fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

المخرج العراقي عباس فاضل: محنة اختبار الوقت في “زمن” عربيّ

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

على مدار أكثر من 20 عاماً يسرد عباس فاضل قصصه من دون ملل، يوازي بين الخاص والعام لمحاولة خلق معنى، وهذا ما نراه في البيت الأرجوانيّ، المقسم إلى 3 فصول متصلة منفصلة، لخلق معنى واحد من أحداث مختلفة، تظهر ضمنها شاشة التلفزيون كوسيط متطفل على “الداخل” يحكي عن “العالم الخارجي”.

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

 “لا أستطيع أن أعيش معزولاً عن المجتمع، ربما لأنني ولدت في بلد كالعراق حيث كانت حياة كل فرد ولا تزال، متأثرة بشدة بالأحداث الديكتاتورية والحروب. كانت تلك الأشياء هي ما يحدد حياتنا”، هكذا يصف المخرج العراقي- الفرنسي عباس فاضل علاقته مع محيطه.

في منزل ريفي في قرية صغيرة في لبنان يقيم عباس فاضل منذ نحو 7 سنوات، بعدما سئم من العيش في المهجر بعد أكثر من عقدين في فرنسا حيث درس السينما وعمل على أفلام مهمة وثقت واقع العراق.

أنجز عام 2016 فيلم “العراق العام صفر”، الذي يروي في 5 ساعات ونصف الساعة، مشاهد من الحياة اليومية في العراق قبل الغزو الأميركي عام 2003 وبعده. وكانت سيرة المخرج وقتها تتلخص في فيلمين تسجيليين هما “العودة إلى بابل” (2002) وفيلم “نحن العراقيون” (2004).

البيت: بين النافذة والشاشة

يتحرّك المخرج العراقي الفرنسي عباس فاضل  في شريطه الجديد الصادر حديثاً “حكايات البيت الأرجواني” بين الخيال والواقع، الفيلم الفائز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان لوكارنو مع عرضه الأول، يحاول رصد  الوقت والإدراك الذاتي للعالم، ضمن لحظة الكوفيد التي أصابت “الجميع”.

يرسم الفيلم صورة مزدوجة، الأولى داخليّة، لزوجة المخرج، الرسامة نور بلوق. والثانية خارجيّة، ترصد الاضطرابات السياسية في لبنان، إذ تتحرك الكاميرا في منزل الزوجين الموجود في الجنوب  اللبنانيّ  بالتوازي مع الأحداث العاصفة في القريب اللبناني والبعيد العالمي، كرواية مضللة مُخادعة عن أهوال العالم الحقيقي، التي لا تزال تؤثر على الحياة العامة والخاصة في بلده لبنان، الذي تبنّاه وتزوج منه.

على مدار أكثر من 20 عاماً يسرد عباس فاضل قصصه من دون ملل، يوازي بين الخاص والعام لمحاولة خلق معنى، وهذا ما نراه في البيت الأرجوانيّ، المقسم إلى 3 فصول متصلة منفصلة، لخلق معنى واحد من أحداث مختلفة، تظهر ضمنها شاشة التلفزيون كوسيط متطفل على “الداخل” يحكي عن “العالم الخارجي”.

نتعرف إلى “الخارج” عبر مقارنات تحرير جنوب لبنان عام 2000، قياساً بما قبلها وما بعدها وقياساً لحال المنزل الذي تعرض للقصف وقتها، ويستعرض لقطات للاحتجاجات ضد الحكومة اللبنانية، مروراً بالصراعات الموازية للداخل اللبناني وصولًا إلى الغزو الروسي المستمر لأوكرانيا الذي على العالم كله ولبنان بالضرورة،ضمن كل ذلك، يمر حدث هادىء مناقض تماماً، ففي الداخل هناك التسلية ومحاولة تجاوز وقع “كوفيد- 19″، يتابع عباس فاضل عبر عدسته زوجته الرسّامة تعيد تشكيل حديقة المنزل ورسمها في تأويلات مختلفة. 

