fbpx

المجتمع المدني في مصر والتضامن مع غزة: العقاب بوقف الدعم والتمويل

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

تلقت مؤسسة قضايا المرأة، وهي مؤسسة غير ربحية معنية بقضايا النساء في مصر، رسائل عدة من السفارة الألمانية في القاهرة، تفيد بتوقفها عن دعم أحد مشروعات المؤسسة وتمويله، والذي كان يدور حول مناهضة الإتجار بالنساء. أرجعت  السفارة السبب إلى موقف المؤسسة من غزة، وتوقيع ممثلتها على بيان يطالب بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، ووقف إطلاق النار في غزة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

تلقت مؤسسة قضايا المرأة، وهي مؤسسة غير ربحية معنية بقضايا النساء في مصر، رسائل عدة من السفارة الألمانية في القاهرة، تفيد بتوقفها عن دعم أحد مشروعات المؤسسة وتمويله، والذي كان يدور حول مناهضة الإتجار بالنساء. أرجعت  السفارة السبب إلى موقف المؤسسة من غزة، وتوقيع ممثلتها على بيان يطالب بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، ووقف إطلاق النار في غزة.

عزة سليمان، مديرة المؤسسة والممثلة عنها، قالت إن السفارة أوضحت أن القرار سببه أن القانون الألماني يمنع دعم المنظمات غير الحكومية التي تقاطع إسرائيل، ولكنها ترى أن الأمر ليس إلا تضليلاً وعرقلة لعمل المنظمات التي تتبع القانون الدولي الإنساني، وتطبق معايير حقوق الإنسان.

الأزمة كما تراها سليمان وعاملون في المجتمع المدني، هي مرحلة جديدة من التضييق على منظمات المجتمع المدني لاتخاذها مواقف تتفق مع حقوق الإنسان، وتطالب بوقف “الإبادة الجماعية” للشعب الفلسطيني، بخاصة أن تلك الجهات التي ترفض تمويل مشروعات قائمة الآن، هي من وافقت سابقاً على تمويلها.

مناهضة الإتجار بالنساء، أحد المشاريع التي تعمل عليها مؤسسة قضايا المرأة منذ سنوات، وهدفه طرح الصور الواقعية للإتجار واستغلال النساء ومناقشة إشكاليات تطبيق القوانين وعدم شموليتها الصور المختلفة للإتجار بالنساء. المشروع الذي سعت السفارة الألمانية الى إنجازه، تضمّن تواصل السفارة مع وزارة التضامن الاجتماعي لأخذ الموافقة عليه حسب سليمان، وجاء هذا الجهد لاتفاقه مع توجهات السفارة، ليتوقف تمويله الآن لأمر آخر لا علاقة له بالمشروع نفسه، ولكن بالمبادئ العامة التي تعمل المؤسسة من خلالها.

تشير سليمان إلى أن ما يتم الآن هو عرقلة عمل المنظمات لمواقفها من الحرب في غزة، وهو ما يتفق معه أيضاً محمد عبد السلام مدير مؤسسة حرية الفكر والتعبير، الذي يرى أن  الأزمة الحالية كشفت ازدواجية المعايير التي تتعامل بها بعض الحكومات.

يؤكد سليمان في حديثه لـ”درج”، أن تأثير مواقف تلك الحكومات كارثي، لأن إسرائيل لم يكن بإمكانها تنفيذ  الحرب على غزة، إلا من خلال الدعم العسكري والاستخباراتي والمالي والسياسي الذي قدمته تلك الحكومات، وهو ما يتعارض مع ما ترفعه تلك شعارات حول الحفاظ على حقوق الإنسان.

يضيف عبد السلام، أن مؤسسة حرية الفكر والتعبير، قررت منذ بداية الأزمة وقف التعامل مع حكومات الولايات المتحدة، وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا، لأنها عطلت أيضاً استخدام الآليات الدولية لإصدار قرار بوقف إطلاق النار، وكذلك منع الاتحاد الأوروبي الدعوة لوقف إطلاق النار، يقول عبد السلام: “صحيح هناك تباين في درجة دعم هذه الحكومات إسرائيل، ولكننا في النهاية أمام حلفاء متورطين في دعم إسرائيل وانتهاك حقوق الفلسطينيين”.

