fbpx
ساهموا في دعم الإعلام المستقل و الجريء!
ادعموا درج

الهواجس الداخليّة لتأخّر الرد الإيراني الـ”لطيف”

لتلقّي أبرز قصص درج على واتساب إضغط(ي) هنا!

وفي حين يعيش اللبنانيون تحت رحمة من يقرر موتهم وحياتهم، يثبت العقل الاستراتيجي الإيراني أنه أكثر حذراً من كل ما تلوكه الألسن من تصريحات، أضف إلى ذلك وجود أسباب إيرانية داخلية تجعل طهران تتجنّب الحرب مع إسرائيل بجدية. 

الأكثر قراءة
[tptn_list show_date="1" heading="0" title_length="200" limit="5"]

على رغم أجواء التوتر التي تخيم على المنطقة والمعلومات المتضاربة حول توقيت “الانتقام القاسي” الذي ستنفذه إيران رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران، والرد “المفاجئ” الذي يعده “حزب الله” انتقاماً لاغتيال القائد الجهادي فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية، وعلى رغم التصريحات والتهديدات التي يطلقها زعماء الطرفين منذ نحو أسبوعين، فإن احتمال نشوب حرب إقليمية واسعة، يكون طرفاها الأساسيان إسرائيل وإيران، ما زال مستبعداً؛ وليس بالضرورة أن ينطبق هذا الكلام على الجبهة الجنوبية في لبنان. فمنذ بدايتها، كان يُنظر إلى “حرب الإسناد” التي بدأها “حزب الله” يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، على أنها مقدّمة محتملة لصراع مباشر بينه وبين إسرائيل.

وكان لافتاً نقل وكالة رويترز عن مسؤولين إيرانيين كبار، أن طهران يمكن أن ترجئ الرد على اغتيال هنية إذا تم التوصّل الى وقف إطلاق النار في غزة. وبحسب المصدر نفسه، فقد انخرطت إيران في حوار مع الدول الغربية والولايات المتحدة لتجنّب الحرب الشاملة. 

وفي حين يعيش اللبنانيون تحت رحمة من يقرر موتهم وحياتهم، يثبت العقل الاستراتيجي الإيراني أنه أكثر حذراً من كل ما تلوكه الألسن من تصريحات، أضف إلى ذلك وجود أسباب إيرانية داخلية تجعل طهران تتجنّب الحرب مع إسرائيل بجدية. 

أولاً، الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة منذ عشرة أشهر، تمكنت من تعميق الأزمة السياسية في إيران في المعسكر المتشدد، وبين المتشددين والمعتدلين.

فهناك فريق من المتشددين يشجع على التدخل، باعتبار أن تدمير “حماس” يعني أن إسرائيل ستتفرغ تلقائياً لتدمير “حزب الله”، وستفكر في نهاية المطاف في شن هجوم عسكري على إيران، لذلك على إيران أن تقوم بخطوة استباقية، وتفاجئ العدو بالهجوم، قبل أن يفاجئها.

فريق آخر من المتشددين، يؤكد أنه خلافاً للاعتقاد السائد، لا “حماس” ولا “حزب الله” ولا جماعة “الحوثي” ولا القوات الشيعية العراقية الموالية لطهران، هي قوى وكيلة، بل يصح اعتبارها قوى حليفة، دولة مقابل دولة، ويدعي هذا الفريق أنه لا توجد علاقة من الأعلى إلى الأسفل بين إيران وحلفائها بل علاقة ندية، لذلك تتباين أساليبهم الدفاعية والدبلوماسية، فإيران تجنح غالباً نحو الحوار والتفاوض، بينما القوى الحليفة ترجح كفة “الميدان”، وبالتالي، كل طرف يملك حرية الاختيار، سواء كان التفاوض أم الرد المحدود أم الحرب الواسعة.

هناك أصوات متشددة تعتبر أن الرد القاسي أو الاستراتيجي لإيران، لا يكون بالانتقام لـ”حماس”، بل بالسعي الحثيث إلى اكتساب القدرات النووية، وبنظرهم هذه هي الورقة الوحيدة الرابحة، خصوصاً أن تصريحات مسؤولين إسرائيليين كشفت امتلاكهم قنبلة نووية. 