هذه الحياة التي تبدو متناقضة بين الداخل (الزوجة التي تحاول خلق روتين يكسر الملل) والخارج (الذي يغلي بالمرض والصراع) تحمل أصالة ما، يحاول الفيلم وصاحبه تثبيتها والتفكير بها، ويمكن تلخيصها بوسيلة لحماية “البيت” وتحويله إلى مساحة أمان من نوع ما، تراهن على “الاستقرار”، أي الحسّ الذي يوفره المنزل خالقاً حميميّة فردانيّة تختلف عن الخارج وأدائه الرسمي.

 لكن كيف الاستقرار والأرض نفسها غير ثابتة ؟، نرى  على الشاشة حكاية انفجار مخزون نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت عام 2020 الذي ترك أكثر من 200 قتيل و 300 ألف شخص من دون مأوى وعائلة؟ كيف الاستقرار والوباء نفسه هدد “الداخل”، إذ قزّمت “كورونا” (الأزمة العالمية) حركة الأسرة ومعنى وجودها.

تحاور القطعات المونتاجية الهادئة في الفيلم، الحركة الخفيفة لـ”البطلة المطلقة” التي تتحرك بخفّة مع فرشاتها على القماش،  في الوقت ذاته، تتمايز عن شاشة التلفزيون التي تحوي عالماً مكلوماً ومشتتاً وغير مستقر، لا يضبط إيقاعه سوى الحياة التي تبدو “مرفّهة” ظاهرياً، فما هو تحرر من الملل العام، ليس إلا  الوجاهة الأذكى للاستمرار في العيش على رغم الملهاة المحلية والدولية.  

لا أستطيع أن أعيش معزولاً عن المجتمع، ربما لأنني ولدت في بلد كالعراق حيث كانت حياة كل فرد ولا تزال، متأثرة بشدة بالأحداث الديكتاتورية والحروب.

كيف نختبر الوقت في بلد عربيّ

سألت فاضل وهو عراقي عن سبب سكنه في لبنان، علماً أنه كان مقيماً في باريس حتى عام 2016، فأجاب أنه نشر حينها إعلاناً على صفحته على “فيسبوك”، مفاده أنه يبحث عن مزرعة معزولة،  ليست مهجورة أو مجدّده، وإذا أمكن في منطقة جبلية منطقة، وذلك لتصوير فيلم جديد، والنتيجة، اقترحت عليه صديقة لبنانية الرسامة نور بلوق التي تزوجها، وسكن معها في وادي قاديشا، شمال البلاد، المنطقة التي كان يعرفها سابقاً.

يضيف فاضل: “هكذا غادرت لتصوير فيلمي الطويل “يارا” (2018) في لبنان حيث قررت البقاء بعد انتهاء التصوير، بعد أن تزوجت نور بفترة وجيزة، وقررنا للاستقرار في وسط البلاد في منطقة الشوف، حيث مكثنا أكثر من عام بقليل، قمنا خلاله بتصوير الفيلم الوثائقي Bitter Bread (2019) في مخيم للاجئين السوريين يقع في سهل البقاع المجاور،  هذان الفيلمان مرتبطان بالمناطق التي عشنا فيها، وكذلك حكايات البيت الأرجواني الذي صورناه في جنوب لبنان حيث استقرينا قبل ثلاث سنوات، أتاح لنا العيش في هذه القرية أن نكون محاطين بالأشجار والمساحات الخضراء ، وبالتالي الاستمتاع بقططنا”.

أعاد المنزل إلى جانب الحياة الجديدة مساحات تصوّر وفهم العالم اللبناني والذاتي على حدٍ سواء بالنسبة إلى المخرج، في لحظة قلقة عالمياً، محبِطة لبنانياً، يحاول الزوجان النجاة بالتصوير والرسم والمسامرة مع طفل لبناني صغير حول الحياة والواقع وخيالاته. تقول الزوجة في مكالمة مع والدتها داخل أحد مشاهد الفيلم أن زوجها يصّور وهي ترسم إلى جانب اللعب بالقطط ومعها داخل الحديقة، هذا اللاحدث يبدو أقصى المتاح في بلد مأزوم وعالم مرتبك وظرف تاريخي خطر. 

