ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

المؤشّر الإسرائيلي في انتخاب زهران ممداني

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

انتخاب ممداني في نيويورك، حيث يقيم ثاني أكبر تجمّع لليهود في العالم، بعد إسرائيل، رسالة من الصعب ممارسة نكران حيالها. وللشاب مقترعون يهود قالوا كلمتهم ليس ضد إسرئيل، إنما ضد نموذجها الصاعد والذي يصعب معه على أهل نيويورك، وعلى جزء كبير من يهودها أن يهضموه.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ليس تفصيلاً أن تنتخب ثاني عاصمة لليهود في العالم بعد تل أبيب، ونعني نيويورك، حاكماً لها أعلن على نحو صريح إدانته حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، وتأييده حلّ الدولتين، وانحيازه الى الحق الفلسطيني! إنها نيويورك، التي تقع في وسط العالم الثقافي والمالي والاقتصادي، قالت بالأمس إن زهران ممداني يمثّلها، بكل ما أطلقه من شعارات، ومن بينها انحيازه الى أهل غزة.

إنها من المؤشرات الكثيرة التي بدأت تظهر في العالم في أعقاب المجزرة. ولم يسبق أن شهدت صورة إسرائيل هذا القدر من المشاعر الغربية، التي أذهلها ما شهده قطاع غزة من مذابح وصفتها أكثر من هيئة دولية بأنها إبادية.

إسرائيل ما زالت تعيش حالاً من النكران. تصلها طبعاً أصداء الذهول، لكنها ما زالت تشيح بوجهها عن ذلك المشهد القبيح. والمذهل أكثر أننا لا نتحدث عن السلطة في إسرائيل، ولا عن الحكومة أو الجيش، فمن يشيح بوجهه عن الإبادة هو إسرائيل كنموذج وكبنية اجتماعية وسياسية. 

لن يستقبل أحد في إسرائيل الرسالة القادمة من نيويورك. 

ستمارس الأطياف السياسية في إسرائيلي نكراناً. من أقصى اليمين الديني والقومي، ويمين الوسط والمعارضة، كلهم غارقون في النكران. المشاعر القومية أعمت أبصارهم، والانتقام تحوّل إلى سياسة وإلى وجهة وحيدة للدولة والمجتمع.

وفي إسرائيل قلّة قليلة بدأت تشعر بما جنت يدا بنيامين نتانياهو على صورة الدولة التي صُنعت لتخاطب الغرب. لكن أصوات هذه القلة القليلة ضائعة وسط صراخ بن غفير وسموتريتش. حال إسرائيل اليوم تشبه إلى حد كبير حال صربيا حين سيطرت النخب القومية والفاشية في ذلك البلد على مشاعر الصرب، فانقاد معظمهم وراء “جزار البلقان” سلوبدان ميلوسوفيتش، والصرب يمارسون إلى اليوم نكراناً موازياً، وآثار العزلة الدولية ما زالت تحاصر الدولة على رغم تغير نظام الحكم، ووصول نخب جديدة إلى السلطة. الصرب إلى اليوم يعيشون أنماطاً من العزلة، وتشعر نخبهم (غير القومية) بعدم ترحيب ضمني بها وبعزلة في منظومة القيم الأوروبية. فارتكابات نظام ميلوسوفيتش كانت جزءاً من منظومة قومية واجتماعية لم تتعرض للمساءلة حتى بعد سقوط النظام ومحاكمة رموزه. 

الأقلية الإسرائيلية الخائفة على إسرائيليها تكاد تقتصر على أعضاء كنيست لا يتجاوزون عدد أصابع اليد، وعلى نخب تل أبيبية وعلى صحيفة هآرتس. أما المنتشون بالمجزرة فهم الغالبية، وهم أنشأوا جداراً “قومياً” لصد الهجمات الأخلاقية التي بدأ العالم يبادر إليها. يحيلون عشرات آلاف الأطفال القتلى إلى 7 أكتوبر. 

لا جواب لديهم إلا 7 أكتوبر، ويجهدون لمماهاة ما ارتكبته حماس بالهولوكوست، غير مكترثين لما جهد إليه الصهاينة الأوائل لجهة تثبيت فرادة الهولوكوست. ولا يبدو أن ثمة من التقط مؤشر فشل هذه المساعي حتى الآن. فالرابطة القومية والدينية أعمت الجميع. 