على المقلب الآخر، يتبنى المعتدلون وجهة نظر متناقضة، فلا يكفون عن التحذير من مغبة الدخول في حرب ضد إسرائيل، حرب ستكون لها عواقب مدمرة على إيران، لأنها ستتحول إلى حرب مع الولايات المتحدة بشكل مباشر، وهذا برأيهم ما تسعى إليه إسرائيل منذ زمن بعيد، ويرون أن فشل الاستخبارات الإسرائيلية في كشف هجوم “طوفان الأقصى” قبل وقوعه، لا يعني أن إسرائيل باتت ضعيفة، وأنه صار بإمكان إيران تحديها بقوتها الصاروخية، بل ينبغي على إيران ألا تغير حساباتها الاستراتيجية بناء على هذا الخطأ “التقني”، فإسرائيل تتمتع بتقنيات دفاعية متقدمة، وتملك ترسانة عملاقة من الصواريخ والدبابات والطائرات الأميركية الأحدث في العالم، كما أن ديناميكيات القوة في المنطقة ما زالت على حالها، وهذا يؤكده الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل في كل ما ترتكبه في غزة وفي المنطقة، وربما هذا الخطأ جعل إسرائيل أكثر شراسة في حربها على غزة وفي استهدافاتها، لأن إعادة ترسيخ الردع هي أولوية وجودية بالنسبة إليها وتستحق المغامرات العسكرية.

إضافة إلى الخلاف الداخلي، هناك هواجس خارجية تتعلق أولاً بمنطقة الشرق الأوسط، إذ يسود اعتقاد لدى الإيرانيين أن غالبية دول المنطقة ستتفرج على إسرائيل وهي تدمر إيران من دون أي تعاطف،  وسيرحب بعضها بقص جوانحها، كي تكف عن التدخل في شؤون جيرانها وعن تربية حواضن لها في دول المنطقة، واستخدامها لزعزعة استقرارها الداخلي وإضعاف أنظمة الحكم فيها.

هاجس آخر يقلق إيران، هو الشركاء الاستراتيجيون، بخاصة موسكو وبكين، اللتين لم تعلنا دعمهما الصريح والكامل لـ”حماس” و”حزب الله”، وهما قوتان عزيزتان على المحور، كما أنهما على رغم التهديدات التي تتعرض لها إيران، ما زالتا مكتفيتين بالتصريحات.

العامل الأكثر أهمية الذي يؤثر على قرار تجنب إيران خوض حرب واسعة مع إسرائيل، هو الطبيعة الدبلوماسية في إدارة سياساتها الخارجية، وكيفية تعاملها مع الصراعات الإقليمية من منظور واقعي، الأمر الذي يعكس “استراتيجيتها الدفاعية” عن نظامها المهدد بالأزمات داخلياً، ويفسر سكوتها ولجوئها إلى خفض التصعيد، بعد كل حادث أمني، من الاغتيالات بالجملة التي حصلت على أراضيها للعلماء النوويين، إلى مقتل رئيس الجمهورية السابق ابراهيم رئيسي بحادث جوي غامض، وبعد استهداف قنصليتها في دمشق، وصولاً إلى اغتيال هنية، على رغم أنها أحداث تشير بإصبع الاتهام إلى إسرائيل.

هذه الأسباب المترابطة، تفسر الإرباك الذي تمر فيه إيران، وتأخرها في الرد على الإهانة التي تلقتها على أرضها، ولا يعني أنها لن ترد، بل سترد، ومن المتوقع أن يكون الرد لطيفاً ودبلوماسياً، لكنها ستستمر بالضغط على إسرائيل والولايات المتحدة عبر “حزب الله” والجماعات الشيعية في اليمن والعراق وسوريا، من دون تصعيد الصراع إلى حرب واسعة ضدها.