حين سؤاله عن أثر “الخارج” عليه وعلى زوجته، يقول: “منذ ثلاث سنوات أعيش أنا وزوجتي في قرية صغيرة، نزرع فاكهتنا وخضرواتنا ويمكننا أن نعيش مكتفين ذاتيًا تقريبًا دون الاتصال بأشخاص آخرين لكننا بحاجة للاتصال بالبشر الذين يعانون من مشاكل كثيرة (الإفقار بسبب الفساد السياسي والأزمة الاقتصادية وأزمة اللاجئين والأوبئة والحروب وما إلى ذلك) ولأنني وزوجتي أقل تأثراً بهذه المشاكل من جيراننا، سيكون من السهل علينا التظاهر بأن هذه المشكلات غير موجودة. بل على العكس، فإن الوعي بكوننا متميزين نسبياً مقارنة بالآخرين يجعلنا ندرك مسؤوليتنا كفنانين وبالتالي بضرورة فضح هذه المشكلات في عملنا”.

عباس فاضل مهموم بمحاولات خلق معنى “عربي” للسياسة، من خلال صور وتركيبات لا تبدو مألوفة في الوثائقيات العربية بالطريقة البنائية شديدة التركيب تلك، هوس البقاء على مسافة فاصلة من المجتمع أو محاولة الانعزال عنه يبدو تساؤل فلسفي أصيل في قلب تركيبة الفيلم، تخص لبنان كما تخص كل عربي. 

ما يبدو أنه إعادة تأويل لفهم الوقت (اليوم والأسبوع)  في الفيلم يتضح بعد الانتهاء منه كمحاولة لفهم معنى العيش في بلد عربي يصارع ذاته قبل أن يصارع العالم، مشكلات تبدو وجودية لا يد للمواطن اللبناني أو العربي عموماً فيها، أسرة تتخطى الكوفيد والملل بحصار المحب غير الحالم.

يمنى فواز- صحافية لبنانية | 18.01.2025

ماكرون يحاول تعويض خساراته الفرنسية في شوارع بيروت !

يسير إيمانويل ماكرون في شوارع بيروت يتلفت يميناً ويساراً، يأمل أن تلتقط الكاميرات مجدداً امرأة تهرع إليه كمنقذ وكأنه رئيس لبنان، أو طفل فرح يركض إليه من أي اتجاه، لكنه وجد نفسه محاطاً بجمع من الصحافيين، ومتفرجين من المارّة، في الشارع ذاته الذي استقبله بحفاوة وكأنه رئيس البلاد في 6 آب 2020.
16.06.2023
زمن القراءة: 5 minutes

على مدار أكثر من 20 عاماً يسرد عباس فاضل قصصه من دون ملل، يوازي بين الخاص والعام لمحاولة خلق معنى، وهذا ما نراه في البيت الأرجوانيّ، المقسم إلى 3 فصول متصلة منفصلة، لخلق معنى واحد من أحداث مختلفة، تظهر ضمنها شاشة التلفزيون كوسيط متطفل على “الداخل” يحكي عن “العالم الخارجي”.

 “لا أستطيع أن أعيش معزولاً عن المجتمع، ربما لأنني ولدت في بلد كالعراق حيث كانت حياة كل فرد ولا تزال، متأثرة بشدة بالأحداث الديكتاتورية والحروب. كانت تلك الأشياء هي ما يحدد حياتنا”، هكذا يصف المخرج العراقي- الفرنسي عباس فاضل علاقته مع محيطه.

في منزل ريفي في قرية صغيرة في لبنان يقيم عباس فاضل منذ نحو 7 سنوات، بعدما سئم من العيش في المهجر بعد أكثر من عقدين في فرنسا حيث درس السينما وعمل على أفلام مهمة وثقت واقع العراق.

أنجز عام 2016 فيلم “العراق العام صفر”، الذي يروي في 5 ساعات ونصف الساعة، مشاهد من الحياة اليومية في العراق قبل الغزو الأميركي عام 2003 وبعده. وكانت سيرة المخرج وقتها تتلخص في فيلمين تسجيليين هما “العودة إلى بابل” (2002) وفيلم “نحن العراقيون” (2004).