انتخاب ممداني في نيويورك، حيث يقيم ثاني أكبر تجمّع لليهود في العالم، بعد إسرائيل، رسالة من الصعب ممارسة نكران حيالها. وللشاب مقترعون يهود قالوا كلمتهم ليس ضد إسرئيل، إنما ضد نموذجها الصاعد والذي يصعب معه على أهل نيويورك، وعلى جزء كبير من يهودها أن يهضموه. ربط النموذج بالإبادة سلك طريقه إلى شرائح واسعة من الرأي العام الغربي، ونيويورك مركز رئيسي لهذا الرأي العام، وهي تتعدى أميركا في تمثيلها له، وإسرائيل لطالما استثمرت في موقع المدينة لترسل صورة إلى العالم الغربي بوصفها جزءاً منه. وها هي اليوم تتلقى الصفعة الأولى من المدينة التي انبعثت صورتها منها بوصفها “جزيرة الديموقراطية” في شرق غير ديموقراطي.

لكن مرة أخرى لا يلوح من يستقبل هذه الفرصة من أصحاب القضية من فلسطينيين وعرب، فما نعرضه على العالم يتمثل في نموذجين لا ثالث لهما، هما عرب الاتفاقات الابراهيمية والترامبية من جهة، والممانعات الإيرانية على اختلافها، من حزب الله إلى حماس ومروراً بالحوثيين والحشد الشعبي من جهة ثانية. الخياران يعززان موقع نتانياهو، ولا يكترثان للاستثمار في فرصة الانعطافة الواضحة للرأي العام الغربي.

ربما علينا البحث عن زهران ممداني فلسطيني يتولى المهمة، وهذا ما لن يسمح به نتانياهو.   

جنى بركات - صحافية لبنانية | 14.11.2025

“ستارلينك” لبنان: ما علاقتها بوزير الاتّصالات وبالشبهات المرتبطة بمعاقَب أميركياً؟ 

مع دخول "ستارلينك" إلى لبنان، برزت إشكالية حول مساعي الشركة الأميركية للتعاقد مع "Connect Services Liberia" كموزّع لخدمات "ستارلينك" في لبنان، من دون فتح باب المنافسة بين الشركات الأخرى، وهي الشركة التي سبق أن ترأّسها وزير الاتّصالات الحالي شارل الحاج. 

انتخاب ممداني في نيويورك، حيث يقيم ثاني أكبر تجمّع لليهود في العالم، بعد إسرائيل، رسالة من الصعب ممارسة نكران حيالها. وللشاب مقترعون يهود قالوا كلمتهم ليس ضد إسرئيل، إنما ضد نموذجها الصاعد والذي يصعب معه على أهل نيويورك، وعلى جزء كبير من يهودها أن يهضموه.

ليس تفصيلاً أن تنتخب ثاني عاصمة لليهود في العالم بعد تل أبيب، ونعني نيويورك، حاكماً لها أعلن على نحو صريح إدانته حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في غزة، وتأييده حلّ الدولتين، وانحيازه الى الحق الفلسطيني! إنها نيويورك، التي تقع في وسط العالم الثقافي والمالي والاقتصادي، قالت بالأمس إن زهران ممداني يمثّلها، بكل ما أطلقه من شعارات، ومن بينها انحيازه الى أهل غزة.

إنها من المؤشرات الكثيرة التي بدأت تظهر في العالم في أعقاب المجزرة. ولم يسبق أن شهدت صورة إسرائيل هذا القدر من المشاعر الغربية، التي أذهلها ما شهده قطاع غزة من مذابح وصفتها أكثر من هيئة دولية بأنها إبادية.

إسرائيل ما زالت تعيش حالاً من النكران. تصلها طبعاً أصداء الذهول، لكنها ما زالت تشيح بوجهها عن ذلك المشهد القبيح. والمذهل أكثر أننا لا نتحدث عن السلطة في إسرائيل، ولا عن الحكومة أو الجيش، فمن يشيح بوجهه عن الإبادة هو إسرائيل كنموذج وكبنية اجتماعية وسياسية. 