وائل السواح- كاتب سوري | 19.04.2025

تجربة انتخابية سورية افتراضية: أيمن الأصفري رئيساً

رغبتُ في تبيان أن الشرع ليس المرشّح المفضّل لدى جميع السوريين في عموم مناطقهم واتّجاهاتهم السياسية، وفقط من أجل تمرين عقلي، طلبتُ من أصدقائي على حسابي على "فيسبوك" المشاركة في محاكاة انتخابية، لاستقصاء الاتّجاه الذي يسير فيه أصدقائي، مفترضاً طبعاً أن معظمهم يدور في دائرة فكرية متقاربة، وإن تكُ غير متطابقة.
14.08.2024
زمن القراءة: 4 minutes

وفي حين يعيش اللبنانيون تحت رحمة من يقرر موتهم وحياتهم، يثبت العقل الاستراتيجي الإيراني أنه أكثر حذراً من كل ما تلوكه الألسن من تصريحات، أضف إلى ذلك وجود أسباب إيرانية داخلية تجعل طهران تتجنّب الحرب مع إسرائيل بجدية. 

على رغم أجواء التوتر التي تخيم على المنطقة والمعلومات المتضاربة حول توقيت “الانتقام القاسي” الذي ستنفذه إيران رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران، والرد “المفاجئ” الذي يعده “حزب الله” انتقاماً لاغتيال القائد الجهادي فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية، وعلى رغم التصريحات والتهديدات التي يطلقها زعماء الطرفين منذ نحو أسبوعين، فإن احتمال نشوب حرب إقليمية واسعة، يكون طرفاها الأساسيان إسرائيل وإيران، ما زال مستبعداً؛ وليس بالضرورة أن ينطبق هذا الكلام على الجبهة الجنوبية في لبنان. فمنذ بدايتها، كان يُنظر إلى “حرب الإسناد” التي بدأها “حزب الله” يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، على أنها مقدّمة محتملة لصراع مباشر بينه وبين إسرائيل.

وكان لافتاً نقل وكالة رويترز عن مسؤولين إيرانيين كبار، أن طهران يمكن أن ترجئ الرد على اغتيال هنية إذا تم التوصّل الى وقف إطلاق النار في غزة. وبحسب المصدر نفسه، فقد انخرطت إيران في حوار مع الدول الغربية والولايات المتحدة لتجنّب الحرب الشاملة. 

وفي حين يعيش اللبنانيون تحت رحمة من يقرر موتهم وحياتهم، يثبت العقل الاستراتيجي الإيراني أنه أكثر حذراً من كل ما تلوكه الألسن من تصريحات، أضف إلى ذلك وجود أسباب إيرانية داخلية تجعل طهران تتجنّب الحرب مع إسرائيل بجدية. 

أولاً، الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة منذ عشرة أشهر، تمكنت من تعميق الأزمة السياسية في إيران في المعسكر المتشدد، وبين المتشددين والمعتدلين.

فهناك فريق من المتشددين يشجع على التدخل، باعتبار أن تدمير “حماس” يعني أن إسرائيل ستتفرغ تلقائياً لتدمير “حزب الله”، وستفكر في نهاية المطاف في شن هجوم عسكري على إيران، لذلك على إيران أن تقوم بخطوة استباقية، وتفاجئ العدو بالهجوم، قبل أن يفاجئها.

فريق آخر من المتشددين، يؤكد أنه خلافاً للاعتقاد السائد، لا “حماس” ولا “حزب الله” ولا جماعة “الحوثي” ولا القوات الشيعية العراقية الموالية لطهران، هي قوى وكيلة، بل يصح اعتبارها قوى حليفة، دولة مقابل دولة، ويدعي هذا الفريق أنه لا توجد علاقة من الأعلى إلى الأسفل بين إيران وحلفائها بل علاقة ندية، لذلك تتباين أساليبهم الدفاعية والدبلوماسية، فإيران تجنح غالباً نحو الحوار والتفاوض، بينما القوى الحليفة ترجح كفة “الميدان”، وبالتالي، كل طرف يملك حرية الاختيار، سواء كان التفاوض أم الرد المحدود أم الحرب الواسعة.

هناك أصوات متشددة تعتبر أن الرد القاسي أو الاستراتيجي لإيران، لا يكون بالانتقام لـ”حماس”، بل بالسعي الحثيث إلى اكتساب القدرات النووية، وبنظرهم هذه هي الورقة الوحيدة الرابحة، خصوصاً أن تصريحات مسؤولين إسرائيليين كشفت امتلاكهم قنبلة نووية. 