ما يتم الآن هو عرقلة عمل المنظمات لمواقفها من الحرب في غزة

الصمت على المقتلة مقابل التمويل

القرار الصادر من السفارة الألمانية، والذي يمكن وصفه بالعقاب لمنظمات المجتمع المدني، والتي تعتمد بشكل كبير على المجتمع الدولي لمتابعة عملها، صدر بعد توقيع عزة سليمان، ممثلة مؤسسة قضايا المرأة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، على رسالة مع عدد من الجمعيات الأهلية على مستوى العالم، تندد بالجرائم الإسرائيلية ضد المواطنين المدنيين في فلسطين، وتناشد الدول الأعضاء في اتفاقية منع الإبادة الجماعية، الصادرة في كانون الأول/ ديسمبر عام 1948 للالتزام بما وقعت عليه، وتطالب محكمة العدل الدولية بإصدار قرار ملزم لإسرائيل بوقف الحرب على غزة، لتتلقى المؤسسة في تشرين الثاني/ نوفمبر رسالة وقف دعم المشروع.

أحمد النديم، المدير التنفيذي للجبهة المصرية لحقوق الإنسان، يقول إنه لا يمكن تعميم موقف الحكومات الغربية، فهناك دول اتخذت مواقف منحازة الى الطرف الذي تحمّل النسبة الأكبر من الخسائر. يضيف النديم قائلاً، إن ما يحصل كشف ازدواجية في المعايير من دول كانت ذات إيمان عميق بحقوق الإنسان، وفي مقدمها ألمانيا، التي كانت تعد الحليف الأكبر لمصر في هذا الملف، ليس بالدعم المالي فقط، ولكن أيضاً من خلال الضغط السياسي لتحسين أوضاع حقوق الإنسان.

يتابع النديم لـ”درج”، أنه على رغم تلك الإشكالية، إلا أنه أيضاً يجب التفرقة بين الحكومات وبين منظمات المجتمع المدني الدولية، التي قد تتخذ مواقف مخالفة لتلك الحكومات، وهو ما بدا واضحاً أخيراً، إذ شارك ناشطون مهتمون بملفات بعيدة من القضية، في تظاهرات داعمة للقضية الفلسطينية، مثل ناشطي البيئة، أو مجتمع الميم عين، وغيرهم ممن ظهروا بقوة في تظاهرات وفعاليات تطالب بوقف الحرب على غزة، وهو ما يؤكد تباين تلك المواقف واختلافها من الأشخاص الى المجموعات والحكومات.

الهوية الألمانيّة “الجديدة”

صحيفة الغارديان نشرت مقال رأي للصحافي هانو هوينشتاين، بعنوان “على ألمانيا أن تواجه قضاياها المتعلقة بإسرائيل والماضي، لأن إسكات الكُتَّاب الفلسطينيين لن يجدي نفعاً”، قال فيه الكاتب، إن المجتمع الألماني اليوم يضع شرط دعم إسرائيل للحصول على هوية ألمانية جديدة، وأصبحت القضية أكثر تعقيداً في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى ما وصفه بسخافات تجاه فلسطينيين في ألمانيا تتمثل بالتوبيخ أو الطرد، لمواقفهم من إسرائيل.

 واختتم هوينشتاين قائلاً، “إن الجهل الأدائي، وتجنّب ما يتعلق بالقضية الإسرائيلية – الفلسطينية، لن يساعدانا على تفادي الأسئلة الصعبة حول تاريخنا السابق إلى الأبد. كما أنهما لن يساعدا في منع معاداة السامية في الوقت الحاضر”.

تلك المواقف تضع المجتمع المدني في الداخل في إشكالية، هو الذي يسعى الى الحفاظ على مبادئ ومعايير يعمل من أجلها، وهنا يوضح مدير مؤسسة حرية الفكر والتعبير: “المسألة في مؤسستنا ومنظمات مصرية أخرى لا تتعلق بالموارد المالية، بل حول القيم التي ندافع عنها، ولذلك شاركت المنظمات المصرية في التوقيع على بيانات عدة مع منظمات فلسطينية وإقليمية ودولية، لرفض الإبادة الجماعية والدعم الغربي لإسرائيل”، مؤكداً أن الدفاع عن حقوق الإنسان ليس منفصلاً عن قضايا التحرر الوطني.