لن يستقبل أحد في إسرائيل الرسالة القادمة من نيويورك. 

ستمارس الأطياف السياسية في إسرائيلي نكراناً. من أقصى اليمين الديني والقومي، ويمين الوسط والمعارضة، كلهم غارقون في النكران. المشاعر القومية أعمت أبصارهم، والانتقام تحوّل إلى سياسة وإلى وجهة وحيدة للدولة والمجتمع.

وفي إسرائيل قلّة قليلة بدأت تشعر بما جنت يدا بنيامين نتانياهو على صورة الدولة التي صُنعت لتخاطب الغرب. لكن أصوات هذه القلة القليلة ضائعة وسط صراخ بن غفير وسموتريتش. حال إسرائيل اليوم تشبه إلى حد كبير حال صربيا حين سيطرت النخب القومية والفاشية في ذلك البلد على مشاعر الصرب، فانقاد معظمهم وراء “جزار البلقان” سلوبدان ميلوسوفيتش، والصرب يمارسون إلى اليوم نكراناً موازياً، وآثار العزلة الدولية ما زالت تحاصر الدولة على رغم تغير نظام الحكم، ووصول نخب جديدة إلى السلطة. الصرب إلى اليوم يعيشون أنماطاً من العزلة، وتشعر نخبهم (غير القومية) بعدم ترحيب ضمني بها وبعزلة في منظومة القيم الأوروبية. فارتكابات نظام ميلوسوفيتش كانت جزءاً من منظومة قومية واجتماعية لم تتعرض للمساءلة حتى بعد سقوط النظام ومحاكمة رموزه. 

الأقلية الإسرائيلية الخائفة على إسرائيليها تكاد تقتصر على أعضاء كنيست لا يتجاوزون عدد أصابع اليد، وعلى نخب تل أبيبية وعلى صحيفة هآرتس. أما المنتشون بالمجزرة فهم الغالبية، وهم أنشأوا جداراً “قومياً” لصد الهجمات الأخلاقية التي بدأ العالم يبادر إليها. يحيلون عشرات آلاف الأطفال القتلى إلى 7 أكتوبر. 

لا جواب لديهم إلا 7 أكتوبر، ويجهدون لمماهاة ما ارتكبته حماس بالهولوكوست، غير مكترثين لما جهد إليه الصهاينة الأوائل لجهة تثبيت فرادة الهولوكوست. ولا يبدو أن ثمة من التقط مؤشر فشل هذه المساعي حتى الآن. فالرابطة القومية والدينية أعمت الجميع. 

انتخاب ممداني في نيويورك، حيث يقيم ثاني أكبر تجمّع لليهود في العالم، بعد إسرائيل، رسالة من الصعب ممارسة نكران حيالها. وللشاب مقترعون يهود قالوا كلمتهم ليس ضد إسرئيل، إنما ضد نموذجها الصاعد والذي يصعب معه على أهل نيويورك، وعلى جزء كبير من يهودها أن يهضموه. ربط النموذج بالإبادة سلك طريقه إلى شرائح واسعة من الرأي العام الغربي، ونيويورك مركز رئيسي لهذا الرأي العام، وهي تتعدى أميركا في تمثيلها له، وإسرائيل لطالما استثمرت في موقع المدينة لترسل صورة إلى العالم الغربي بوصفها جزءاً منه. وها هي اليوم تتلقى الصفعة الأولى من المدينة التي انبعثت صورتها منها بوصفها “جزيرة الديموقراطية” في شرق غير ديموقراطي.

لكن مرة أخرى لا يلوح من يستقبل هذه الفرصة من أصحاب القضية من فلسطينيين وعرب، فما نعرضه على العالم يتمثل في نموذجين لا ثالث لهما، هما عرب الاتفاقات الابراهيمية والترامبية من جهة، والممانعات الإيرانية على اختلافها، من حزب الله إلى حماس ومروراً بالحوثيين والحشد الشعبي من جهة ثانية. الخياران يعززان موقع نتانياهو، ولا يكترثان للاستثمار في فرصة الانعطافة الواضحة للرأي العام الغربي.

ربما علينا البحث عن زهران ممداني فلسطيني يتولى المهمة، وهذا ما لن يسمح به نتانياهو.   

|

اشترك بنشرتنا البريدية