على المقلب الآخر، يتبنى المعتدلون وجهة نظر متناقضة، فلا يكفون عن التحذير من مغبة الدخول في حرب ضد إسرائيل، حرب ستكون لها عواقب مدمرة على إيران، لأنها ستتحول إلى حرب مع الولايات المتحدة بشكل مباشر، وهذا برأيهم ما تسعى إليه إسرائيل منذ زمن بعيد، ويرون أن فشل الاستخبارات الإسرائيلية في كشف هجوم “طوفان الأقصى” قبل وقوعه، لا يعني أن إسرائيل باتت ضعيفة، وأنه صار بإمكان إيران تحديها بقوتها الصاروخية، بل ينبغي على إيران ألا تغير حساباتها الاستراتيجية بناء على هذا الخطأ “التقني”، فإسرائيل تتمتع بتقنيات دفاعية متقدمة، وتملك ترسانة عملاقة من الصواريخ والدبابات والطائرات الأميركية الأحدث في العالم، كما أن ديناميكيات القوة في المنطقة ما زالت على حالها، وهذا يؤكده الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل في كل ما ترتكبه في غزة وفي المنطقة، وربما هذا الخطأ جعل إسرائيل أكثر شراسة في حربها على غزة وفي استهدافاتها، لأن إعادة ترسيخ الردع هي أولوية وجودية بالنسبة إليها وتستحق المغامرات العسكرية.

إضافة إلى الخلاف الداخلي، هناك هواجس خارجية تتعلق أولاً بمنطقة الشرق الأوسط، إذ يسود اعتقاد لدى الإيرانيين أن غالبية دول المنطقة ستتفرج على إسرائيل وهي تدمر إيران من دون أي تعاطف،  وسيرحب بعضها بقص جوانحها، كي تكف عن التدخل في شؤون جيرانها وعن تربية حواضن لها في دول المنطقة، واستخدامها لزعزعة استقرارها الداخلي وإضعاف أنظمة الحكم فيها.

هاجس آخر يقلق إيران، هو الشركاء الاستراتيجيون، بخاصة موسكو وبكين، اللتين لم تعلنا دعمهما الصريح والكامل لـ”حماس” و”حزب الله”، وهما قوتان عزيزتان على المحور، كما أنهما على رغم التهديدات التي تتعرض لها إيران، ما زالتا مكتفيتين بالتصريحات.

العامل الأكثر أهمية الذي يؤثر على قرار تجنب إيران خوض حرب واسعة مع إسرائيل، هو الطبيعة الدبلوماسية في إدارة سياساتها الخارجية، وكيفية تعاملها مع الصراعات الإقليمية من منظور واقعي، الأمر الذي يعكس “استراتيجيتها الدفاعية” عن نظامها المهدد بالأزمات داخلياً، ويفسر سكوتها ولجوئها إلى خفض التصعيد، بعد كل حادث أمني، من الاغتيالات بالجملة التي حصلت على أراضيها للعلماء النوويين، إلى مقتل رئيس الجمهورية السابق ابراهيم رئيسي بحادث جوي غامض، وبعد استهداف قنصليتها في دمشق، وصولاً إلى اغتيال هنية، على رغم أنها أحداث تشير بإصبع الاتهام إلى إسرائيل.

هذه الأسباب المترابطة، تفسر الإرباك الذي تمر فيه إيران، وتأخرها في الرد على الإهانة التي تلقتها على أرضها، ولا يعني أنها لن ترد، بل سترد، ومن المتوقع أن يكون الرد لطيفاً ودبلوماسياً، لكنها ستستمر بالضغط على إسرائيل والولايات المتحدة عبر “حزب الله” والجماعات الشيعية في اليمن والعراق وسوريا، من دون تصعيد الصراع إلى حرب واسعة ضدها.

14.08.2024
زمن القراءة: 4 minutes
|
آخر القصص
لبنان في متاهة السلاح
طارق اسماعيل - كاتب لبناني | 19.04.2025
النظام الرعائي المؤسّساتي: الإصلاح يبدأ أولاً من هناك
زينة علوش - خبيرة دولية في حماية الأطفال | 19.04.2025
تونس: سقوط جدار المزونة يفضح السلطة العاجزة
حنان زبيس - صحافية تونسية | 19.04.2025

اشترك بنشرتنا البريدية