البيت: بين النافذة والشاشة

يتحرّك المخرج العراقي الفرنسي عباس فاضل  في شريطه الجديد الصادر حديثاً “حكايات البيت الأرجواني” بين الخيال والواقع، الفيلم الفائز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان لوكارنو مع عرضه الأول، يحاول رصد  الوقت والإدراك الذاتي للعالم، ضمن لحظة الكوفيد التي أصابت “الجميع”.

يرسم الفيلم صورة مزدوجة، الأولى داخليّة، لزوجة المخرج، الرسامة نور بلوق. والثانية خارجيّة، ترصد الاضطرابات السياسية في لبنان، إذ تتحرك الكاميرا في منزل الزوجين الموجود في الجنوب  اللبنانيّ  بالتوازي مع الأحداث العاصفة في القريب اللبناني والبعيد العالمي، كرواية مضللة مُخادعة عن أهوال العالم الحقيقي، التي لا تزال تؤثر على الحياة العامة والخاصة في بلده لبنان، الذي تبنّاه وتزوج منه.

على مدار أكثر من 20 عاماً يسرد عباس فاضل قصصه من دون ملل، يوازي بين الخاص والعام لمحاولة خلق معنى، وهذا ما نراه في البيت الأرجوانيّ، المقسم إلى 3 فصول متصلة منفصلة، لخلق معنى واحد من أحداث مختلفة، تظهر ضمنها شاشة التلفزيون كوسيط متطفل على “الداخل” يحكي عن “العالم الخارجي”.

نتعرف إلى “الخارج” عبر مقارنات تحرير جنوب لبنان عام 2000، قياساً بما قبلها وما بعدها وقياساً لحال المنزل الذي تعرض للقصف وقتها، ويستعرض لقطات للاحتجاجات ضد الحكومة اللبنانية، مروراً بالصراعات الموازية للداخل اللبناني وصولًا إلى الغزو الروسي المستمر لأوكرانيا الذي على العالم كله ولبنان بالضرورة،ضمن كل ذلك، يمر حدث هادىء مناقض تماماً، ففي الداخل هناك التسلية ومحاولة تجاوز وقع “كوفيد- 19″، يتابع عباس فاضل عبر عدسته زوجته الرسّامة تعيد تشكيل حديقة المنزل ورسمها في تأويلات مختلفة. 

هذه الحياة التي تبدو متناقضة بين الداخل (الزوجة التي تحاول خلق روتين يكسر الملل) والخارج (الذي يغلي بالمرض والصراع) تحمل أصالة ما، يحاول الفيلم وصاحبه تثبيتها والتفكير بها، ويمكن تلخيصها بوسيلة لحماية “البيت” وتحويله إلى مساحة أمان من نوع ما، تراهن على “الاستقرار”، أي الحسّ الذي يوفره المنزل خالقاً حميميّة فردانيّة تختلف عن الخارج وأدائه الرسمي.

 لكن كيف الاستقرار والأرض نفسها غير ثابتة ؟، نرى  على الشاشة حكاية انفجار مخزون نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت عام 2020 الذي ترك أكثر من 200 قتيل و 300 ألف شخص من دون مأوى وعائلة؟ كيف الاستقرار والوباء نفسه هدد “الداخل”، إذ قزّمت “كورونا” (الأزمة العالمية) حركة الأسرة ومعنى وجودها.

تحاور القطعات المونتاجية الهادئة في الفيلم، الحركة الخفيفة لـ”البطلة المطلقة” التي تتحرك بخفّة مع فرشاتها على القماش،  في الوقت ذاته، تتمايز عن شاشة التلفزيون التي تحوي عالماً مكلوماً ومشتتاً وغير مستقر، لا يضبط إيقاعه سوى الحياة التي تبدو “مرفّهة” ظاهرياً، فما هو تحرر من الملل العام، ليس إلا  الوجاهة الأذكى للاستمرار في العيش على رغم الملهاة المحلية والدولية.  

لا أستطيع أن أعيش معزولاً عن المجتمع، ربما لأنني ولدت في بلد كالعراق حيث كانت حياة كل فرد ولا تزال، متأثرة بشدة بالأحداث الديكتاتورية والحروب.

