يعتري عائشة علي (40 سنة)، الخوف من انتشار “كورونا” في مخيم البركاني في مدينة تعز جنوب صنعاء حيث تقطن، بعدما شردتها الحرب مع وأولادها. فهي كبقية النازحين لا تعلم عن أعراض “كورونا” أو كيفية الوقاية منه، كل ما تعرفه أنه فايروس خطير.
من أمام خيمتها المتهالكة تقول عائشة: “أعيش في هذا المخيم مع أبنائي الخمسة بعدما شردتنا الحرب من منزلنا في منطقة الكدحة في تعز منذ 5 سنوات، نعيش مهددين من الأمطار، ومن الأمراض التي قد تفتك بنا ولا نملك أدوات الحماية أو الأساليب الوقائية من أي أوبئة، ونخاف من فايروس “كورونا”، لكننا لا نعلم كيفية الوقاية منه وطرق العلاج إذا قدر الله وأصبنا به”.
خوف من الموت
لم تكن فاطمة (35 سنة) أحسن حالاً من عائشة فهي تخشى أن يقع أحد أفراد أسرتها فريسة للوباء، لا سيما أن ابنتها الصغيرة كانت توفيت إثر إصابتها بالكوليرا. تقول فاطمة: “أخاف على أولادي من انتشار هذا الفايروس أو أي اوبئة في المخيم فنحن لا نستطيع حماية أنفسنا من أي أمراض بسبب الأوضاع المتدهورة في المخيم. قبل عام توفيت ابنتي بوباء الكوليرا، ولم أستطع إنقاذها من الموت والآن أخاف أن يصاب أبنائي بأي مرض وخصوصاً مع موسم الأمطار، فتكثر في المخيم المستنقعات المائية وتتلف الخيام بسبب شدة الأمطار”.
أكثر فئة عرضة للإصابة بكورونا هم النازحون في المخيمات بسبب الازدحام والاختلاط وعدم امكانية التباعد الاجتماعي والحجر وقلة الوعي والتثقيف في المخيمات وقلة الامكانات وعدم وصول المنظمات إليهم”.
113 أسرة في مخيم الصافية بالبركاني لا يملكون سوى خيم فارغة تفتقر لأدنى متطلبات العيش، ويفتقرون لأبسط أدوات الحماية من “كورونا”، ويعانون من شحة أدوات النظافة والتعقيم وعدم توفر القدرة الشرائية لديهم. وبحسب ايوب عبدالله، مندوب النازحين في وادي البركاني وعضو شبكة حماية للنازحين، فإن الأسر النازحة في المخيم تعاني أوضاعاً إنسانية صعبة، بسبب الظروف المعيشية القاسية وانعدام الخدمات الطبية وانعدام المساعدات الغذائية والدوائية من قبل المنظمات. يقول ايوب: “يحتاج النازحين في مخيم البركاني إلى تدخل إنساني عاجل، خصوصاً مع انتشار كورونا وموسم هطول الأمطار وما يصاحبه من انتشار الأوبئة كالضنك والمكرفس والكوليرا”.
وحذر من أنه في حال عدم توفر الرعاية الصحية والتدخل السريع من المنظمات والحكومة، فإن النازحين سيكونون فريسة سهلة للوباء، داعياً المنظمات إلى دعم النازحين في المخيمات وإغاثتهم، قبل أن تحل الكارثة.
إيقاف الحرب مطلب النازحين
فيما على الجميع البقاء في بيوتهم احترازاً من جائحة “كورونا”، يتمنى عبدالله الطلبي أن تتوقف الحرب ليعود إلى منزله بعدما اضطر للنزوح منه عام 2015 في منطقة الضباب، حفاظاً على حياة أسرته المكونة من 5 أفراد.
“لا يعلم بحالنا إلا رب السماء، فالحرب أجبرتنا على ترك منازلنا والبقاء في خيم لا تصلح للعيش، لا تحمينا من الأمطار ولا حر الشمس وبرد الشتاء، إضافة إلى تدهور أوضاعنا الصحية، وبإمكان الوباء الجديد القضاء علينا في ظل ما نعانيه من ظروف، وعدم التفات المنظمات الدولية والجهات الحكومية إلى أوضاعنا” يقول الطلبي.
وبنظرة شاردة يضيف: “إذا توقفت هذه الحرب بإمكاننا أن نتخذ الاجراءات الاحترازية في منازلنا وفق إمكاناتنا المتاحة، فنحن في هذا المخيم لا نستطيع الالتزام بالتباعد الاجتماعي ولا بأساليب الوقاية لعدم توفر الامكانات، وعدم جهوزية المكان”.
امكانات شحيحة
وقال الدكتور راجح المليكي، مدير مكتب الصحة والسكان في تعز: “مكافحة الأوبئة مسؤولية جماعية تتشارك فيها جميع الجهات بمختلف تشكيلاتها ومهامها ولن يتمكن مكتب الصحة منفرداً من مواجهة هذا الوباء، فمكافحة جائحة كورونا تقع ضمن مسؤولية وزارة الصحة، ووزارة الاعلام والثقافة والداخلية والجيش وصندوق النظافة، وصحة البيئة ومؤسسة المياه”.
يضيف المليكي: “قامت قيادة مكتب الصحة بالمحافظة بتوجيهات من السلطة المحلية بنشر الوعي والتثقيف حول مخاطر الوباء والوقاية وطرائق السلامة، وتوفير ما يمكن توفيره في هذه المخيمات من بعض السلل الصحية ومواد النظافة والتعقيم وانشاء استجابة سريعة من ابناء المخيمات او المناطق المجاورة للمخيمات حتي يتم متابعة أي حالة اشتباه”. لكن عملياً تبدو هذه الاجراءات أقل من خجولة وغير قادرة على الاحاطة بحجم الوباء ومدى انتشاره ولا بتأمين الحد الأدنى من الوقاية الذي يحتاجه اليمنيون.
المخيمات أكثر عرضة للإصابة
وفقاً لنائب مدير مكتب التثقيف والإعلام الصحي في تعز تيسير السامعي فإن مخيمات النازحين عرضة أكثر من سواها لتفشي الأوبئة، يقول: “معظم الذين كانوا يصابون بمرض الكوليرا هم النازحون في المخيمات، وبالتأكيد فإن أكثر فئة عرضة للإصابة بكورونا هم النازحون في المخيمات بسبب الازدحام والاختلاط وعدم امكانية التباعد الاجتماعي والحجر وقلة الوعي والتثقيف في المخيمات وقلة الامكانات وعدم وصول المنظمات إليهم”.
ويضيف: “إن انتشار الفايروس في المخيمات سيكون سريعاً وكارثياً، إذا لم تتدخل المنظمات الصحية والانسانية لتقديم الدعم والمساعدة لهؤلاء النازحين”.
كما وجه السامعي نداء استغاثة للمنظمات الدولية العاملة في الحقل الصحي لتكون عون مكتب الصحة في تعز لدعم هذه الفئات والنازحين الذين يعتبرون أكثر عرضة للإصابة بهذا الوباء.
حذّرت مُنظمة أوكسفام من تصاعد حِدة القتال في اليمن، ومن اقتراب موسم الأمطار والإجراءات المفروضة على الحدود، بسبب جائحة كوفيد-19 العالمية، إذ يُشكل فايروس “كورونا” تحديّاً جديداً لليمن. فقد تم إيقاف الرحلات الجوية من البلاد وإليها، ما حد من حركة بعض عُمال الإغاثة الذين يستجيبون للأزمة الإنسانية.