fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

المجلس الشيعي يقاضي الصواريخ : أبناء المحور العاقون

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

هذه سابقة غير معهودة، أن يعتبر المجلس مُطلقي الصواريخ على إسرائيل أنهم يخدمون إسرائيل، وهو موقف يبدو للوهلة الأولى منسجماً مع فكرة تطبيق القرار 1701، الذي يدعو إلى منع أي أعمال عسكرية في جنوب لبنان. لكن مهلاً، القرار 1701 نفسه، لم يكن عائقاً أمام “حزب الله” حينما قرر في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فتح جبهة الجنوب وإطلاق الصواريخ على إسرائيل دعماً لغزة.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

ليست نكتة…  

المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى تقدّم بإخبار قضائي ضد مُطلقي الصواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل. والخبر وإن كان بصياغته يحمل الكثير من عناصر النكتة، إلا أنه حقيقي مئة في المئة: “تقدّم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبر وكيله المحامي الدكتور حسن فضل الله، بإخبار إلى النيابة العامّة التمييزية، بوجه كلّ من يُظهره التحقيق، فاعلاً أو شريكاً أو متدخلاً أو محرضاً، في موضوع إطلاق الصواريخ المجهولة المصدر في الجنوب، وكلّ من توّرط في نشر الخطاب التحريضي للعدو، الذي يؤدّي الى زعزعة الاستقرار الداخلي، ويحضّ على النزاع بين الطوائف، وإضعاف الشعور القومي”.

هذه سابقة غير معهودة، أن يعتبر المجلس مُطلقي الصواريخ على إسرائيل أنهم يخدمون إسرائيل، وهو موقف يبدو للوهلة الأولى منسجماً مع فكرة تطبيق القرار 1701، الذي يدعو إلى منع أي أعمال عسكرية في جنوب لبنان. لكن مهلاً، القرار 1701 نفسه، لم يكن عائقاً أمام “حزب الله” حينما قرر في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فتح جبهة الجنوب وإطلاق الصواريخ على إسرائيل دعماً لغزة. فأين كان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى حينها؟ 

لماذا لم يُسارع إلى تقديم إخبار قضائي ضد “حزب الله” في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ويُعلن عن الأمر بفخر في بيان، كما فعل اليوم مع الصواريخ “اللقيطة”، ويجنّب لبنان حرباً طاحنة دمّرت الجنوب، وهجّرت أبناءه، وقضت على ما تبقّى من اقتصاد البلد؟

هذا السؤال يكشف حقيقة الدور الذي يلعبه المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، فالمؤسّسة التي من المُفترض أن تكون صوتاً للمهمّشين في الطائفة، تتحوّل باستمرار إلى أداة في خدمة الثنائي الشيعي، حركة “أمل” و”حزب الله”. غابت هذه المؤسّسة عن القضايا المعيشية والاجتماعية التي تُرهق الشيعة كما باقي اللبنانيين، لم ترفع الصوت في وجه الانهيار الاقتصادي، ولم تُدافع عن حقوق الناس في الكهرباء والمياه والطبابة، ولا عن جرّ الطائفة بشيبها وشبابها وأطفالها إلى الذبح على مذبح إيران ومشاريعها الإقليمية. نام المجلس عن كلّ هذه الأمور، واستفاق اليوم على تقديم إخبار قضائي ضد مُطلقي الصواريخ، على اعتبار أنهم مدسوسون من خارج البيئة، وهدفهم افتعال حرب مع إسرائيل ودفعها للردّ وضرب لبنان. 

وكأن ما حدث للبنان وللجنوب حتى الآن، لم يكن بفعل فاعل معروف، افتعل عمداً حرباً مع إسرائيل خدمة لأجندة إقليمية تحت عنوان “وحدة الساحات”، لتتنصّل الساحات كلّها بعدها، وعلى رأسها إيران، من إنجاد لبنان في حربه، وتركه وحيداً يُواجه آلة القتل والدمار الإسرائيلية. سكت المجلس حينها، بل أكثر من ذلك، تكلّم بلسان “حزب الله”. ففي بيان أصدره نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، بعد التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، أكّد “أننا نقدّر موقف المقاومة الفلسطينية بجميع فصائلها، التي تعترف بدور جبهة الإسناد التي دعمت نضال غزة، من لبنان إلى العراق واليمن، وتحمّلت الباهظ من الأثمان في سبيل ذلك”. ما الذي تغيّر اليوم؟ ألم تؤدّي حرب الإسناد إلى “زعزعة الاستقرار الداخلي، والحضّ على النزاع بين الطوائف، وإضعاف الشعور القومي”، بحسب أدبيات المجلس اليوم؟ 