يؤكد أحمد النديم، المدير التنفيذي للجبهة المصرية لحقوق الإنسان، تلك الإشكالية المزدوجة، إذ إن ملف حقوق الإنسان في مصر لا يوجد له حلفاء كثر في العالم، وهو ما يجعل دولاً عدة تحجم عن اتخاذ مواقف حادة، فالأزمة الأساسية هي في توسيع الحلفاء لهذا الملف، ما دفع بمؤسسات المجتمع المدني داخل مصر الى إعلانها وبشكل واضح رفضها مواقف معينة لهؤلاء الحلفاء، وطلبها في المقابل الدعم منهم مجدداً على ملف آخر، موضحاً أن مصر لا تملك رفاهية الكثير من الحلفاء الداعمين.

من جانبه، يقول حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن المبادرة أبلغت السفارة الألمانية بالقاهرة، بوقف جميع أشكال التعاون معها، اعتراضاً على موقفها من الحرب في غزة. ويضيف في تصريحات لموقع “مدى مصر”، أن الحكومة الألمانية كانت تمول مشروعاً خاصاً بالمبادرة، يقدم المساعدة القانونية المجانية لضحايا حقوق الإنسان في مصر، حتى قررت المبادرة وقف العلاقات. وأبلغ بهجت السفير الألماني في القاهرة خلال الأسبوع الثالث من الحرب على غزة، بأن موقف برلين تجاه الحرب وقتل المدنيين في غزة يجعل مساحات القيم المشتركة للحقوقيين والنسوية والإعلام المستقل بين مصر وألمانيا محل شك كبير.

وعلى الجانب الآخر، لا تزال مؤسسة قضايا المرأة تضع القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياتها، وشاركت في الإضراب العالمي لوقف إطلاق النار في الحرب على غزة، بغلق مقر المؤسسة في محاولة للمساهمة في الضغط لوقف إطلاق النار الفوري ودخول أشكال الإغاثة الإنسانية كافة الى القطاع. ومع الإعلان عن الإضراب، كتبت أنها ضد “التواطؤ الدولي الصامت أمام الإبادة الواضحة لسكان غزة؛ أطفالاً ونساء ورجالاً، والصمت أمام الخرق الكامل للقانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان”.

13.12.2023
زمن القراءة: 5 minutes

تلقت مؤسسة قضايا المرأة، وهي مؤسسة غير ربحية معنية بقضايا النساء في مصر، رسائل عدة من السفارة الألمانية في القاهرة، تفيد بتوقفها عن دعم أحد مشروعات المؤسسة وتمويله، والذي كان يدور حول مناهضة الإتجار بالنساء. أرجعت  السفارة السبب إلى موقف المؤسسة من غزة، وتوقيع ممثلتها على بيان يطالب بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، ووقف إطلاق النار في غزة.

تلقت مؤسسة قضايا المرأة، وهي مؤسسة غير ربحية معنية بقضايا النساء في مصر، رسائل عدة من السفارة الألمانية في القاهرة، تفيد بتوقفها عن دعم أحد مشروعات المؤسسة وتمويله، والذي كان يدور حول مناهضة الإتجار بالنساء. أرجعت  السفارة السبب إلى موقف المؤسسة من غزة، وتوقيع ممثلتها على بيان يطالب بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، ووقف إطلاق النار في غزة.

عزة سليمان، مديرة المؤسسة والممثلة عنها، قالت إن السفارة أوضحت أن القرار سببه أن القانون الألماني يمنع دعم المنظمات غير الحكومية التي تقاطع إسرائيل، ولكنها ترى أن الأمر ليس إلا تضليلاً وعرقلة لعمل المنظمات التي تتبع القانون الدولي الإنساني، وتطبق معايير حقوق الإنسان.

الأزمة كما تراها سليمان وعاملون في المجتمع المدني، هي مرحلة جديدة من التضييق على منظمات المجتمع المدني لاتخاذها مواقف تتفق مع حقوق الإنسان، وتطالب بوقف “الإبادة الجماعية” للشعب الفلسطيني، بخاصة أن تلك الجهات التي ترفض تمويل مشروعات قائمة الآن، هي من وافقت سابقاً على تمويلها.

