للدورة الرابعة تترشح علاء سيور على المقعد الاختياري في باب التبانة في طرابلس، وفي كل دورة تتعرض لحملات يقودها مخاتير ونافذون في باب التبانة تحت شعار “ما بتعمل المرا مختارة علينا “، الأمر الذي يفضي في يوم فرز الأصوات الى خسارتها. إلا أن حملة علاء هذا العام بدت أقوى من الدورات السابقة، فثورة 17 تشرين بحسب قولها غيرت في مفهوم الكثير من النساء والرجال في التبانة.
تتحدث علاء لـ “درج “: ” لطالما ترشحت وتعرضت للمحاربة من مخاتير لهم نفوذ في المنطقة، ولطالما تعرضت للكثير من الضغوطات لدفعي نحو الانسحاب.
صحيح أن الأمر اختلف في هذه الدورة، إلا أنني أواجه حملة تنمر كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب اسمي، على اعتبار أن اسم علاء ليس شائعاً بين النساء، فأقرأ التعليقات وأبتسم، فأنا اسمي علا ولكنه أصبح علاء بسبب همزة كتبها المختار في وثيقة ولادتي عن طريق الخطأ” .
تضيف علاء قائلة: “أحب اسمي ولا أخجل منه، فهو يجعلني مميزة، وأرى أن احتياجات أهلي وأصدقائي في باب التبانة أكبر من سخافة التنمر على الجنس والاسم، لم ينجحوا في العثور على أي شيء ضدي فاختاروا أن يشنّوا حملة على اسمي” .
في قضاء طرابلس أيضاً، وتحديداً في منطقة البداوي وفي لائحة تخوض المعركة البلدية ضد لائحة أخرى يرأسها رئيس بلدية البداوي الحالي حسن غمراوي، تخوض رولا كريمة (36 عاماً) المعركة بالترشح للعضوية مع اللائحة ضد رئيس البلدية الذي تتهمه باختطاف شقيقها منذ سنوات عدة، ليبتزها فيه بعدما كتبت منشوراً على فيسبوك تنتقد فيه الأداء البلدي في المنطقة.
تتحدث رولا لـ “درج” قائلة: “ترشحت في الدورة الماضية في العام 2016، وكان الدعم لي خجولاً ويقتصر على بعض الأصدقاء والأقارب، فالأجواء العائلية كانت طاغية على تلك المعركة في تلك الفترة، وبالتالي طغت النبرة الذكورية على أجواء العوائل التي انعكست على الشارع في البلدة، وكان هناك تفضيل لمرشح رجل غيري من العائلة. أما في هذه الدورة فالأمور أصبحت أكثر سلاسة، إذ إن المجتمع هنا أصبح أكثر انفتاحاً تجاه دور النساء الى حد ما، والخطاب الذي كنت اسمعه في الدورة الماضية لم يختف، بل أستطيع القول إنني صرت أجد من يجابه هذا الخطاب معي” .
تتابع رولا: “انتظرت الاستحقاق البلدي طويلاً هذا العام لأسباب عدة، أبرزها كسر الخوف الذي بداخلي أولاً ولأنني أؤمن بأن مشاركة المرأة في هذه الاستحقاقات هي مؤشر الى غياب الفساد، فالمرأة فيها روح الأم المسؤولة والأم المكافحة والأم التي لا تميز بين ولد وآخر. أما عن الضغوطات فكانت وما زالت كثيرة، أبرزها حصر المجتمع دور المرأة في البيت لا في العمل العامن وانا هنا لأكسر هذه الصورة عن المرأة في بلدتي ولتعزيز دورها” .
تحديات التهميش والتمييز الجندري
تتعرض كثيرات من النساء المرشحات في طرابلس لحملات يقودها نافذون في المدينة، حملات تطاول سمعتهن وأسماءهن وحيواتهن الشخصية لعرقلة عملهن البلدي وقطع الطريق على وصولهن الى هذه المناصب، على عكس ما يوحي الشارع في المدينة الذي بات يتقبل وجود المرأة هذه الدورة أكثر من الدورات الماضية أو يغض الطرف عن ترشح بعضهن إذا كن مرشحات في لائحة مدعومة من جهة حزبية ما.
الأمر في عكار والضنية يبدو متشنجاً أكثر، لا سيما مع وضوح سيطرة مرجعيات سياسية ودينية فيها على اللوائح، وفي ظل سلسلة اتفاقات عائلية وسياسية على تسليم عدد من البلديات بالتزكية أو بالتوافق على ست سنوات يتقاسمها أبرز مرشحين 3 ب 3، ما شكل عائقا أمام ترشح النساء تحت ذريعة قرار العائلة أو كلمة المرجعية التي تمون على العائلة.
تقول الصحافية والناشطة الحقوقية ناهلة سلامة لـ”درج”: النساء في الاستحقاق البلدي في لبنان يواجهن تحديات عدة على الصعيد الحزبي والمجتمعي والإعلامي والاقتصادي والسياسي، وفور نية النساء الترشح لأي عمل سياسي يجدن أنفسهن في مواجهة خطاب يدعوهن الى عدم خوض هذه التجربة على أساس نظرة تفضل دور الرجل في هذا المنصب، ولأن الانتخابات البلدية في لبنان يطغى عليها الطابع العائلي، فعادة ما تهمش العائلة المرأة وترشّح كبيرها، الذي غالباً ما يكون رجلاً، والمشكلة أيضاً تكمن في الأحزاب التي لم تقر قانون الكوتا، والتي لا تعطي أهمية لدور المرأة في الكثير من الاستحقاقات. وإذا قررت المرأة خوض
هذه التجربة بشكل مستقل بعيداً عن الدعم العائلي والحزبي، تصطدم بالتحدي الاقتصادي، كل هذه العوامل تؤدي الى ما نشهده في كل دورة انتخابية سواء كانت بلدية أم اختيارية أم نيابية”.
وبحسب “الدولية للمعلومات”، فقد بلغت نسبة عدد النساء المرشحات للسباق البلدي والاختياري في العام 2016 في محافظة الشمال، الـ 8,86 في المئة من إجمالي المرشحين الذين بلغ عددهم حينها 5902 مرشحاً فازت منهن 7,65 في المئة.
وبلغ عدد المرشحين لهذا العام في قضاء طرابلس 359 مرشحاً للانتخابات البلدية و210 مرشحين للانتخابات الاختيارية، التي ستُجرى يوم الأحد في الحادي عشر من الشهر الحالي، فيما سجّلت مدينة طرابلس 188 مرشحاً يتنافسون على 24 مقعداً بلدياً.
وفي مدينة الميناء، بلغ عدد المرشحين 69 يتنافسون على 21 مقعداً، أما في البداوي فبلغ عدد المرشحين 38، وفي القلمون 43، ووادي النحلة 21.
وبلغت نسبة الذكور بين المرشحين في طرابلس الـ88 في المئة مقابل 12في المئة من الإناث، بينما بلغت في الميناء 83 في المئة للذكور و17 في المئة للإناث. أما في القلمون، البداوي، ووادي النحلة، فتراوحت النسبة بين 90 إلى 100 في المئة من الذكور في وادي النحلة.