ما تغيّر هو أن المجلس، كما هي عادته، لا يُواجه الفاعل الحقيقي، فهو لا يملك الجرأة لمساءلة “حزب الله”، عن الكوارث التي جلبها على البيئة الشيعية، ولا يجرؤ على الخروج عن الدور المحدّد له كغطاء ديني للسلطة السياسية. فكيف يمكن تفسير هذا الصمت عن “حزب الله” منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بل مباركة “جبهة الإسناد”، ثم الانتفاض اليوم بوجه مجموعات تُطلق الصواريخ من الجنوب، على افتراض أن “حزب الله” بريء من هذه المجموعات؟

يتعامل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في قضية مُطلقي الصواريخ، بالطريقة التي يُجيدها جيداً، والتي يُمارسها على الأمّهات الشيعيات المطلّقات، وهي حرمان مُطلقي الصواريخ من الحضانة! فبحسب منطقه، هذه الصواريخ “لقيطة”، لا نسب لها، خرجت عن طاعة الجماعة، ويجب أن تُعاد إلى “بيت الطاعة”، كما تفعل المحاكم الشرعية الجعفرية مع الأمّهات اللواتي يُطالبن بحقوقهن. ومن هنا، فإن الدعوى المقدّمة ضدّ مُطلقي الصواريخ تحمل شيئاً من هذه العقلية الأبوية الموغلة في رجعيتها: هؤلاء الأبناء العاقّون يجب أن يُحرموا من حضانة صواريخهم، وأن يُعادوا إلى كنف السلطة الأبوية، أي الثنائي الشيعي، وحاضنته الإقليمية إيران.

03.04.2025
زمن القراءة: 3 minutes

هذه سابقة غير معهودة، أن يعتبر المجلس مُطلقي الصواريخ على إسرائيل أنهم يخدمون إسرائيل، وهو موقف يبدو للوهلة الأولى منسجماً مع فكرة تطبيق القرار 1701، الذي يدعو إلى منع أي أعمال عسكرية في جنوب لبنان. لكن مهلاً، القرار 1701 نفسه، لم يكن عائقاً أمام “حزب الله” حينما قرر في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فتح جبهة الجنوب وإطلاق الصواريخ على إسرائيل دعماً لغزة.

ليست نكتة…  

المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى تقدّم بإخبار قضائي ضد مُطلقي الصواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل. والخبر وإن كان بصياغته يحمل الكثير من عناصر النكتة، إلا أنه حقيقي مئة في المئة: “تقدّم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبر وكيله المحامي الدكتور حسن فضل الله، بإخبار إلى النيابة العامّة التمييزية، بوجه كلّ من يُظهره التحقيق، فاعلاً أو شريكاً أو متدخلاً أو محرضاً، في موضوع إطلاق الصواريخ المجهولة المصدر في الجنوب، وكلّ من توّرط في نشر الخطاب التحريضي للعدو، الذي يؤدّي الى زعزعة الاستقرار الداخلي، ويحضّ على النزاع بين الطوائف، وإضعاف الشعور القومي”.

هذه سابقة غير معهودة، أن يعتبر المجلس مُطلقي الصواريخ على إسرائيل أنهم يخدمون إسرائيل، وهو موقف يبدو للوهلة الأولى منسجماً مع فكرة تطبيق القرار 1701، الذي يدعو إلى منع أي أعمال عسكرية في جنوب لبنان. لكن مهلاً، القرار 1701 نفسه، لم يكن عائقاً أمام “حزب الله” حينما قرر في الثامن من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فتح جبهة الجنوب وإطلاق الصواريخ على إسرائيل دعماً لغزة. فأين كان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى حينها؟ 