كيف نختبر الوقت في بلد عربيّ

سألت فاضل وهو عراقي عن سبب سكنه في لبنان، علماً أنه كان مقيماً في باريس حتى عام 2016، فأجاب أنه نشر حينها إعلاناً على صفحته على “فيسبوك”، مفاده أنه يبحث عن مزرعة معزولة،  ليست مهجورة أو مجدّده، وإذا أمكن في منطقة جبلية منطقة، وذلك لتصوير فيلم جديد، والنتيجة، اقترحت عليه صديقة لبنانية الرسامة نور بلوق التي تزوجها، وسكن معها في وادي قاديشا، شمال البلاد، المنطقة التي كان يعرفها سابقاً.

يضيف فاضل: “هكذا غادرت لتصوير فيلمي الطويل “يارا” (2018) في لبنان حيث قررت البقاء بعد انتهاء التصوير، بعد أن تزوجت نور بفترة وجيزة، وقررنا للاستقرار في وسط البلاد في منطقة الشوف، حيث مكثنا أكثر من عام بقليل، قمنا خلاله بتصوير الفيلم الوثائقي Bitter Bread (2019) في مخيم للاجئين السوريين يقع في سهل البقاع المجاور،  هذان الفيلمان مرتبطان بالمناطق التي عشنا فيها، وكذلك حكايات البيت الأرجواني الذي صورناه في جنوب لبنان حيث استقرينا قبل ثلاث سنوات، أتاح لنا العيش في هذه القرية أن نكون محاطين بالأشجار والمساحات الخضراء ، وبالتالي الاستمتاع بقططنا”.

أعاد المنزل إلى جانب الحياة الجديدة مساحات تصوّر وفهم العالم اللبناني والذاتي على حدٍ سواء بالنسبة إلى المخرج، في لحظة قلقة عالمياً، محبِطة لبنانياً، يحاول الزوجان النجاة بالتصوير والرسم والمسامرة مع طفل لبناني صغير حول الحياة والواقع وخيالاته. تقول الزوجة في مكالمة مع والدتها داخل أحد مشاهد الفيلم أن زوجها يصّور وهي ترسم إلى جانب اللعب بالقطط ومعها داخل الحديقة، هذا اللاحدث يبدو أقصى المتاح في بلد مأزوم وعالم مرتبك وظرف تاريخي خطر. 

حين سؤاله عن أثر “الخارج” عليه وعلى زوجته، يقول: “منذ ثلاث سنوات أعيش أنا وزوجتي في قرية صغيرة، نزرع فاكهتنا وخضرواتنا ويمكننا أن نعيش مكتفين ذاتيًا تقريبًا دون الاتصال بأشخاص آخرين لكننا بحاجة للاتصال بالبشر الذين يعانون من مشاكل كثيرة (الإفقار بسبب الفساد السياسي والأزمة الاقتصادية وأزمة اللاجئين والأوبئة والحروب وما إلى ذلك) ولأنني وزوجتي أقل تأثراً بهذه المشاكل من جيراننا، سيكون من السهل علينا التظاهر بأن هذه المشكلات غير موجودة. بل على العكس، فإن الوعي بكوننا متميزين نسبياً مقارنة بالآخرين يجعلنا ندرك مسؤوليتنا كفنانين وبالتالي بضرورة فضح هذه المشكلات في عملنا”.

عباس فاضل مهموم بمحاولات خلق معنى “عربي” للسياسة، من خلال صور وتركيبات لا تبدو مألوفة في الوثائقيات العربية بالطريقة البنائية شديدة التركيب تلك، هوس البقاء على مسافة فاصلة من المجتمع أو محاولة الانعزال عنه يبدو تساؤل فلسفي أصيل في قلب تركيبة الفيلم، تخص لبنان كما تخص كل عربي. 

ما يبدو أنه إعادة تأويل لفهم الوقت (اليوم والأسبوع)  في الفيلم يتضح بعد الانتهاء منه كمحاولة لفهم معنى العيش في بلد عربي يصارع ذاته قبل أن يصارع العالم، مشكلات تبدو وجودية لا يد للمواطن اللبناني أو العربي عموماً فيها، أسرة تتخطى الكوفيد والملل بحصار المحب غير الحالم.