مناهضة الإتجار بالنساء، أحد المشاريع التي تعمل عليها مؤسسة قضايا المرأة منذ سنوات، وهدفه طرح الصور الواقعية للإتجار واستغلال النساء ومناقشة إشكاليات تطبيق القوانين وعدم شموليتها الصور المختلفة للإتجار بالنساء. المشروع الذي سعت السفارة الألمانية الى إنجازه، تضمّن تواصل السفارة مع وزارة التضامن الاجتماعي لأخذ الموافقة عليه حسب سليمان، وجاء هذا الجهد لاتفاقه مع توجهات السفارة، ليتوقف تمويله الآن لأمر آخر لا علاقة له بالمشروع نفسه، ولكن بالمبادئ العامة التي تعمل المؤسسة من خلالها.

تشير سليمان إلى أن ما يتم الآن هو عرقلة عمل المنظمات لمواقفها من الحرب في غزة، وهو ما يتفق معه أيضاً محمد عبد السلام مدير مؤسسة حرية الفكر والتعبير، الذي يرى أن  الأزمة الحالية كشفت ازدواجية المعايير التي تتعامل بها بعض الحكومات.

يؤكد سليمان في حديثه لـ”درج”، أن تأثير مواقف تلك الحكومات كارثي، لأن إسرائيل لم يكن بإمكانها تنفيذ  الحرب على غزة، إلا من خلال الدعم العسكري والاستخباراتي والمالي والسياسي الذي قدمته تلك الحكومات، وهو ما يتعارض مع ما ترفعه تلك شعارات حول الحفاظ على حقوق الإنسان.

يضيف عبد السلام، أن مؤسسة حرية الفكر والتعبير، قررت منذ بداية الأزمة وقف التعامل مع حكومات الولايات المتحدة، وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا، لأنها عطلت أيضاً استخدام الآليات الدولية لإصدار قرار بوقف إطلاق النار، وكذلك منع الاتحاد الأوروبي الدعوة لوقف إطلاق النار، يقول عبد السلام: “صحيح هناك تباين في درجة دعم هذه الحكومات إسرائيل، ولكننا في النهاية أمام حلفاء متورطين في دعم إسرائيل وانتهاك حقوق الفلسطينيين”.

ما يتم الآن هو عرقلة عمل المنظمات لمواقفها من الحرب في غزة

الصمت على المقتلة مقابل التمويل

القرار الصادر من السفارة الألمانية، والذي يمكن وصفه بالعقاب لمنظمات المجتمع المدني، والتي تعتمد بشكل كبير على المجتمع الدولي لمتابعة عملها، صدر بعد توقيع عزة سليمان، ممثلة مؤسسة قضايا المرأة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، على رسالة مع عدد من الجمعيات الأهلية على مستوى العالم، تندد بالجرائم الإسرائيلية ضد المواطنين المدنيين في فلسطين، وتناشد الدول الأعضاء في اتفاقية منع الإبادة الجماعية، الصادرة في كانون الأول/ ديسمبر عام 1948 للالتزام بما وقعت عليه، وتطالب محكمة العدل الدولية بإصدار قرار ملزم لإسرائيل بوقف الحرب على غزة، لتتلقى المؤسسة في تشرين الثاني/ نوفمبر رسالة وقف دعم المشروع.

أحمد النديم، المدير التنفيذي للجبهة المصرية لحقوق الإنسان، يقول إنه لا يمكن تعميم موقف الحكومات الغربية، فهناك دول اتخذت مواقف منحازة الى الطرف الذي تحمّل النسبة الأكبر من الخسائر. يضيف النديم قائلاً، إن ما يحصل كشف ازدواجية في المعايير من دول كانت ذات إيمان عميق بحقوق الإنسان، وفي مقدمها ألمانيا، التي كانت تعد الحليف الأكبر لمصر في هذا الملف، ليس بالدعم المالي فقط، ولكن أيضاً من خلال الضغط السياسي لتحسين أوضاع حقوق الإنسان.

يتابع النديم لـ”درج”، أنه على رغم تلك الإشكالية، إلا أنه أيضاً يجب التفرقة بين الحكومات وبين منظمات المجتمع المدني الدولية، التي قد تتخذ مواقف مخالفة لتلك الحكومات، وهو ما بدا واضحاً أخيراً، إذ شارك ناشطون مهتمون بملفات بعيدة من القضية، في تظاهرات داعمة للقضية الفلسطينية، مثل ناشطي البيئة، أو مجتمع الميم عين، وغيرهم ممن ظهروا بقوة في تظاهرات وفعاليات تطالب بوقف الحرب على غزة، وهو ما يؤكد تباين تلك المواقف واختلافها من الأشخاص الى المجموعات والحكومات.