لماذا لم يُسارع إلى تقديم إخبار قضائي ضد “حزب الله” في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ويُعلن عن الأمر بفخر في بيان، كما فعل اليوم مع الصواريخ “اللقيطة”، ويجنّب لبنان حرباً طاحنة دمّرت الجنوب، وهجّرت أبناءه، وقضت على ما تبقّى من اقتصاد البلد؟

هذا السؤال يكشف حقيقة الدور الذي يلعبه المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، فالمؤسّسة التي من المُفترض أن تكون صوتاً للمهمّشين في الطائفة، تتحوّل باستمرار إلى أداة في خدمة الثنائي الشيعي، حركة “أمل” و”حزب الله”. غابت هذه المؤسّسة عن القضايا المعيشية والاجتماعية التي تُرهق الشيعة كما باقي اللبنانيين، لم ترفع الصوت في وجه الانهيار الاقتصادي، ولم تُدافع عن حقوق الناس في الكهرباء والمياه والطبابة، ولا عن جرّ الطائفة بشيبها وشبابها وأطفالها إلى الذبح على مذبح إيران ومشاريعها الإقليمية. نام المجلس عن كلّ هذه الأمور، واستفاق اليوم على تقديم إخبار قضائي ضد مُطلقي الصواريخ، على اعتبار أنهم مدسوسون من خارج البيئة، وهدفهم افتعال حرب مع إسرائيل ودفعها للردّ وضرب لبنان. 

وكأن ما حدث للبنان وللجنوب حتى الآن، لم يكن بفعل فاعل معروف، افتعل عمداً حرباً مع إسرائيل خدمة لأجندة إقليمية تحت عنوان “وحدة الساحات”، لتتنصّل الساحات كلّها بعدها، وعلى رأسها إيران، من إنجاد لبنان في حربه، وتركه وحيداً يُواجه آلة القتل والدمار الإسرائيلية. سكت المجلس حينها، بل أكثر من ذلك، تكلّم بلسان “حزب الله”. ففي بيان أصدره نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، بعد التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، أكّد “أننا نقدّر موقف المقاومة الفلسطينية بجميع فصائلها، التي تعترف بدور جبهة الإسناد التي دعمت نضال غزة، من لبنان إلى العراق واليمن، وتحمّلت الباهظ من الأثمان في سبيل ذلك”. ما الذي تغيّر اليوم؟ ألم تؤدّي حرب الإسناد إلى “زعزعة الاستقرار الداخلي، والحضّ على النزاع بين الطوائف، وإضعاف الشعور القومي”، بحسب أدبيات المجلس اليوم؟ 

ما تغيّر هو أن المجلس، كما هي عادته، لا يُواجه الفاعل الحقيقي، فهو لا يملك الجرأة لمساءلة “حزب الله”، عن الكوارث التي جلبها على البيئة الشيعية، ولا يجرؤ على الخروج عن الدور المحدّد له كغطاء ديني للسلطة السياسية. فكيف يمكن تفسير هذا الصمت عن “حزب الله” منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بل مباركة “جبهة الإسناد”، ثم الانتفاض اليوم بوجه مجموعات تُطلق الصواريخ من الجنوب، على افتراض أن “حزب الله” بريء من هذه المجموعات؟

يتعامل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في قضية مُطلقي الصواريخ، بالطريقة التي يُجيدها جيداً، والتي يُمارسها على الأمّهات الشيعيات المطلّقات، وهي حرمان مُطلقي الصواريخ من الحضانة! فبحسب منطقه، هذه الصواريخ “لقيطة”، لا نسب لها، خرجت عن طاعة الجماعة، ويجب أن تُعاد إلى “بيت الطاعة”، كما تفعل المحاكم الشرعية الجعفرية مع الأمّهات اللواتي يُطالبن بحقوقهن. ومن هنا، فإن الدعوى المقدّمة ضدّ مُطلقي الصواريخ تحمل شيئاً من هذه العقلية الأبوية الموغلة في رجعيتها: هؤلاء الأبناء العاقّون يجب أن يُحرموا من حضانة صواريخهم، وأن يُعادوا إلى كنف السلطة الأبوية، أي الثنائي الشيعي، وحاضنته الإقليمية إيران.

03.04.2025
زمن القراءة: 3 minutes
|

اشترك بنشرتنا البريدية