقط الفاشل ياسر جلال”.

باتت السخرية آخر ما يملكه المصريون، فصفحات السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي هي المكان الوحيد الذي يعبّرون فيه عن معاناتهم، محاولين الضحك بدل البكاء… لكن تلك السخرية تتعامل معها الدولة، كتهديد حقيقي إذ تتعامل بمنتهى الجدية والحزم مع النكتة، كشكل من أشكال الانتقاد أو الاعتراض، الذي يشكل خطراً على الاستقرار والسلم الأهلي.

إقرأوا أيضاً:

“تيك توك” يهدد قيم الأسرة المصرية

ظرفاء الغلابة ليسوا أول من دفع ثمن تقديم محتوى على “تيك توك”، ففي قضيتين شهيرتين، لما يُعرف بـ” فتيات التيك توك”، عاقبت محكمة جنايات القاهرة، حبيب حسام بالسجن 3 سنوات بتهمة الاتجار بالبشر، لأنها دعت الفتيات للانضمام إلى تطبيق “لايكي”. كما حكم مودة الأدهم و3 آخرين في القضية ذاتها. والأدهم تم القبض عليها تحديداً بعد نشرها فيديو اعتُبر “فاضحاً”. 

حنين ومودة وظرفاء الغلابة جزء من سلسلة اعتقالات لا تتوقف، يحاول النظام من خلالها بسط سلطته وبث الرعب، بحجة الحفاظ على ما يسمّى “قيم الأسرة المصرية.  

هل تحظر مصر “تيك توك”؟

ربما يكون الحل الأخير والذي لم تتخذه الدولة حتى الآن، هو حظر هذه التطبيقات برمتها للتخفيف على نفسها، على غرار حركة “طالبان” التي حظرت تطبيق “تيك توك” ولعبة “بابجي” في أفغانستان، باعتبارهما يقودان الشباب نحو الضلال والهلاك.

 بعد القبض على فتيات “تيك توك” بتهمة تهديد قيم الأسرة المصرية والقبض ظرفاء الغلابة بتهمة نشر أخبار كاذبة من خلال محتوى ساخر لعل الاتجاه  الجديد في مصر، يكون حظر تطبيق “تيك توك” نهائياً أم أنه سيصبح ساحة خصبة لاصطياد الشباب إلى السجون؟

إقرأوا أيضاً:

25.04.2022
زمن القراءة: 4 minutes
|
آخر القصص
 هل تستطيع الدول العربية الغنيّة تجاهل أزمات جيرانها؟
أفراح ناصر - باحثة في المركز العربي في واشنطن | 12.10.2024
هل هُزم محور “المقاومة”فعلاً؟!
شكري الريان - كاتب فلسطيني سوري | 12.10.2024
لماذا أخفق حزب الله؟
ندى عبدالصمد - كاتبة وصحافية لبنانية | 12.10.2024
خطبة الوداع
بادية فحص - صحافية وكاتبة لبنانية | 11.10.2024

اشترك بنشرتنا البريدية