الهوية الألمانيّة “الجديدة”

صحيفة الغارديان نشرت مقال رأي للصحافي هانو هوينشتاين، بعنوان “على ألمانيا أن تواجه قضاياها المتعلقة بإسرائيل والماضي، لأن إسكات الكُتَّاب الفلسطينيين لن يجدي نفعاً”، قال فيه الكاتب، إن المجتمع الألماني اليوم يضع شرط دعم إسرائيل للحصول على هوية ألمانية جديدة، وأصبحت القضية أكثر تعقيداً في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى ما وصفه بسخافات تجاه فلسطينيين في ألمانيا تتمثل بالتوبيخ أو الطرد، لمواقفهم من إسرائيل.

 واختتم هوينشتاين قائلاً، “إن الجهل الأدائي، وتجنّب ما يتعلق بالقضية الإسرائيلية – الفلسطينية، لن يساعدانا على تفادي الأسئلة الصعبة حول تاريخنا السابق إلى الأبد. كما أنهما لن يساعدا في منع معاداة السامية في الوقت الحاضر”.

تلك المواقف تضع المجتمع المدني في الداخل في إشكالية، هو الذي يسعى الى الحفاظ على مبادئ ومعايير يعمل من أجلها، وهنا يوضح مدير مؤسسة حرية الفكر والتعبير: “المسألة في مؤسستنا ومنظمات مصرية أخرى لا تتعلق بالموارد المالية، بل حول القيم التي ندافع عنها، ولذلك شاركت المنظمات المصرية في التوقيع على بيانات عدة مع منظمات فلسطينية وإقليمية ودولية، لرفض الإبادة الجماعية والدعم الغربي لإسرائيل”، مؤكداً أن الدفاع عن حقوق الإنسان ليس منفصلاً عن قضايا التحرر الوطني.

يؤكد أحمد النديم، المدير التنفيذي للجبهة المصرية لحقوق الإنسان، تلك الإشكالية المزدوجة، إذ إن ملف حقوق الإنسان في مصر لا يوجد له حلفاء كثر في العالم، وهو ما يجعل دولاً عدة تحجم عن اتخاذ مواقف حادة، فالأزمة الأساسية هي في توسيع الحلفاء لهذا الملف، ما دفع بمؤسسات المجتمع المدني داخل مصر الى إعلانها وبشكل واضح رفضها مواقف معينة لهؤلاء الحلفاء، وطلبها في المقابل الدعم منهم مجدداً على ملف آخر، موضحاً أن مصر لا تملك رفاهية الكثير من الحلفاء الداعمين.

من جانبه، يقول حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إن المبادرة أبلغت السفارة الألمانية بالقاهرة، بوقف جميع أشكال التعاون معها، اعتراضاً على موقفها من الحرب في غزة. ويضيف في تصريحات لموقع “مدى مصر”، أن الحكومة الألمانية كانت تمول مشروعاً خاصاً بالمبادرة، يقدم المساعدة القانونية المجانية لضحايا حقوق الإنسان في مصر، حتى قررت المبادرة وقف العلاقات. وأبلغ بهجت السفير الألماني في القاهرة خلال الأسبوع الثالث من الحرب على غزة، بأن موقف برلين تجاه الحرب وقتل المدنيين في غزة يجعل مساحات القيم المشتركة للحقوقيين والنسوية والإعلام المستقل بين مصر وألمانيا محل شك كبير.

وعلى الجانب الآخر، لا تزال مؤسسة قضايا المرأة تضع القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياتها، وشاركت في الإضراب العالمي لوقف إطلاق النار في الحرب على غزة، بغلق مقر المؤسسة في محاولة للمساهمة في الضغط لوقف إطلاق النار الفوري ودخول أشكال الإغاثة الإنسانية كافة الى القطاع. ومع الإعلان عن الإضراب، كتبت أنها ضد “التواطؤ الدولي الصامت أمام الإبادة الواضحة لسكان غزة؛ أطفالاً ونساء ورجالاً، والصمت أمام الخرق الكامل للقانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان”.